أبو طالب عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نرجو منكم بيان الخلاف بين أهل السنة والشيعة في أبي طالب عم الرسول عليه السلام.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أبو طالب بن عبد المطلب، عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ووالد طالب، وعقيل، وجعفر، وأمير المؤمنين علي، وفاختة (أم هاني)، وجمانة رضي الله عنهم. أمهم فاطمة بنت أسد بن هاشم. يعتقد أهل السنة أنه مات كافراً، ولا يوجد في ذلك خلاف معتبر بين أهل العلم، ويستدلون على ذلك بأحاديث عدة. فقد روى البخاري ومسلم وغيرهما عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله : هل نفعت أبا طالب بشيء؟ فإنه كان يحوطك ويغضب لك، قال: نعم، هو في ضحضاح من نار، لولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار. قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري في شرحه للحديث : قوله "ما أغنيت عن عمك": يعني أبا طالب قوله : "كان يحوطك": بضم الحاء، من الحياطة، وهي المراعاة، وفيه تلميح إلى ما ذكره ابن إسحاق قال : ثم إن خديجة وأبا طالب هلكا في عام واحد قبل الهجرة بثلاث سنين، وكانت خديجة له وزيرة صدق على الإسلام، يسكن إليها، وكان أبو طالب له عضدا وناصرا على قومه، فلما هلك أبو طالب نالت قريش من رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأذى ما لم تطمع به في حياة أبي طالب حتى اعترضه سفيه من سفهاء قرش، فنثر على رأسه ترابا، فحدثني هشام بن عروة عن أبيه قال: فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيته يقول: ما نالتني قريش شيئا أكرهه حتى مات أبو طالب . قوله : "ويغضب لك" : يشير إلى ما كان يرد به عنه من قول وفعل. قوله : "هو في ضحضاح" بمعجمتين ومهملتين: هو استعارة، فإن الضحضاح من الماء ما يبلغ الكعب، ويقال أيضا لما قرب من الماء، وهو ضد الغمرة، والمعنى: أنه خفف عنه العذاب... وروى البخاري ومسلم وأحمد والترمذي والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما حضرت وفاة أبي طالب أتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "يا عماه قل لا إله إلا الله، أشهد لك بها يوم القيامة"، فقال: لولا أن تعيرني قريش يقولون: ما حمله عليه إلا جزع الموت، لأقررت بها عينك، ولا أقولها إلا لأقر بها عينك، فأنزل الله عز وجل: (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهوأعلم بالمهتدين). وهكذا قال عبد الله بن عباس وابن عمر ومجاهد والشعبي وقتادة: إنها نزلت في أبي طالب، حين عرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول: لا إله إلا الله. وأما سماحه صلى الله عليه وسلم ببقاء فاطمة بنت أسد في عصمة أبي طالب، فإن ذلك كان قبل تحريم بقاء المؤمنات تحت الكفار، لأن أبا طالب مات عام الحزن، وهوقبل الهجرة بثلاث سنين، وتحريم بقاء المؤمنات في عصم الكفار نزل في صلح الحديبية عام ستة من الهجرة. أخرج الشيخان عن المسور ومروان بن الحكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما عاهد كفار قريش يوم الحديبية جاءت نساء من المؤمنات، فأنزل الله: (يا أيها الذين أمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات ... ) إلى قوله تعالى: ( ... ولا تمسكوا بعصم الكوافر)، وأخرج الواحدي عن ابن عباس قال: إن مشركي مكة صالحوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية على أن من أتاه من أهل مكة رده إليهم، ومن أتى من أهل مكة من أصحابه فهولهم، وكتبوا بذلك كتاباً وختموه، فجاءت سبيعة بنت الحارث الأسلمية بعد الفراغ من الكتاب، والنبي صلى الله عليه وسلم بالحديبية، فأقبل زوجها وكان كافراً، فقال: يا محمد رد علي امرأتي، فإنك قد شرطت علينا أن ترد علينا من أتاك منا، وهذه طينة الكتاب لم تجف بعد، فأنزل الله هذه الآية. فوفاة أبي طالب، ونزول تحريم بقاء المؤمنات في عصم الكفار بينهما تسع سنين. يقول ابن كثير رحمه الله : وكان استمرار أبو طالب على دين قومه من حكمة الله تعالى، ومما صنعه لرسوله من الحماية، إذ لو كان أسلم أبو طالب لما كان له عند مشركى قريش وجاهة ولا كلمة، ولا كانوا يهابونه ويحترمونه، ولاجترأوا عليه، ولمدوا أيديهم وألسنتهم بالسوء إليه. أما الشيعة فيعتقدون أنه مات مسلماً، رغم ورود عدة روايات من طرقهم تدل على كفره، ولكن صرفوها عن ظاهرها أو حملوها على التقية، من هذه الروايات : ذكر القمي في تفسير قوله تعالى: (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ) [القصص: 56]، قال نزلت في أبي طالب فان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يقول يا عم قل لا إله إلا الله بالجهر نفعك بها يوم القيامة فيقول : يا بن أخي أنا أعلم بنفسي ، فلما مات شهد العباس بن عبد المطلب عند رسول الله صلى الله عليه وآله انه تكلم بها عند الموت بأعلى صوته ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : اما انا فلم اسمعها منه وأرجو ان تنفعه يوم القيامة ، وقال صلى الله عليه وآله : لو قمت المقام المحمود لشفعت في أبي وأمي وعمي وأخ كان لي مواخيا في الجاهلية[1]. عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال : " قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن أهون أهل النار عذابا عمي ، أخرجه من أصل الجحيم حتى بلغ الضحضاح ، عليه نعلان من نار يغلي منهما دماغه ، وابن جدعان ، فقيل : يا رسول الله ، وما بال ابن جدعان أهون أهل النار عذابا بعد عمك ؟ قال : إنه كان يطعم الطعام[2]. وهناك شبهات حول المسألة رد عليها العلماء، هذا موجز بها : الشبهة الأولى : يحتج الشيعة برواية إبن إسحاق (قال ابن إسحاق حدثني العباسُ بن عبد الله بن معبد عن بعض أهله عن ابن عباس...إلي أن قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:أي عم قلها ـ أي كلمة التوحيد ـ استحل لك بها الشفاعة يوم القيامة فأجابه أبو طالب:يا ابن أخي والله ـ لولا مخافة السبة عليك وعلى بني أبيك من بعدي وأن تظن قريش أنني إنما قلتها فزعا من الموت لقلتها ولا أقولها إلا لأسرك بها فلما تقارب الموت من أبي طالب نظر العباس إليه فوجده يحرك شفتيه، فأصغى إليه بأذنيه ثم قال:يا ابن أخي لقد قال أخي الكلمة التي أمرته أن يقولها فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:لم أسمع). الجواب : سناده فيه مجاهيل فالسند مبهماً لا يعرف حاله وهو قوله عن بعض أهله وهذا إبهام في الاسم والحال، ومثله يتوقف فيه لو انفرد..عباس بن عبد الله بن معبد بن عباس ثقة لكنه لم يذكر من حديثه عن ابن عباس ومن طريقه رواه الحاكم في المستدرك من طريق عباس بن عبد الله بن معبد عن أبيه عن ابن عباس ومن طريق الحاكم رواه البيهقي في الدلائل عن عباس بن معبد عن بعض أهله عن ابن عباس. (تنبيه) : في سؤال العباس عن حال أبي طالب ما يدل على ضعف ما أخرجه ابن إسحاق من حديث ابن عباس بسند فيه من لم يسم "أن أبا طالب لما تقارب منه الموت بعد أن عرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول لا إله إلا الله فأبى قال فنظر العباس إليه وهو يحرك شفتيه فأصغى إليه فقال : يا ابن أخي والله لقد قال أخي الكلمة التي أمرته أن يقولها" وهذا الحديث لو كان طريقه صحيحاً لعارضه هذا الحديث الذي هو أصح منه فضلاً عن أنه لا يصح وروى أبو داود والنسائي وابن خزيمة وابن الجارود من حديث علي قال : "لما مات أبو طالب قلت:يا رسول الله إن عمك الشيخ الضال قد مات، قال : اذهب فواره قلت : إنه مات مشركاً فقال اذهب فواره" الحديث. الشبهة الثانية : حديث رواه القاضي عياض في كتاب الشفاء أن أبا طالب كان يرى بطلان عقيدة قومه من مبعث محمد صلى الله عليه وآله وسلم بالإسلام فقد ثبت أنه كان من المتألهين الحنفاء الذين لم يهيموا بصنم قط ولم يسجدوا لوثن أبدا كما كان على ذلك أبوه عبد المطلب تماما. الجواب : إنّ هذا ليس دليل على إيمان أبي طالب فقد روي أن الأخنس بن شُريق التقى بأبي جهل بن هشام فقال له:يا أبا الحكم أخبرني عن محمد أصادقٌ هو أم كاذب؟ فإنه ليس عندنا أحدٌ غيرنا فقال أبو جهل:والله إن محمداً لصادق وما كذب قط ولكن إذا ذهب بنو قصيّ باللواء والسقاية والحجابة والنبوة فماذا يكون لسائر قريش؟ فأنزل الله تعالى : (قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك)الأنعام33. الشبهة الثالثة : كيف يكون كافراً من نصر النبي صلى الله عليه وسلم وحماه وذاد عنه ودفع أذى الكفارعن ابن أخيه وفعل أموراً عجز عنها الكثيرون فهل تتجرأ أن تقول عليه هذه المقولة الشنيعة مع العلم أنه كان على دين الحنيفية دين إبراهيم!وقال في حقه النبي صلى الله عليه وآله سلم : والله ما نالت مني قريش ما أكرهه حتى مات أبوطالب. الجواب : أعمال أبي طالب مذكورة ومعلومة في التاريخ والرجل لا يُعد من أهل الإسلام إلا بنطق الشهادتين للدلالة على ما في القلب من إقرار وتصديق. الشبهة الرابعة : كيف يكون عم النبي صلى الله عليه وسلم كافراً؟ الجواب : وماذا يضر المرء إن كفر أهله أو أحد أبنائه أو إحدى زوجاته والله يقول : (وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) القصص56 . وهؤلاء الأنبياء وهم صفوة الخلق حصل لهم مثل هذه الأمور ، ولم يقدح ذلك في سيرتهمِ ، أو أن يحط من قدرهم والله سبحانه يقول : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْببْتَ وَلَكِنّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ) فاطر18. فهذا الأمر ينبغي علينا أن لا نستنكر وقوعه لأنه قد وقع للأنبياء السابقين فنوح أحد أبنائه وأيضاً زوجته في النار لكفرهما ، وهذا إبراهيم والده كافر وامرأة لوط في النار وعم المصطفى صلى اللّه عليه وسلم أنزلت بسببه سورة ندعو عليه بها وأنه في النار فالأمر بيد الله سبحانه يهدي مَنْ يشاء ويضل مَن يشاء. الشبهة الخامسة :كيف يشفع النبي صلى الله عليه وسلم لمشرك مع أن الشفاعة للمؤمنين فقط دون المشركين؟؟ الحوب : إنّ للرسول صلى الله عليه وسلم شفاعة عامة وهي شفاعته العظمى وهي على قسمين:شفاعته لأمته وشفاعة لآحاد الناس وشفاعته العظمى هي المقام المحمود والذي قال عنه: (عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً)الإسراء79. وذلك حين يبلغ الكرب والغم بأهل المحشر ما لا يطيقون، فيقول بعضهم ألا تنظرون من يشفع لكم عند ربكم فيأتون آدم فيعتذر وهكذا نوح وإبراهيم وموسى وعيسى حتى يأتون إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فيشفع لجميع الناس، أولهم وآخرهم، وبرهم وفاجرهم، ليخرجوا من ذلك الكرب والهول، إلى عرض الأعمال على الله والمحاسبة كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة فشفاعته العظمى ليست مقصورة على المؤمنين، ولا على أمته. أما شفاعته الخاصة لأمته فهي نائلة كل من مات من أمته لا يشرك بالله شيئاً ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"لكل نبي دعوة مستجابة فتعجل كل نبي دعوته وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة فهي نائلة إن شاء الله تعالى من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئاً" ومن شفاعته الخاصة ببعض الأفراد شفاعته لعمه أبي طالب، ففي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم وذكر عنده عمه فقال"لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضحضاح من النار يبلغ كعبيه يغلي منه دماغه" وقد استُشكل قوله صلى الله عليه وسلم : "لعله تنفعه شفاعتي" مع قوله تعالى عن المشركين : (فما تنفعهم شفاعة الشافعين) المدثر48. وللجمع بينهما طريقان : الأول أن يقال : إنّ الشفاعة ممنوعة لكل كافر بهذه الآية. الطريقة الثانية أن يقال : إنّ المراد بكونهم لا تنفعهم شفاعة الشافعين : هو أنهم لا يخرجون بها من النار وليس المراد أنهم لا يخفف عنهم، وخص أبو طالب بالشافعة لثبوت الحديث الصحيح الذي خصص العموم، قال ابن حجر في فتح الباري : وأجيب بأنه- يعني أبا طالب- خص ولذلك عدوه من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل معنى المنفعة في الآية يخالف معنى المنفعة في الحديث، والمراد بها في الآية الإخراج من النار، وفي الحديث المنفعة بالتحقيق وبهذا جزم القرطبي وقال البيهقي في البعث، صحت الرواية في شأن أبي طالب، فلا معنى للإنكار من حيث صحة الرواية، ووجهته عندي أن الشفاعة في الكفار قد امتنعت لوجود الخبر الصادق في أنه لايشفع فيهم أحد وهو عام في حق كل كافر، فيجوز أن يخص منه من ثبت الخبر بتخصيصه. الشبهة السادسة : هي استدلالهم ببعض أشعار أبي طالب والتي تفيد أنه مقّر بوجود الله وكل هذا يدل على إيمانه. الجواب : إنّ هذا الكلام ذكره الله تعالى حكاية عن المشركين، فهذا توحيد الربوبية وهو اعتقاد العبد أن الله تعالى هو الرب المنفرد بالخلق والرزق والملك التدبير وانه المحيي المميت النافع الضار المنفرد بإجابة الدعاء عند الأضطرار الذي له الأمر كله وبيده الخير وكله القادر على ما يشاء ليس له في ذلك شريك ويدخل في ذلك الأيمان بـ(القدر)وهذا التوحيد لا يكفي العبد في حصول الإسلام بل لابد أن يأتي بلازمة من توحيد الألهيه لأن الله تعالى حكى عن المشركين أنهم مقرون بهذا مقرون بهذا التوحيد لله وحده قال تعالى : (قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون) يونس32. وقال تعالى : (ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله) الزخرف88. وقال : (ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض من بعد موتها ليقولن الله) العنكبوت64. فهم كانوا يعلمون أن جميع ذلك لله وحده ولم يكونوا بذلك مسلمين بل قال تعالى عنهم : (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون)يوسف107. فأيمانهم عنهم هو توحيد الربوبية وأما شركهم وكفرهم فدعاؤهم غير الله تعلى وسؤالهم لأصناهم وتوجههم لهم بالذبح والنذر والتعظيم وزعمهم وغير ذلك من الشركيات وهذا التوحيد لم يذهب إلي نقضيه طائفة معروفه من بني آدم بل القلوب مفطوره على الإقرار به أعظم من كونها مفطوره على الإقرار بغيره. الشبهة السابعة : روي من طريق محمد بن زكريا الغلابي عن العباس بن بكار عن أبي بكر الهذلي عن الكلبي عن أبي صالح عن بن عباس قال جاء أبو بكر بأبي قحافة وهو شيخ قد عمى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا تركت الشيخ حتى آتيه قال أردت أن يأجره الله والذي بعثك بالحق لأنا كنت أشد فرحا بإسلام أبي طالب مني بإسلام أبي ألتمس بذلك قرة عينك. الجواب : أن إسناد هذه الرواية واهي، وفيه العباس بن بكار. قال الدارقطني : كذاب وقال العقيلي : الغالب على حديثه الوهْم والمناكير. الشبهة الثامنة : وهي بعض الأحاديث الواهية التي يتعلق بها القوم في زعم أن أبا طالب مات مؤمن . الجواب : قد ذكرها ابن حجر في الإصابة حيث قال : ومن طريق إسحاق بن عيسى الهاشمي عن أبيه سمعت المهاجر مولى بني نفيل يقول سمعت أبا رافع يقول سمعت أبا طالب يقول سمعت بن أخي محمد بن عبدالله يقول إن ربه بعثه بصلة الأرحام وأن يعبدالله وحده لا يعبد معه غيره ومحمد الصدوق الأمين ومن طريق بن المبارك عن صفوان بن عمرو عن أبي عامر الهوزني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج معارضا جنازة أبي طالب وهو يقول وصلتك رحم ومن طريق عبدالله بن ضميرة عن أبيه عن علي أنه لما أسلم قال له أبو طالب الزم بن عمك ومن طريق أبي عبيدة معمر بن المثنى عن رؤبة بن العجاج عن أبيه عن عمران بن حصين أن أبا طالب قال لجعفر بن أبي طالب لما أسلم قبل جناح بن عمك فصلى جعفر مع النبي صلى الله عليه وسلم ومن طريق محمد بن زكريا الغلابي عن العباس بن بكار عن أبي بكر الهذلي عن الكلبي عن أبي صالح عن بن عباس قال جاء أبو بكر بأبي قحافة وهو شيخ قد عمى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا تركت الشيخ حتى آتيه قال أردت أن يأجره الله والذي بعثك بالحق لأنا كنت أشد فرحا بإسلام أبي طالب مني بإسلام أبي ألتمس بذلك قرة عينك. وأسانيد هذه الأحاديث واهية. الشبهة التاسعة : ما هي الفائدة من البحث في هل أبا طالب مات مؤمن أو كافر؟ الجواب : يجب معرفة هؤلاء هل هم ماتوا على إيمان أو على كفر وخصوصاً من عاصر منهم النبي صلى الله عليه وسلم وكان قريب له فبهذا الحكم تُبنى أحكام شرعية أخرى فمثلاً لا يجوز أن يكون في سند الرواية أو الحديث شخص غير مسلم فكيف سنأخذ بالأحاديث ونحن لا نعلم هل هؤلاء الذين نقلوا لنا الحديث مؤمنون أو مشركون؟ وكذلك لا يجوز أن نطلق على كافر رضي الله عنه أو رحمه الله، أو أشباه ذلك ولهذا لزم علينا البحث في التاريخ عن كل ذلك . الشبهة العاشرة : كيف يكون كافراً وهناك أحاديث عند الشيعة تقول أنه مات مؤمناً ؟؟ الجواب : على فرض صحة تلك الأحاديث فإن الشيعة ليس لديهم حديث إلا وله ما يعارضه ويناقضه وهاك أقوال علماء الشيعة أنفسهم في ذلك : يقول السيد دلدار علي اللكهنوي الشيعي الاثنا عشري في أساس الأصول : إن الأحاديث المأثورة عن الأئمة مختلفة جداً لا يكاد يوجد حديث إلا وفي مقابل ما ينافيه ولا يتفق خبر إلا وبإزائه ما يضاده حتى صار ذلك سبباً لرجوع بعض الناقضين عن اعتقاد الحس. ويقول عالمهم ومحققهم وحكيمهم ومدققهم وشيخهم حسين بن شهاب الدين الكركي في كتابه "هداية الأبرار إلى طريق الأئمة الأطهار" : فذلك الغرض الذي ذكره في أول التهذيب من أنه ألفه لدفع التناقض بين أخبارنا لما بلغه أن بعض الشيعة رجع عن المذهب لأجل ذلك". فالتعارض جاءت به روايتهم والتناقض والتضاد منهم بل والكذب انتشر في مجاميعهم الحديثية المعتبرة كما اعترف به أحد علمائهم وهو السيد هاشم معروف الحسيني في كتابه الموضوعات في الاثار والأخبار، حيث قال : كما وضع قصاص الشيعة مع ما وضعه أعداء الأئمة عدداً كثيرا من هذا النوع للأئمة الهداة ولبعض الصلحاء والأتقياء"وقال أيضاً:"وبعد التتبع في الأحاديث المنتشرة في مجامع الحديث كالكافي والوافي وغيرهما نجد أن الغلاة والحاقدين على الأئمة الهداة لم يتركوا بابا من الأبواب إلا ودخلوا منه لإفساد أحاديث الأئمة والإساءة إلى سمعتهم.."
[1] تفسير القمي - علي بن إبراهيم القمي - ج 2 /142 ، التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج 4 /95 ، البرهان في تفسير القرآن - السيد هاشم البحراني - ج 4 /274 ، تفسير نور الثقلين - الشيخ الحويزي - ج 4 /133 ، تفسير كنز الدقائق وبحر الغرائب - الشيخ محمد بن محمد رضا القمي المشهدي - ج 10 /83
[2] النوادر، لفضل الله الراوندي، 106، مستدرك الوسائل، للنوري الطبرسي، 7 /247
To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video