يتوجه الايرانيون يوم الجمعة الى مراكز الاقتراع لاختيار نواب مجلس الشورى واعضاء مجلس الخبراء. علي همداني من بي بي سي الفارسية تحدث الى بعض الناخبين من خلال وسائل التواصل الاجتماعي ويقيم هنا المزاج العام في الشارع الايراني عشية الانتخابات.
في ساعة متأخرة من الليل في شمالي طهران، اوقفت شرطة الآداب، وهي القوة التي تفرض التقيد بالزي الاسلامي في ايران، الصحفي أمير وزوجته.
كان الزوجان في طريق عودتهما الى مسكنهما بعد ان حضرا حفلة، واوقفتهما الشرطة لأن شرطة الآداب حكمت بأن الحجاب الذي كانت ترتديه زوجة أمير لم يغط كل شعرها.
مشهد يتكرر العديد من المرات يوميا في ايران، وهو نموذج بسيط للانقسامات العميقة الموجودة في المجتمع الايراني بين اولئك الذين يبتغون حماية قيم الثورة الاسلامية وتطبيقها، واولئك الذي يتحدونها ويريدون من ايران ان تواكب مسيرة الحداثة.
وهذا هو الصراع الذي يهيمن على انتخابات الجمعة والحملة التي تسبقها.
يقول أمير، "في السنوات السابقة عندما كانت مواعيد الانتخابات تقترب، تبدأ الحكومة بالتساهل معنا. كانت فرصة طيبة للتنعم بالحرية لبضعة شهور، إذ لم تكن السلطات تلقي القبض على الناس لمظهرهم لأنها كانت تريد من الشعب ان يشعر بالسعادة وان تشجعهم على الادلاء باصواتهم. ولكن الامر هذه المرة مختلف."
ويشعر أمير والكثيرون من امثاله من الايرانيين المتأثرين بالغرب والعارفين بخبايا الانترنت بخيبة الامل لحرمان العديد من المرشحين الاصلاحيين والمعتدلين من حق الترشح في الانتخابات.
ويصف أمير الخيارين الذين يواجهان الناخبين بأنهما "السيء والأسوأ."
ولكن ككثير من الايرانيين، ما زال أمير يعتقد أن هذه الانتخابات تمثل فرصة لاحداث تغيير ما.
ويقول "قد يعزف اصدقائي عن التصويت لأنهم لا يرون من يصوتون له، ولكني ما زلت اعتقد أن علينا الادلاء باصواتنا."
"لا أهتم"
ولكن لا يوافق كل الايرانيين على هذا الرأي. خذوا جاستينا على سبيل المثال. فجاستينا مغنية (راب)، وفي بلد لا يسمح فيه للنساء بالغناء علنا تقوم جاستينا بتخطي الحدود باغانيها المطالبة بالمزيد من الحريات للنساء.
تقول، في استوديو موسيقي يقع في قبو بطهران تقوم فيه بتسجيل البومها الجديد، "اذا اردت ان اكون صادقة معك، لابد أن اقول إني غير مهتمة بهذه الانتخابات."
"فلا يوجد أي مرشحين يمثلون آمالي وآرائي البتة. لا يعبر أي من المرشحين عن صوتي."
اذا كانت جاستينا تمثل وجه ايران الشابة المعاصرة، فجعفر شجوني يمثل وجه المؤسسة الحاكمة.
فشجوني رجل دين متشدد ونائب سابق في مجلس الشورى، سبق له ان رافق مؤسس الجمهورية الاسلامية آية الله روح الله خميني عندما كان مقيما في باريس في السبعينيات.
يقول شجوني "الاسلام يطالب الشعب بمساندة الحكومة الاسلامية. الموضوع لا يتعلق بمن تريد التصويت له، بل بعملية التصويت ذاتها."
وككثير من المحافظين، يشعر شجوني بقلق بالغ لامكانية أن يؤدي الاتفاق النووي الذي ابرمته ايران مع القوى العالمية، والذي دخل حيز التنفيذ في الشهر الماضي، الى تعريض البلاد لشتى التيارات الخارجية التي قد تهدد مستقبل الثورة الاسلامية.
ويقول "يعتقد البعض أن بامكانهم - بعد الاتفاق النووي - اعادة ايران الى ما كانت عليه في عهد الشاه. كلا ! لن يكون الأمر هكذا."
حان وقت الأمل
يعد الاقتصاد عاملا مهما في هذا المجال، إذ يسود الايرانيين شعور بالأمل بتحسن ظروفهم المعيشية بعد رفع العقوبات وعودة المستثمرين الغربيين الى البلاد.
ويصح هذا القول بشكل خاص على مدينة عبدان عاصمة القطاع النفطي الايراني التي غدت ظلا بائسا للمدينة الثرية التي كانت في الماضي.
يستيقظ نيما البالغ من العمر 30 عاما من نومه يوميا على صوت صافرة مصفاة النفط. نيما حائز على شهادة عليا في الهندسة، ولكنه، مثل الكثيرين في عبدان، يعجز عن ايجاد فرصة عمل.
ويقول "ليس لدينا المال الكافي لتعبيد طرق المدينة، والمدارس تفتقر الى الاموال اللازمة لشراء المدافئ."
"أنا واصدقائي سنصوت للمرشحين الذين لديهم افكار جيدة عن الاقتصاد. مرشحون بامكانهم اعادة اعمار المدينة وخلق فرص عمل."
ولكن لا يشارك الجميع تشاؤم نيما، ففي جزيرة (كيش) في الخليج، والتي كانت يوما منتجعا يؤمه نجوم هوليود وما زالت مقصدا محببا للايرانيين، يعمل كل من باباك وآراش في قطاع السياحة.
واثناء حفل شواء ليلي اقيم على شاطئ البحر، قالا إنهما يأملان بتحسن الوضع الاقتصادي بشكل عام مما سينعكس على عملهما.
يقول آراش "لم تكن السياحة في وضع جيد تحت ظل العقوبات، ولكن في حقبة ما بعد العقوبات نأمل ان تتحسن الاوضاع. ان ايران بلد رائع للسائحين، ولكن كل شيء يعتمد على الاوضاع السياسية."
اما باباك، فكان اكثر حذرا، إذ قال "البعض يعتقد انك تستطيع تغيير العديد من الامور بمجرد التصويت، ولكني لا اعتقد ذلك."
"ولكني مع ذلك كلي أمل بأيام افضل." BBC