إيران اليوم ليست سوى انعكاس تاريخي للصفويين فهي ما زالت تنظر للعرب تلك النظرة الدونية بصرف النظر عن المذهب المتبع منهم. وهذا الحال نشاهده بوضوح في الأحواز العربية المحتلة حيث يتم معاملة الأحوازي العربي السني كما يعامل الأحوازي العربي الشيعي دون تفريق..
مع تغير الوضع الجيوسياسي في منطقة الشرق الأوسط لصالح الدولة الإيرانية خلال العقدين الماضيين ووصولها إلى بحر العرب قبل عاصفة الحزم، كان لابد للقوة السعودية أن تتحرك بمشاركة قوى التحالف الإماراتي المصري لوضع حد لهذا التنامي المزعج للقوة الإيرانية في المنطقة ولحماية مضيق باب المندب من أن يقع تحت السيطرة الإيرانية. العقود الثلاثة الأخيرة شهدت تمدداً إيرانياً شنيعاً في الدول العربية ابتدأته في العراق ولبنان ثم سوريا واليمن. ولا شك أن محاولتها للتخريب في البحرين شاهد إضافي لهذه الأعمال التي لم تتوقف. ولعلها كادت تنجح في مصر لولا يقظة الجيش والشعب المصري الذي أزاح حكم الإخوان المسلمين المرتبط بولاية الفقيه الإيرانية.
هذه الأعمال لم تكن عسكرية أو تنظيمية أو حركية فقط بل هي كذلك حرب إعلامية شديدة تشنها نحو 30 قناة فضائية وربما أكثر من ذلك عبر الأقمار الصناعية العربية وتحمل في طياتها رسائل وحملات إعلامية منظمة وموجهة إلى الشباب دون وجود ما يرد عليها أو يكشفها باستثناء عدد محدود من القنوات الفضائية. الحقيقة أننا لسنا في حاجة إلى استدلالات كثيرة لإثبات حجم الخطر الإيراني على منظومة الدول الخليجية فما حدث في البحرين من فوضى ومحاولات سيطرة على الشارع البحريني إضافة إلى ما حدث ويحدث في الكويت من كشف لخلايا تدين بالولاء لإيران، جميعها مؤشرات واضحة إلى حجم الخطر الإيراني الذي يحيط بالدول الخليجية.
إيران اليوم ليست سوى انعكاس تاريخي للصفويين فهي ما زالت تنظر للعرب تلك النظرة الدونية بصرف النظر عن المذهب المتبع منهم. وهذا الحال نشاهده بوضوح في الأحواز العربية المحتلة حيث يتم معاملة الأحوازي العربي السني كما يعامل الأحوازي العربي الشيعي دون تفريق مما يدلنا بوضوح إلى أن هذه الدولة تحتقر وتزدري العرق العربي. وقد يكون ذلك نتيجة لبعض الوقائع والأحداث التي تركت أثراً غائراً في النفس الفارسية لا يمكن محوه بسهولة. ولعل هذا التعامل العنصري في الأحواز لم ينفع كثيراً فالثورات الأحوازية المتتالية لم تتوقف منذ ثلاثينات القرن الماضي بدءًاً بالحويزة ومروراً ببني طرف وانتهاء بالتنظيمات والمنظمات الحالية التي تواجه عنفاً فارسياً غير معقول أو مقبول.
الخطر الإيراني لم يتوقف هنا بل إن إيران تعمدت بناء مفاعلها النووي بالقرب من منطقة الخليج العربية مما يعني أن دخول أي إشعاعات نووية من مفاعل بو شهر لمياه الخليج العربية وخصوصاً المناطق الضيقة منها لا يمكن إزالتها والتخلص منها بسهولة، وهذا خطر ليس باليسير نتيجة لموقعه في منطقة نشطة زلزالياً إضافة إلى عدم ضمان أن إيران ستلتزم بالآليات والتقنيات المناسبة التي تحافظ فيها على أمن المنشأة. وهذا لا شك يعني أن الأمن النووي مجرد وهم نعيشه في الخليج العربي.
عاصفة الحزم تأتي في وقت يحتاج فيه الخليج العربي أن يتخلص من اليد الإيرانية التي لوثت الدول العربية ومنظومتها وجعلت الخطر الإسرائيلي لا شيء أمام خطرها الداهم الذي وصل إلى بحر العرب. لذلك فإن المحاولات الإيرانية لتحجيم العاصفة أو التقليل من فعاليتها أو التأثير عليها تجري على قدم وساق. ومن تلك المحاولات ترويج الشائعات حول عضو أو أكثر من التحالف، فمرة عن مصر وأخرى عن الإمارات وهكذا دون ملل أو كلل. لا شك أن من يقوم بتلك الشائعات هم الفريق الخفي للقيادة الإيرانية وأعني بهم تنظيم الإخوان المسلمين ومن ينتمي لهم ممن بايع مرشدهم. هؤلاء في غالبهم الأعم (قد) يتحدثون عن هذه التحالفات بحسن نية (وأقول قد)، إنما تأكيد حسن النية ليس إلا مع أولئك المتعاطفين معهم إسلامياً. الآخرون الذين يمثلون قيادات الرأي في المجتمعات الخليجية هم أولئك الذين يحاولون زعزعة العاصفة بزعزعة التحالف من جهة وبدعم الرؤى والتوجهات التي يختطها التنظيم وقيادته. وأياً ما كان الأمر فمن المهم بالنسبة لنا كسعوديين أن يكون هناك استقرار في حدنا الجنوبي سواء بيمن واحدة أو اثنتين. ليس مهماً أن يبقى اليمن واحداً وموحداً إذا كان استقراره لا يتحقق إلا بأن يكون يمنين، فالعمل على تحقيق الاستقرار هو ما ينبغي عمله وتأييده والسعي إليه، الاستقرار معناه خروج إيران وقواها من اليمن، وضعف حزب الإصلاح الإخواني وحصاره في مكان واحد محدود المساحة.
كل ما نستطيع قوله الآن هو إن الخطر الإيراني ماثل للعيان أكثر من أي وقت مضى، وما سطرته أعلاه ليس إلا لمحات صغيرة فقط. هذا الخطر يتطلب أن نقف جميعاً خلف العاصفة وندعمها بكل الوسائل المتاحة، وأقل وسيلة لدعمها هو الحفاظ على التحالف القائم والابتعاد عن الشائعات وعن مروجيها حول دول هذا التحالف مهما كانت ثقتنا في مروج الشائعة، ثم النظر في الشائعة فإن كانت بعيدة عن تأييد الإخوان ودعمهم فهي وبلا أدنى شك، إن صحت، متفق عليها بين الحلفاء ولا حاجة للتعامل معها وكأنها خيانة.
العاصفة باختصار هي الوسيلة الوحيدة لكف اليد الإيرانية وبداية سقوط الأحلام الخمينية في تصدير ثورتها للخارج العربي. ولا يصح أن ننسى ما قاله العميد باقر زاده في مؤتمره الصحفي في الأحواز المحتلة من أن خيارات دول الخليج ضعيفة في مواجهتها للمشروع الإيراني. وهو قول، ولا شك، يحتاج إلى أن نرده عليه وعلى قادته.