مُعَاوِيَةُ: مَا شَرِبْتُهُ مُنْذُ حَرَّمَهُ رَسُولُ اللهِ
جاء في مسند الامام احمد بتحقيق شعيب الارناؤوط : " 22941 - حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنِي حُسَيْنٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ بُرَيْدَةَ قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَأَبِي عَلَى مُعَاوِيَةَ فَأَجْلَسَنَا عَلَى الْفُرُشِ، ثُمَّ أُتِينَا بِالطَّعَامِ فَأَكَلْنَا، ثُمَّ " أُتِينَا بِالشَّرَابِ فَشَرِبَ مُعَاوِيَةُ، ثُمَّ نَاوَلَ أَبِي، ثُمَّ قَالَ: مَا شَرِبْتُهُ مُنْذُ حَرَّمَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " ثُمَّ قَالَ مُعَاوِيَةُ: كُنْتُ أَجْمَلَ شَبَابِ قُرَيْشٍ وَأَجْوَدَهُ ثَغْرًا، وَمَا شَيْءٌ كُنْتُ أَجِدُ لَهُ لَذَّةً كَمَا كُنْتُ أَجِدُهُ وَأَنَا شَابٌّ غَيْرُ اللَّبَنِ، أَوْ إِنْسَانٍ حَسَنِ الْحَدِيثِ يُحَدِّثُنِي - إسناده قوي، حسين -وهو ابن واقد المَرْوزي- روى له أصحاب السنن، وحديثه في مسلم متابعة وفي البخاري تعليقاً، وهو صدوق لا بأس به، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الصحيح. وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" في ترجمة عبد الله بن بريدة ص 417 من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي شيبة 11/94-95 عن زيد بن الحُباب، به. ولفظه: دخلتُ أَنا وأَبي على معاوية، فأَجْلسَ أَبي على السَّرير، وأُتِيَ بالطعام فأطْعَمَنا، وأُتِيَ بشرابٍ فشربَ، فقال معاوية: ما شيءٌ كنت أَستلِذُّه وأنا شابٌّ فآخُذه اليومَ إلا اللَّبَنَ، فإني آخذه كما كنت آخذه قبل اليوم، والحديثَ الحسَنَ. وأخرجه ابن عساكر ص 417 من طريق علي بن الحسين بن واقد، عن أبيه، به، بلفظ: دخلت مع أبي على معاوية. وقوله: "ثم قال: ما شَرِبتُه منذ حرَّمَه رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" أي: معاوية بن أبي سفيان، ولعله قال ذلك لِما رأَى من الكراهة والإنكار في وجه بريدة، لظنِّه أنه شرابٌ مُحرَّم، والله أعلم " اهـ.[1] فالرواية صريحة في ان معاوية رضي الله عنه لم يكن يجد اللذة الا بشرب اللبن , وسبب قوله لبريدة رضي الله عنه ما شَرِبتُه منذ حرَّمَه رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دفعا لاي ظن يتبادر الى جليسه , ومن المستحيل ان يقول انه لم يشربه منذ حرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يقدمه لجليسه. وذكر الشيء لمناسبته , وان لم يسأل عنه السائل من اسلوب العرب , ولقد جاء في الحديث النبوي الشريف : " 8735 - حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ - مِنْ آلِ ابْنِ الْأَزْرَقِ - أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ أَبِي بُرْدَةَ - وَهُوَ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ - أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " إِنَّا نَرْكَبُ الْبَحْرَ، وَنَحْمِلُ مَعَنَا الْقَلِيلَ مِنَ الْمَاءِ، فَإِنْ تَوَضَّأْنَا بِهِ عَطِشْنَا، أَفَنَتَوَضَّأُ مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ؟ قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ، الْحِلُّ مَيْتَتُهُ " - حديث صحيح " اهـ.[2] فالسائل قد سأل عن حكم ماء البحر , فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم بانه طهور , ثم اضاف عليه حكم حلية ميتة البحر , وان لم يتطرق السائل الى حكم ميتة البحر , فكلام معاوية رضي الله عنه بحرمة الخمر وانه لم يشربها يتناسب في المقام على اعتبار ذكر الشيء الذي احله الله تعالى وهو اللبن الذي لا يجد اللذة في غيره , مع ذم الخمر التي حرمها الله تعالى , او من اجل رفع اي ريبة لجليسه اذا استراب من رؤية اي شيء يُشرب على مائدته .
1 - مسند الامام احمد - تحقيق شعيب الارناؤوط – ج 38 ص 26. 2 - مسند الامام احمد - تحقيق شعيب الارناؤوط – ج 14 ص 349.
To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video