فانهم قد تركوا السنة من بغض علي
قال الامام النسائي : " أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ الْأَوْدِيُّ الْكُوفِيُّ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَخْلَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مَيْسَرَةَ بْنِ حَبِيبٍ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ بِعَرَفَاتٍ، فَقَالَ: مَا لِي لَا أَسْمَعُ النَّاسَ يُلَبُّونَ؟ فَقُلْتُ: يَخَافُونَ مِنْ مُعَاوِيَةَ فَخَرَجَ ابْنُ عَبَّاسٍ مِنْ فُسْطَاطِهِ، فَقَالَ: «لَبَّيْكَ اللهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ فَإِنَّهُمْ قَدْ تَرَكُوا السُّنَّةَ مِنْ بُغْضِ عَلِيٍّ» تحقيق الألباني : صحيح الإسناد " اهـ .[1] ان هذا الاثر صحيح كما قال الامام الالباني , وليس فيه اكثر من انكار ابن عباس رضي الله عنه على الناس بعدم التلبية , واما ما ورد فيه من خوف الناس من معاوية رضي الله عنه فهو مبني على ظن خاطيء , والدليل على ما اقول ما ورد من نفس الاثر من تلبية ابن عباس رضي الله عنه من غير ان يصدر اي اذى من معاوية رضي الله عنه , او من ينوب عنه في موسم الحج تجاه ابن عباس رضي الله عنه , فالكلام كله مبني على الظن لا اكثر . والدليل ايضا على ان هذا مبني على ظن خاطيء من الناس ما رواه الامام ابن ابي شيبة في مصنفه : " 14665 - أَبُو بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَرَجَ مُعَاوِيَةُ لَيْلَةَ النَّفْرِ، فَسَمِعَ صَوْتَ تَلْبِيَةٍ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: عَائِشَةُ اعْتَمَرَتْ مِنَ التَّنْعِيمِ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ فَقَالَتْ: «لَوْ سَأَلَنِي لَأَخْبَرْتُهُ» " اهـ .[2] فلو كان معاوية رضي الله عنه يمنع من التلبية لعاقب عليها , او اعترض على الاقل . ولقد ورد هذا الاثر عند الامام البيهقي , وفيه ان ابن عباس رضي الله عنه قد لعنهم , قال الامام البيهقي : " أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ : مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْعَلَوِىُّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ ابْنِ الشَّرْقِىِّ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ سَعِيدٍ النَّسَوِىُّ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ صَالِحٍ عَنْ مَيْسَرَةَ بْنِ حَبِيبٍ النَّهْدِىِّ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ : كُنَّا عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ بِعَرَفَةَ فَقَالَ : يَا سَعِيدُ مَا لِى لاَ أَسْمَعُ النَّاسَ يُلَبُّونَ؟ قُلْتُ : يَخَافُونَ مُعَاوِيَةَ فَخَرَجَ ابْنُ الْعَبَّاسِ مِنْ فُسْطَاطِهِ فَقَالَ : لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ وَإِنْ رَغِمَ أَنْفُ مُعَاوِيَةَ اللَّهُمَّ الْعَنْهُمْ فَقَدْ تَرَكُوا السُّنَّةَ مِنْ بُغْضِ عَلِىٍّ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ " اهـ .[3] وهذا الاثر لا يصح وعلته عبد الله بن محمد بن الشرقي , قال الامام الذهبي : " 3357 - عبد الله بن مُحَمَّد بن الشَّرْقِي أَخُو الْحَافِظ ابي حَامِد تكلمُوا فِيهِ لادمانه الْمُسكر " اهـ .[4] فالزيادة التي فيها اللعن الواردة عند الامام البيهقي لا تصح . ولقد وردت رواية في دين الرافضة بان عليا رضي الله عنه لم يبين للناس اصلا مناسك الحج فكيف يكون عدم تلبية الناس بالحج من بغض علي رضي الله عنه وهو لم يعلمهم مناسك الحج اصلا ؟ ! قال الكليني : "6 - مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنْ عِيسَى بْنِ السَّرِيِّ أَبِي الْيَسَعِ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السلام ) أَخْبِرْنِي بِدَعَائِمِ الْإِسْلَامِ الَّتِي لَا يَسَعُ أَحَداً التَّقْصِيرُ عَنْ مَعْرِفَةِ شَيْءٍ مِنْهَا الَّذِي مَنْ قَصَّرَ عَنْ مَعْرِفَةِ شَيْءٍ مِنْهَا فَسَدَ دِينُهُ وَ لَمْ يَقْبَلِ [اللَّهُ] مِنْهُ عَمَلَهُ وَ مَنْ عَرَفَهَا وَ عَمِلَ بِهَا صَلَحَ لَهُ دِينُهُ وَ قَبِلَ مِنْهُ عَمَلَهُ وَ لَمْ يَضِقْ بِهِ مِمَّا هُوَ فِيهِ لِجَهْلِ شَيْءٍ مِنَ الْأُمُورِ جَهْلُهُ فَقَالَ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ الْإِيمَانُ بِأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) وَ الْإِقْرَارُ بِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ حَقٌّ فِي الْأَمْوَالِ الزَّكَاةُ وَ الْوَلَايَةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهَا وَلَايَةُ آلِ مُحَمَّدٍ ( صلى الله عليه وآله ) قَالَ فَقُلْتُ لَهُ هَلْ فِي الْوَلَايَةِ شَيْءٌ دُونَ شَيْءٍ فَضْلٌ يُعْرَفُ لِمَنْ أَخَذَ بِهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) مَنْ مَاتَ وَ لَا يَعْرِفُ إِمَامَهُ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً وَ كَانَ رَسُولَ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) وَ كَانَ عَلِيّاً ( عليه السلام ) وَ قَالَ الْآخَرُونَ كَانَ مُعَاوِيَةَ ثُمَّ كَانَ الْحَسَنَ ( عليه السلام ) ثُمَّ كَانَ الْحُسَيْنَ ( عليه السلام ) وَ قَالَ الْآخَرُونَ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ وَ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ وَ لَا سِوَاءَ وَ لَا سِوَاءَ قَالَ ثُمَّ سَكَتَ ثُمَّ قَالَ أَزِيدُكَ فَقَالَ لَهُ حَكَمٌ الْأَعْوَرُ نَعَمْ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ ثُمَّ كَانَ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ ثُمَّ كَانَ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ أَبَا جَعْفَرٍ وَ كَانَتِ الشِّيعَةُ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ أَبُو جَعْفَرٍ وَ هُمْ لَا يَعْرِفُونَ مَنَاسِكَ حَجِّهِمْ وَ حَلَالَهُمْ وَ حَرَامَهُمْ حَتَّى كَانَ أَبُو جَعْفَرٍ فَفَتَحَ لَهُمْ وَ بَيَّنَ لَهُمْ مَنَاسِكَ حَجِّهِمْ وَ حَلَالَهُمْ وَ حَرَامَهُمْ حَتَّى صَارَ النَّاسُ يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا كَانُوا يَحْتَاجُونَ إِلَى النَّاسِ وَ هَكَذَا يَكُونُ الْأَمْرُ وَ الْأَرْضُ لَا تَكُونُ إِلَّا بِإِمَامٍ وَ مَنْ مَاتَ لَا يَعْرِفُ إِمَامَهُ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً وَ أَحْوَجُ مَا تَكُونُ إِلَى مَا أَنْتَ عَلَيْهِ إِذْ بَلَغَتْ نَفْسُكَ هَذِهِ وَ أَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى حَلْقِهِ وَ انْقَطَعَتْ عَنْكَ الدُّنْيَا تَقُولُ لَقَدْ كُنْتُ عَلَى أَمْرٍ حَسَنٍ . أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ عِيسَى بْنِ السَّرِيِّ أَبِي الْيَسَعِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السلام ) مِثْلَهُ " اهـ .[5] فاذا كان الشيعة لا يعرفون مناسك الحج من علي رضي الله عنه فكيف بباقي المسلمين ؟ !!! . ومن الممكن ان يقول الرافضة ان المقصود بقوله قبل ابي جعفر اي في عهد زين العابدين فقط , فنقول لهم ان السياق واضح في ان عدم نشر زين العابدين والحسين والحسن وعلي رضي الله عنهم اي شيء من علم الحلال , والحرام عند الشيعة فضلا عن الامة , ومن القرائن الدالة على ذلك ما جاء في الكافي : " 8 - مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَجَّالِ عَنْ ثَعْلَبَةَ عَنْ مَعْمَرِ بْنِ يَحْيَى قَالَ سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ( عليه السلام ) عَمَّا يَرْوِي النَّاسُ عَنْ عَلِيٍّ ( عليه السلام ) فِي أَشْيَاءَ مِنَ الْفُرُوجِ لَمْ يَكُنْ يَأْمُرُ بِهَا وَ لَا يَنْهَى عَنْهَا إِلَّا أَنَّهُ يَنْهَى عَنْهَا نَفْسَهُ وَ وُلْدَهُ فَقُلْتُ وَ كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ قَالَ قَدْ أَحَلَّتْهَا آيَةٌ وَ حَرَّمَتْهَا آيَةٌ أُخْرَى قُلْتُ فَهَلْ يَصِيرُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ إِحْدَاهُمَا قَدْ نَسَخَتِ الْأُخْرَى أَوْ هُمَا مُحْكَمَتَانِ جَمِيعاً أَوْ يَنْبَغِي أَنْ يُعْمَلَ بِهِمَا فَقَالَ قَدْ بَيَّنَ لَكُمْ إِذْ نَهَى نَفْسَهُ وَ وُلْدَهُ قُلْتُ مَا مَنَعَهُ أَنْ يُبَيِّنَ ذَلِكَ لِلنَّاسِ فَقَالَ خَشِيَ أَنْ لَا يُطَاعَ وَ لَوْ أَنَّ عَلِيّاً ( عليه السلام ) ثَبَتَتْ لَهُ قَدَمَاهُ أَقَامَ كِتَابَ اللَّهِ وَ الْحَقَّ كُلَّهُ " اهـ .[6]
1 - صحيح وضعيف سنن النسائي – محمد ناصر الدين الالباني – ج 7 ص 78 . 2 - المصنف – ابو بكر عبد الله بن محمد بن ابي شيبة – ج 3 ص 328 . 3 - سنن البيهقي – ابو بكر احمد بن الحسين البيهقي - ج 5 ص 113 . 4 - المغني في الضعفاء – محمد بن احمد الذهبي – ج 1 ص 356 . 5 - الكافي – الكليني - ج 2 ص 19 – 21 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول - صحيح بسنديه – ج 7 ص 108 . 6 - الكافي – الكليني - ج 5 ص 556 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول – صحيح – ج 20 ص 407 .
To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video