اني اشتري ديني بعضه ببعض مخافة ان يذهب كله
قال الامام ابن ابي شيبة : " 33720- حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، قَالَ : قَالَ حُذَيْفَةُ : إنِّي أَشْتَرِي دِينِي بَعْضَهُ بِبَعْضٍ مَخَافَةَ أَنْ يَذْهَبَ كُلُّهُ.
33721- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنِ النَّزَّالِ بْنِ سَبْرَةَ، قَالَ : دَخَلَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَحُذَيْفَةُ عَلَى عُثْمَانَ، فَقَالَ عُثْمَان لِحُذَيْفَةَ : بَلَغَنِي أَنَّك قُلْتَ كَذَا وَكَذَا، قَالَ : لاَ وَاللهِ مَا قُلْته، فَلَمَّا خَرَجَ، قَالَ لَهُ عَبْدُ اللهِ : سألك فَلَمْ تقر له ما سَمِعَتُكَ تَقُولُ، فقَالَ : إنِّي أَشْتَرِي دِينِي بَعْضَهُ بِبَعْضٍ مَخَافَةَ أَنْ يَذْهَبَ كُلُّهُ " اهـ. [1]
والاثران لا يصحان , فعلة الاول الانقطاع فإن ابا قلابة لم يدرك حذيفة رضي الله عنه , قال الحافظ الذهبي : " 178 - أَبُو قِلاَبَةَ الجَرْمِيُّ عَبْدُ اللهِ بنُ زَيْدِ.....
حَدَّثَ عَنْ: ثَابِتِ بنِ الضَّحَّاكِ فِي الكُتُبِ كُلِّهَا.
وَعَنْ: أَنَسٍ كَذَلِكَ، وَمَالِكِ بنِ الحُوَيْرِثِ كَذَلِكَ.
وَعَنْ: حُذَيْفَةَ فِي (سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ) - وَلَمْ يَلْحَقْهُ – " اهـ. [2]
وقال الحافظ ابن حجر : " 388 - ع (الستة) عبدالله بن زيد بن عمرو ويقال عامر بن نابل بن مالك بن عبيد بن علقمة ابن سعد أو قلابة الجرمي البصري أحد الاعلام.
روى عن ثابت الضحاك الانصاري وسمرة بن جندب..... وارسل عن عمر وحذيفة وعائشة " اهـ. [3]
وقال في الاصابة : " لأن أبا قلابة لم يدرك حذيفة " اهـ. [4]
فهذا الاثر منقطع ولا يصح , وذلك لان ابا قلابة لم يدرك حذيفة رضي الله عنه اصلا.
واما الاثر الاخر فعلته عنعنة الاعمش , والاعمش لا يُقبل منه الا اذا صرح بالتحديث , قال الامام الخطيب : " أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ عَلَّانَ الْوَرَّاقُ , قَالَ: قَالَ لَنَا أَبُو الْفَتْحِ الْأَزْدِيُّ الْحَافِظُ: " قَدْ كَرِهَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ مِثْلُ شُعْبَةَ وَغَيْرِهِ التَّدْلِيسَ فِي الْحَدِيثِ , وَهُوَ قَبِيحٌ وَمَهَانَةٌ , وَالتَّدْلِيسُ عَلَى ضَرْبَيْنِ , فَإِنْ كَانَ تَدْلِيسًا عَنْ ثِقَةٍ لَمْ يَحْتَجْ أَنْ يُوقَفَ عَلَى شَيْءٍ وَقُبِلَ مِنْهُ , وَمَنْ كَانَ يُدَلِّسُ عَنْ غَيْرِ ثِقَةٍ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ الْحَدِيثُ إِذَا أَرْسَلَهُ حَتَّى يَقُولَ: حَدَّثَنِي فُلَانٌ , أَوْ سَمِعْتُ , فَنَحْنُ نَقْبَلُ تَدْلِيسَ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَنُظَرَائِهِ لِأَنَّهُ يُحِيلُ عَلَى مَلِيءٍ ثِقَةٍ , وَلَا نَقْبَلُ مِنَ الْأَعْمَشِ تَدْلِيسَهُ لِأَنَّهُ يُحِيلُ عَلَى غَيْرِ مَلِيءٍ , وَالْأَعْمَشُ إِذَا سَأَلْتَهُ: عَمَّنْ هَذَا؟ قَالَ: عَنْ مُوسَى بْنِ طَرِيفٍ , وَعَبَايَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ , وَابْنُ عُيَيْنَةَ , إِذَا وَقَّفْتَهُ , قَالَ: عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ , وَمَعْمَرٍ , وَنُظَرَائِهِمَا , فَهَذَا الْفَرْقُ بَيْنَ التَّدْلِيسَيْنِ " اهـ.[5]
وقال الامام ابن حبان : " وأما المدلسون الذين هم ثقات وعدول، فإنا لا نحتج بأخبارهم إلا ما بينوا السماع فيما رووا مثل الثوري، والاعمش.... " اهـ. [6]
وقال الامام ابن حجر : " الثالثة: من أكثروا من التدليس وعرفوا به وهم:..............................
37- وسليمان الاعمش " اهـ. [7]
فعنعنة الاعمش غير مقبولة عند اهل العلم كما بينت من كلامهم , ولهذا اقول ان الاثر الثاني لا يصح , وعلته عنعنة الاعمش.
هذا من ناحية السند , واما من ناحية المتن , فقد قال الامام ابن قتيبة : " كَأَنَّ حُذَيْفَةَ قَالَ: وَالنَّاسُ يَقُولُونَ عِنْدَ الْغَضَبِ، أَقْبَحَ مَا يَعْلَمُونَ، وَعِنْدَ الرِّضَا أَحْسَنَ مَا يَعْلَمُونَ.
إِنَّ عُثْمَانَ خَالَفَ صَاحِبَيْهِ، وَوَضَعَ الْأُمُورَ غَيْرَ مَوَاضِعِهَا، وَلَمْ يُشَاوِرْ أَصْحَابَهُ فِي أُمُورِهِ، وَدَفَعَ الْمَالَ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ. هَذَا وَأَشْبَاهُهُ.
فَوَشَى بِهِ إِلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ واشٍ، فَغَلَّظَ الْقَوْلَ وَقَالَ: ذُكِرَ أَنَّكَ تَقُولُ: إِنِّي ظَالِمٌ خَائِنٌ، هَذَا وَمَا أَشْبَهُهُ.
فَحَلَفَ حُذَيْفَةُ بِاللَّهِ تَعَالَى مَا قَالَ ذَلِكَ، وَصَدَقَ حُذَيْفَة أَنه لم يقل: إِن عُثْمَان خَائِنٌ ظَالِمٌ، وَأَرَادَ بِيَمِينِهِ اسْتِلَالَ سَخِيمَتِهِ، وَإِطْفَاءَ سَوْرَةَ غَضَبِهِ وَكَرِهَ أَنْ يَنْطَوِيَ عَلَى سُخْطِهِ عَلَيْهِ " اهـ. [8]
فالكلام له توجيه كما قال الامام ابن قتيبة.
1 - المصنف – ابو بكر عبد الله بن محمد بن ابي شيبة - ج 12 ص 360.
2 - سير اعلام النبلاء – محمد بن احمد الذهبي – ج 4 ص 468.
3 - تهذيب التهذيب – احمد بن علي بن حجر – ج 5 ص 197.
4 - الاصابة - احمد بن علي بن حجر – ج 7 ص 216.
5 - الكفاية – ابو بكر احمد بن علي بن ثابت البغدادي – ج 1 ص 362.
6 - صحيح ابن حبان – محمد بن حبان البستي - ج 1 ص 161.
7 - النكت على كتاب ابن الصلاح – احمد بن علي بن حجر – ج 2 ص 640.
8 - تأويل مختلف الحديث – عبد الله بن مسلم بن قتيبة – ص 88 – 89.