الناسخ والمنسوخ
ورد النسخ في الكتاب والسنة، وما ورد في الكتاب والسنة وجب على الامة الاخذ به، والعمل بمقتضاه، ولا يمكن العمل بالحكم الا بعد الفهم لمعنى النصوص الواردة فيه، وطريقة الفهم المعتبرة عند اهل العلم هي الضوابط العلمية المتبعة عند اهل التخصص في العلوم الشرعية، فيكون تفسير القرآن مثلا بالقرآن، والسنة، واقوال الصحابة، والعلماء المعتبرين، وكذلك من خلال اللغة، والتعامل مع السنة النبوية المطهرة بنفس الشكل، وهو تفسير السنة بالسنة، وبفهم الصحابة الكرام ومن كان على سيرتهم ممن جاء بعدهم والتركيز على اهل القرون المفضلة الثلاثة الاولى، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد بين فضلهم، ومدحهم، وانهم خير قرون الامة، وكذلك من خلال اللغة، كل هذا من الناحية الاجمالية ومن اراد التفصيل بذلك فعليه بكتب اصول التفسير، ومصطلح الحديث، واصول الفقه ففيها التفصيل الممتاز.
تعريف النسخ في اللغة والاصطلاح
قال الازهري: قال أبو إسحاق الزَّجَّاج: النَّسْخُ في اللغة: إبْطال شئ وإقامة آخر مقامه. والعرب تقول: نَسَخَتِ الشمس الظِّلَّ والمعنى أذهبت الظِّلَّ وحلَّت محله "اهـ.[1]
وقال ابن منظور: " والنَّسْخ إِبطال الشيء وإِقامة آخر مقامه وفي التنزيل ما نَنسخْ من آية أَو نُنسها نأْت بخير منها أَو مثلها والآية الثانية ناسخة والأُولى منسوخة وقرأَ عبدالله بن عامر ما نُنسخ بضم النون يعني ما ننسخك من آية والقراءَة هي الأُولى ابن الأَعرابي النسخ تبديل الشيء من الشيء وهو غيره ونَسْخ الآية بالآية إِزالة مثل حكمها والنسخ نقل الشيء من مكان إِلى مكان وهو هو..." اهـ.[2]
وقال الجرجاني: " النسخ في اللغة عبارة عن التبديل والرفع والإزالة يقال نسخت الشمس الظل إذا أزالته وفي الشرع هو أن يرد دليل شرعي متراخيا عن دليل شرعي مقتضيا خلاف حكمه " اهـ.[3]
وقال امام الحرمين: " النسخ وأما النسخ فمعناه لغة الإزالة وقيل معناه النقل من قولهم نسخت ما في هذا الكتاب أي نقلته وحده هو الخطاب الدال على رفع الحكم الثابت بالخطاب المتقدم على وجه لولاه لكان ثابتا مع تراخيه عنه " اهـ.[4]
وقال الدكتور القطان: " والنسخ لغة: يُطلق بمعنى الإزالة، ومنه يقال: نسخت الشمس الظل: أي أزالته. ونسخت الريح أثر المشي - ويطلق بمعنى نقل الشيء من موضع إلى موضع، ومنه نسخت الكتاب: إذا نقلت ما فيه. وفي القرآن: (إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)، والمراد به نقل الأعمال إلى الصحف والنسخ في الاصطلاح: رفع الحكم الشرعي بخطاب شرعي " اهـ.[5]
اما الادلة على النسخ في القرآن الكريم، فقد قال الله تعالى: (مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (106): البقرة)
قال الامام السمعاني: " مَا ننسخ من آيَة أَو ننسها نأت بِخَير مِنْهَا أَو مثلهَا ألم تعلم أَن الله على كل شَيْء قدير (106))
والنسخ فِي اللُّغَة: رفع الشَّيْء وَإِقَامَة غَيره مقَامه. يُقَال: نسخت الشَّمْس الظل. أَي رفعته وأقامت الضياء مقَامه.
وَقد يكون بِمَعْنى رفع الشَّيْء من غير إِقَامَة غَيره مقَامه.
يُقَال: نسخت الرِّيَاح الْآثَار إِذا رفعتها من أَصْلهَا من غير شَيْء يقوم مقَامهَا. والنسخ جَائِز فِي الْجُمْلَة بِاتِّفَاق الْأمة. وَنسخ القرآن على وُجُوه:
مِنْهَا نسخ يُوجب رفع التِّلَاوَة وَالْحكم جَمِيعًا. وَذَلِكَ مثل مَا روى عَن أبي أُمَامَة بن سهل بن حنيف " أَن قوما من الصَّحَابَة قَامُوا لَيْلَة ليقرءوا سُورَة فَلم يذكرُوا مِنْهَا إِلَّا قَوْله: (بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم) فَغَدوْا على النَّبِي وَأَخْبرُوهُ بذلك فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " تِلْكَ سُورَة رفعت بتلاوتها وأحكامها ".
وَقيل إِن سُورَة الْأَحْزَاب كَانَت مثل سُورَة الْبَقَرَة؛ فَرفع أَكْثَرهَا تِلَاوَة وَحكما.
وَمن النّسخ مَا يُوجب رفع التِّلَاوَة دون الحكم وَذَلِكَ مثل آيَة " الرَّجْم " رفعت تلاوتها وَبَقِي حكمهَا.
وَمِنْه مَا يُوجب رفع الحكم دون التِّلَاوَة. مثل آيَة " الْوَصِيَّة للْوَالِدين والأقربين " وَآيَة " عدَّة الْوَفَاة بالحول " وَمثلهَا آيَة " التَّخْفِيف فِي الْقِتَال " وَآيَة " الممتحنة " وَنَحْو ذَلِك.
وَمن وُجُوه النّسخ مَا يُوجب رفع الحكم وَإِقَامَة غَيره مقَامه، وَذَلِكَ مثل الْقبْلَة نسخت إِلَى الْكَعْبَة، وَالْوَصِيَّة نسخت إِلَى الْمِيرَاث، وعدة الْوَفَاة نسخت من الْحول إِلَى أَرْبَعَة أشهر وَعشرا، ومقاومة الْوَاحِد الْعشْرَة فِي الْقِتَال نسخت إِلَى مقاومة الْوَاحِد الِاثْنَيْنِ. وَنَحْو ذَلِك " اهـ.[6]
وقال العلامة محمد رشيد رضا في تفسير الاية الكريمة المباركة: " قَالَ أَئِمَّةُ اللُّغَةِ: إِنَّ أَصْلَ النَّسْخِ النَّقْلُ، سَوَاءً كَانَ نَقْلَ الشَّيْءِ بِذَاتِهِ كَمَا يُقَالُ: نَسَخَتِ الشَّمْسُ الظِّلَّ، أَيْ نَقَلَتْهُ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ، أَوْ نَقْلَ صُورَتِهِ كَمَا يُقَالُ: نَسَخْتُ الْكِتَابَ، إِذَا نَقَلْتُ عَنْهُ صُورَةً مِثْلَ الْأُولَى، وَوَرَدَ: نَسَخَتِ الرِّيحُ الْأَثَرَ: أَيْ أَزَالَتْهُ. وَأَصْلُ النِّسْيَانِ التَّرْكُ أَوْ هُوَ غَايَتُهُ اللَّازِمَةُ لَهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ - تَعَالَى - : (أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى) (20: 126) أَيْ تَرَكْتَهَا بِتَرْكِ الْعَمَلِ بِهَا، فَجَزَاؤُكَ أَنْ تُتْرَكَ فِي الْعَذَابِ فَاحْفَظِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ " اهـ.[7]
ومن الادلة القرآنية على حكم النسخ قوله تعالى: (وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) - 101: النحل؟
قال العلامة الالوسي رحمه الله: " (وَإِذَا بَدَّلْنَآ ءايَةً مَّكَانَ ءايَةٍ) أي إذا نزلنا آية من القرآن مكان آية منه وجعلناها بدلاً منها بأن نسخناها بها، والظاهر على ما في البحر أن المراد نسخ اللفظ والمعنى، ويجوز أن يراد نسخ المعنى مع بقاء اللفظ (والله أَعْلَمُ بِمَا يُنَزّلُ) من المصالح فكل من الناسخ والمنسوخ منزل حسبما تقتضيه الحكمة والمصلحة " اهـ.[8]
وقال الحافظ ابن الجوزي: " بَابُ إِثْبَاتِ أَنَّ فِي القرآن مَنْسُوخًا انْعَقَدَ إِجْمَاعُ الْعُلَمَاءِ عَلَى هَذَا إِلا أَنَّهُ قَدْ شَذَّ مَنْ لا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ فَحَكَى أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ أَنَّ قَوْمًا قَالُوا: لَيْسَ فِي القرآن نَاسِخٌ وَلا مَنْسُوخٌ. وَهَؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُقِرُّونَ، لِأَنَّهُمْ خَالَفُوا نَصَّ الْكِتَابِ، وَإِجْمَاعَ الأُمَّةِ قَالَ الله عزوجل: (مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا) " اهـ.[9]
وقال ايضا: " اعْلَم أَن الْمَنْسُوخ من القرآن على ثَلَاثَة أضْرب.
أَحدهَا: مَا نسخ لَفظه وَحكمه.
الثَّانِي: مَا نسخ حكمه وبقى لَفظه، وَهُوَ كثير، لأَجله وضعت كتب النَّاسِخ والمنسوخ.
وَالثَّالِث: مَا نسخ لَفظه وَبَقِي حكمه، كآية الرَّجْم " اهـ.[10]
وقال العلامة السبكي: " يجوز نسخ الحكم دون التلاوة وبالعكس ونسخهما معا وخالف في ذلك كله بعض الشاذين " اهـ.[11]
وقال الامام ابن حزم: " فصل وهو على ثلاثة أنواع:
-
نسخ الخط والحكم * عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال كنا نقرأ سورة تعدل سورة التوبة ما احفظ منها إلا هذه الآية (لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى إليهما ثالثا ولو أن له ثالثا لابتغى إليه رابعا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب) .
-
الثاني نسخ الخط دون الحكم * عن عمر رضي الله عنه قال كنا نقرأ (ألا ترغبوا الرغبة عنهما) بمعنى الاعراض عن آبائكم، ومن ذلك (الشيخ والشيخة إذا زنيا فرجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم) معناه المحصن والمحصنة.
-
الثالث نسخ الحكم دون الخط أوله أمر القبلة بأن المصلي يتوجه حيث شاء لقوله تعالى عز وجل (فأينما تولوا فثم وجه الله) فنسخ ذلك والتوجه إلى بيت المقدس بقوله عز وجل (فول وجهك شطر المسجد الحرام) ونظارها كثيرة " اهـ.[12]
وقال العلامة ابن سلامة: " باب الناسخ والمنسوخ أعلم أن الناسخ والمنسوخ في كلام العرب هو: رفع الشيء، وجاء الشرع بما تعرف العرب، إذ كان الناسخ يرفع حكم المنسوخ.
والمنسوخ في كتاب الله عز وجل على ثلاثة أضرب:
فمنه: ما نسخ خطه وحكمه.
ومنه: ما نسخ خطه وبقي حكمه.
ومنه: ما نسخ حكمه وبقي خطه " اهـ.[13]
وقال العلامة الزرقاني: " النسخ الواقع في القرآن يتنوع إلى أنوع ثلاثة نسخ التلاوة والحكم معا ونسخ الحكم دون التلاوة ونسخ التلاوة دون الحكم.
-
أما نسخ الحكم والتلاوة جميعا فقد أجمع عليه القائلون بالنسخ من المسلمين ويدل على وقوعه سمعا ما ورد عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن وهو حديث صحيح وإذا كان موقوفا على عائشة رضي الله عنها فإن له حكم المرفوع لأن مثله لا يقال بالرأي بل لا بد فيه من توقيف وأنت خبير بأن جملة عشر رضعات معلومات يحرمن ليس لها وجود في المصحف حتى تتلى وليس العمل بما تفيده من الحكم باقيا وإذن يثبت وقوع نسخ التلاوة والحكم جميعا وإذا ثبت وقوعه ثبت جوازه لأن الوقوع أول دليل على الجواز وبطل مذهب المانعين لجوازه شرعا كأبي مسلم وأضرابه.
-
وأما نسخ الحكم دون التلاوة فيدل على وقوعه آيات كثيرة:
منها أن آية تقديم الصدقة أمام مناجاة الرسول صلى الله عليه وسلم وهي قوله تعالى: َ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً) منسوخة بقوله سبحانه: (أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ) على معنى أن حكم الآية الأولى منسوخ بحكم الآية الثانية مع أن تلاوة كلتيهما باقية.
ومنها أن قول سبحانه: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ) منسوخ بقوله سبحانه: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) على معنى أن حكم تلك منسوخ بحكم هذه مع بقاء التلاوة في كلتيهما كما ترى.
3 - وأما نسخ التلاوة دون الحكم فيدل على وقوعه ما صحت روايته عن عمر ابن الخطاب وأبي بن كعب أنهما قالا كان فيما أنزل من القرآن الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموها ألبتة اهـ وأنت تعلم أن هذه الآية لم يعد لها وجود بين دفتي المصحف ولا على ألسنة القراء مع أن حكمها باق على إحكامه لم ينسخ.
ويدل على وقوعه أيضا ما صح عن أبي بن كعب أنه قال كانت سورة الأحزاب توازي سورة البقرة أو أكثر مع أن هذا القدر الكبير الذي نسخت تلاوته لا يخلو في الغالب من أحكام اعتقادية لا تقبل النسخ.ويدل على وقوعه أيضا الآية الناسخة في الرضاع وقد سبق ذكرها في النوع الأول.ويدل على وقوعه أيضا ما صح عن أبي موسى الأشعري أنهم كانوا يقرؤون سورة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في طول سورة براءة وأنها نسيت إلا آية منها وهي لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى واديا ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب.
وإذا ثبت وقوع هذين النوعين كما ترى ثبت جوازهما لأن الوقوع أعظم دليل على الجواز كما هو مقرر وإذن بطل ما ذهب إليه المانعون له من ناحية الشرع كأبي مسلم ومن لف لفه ويبطل كذلك ما ذهب إليه المانعون له من ناحية العقل وهم فريق من المعتزلة شذ عن الجماعة فزعم أن هذين النوعين الأخيرين مستحيلان عقلا.
ويمكنك أن تفحم هؤلاء الشذاذ من المعتزلة بدليل على الجواز العقلي الصرف لهذين النوعين فتقول إن ما يتعلق بالنصوص القرآنية من التعبد بلفظها وجواز الصلاة بها وحرمتها على الجنب في قراءتها ومسها شبيه كل الشبه بما يتعلق بها من دلالتها على الوجوب والحرمة ونحوهما في أن كلا من هذه المذكورات حكم شرعي يتعلق بالنص الكريم وقد تقتضي المصلحة نسخ الجميع وقد تقتضي نسخ بعض هذه المذكورات دون بعض وإذن يجوز أن تنسخ الآية تلاوة وحكما ويجوز أن تنسخ تلاوة لا حكما ويجوز أن تنسخ حكما لا تلاوة وإذا ثبت هذا بطل ما ذهب إليه أولئك الشذاذ من الاستحالة العقلية للنوعين الأخيرين " اهـ.[14]
شروط النسخ
قال الحافظ ابن الجوزي: ""باب شروط النسخ"
الشروط المعتبرة في ثبوت النسخ خمسة:
أحدها: أن يكون الحكم في الناسخ والمنسوخ متناقضا، بحيث لا يمكن العمل بهما جميعا، فإن كان ممكنا لم يكن أحدهما ناسخا للآخر، وذلك قد يكون على وجهين:
أحدها: أن يكون أحد الحكمين متناولا لما تناوله =الثاني= بدليل العموم، والآخر متناولا لما تناوله =الأول= بدليل الخصوص، فالدليل الخاص لا يوجب نسخ دليل العموم، بل، يبين أنه إنما تناوله التخصيص لم يدخل تحت دليل العموم.
والوجه الثاني: أن يكون كل واحد من الحكمين ثابتا في حال "غير" الحالة التي ثبت فيها "الحكم" الآخر مثل تحريم المطلقة ثلاثا فإنها محرمة على مطلقها في حال، وهي ما دامت خالية عن زوج وإصابة فإذا أصابها زوج ثان ارتفعت الحالة الأولى، وانقضت بارتفاعها مدة التحريم فشرعت في حالة أخرى حصل فيها حكم الإباحة للزوج المطلق ثلاثا، فلا يكون هذا ناسخا، لاختلاف حالة التحريم والتحليل.
والشرط الثاني: أن يكون الحكم المنسوخ ثابتا قبل ثبوت حكم الناسخ فذلك يقع بطريقين: أحدهما: من جهة النطق كقوله تعالى: (الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا) وقوله (فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ) ومثل قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزروها).
والثاني: أن يعلم بطريق التاريخ، وهو أن ينقل "بالرواية" بأن يكون =الحكم الأول ثبوته= متقدما على الآخر فمتى ورد الحكمان مختلفين على وجه =لا يمكن العمل = بأحدهما إلا بترك الآخر، ولم يثبت تقديم أحدهما على صاحبه بأحد الطريقين امتنع ادعاء النسخ في أحدهما.
والشرط الثالث: "أن يكون الحكم المنسوخ مشروعا" أعني أنه ثبت بخطاب الشرع، فأما إن كان ثابتا بالعادة والتعارف لم يكن رافعه ناسخا، بل يكون ابتداء شرع وهذا شيء "ذكر عند" المفسرين، فإنهم قالوا: كان الطلاق في الجاهلية لا إلى غاية فنسخه قوله: (الطلاق =مرتان=) وهذا لا يصدر ممن "يفقه" لأن الفقيه يفهم أن هذا ابتداء "شرع" لا نسخ.
والشرط الرابع: أن يكون ثبوث الحكم الناسخ مشروعا كثبوت المنسوخ، فأما ما ليس بمشروع بطريق النقل، فلا يجوز أن يكون ناسخا للمنقول، ولهذا إذا ثبت حكم منقول لم يجز نسخه بإجماع ولا بقياس.
والشرط الخامس: أن يكون الطريق الذي ثبت به الناسخ مثل الطريق الذي ثبت به المنسوخ أو أقوى منه، فأما إن كان] دونه فلا يجوز أن يكون الأضعف ناسخا للأقوى " اهـ.[15]
الناسخ والمنسوخ واقسامه عند الرافضة
قال الطوسي: " فالنسخ في الشرع: على ثلاثة اقسام. نسخ الحكم دون اللفظ، ونسخ اللفظ دون الحكم، ونسخهما معا.
فالاول - كقوله: " يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبون مأتين " إلى قوله: " الآن خفف الله عنكم وعلم ان فيكم ضعفا فان يكن منكم مأة صابرة يغلبون مأتين "، فكان الفرض الاول وجوب ثبات الواحد للعشرة، فنسخ بثبوت الواحد للاثنين، وغير ذلك من الاي المنسوخ، حكمها، وتلاوتها ثابتة، كآية العدة، واية حبس من يأتي بالفاحشة، وغير ذلك.
والثاني - كآية الرجم. قيل انها كانت منزلة فرفع لفظها وبقي حكمها.
والثالث - هو مجوز وان لم يقطع بانه كان. وقد روي عن ابي بكر انه كان يقرأ لا ترغبوا عن آبائكم فانه كفر المعنى: واختلفوا في كيفية النسخ على أربعة اوجه: - قال قوم: يجوز نسخ الحكم والتلاوة من غير افراد واحد منهما عن الآخر. - وقال آخرون: يجوز نسخ الحكم دون التلاوة. - وقال آخرون: يجوز نسخ القرآن من اللوح المحفوظ، كما ينسخ الكتاب من كتاب قبله. –
وقالت فرقة رابعة: يجوز نسخ التلاوة وحدها، والحكم وحده، ونسخهما معا - وهو الصحيح - وقد دللنا على ذلك، وافسدنا سائر الاقسام في العدة في اصول الفقه. وذلك ان سبيل النسخ سبيل سائر ما تعبد الله تعالى به، وشرعه على حسب ما يعلم من المصلحة فيه فإذا زال الوقت الذي تكون المصلحة مقرونة به، زال بزواله. وذلك مشروط بما في المعلوم من المصلحة به، وهذا القدر كاف في ابطال قول من ابى النسخ - جملة - واستيفاؤه في الموضع الذي ذكرناه. وقد انكر قوم جواز نسخ القرآن، وفيما ذكرناه دليل على بطلان قولهم، وقد جاءت اخبار متظافرة بانه كانت اشياء في القرآن نسخت تلاوتها، فمنها ما روي عن ابي موسى: انهم كانوا يقرؤون لو ان لابن آدم واديين من مال لا بتغى اليهما ثالث، لا يملا جوف ابن آدم إلا التراب. ويتوب الله على من تاب. ثم رفع
وروي عن قتادة قال: حدثنا انس بن مالك أن السبعين من الانصار الذين قتلوا ببئر معونة: - قرأنا فيهم كتابا - بلغوا عنا قومنا انا لقينا ربنا، فرضي عنا وارضانا، ثم ان ذلك رفع. ومنها الشيخ والشيخة - وهي مشهورة - . ومنها ما روي عن ابى بكر انه قال: كنا نقرأ: لا ترغبوا عن آبائكم فانه كفر. ومنها ما حكي: ان سورة الاحزاب كانت تعادل سورة البقرة - في الطول - وغير ذلك من الاخبار المشهورة بين اهل النقل. والخبر على ضربين: احدهما - يتضمن معنى الامر بالمعروف - فما هذا حكمه - يجوز دخول النسخ فيه. والآخر يتضمن الاخبار عن صفة الامر. لا يجوز تغييره في نفسه، ولا يجوز ان يتغير من حسن إلى قبح أو قبح إلى حسن، فان ذلك لا يجوز دخول النسخ فيه. وقد بينا شرح ذلك في العدة " اهـ.[16]
وقال: " ولا يخلو النسخ في القرآن من أقسام ثلاثه:
احدها - نسخ حكمه دون لفظه - كآية العدة في المتوفى عنها زوجها المتضمنة للسنة فان الحكم منسوخ والتلاوة باقية وكآية النجوى وآية وجوب ثبات الواحد للعشرة فان الحكم مرتفع، والتلاوة باقية وهذا يبطل قول من منع جواز النسخ في القرآن لان الموجود بخلافه.
والثاني - ما نسخ لفظه دون حكمة، كآية الرجم فان وجوب الرجم على المحصنة لا خلاف فيه، والآية التي كانت متضمنة له منسوخة بلا خلاف وهي قوله: (والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البته، فانهما قضيا الشهوة جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم).
الثالث - ما نسخ لفظه وحكمه، وذلك نحو ما رواه المخالفون من عائشة: أنه كان فيما أنزل الله ان عشر رضعات تحرمن، ونسخ ذلك بخمس عشرة فنسخت التلاوة والحكم " اهـ.[17]
وقال: " فصل في ذكر جواز نسخ الحكم دون التلاوة ونسخ التلاوة دون الحكم جميع ما ذكرناه جائز دخول النسخ فيه لان التلاوة إذا كانت عبادة والحكم عبادة أخرى جاز وقوع النسخ في إحديهما مع بقاء الاخر كما يصح ذلك في كل عبادتين وإذا ثبت ذلك جاز نسخ التلاوة دون الحكم والحكم دون التلاوة فان قيل كيف يجوز نسخ الحكم مع بقاء التلاوة وهل ذلك الا نقض لكون التلاوة دلالة على الحكم لأنها إذا كانت دلالة على الحكم فينبغي أن يكون دلالة ما دامت ثابتة والا كان نقضا على ما بيناه قيل له ليس ذلك نقضا لكونها دلالة لأنها انما تدل على الحكم ما دام الحكم مصلحة واما إذا تغير حال الحكم وخرج من كونه مصلحة إلى غيره لم يكن التلاوة دلالة عليه وليس لهم أن يقولوا لا فايدة في بقاء التلاوة إذا ارتفع الحكم وذلك انه لا يمتنع ان يتعلق المصلحة بنفس التلاوة وان لم يقتض الحكم وإذا لم يمتنع ذلك جاز بقائها مع ارتفاع الحكم وليس لهم ان يقولوا ان هذا المذهب يؤدى إلى انه يجوز أن يفعل جنس الكلام بمجرد المصلحة دون الإفادة وذلك مما تأبونه لأنا انما نمنع في الموضع الذي أشاروا إليه إذا أخلا الكلام من فايدة أصلا وليس كذلك بقاء التلاوة مع ارتفاع الكلام لأنها إفادة في الابتداء تعلق الحكم بها و قصد بها ذلك وانما تغيرت المصلحة في المستقبل في الحكم فنسخ وبقى التلاوة لما فيها من المصلحة وذلك يخالف ما سأل السائل عنه واما نسخ التلاوة مع بقاء الحكم فلا شبهة فيه لما قلناه من جواز تعلق المصلحة بالحكم دون التلاوة وليس لهم أن يقولوا ان الحكم قد ثبت بها فلا يجوز مع زوال التلاوة بقائه وذلك ان التلاوة دلالة على الحكم فليس في عدم الدلالة عدم المدلول عليه الا ترى ان انشقاق القمر ومجرى الشجرة دال على نبوة نبينا ولا يوجب عدمهما خروجه (ع) من كونه نبيا صلى الله عليه وآله كذلك القول في التلاوة والحكم ويفارق ذلك الحكم العلم الذي يوجب عدمه خروج العلم من كونه عالما لان العلم موجب لا انه دال واما جواز النسخ فيهما فلا شبهة أيضا فيه لجواز تغير المصلحة فيما وقد ورد النسخ بجميع ما قلناه لان الله تعالى نسخ اعتداد الحول بتربص أربعة اشهر وعشر أو نسخ التصدق قبل المناجاة ونسخ ثبات الواحد للعشرة وان كانت التلاوة باقية في جميع ذلك وقد نسخ ابقاء التلاوة وبقى الحكم على ما روى من اية الرجم من قوله الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله وان كان ذلك مما أنزله الله والحكم باق بلا خلاف وكذلك روى تتابع صيام كفارة اليمين في قراءة عبد الله بن مسعود لأنه قد نسخ التلاوة والحكم باق عند من يقول بذلك واما نسخهما معا فمثل ما روى عن عايشة انها قالت كان فيما أنزله تعالى عشرة رضعات يحرمن ثم نسخت بخمس فجرت بنسخة تلاوة وحكما وانما ذكرنا هذه المواضع على جهة المثال ولو لم يقع شئ منها لما أخل بجواز ما ذكرناه وصحته لان الذي أجاز ذلك ما قدمناه من الدليل وذلك كاف في هذا الباب " اهـ.[18]
وقال الطبرسي: " والنسخ في القرآن على ضروب، منها: أن يرفع حكم الآية وتلاوتها، كما روي عن أبي بكر أنه قال: كنا نقرأ (لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم).
ومنها: أن تثبت الآية في الخط، ويرفع حكمها كقوله (وإن فاتكم شئ من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم) الآية. فهذه ثابتة اللفظ في الخط، مرتفعة الحكم.
ومنها ما يرتفع اللفظ، ويثبت الحكم، كآية الرجم، فقد قيل: إنها كانت منزلة، فرفع لفظها. وقد جاءت أخبار كثيرة بأن أشياء كانت في القرآن، فنسخ تلاوتها. فمنها ما روي عن أبي موسى، أنهم كانوا يقرأون: " لو أن لابن آدم واديين من مال، لابتغى إليهما ثالثا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب " ثم رفع. وعن انس أن السبعين من الأنصار الذين قتلوا ببئر معونة، قرأنا فيهم كتابا. " بلغوا عنا قومنا إنا لقينا ربنا فرضي عنا، وأرضانا) ثم إن ذلك رفع " اهـ.[19]
وقال القطب الراوندي: " فالنسخ حقيقته كل دليل شرعي دل على أن مثل الحكم الثابت بالنص الأول غير ثابت فيما بعد على وجه لولاه لكان ثابتا بالنص الأول مع تراخيه عنه. والنسخ في الشرع على ثلاثة أقسام : نسخ الحكم دون اللفظ، ونسخ اللفظ دون الحكم، ونسخهما معا. فالأول كقوله (يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال ان يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وان يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا انهم قوم لا يفقهون * الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فان يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين). فكان الفرض الأول وجوب ثبوت الواحد للعشرة، فنسخ بثبوت الواحد للاثنين، فحكم الآية الأولى منسوخ وتلاوتها ثابتة. ونحوها آية العدة والفدية وغير ذلك. والثاني كآية الرجم، فقد روي أنها كانت منزلة (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة فإنهما قضيا الشهوة جزاءا بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم) فرفع لفظها وبقي حكمها. والثالث ما هو مجوز ولم يقطع بأنه كان، وقد روي عن أبي بكر أنه قال: كنا نقرأ (لا ترغبوا عن آبائكم فهو كفر). واعلم أن سبيل النسخ سبيل سائر ما تعبد الله به وشرعه على حسب ما يعلم من المصلحة فيه، فإذا زال الوقت الذي تكون المصلحة مقرونة به زال بزواله، وذلك مشروط بما في المعلوم من المصلحة به، وهذا كاف في ابطال قول من أبى النسخ. ومعنى الآية: ما نبدل من آية أو نتركها أو نؤخرها نأت بخير منها لكم في التسهيل كالأمر بالقتال أو مثلها كالتوجه إلى القبلة " اهـ. [20]
وقال الشريف المرتضى: " فصل في جواز نسخ الحكم دون التلاوة ونسخ التلاوة دونه. اعلم أن الحكم والتلاوة عبادتان يتبعان المصلحة، فجائز دخول النسخ فيهما معا، وفي كل واحدة دون الأخرى، بحسب ما تقتضيه المصلحة. ومثال نسخ الحكم دون التلاوة ونسخ الاعتداد بالحول، وتقديم الصدقة أمام المناجاة. ومثال نسخ التلاوة دون الحكم غير مقطوع به، لأنه من جهة خبر الآحاد، وهو ما روى أن من جملة القرآن (والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة) فنسخت تلاوة ذلك. ومثال نسخ الحكم والتلاوة معا موجود - أيضا - في أخبار الآحاد، وهو ما روي عن عايشة أنها قالت: (كان فيما أنزل الله - سبحانه - (عشر رضعات يحرمن) فنسخ بخمس، وأن ذلك كان يتلى " اهـ. [21]
1 - تهذيب اللغة – محمد بن أحمد بن الأزهري – ج 2 ص 445.
2 - لسان العرب – محمد بن مكرم بن منظور - ج 3 ص 61.
3 - التعريفات – علي بن محمد بن علي الزين الشريف الجرجاني - ص 309.
4 - الورقات – ابو المعالي عبد الملك بن عبد الله الجويني - ص 21.
5 - مباحث في علوم القرآن - مناع بن خليل القطان - ص 237 – 238.
6 - تفسير السمعاني - أبو المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار السمعاني– ج 1 ص 121.
7 - تفسير المنار - محمد رشيد بن علي رضا الحسيني – ج 1 ص 341.
8 - تفسير الألوسي – ابو الثناء محمود بن عبد الله الحسيني الالوسي - ج 10 ص 301.
9 - نواسخ القرآن – ابو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي – ص 119.
10 - كشف المشكل من حديث الصحيحين – عبد الرحمن بن علي بن الجوزي - ج 1 ص 64.
11 - الابهاج في شرح المنهاج – تقي الدين علي بن عبد الكافي السبكي وولده تاج الدين – ج 2 ص 241 – 242.
12 - الناسخ والمنسوخ – ابو محمد علي بن احمد بن حزم - ص 9.
13 - الناسخ والمنسوخ - هبة الله بن سلامة – ص 1.
14 - مناهل العرفان في علوم القرآن - محمد عبد العظيم الزُّرْقاني - ج 2 ص 214 - 216.
15 - نواسخ القرآن – عبد الرحمن بن علي بن الجوزي – ص 76 – 78.
16 - التبيان - الطوسي – ج 1 ص 393 – 395.
17 - التبيان – الطوسي – ج 1 ص 13.
18 - عدة الأصول - الطوسي - ج 3 ص 36 – 37.
19 - مجمع البيان - الطبرسي - ج 1 ص 338.
20 - فقه القرآن - القطب الراوندي - ج 1 - ص 204 – 205.
21 - الذريعة - الشريف المرتضى - ج 1 ص 428 – 429.
شبهات وردود
الشبهة الاولى:
القرآن ألف ألف حرف وسبعة وعشرون ألف حرف فمن قرأه صابرا محتسبا كان له بكل حرف زوجة من الحور العين.
الرد:
هذه الرواية باطلة ولا تصُح، إليكم تحقيقها:
القرآن ألف ألف حرف وسبعة وعشرون ألف حرف، فمن قرأه صابرا محتسبا كان له بكل حرف زوجة من الحور العين. الراوي: عمر بن الخطاب - المحدث: الذهبي - المصدر: ميزان الاعتدال - الصفحة أو الرقم: 3/639
خلاصة الدرجة: باطل.
القرآن ألف ألف حرف وسبعة وعشرون ألف حرف فمن قرأه صابرا محتسبا كان له بكل حرف زوجة من الحور العين.
الراوي: عمر بن الخطاب - المحدث: الهيثمي - المصدر: مجمع الزوائد - الصفحة أو الرقم: 7/166
خلاصة الدرجة: ضعيف، [فيه] محمد بن عبيد بن آدم بن أبي إياس ذكره الذهبي في الميزان لهذا الحديث ولم أجد لغيره في ذلك كلاما وبقية رجاله ثقات الا أن الذهبي ضعفه.
القرآن ألف ألف حرف، وسبعة وعشرون ألف حرف، فمن قرأه صابرا محتسبا ؛ كان له بكل حرف زوجة من الحور العين.
الراوي: عمر بن الخطاب - المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الضعيفة - الصفحة أو الرقم: 4073
خلاصة الدرجة: باطل.
بالخلاصة: الرواية ليست حجة علينا لأنها ساقطة سندا ومتنا.
القرآن الذي عدد آياته 6236 تقريبا هو عند علماء الشيعة 17000 آية !!!!
6236 – 17000 = أين باقي الآيات ؟
هاكم الدليل:
كتاب الكافي الجزء 2 صفحة 634 باب النوادر علي بن الحكم، عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن القرآن الذي جاء به جبرائيل عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وآله سبعة عشر ألف آية.
الرواية صحيحة وصححها المجلسي بل دافع عنها مستميتا:
قال المجلسي موثقا لرواية أن عدد آيات القرآن عند الإمامية 17 ألف آية: ولا يخفى أن هذا الخبر وكثير من الأخبار الصحيحة صريحة في نقص القرآن وتغييره وعندي أن الأخبار في هذا الباب متواترة معنى، وطرح جميعها يوجب رفع الاعتماد عن الأخبار رأساً، بل ظني أن الأخبار في هذا الباب لا يقصر عن أخبار الإمامة فكيف يثبتونها بالخبر ؟ " أي كيف يثبتون الإمامة بالخبر إذا طرحوا أخبار التحريف؟)
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج 12، ص: 525)
(الحديث الثامن والعشرون)
ونجد عبد الحسين المظفر يقول: "إنه موثق كالصحيح" [الشافي شرح أصول الكافي: 7/227.].
وكذلك فقد قال "المازندراني" [محمد صالح بن أحمد المازندراني توفي سنة (1081ه) أو (1086ه).] شارح الكافي: "إن القرآن ستة آلاف وخمسمائة".. والزائد على ذلك مما سقط بالتحريف" [شرح جامع (للكافي): 11/76.]
الشبهة الثانية:
عن أبي بن كعب قال: كأين تعد سورة الاحزاب؟ قلت إثنين وسبعين آية أو ثلاثة وسبعين آية قال: إن كانت لتعدل سورة البقرة وإن كنا لنقرأ فيها آية الرجم!! قلت وما آية الرجم؟ قال: إذا زنا الشيخ والشيخة فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم.. راجع النص في منتصف هذه الصفحة من كتاب الاتقان للسيوطي
الرد:
وأوردها السيوطي في كتابة الاتقان تحت عنوان ما نسخ تلاوته دون حكمه([349]).
فالسيوطي عندما ذكرها لم يذكرها على أساس أنها تحريف ولكن على أساس أنها منسوخه
أما قولنا عن آية الرجم فكما قال علماء المسلمين ومنهم " السيوطي " ان آية الرجم " الشيخ والشيخة إذا زنيا " هي آية نسخت تلاوتها وقد اعترف بهذا النسخ كبار علماء الشيعة ومنهم:
أبو على الفضل الطبرسي: قال النسخ في القرآن على ضروب ومنها ما يرتفع اللفظ ويثبت الحكم كآية الرجم ([350]).
ابو جعفر محمد الطوسي الملقب بشيخ الطائفة: قال النسخ في القرآن من أقسام ثلاثة: منها ما نسخ لفظه دون حكــمه كآية الرجم وهي قوله " والشيخ والشيخة إذا زنيا" ([351]).
مال الدين عبد الرحمن العتائقي الحلي (من علماء المئة الثامنة): المنسوخ على ثلاث ضروب: منها ما نسخ خطه وبقى حكمه فما روى من قوله " الشيخ والشيخة إذا زنيا فأرجموهما البته نكالاً من الله " ([352]).
محمد علي: انواع المنسوخ ثلاثة: منها ما نسخ خطه وبقى حكمه كآية الرجم ([353])
وذكر الكليني آية الرجم في الكافي وقال محقق الكافي علي أكبر الغفاري نسخـت تلاوتها ([354]).
محمد باقر المجلسي: صحح رواية آية الرجم التي بالكافي وقال وعدت هذه الآية مما نسخت تلاوتها دون حكمها ([355]).
الشبهة الثالثة:
مصحف بن مسعود فيه سورتين غير موجودة في قرآننا وهما سورتي الحفد والخلع.
الرد:
ما جاء في سورتي الخلع والحفد في مصحف ابن عباس وأبي بن كعب: " اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك، اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك الجد بالكافرين ملحق "
وقد أوردها السيوطي تحت عنوان ما نسخ تلاوته دون حكمه ([الإتقان جـ2 ص 721 ])
وقال السيوطي قال الحسين بن المنادي في كتابه " الناسخ والمنسوخ " ومما رفع رسمه من القرآن ولم يرفع من القلوب حفظه سورتا القنوت في الوتر وتسمى سورتين الخلع والحفد (أي ان هاتين السورتين نسخت تلاوتهما).
الشبهة الرابعة:
حدثنا أبو سلمة يحيى بن خلف حدثنا عبد الأعلى عن محمد بن إسحق عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة وعن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت: لقد نزلت آية الرجم ورضاعة الكبير عشرا ولقد كان في صحيفة تحت سريري فلما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وتشاغلنا بموته دخل داجن فأكلها.
الرد:
هذه الرواية منكرة ولا تصح
وقد وردت عند ابن ماجه(1944): حدثنا أبو سلمة يحيى بن خلف ثنا عبد الأعلى عن محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة وعن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت لقد نزلت آية الرجم ورضاعة الكبير عشرا ولقد كان في صحيفة تحت سريري فلما مات رسول الله وتشاغلنا بموته دخل داجن فأكلها.
أخرجه أحمد (6/269) وأبو يعلى في المسند(4587) والطبراني في الأوسط (8/12) وغيرهم من طريق محمد بن إسحاق قال حدثني عبدالله بن أبي بكر بن حزم عن عمرة بنت عبدالرحمن عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم به
والعلة في هذا الحديث هو محمد بن إسحاق فقد اضطرب في هذا الحديث وخالف غيره من الثقات
وهذا الحديث يرويه ابن إسحاق على ألوان فمرة يرويه عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة ومرة يرويه عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة
ومرة يرويه عن الزهري عن عروة عن عائشة كما عند أحمد (6/269) وليس فيه هذه اللفظة المنكرة.
وفي كل هذه الروايات تجد أن محمد بن إسحاق قد خالف الثقات في متن الحديث فلا شك أنها رواية منكرة ولا تصح ومنكرة
وهذه بعض أقوال أهل العلم في حديث محمد بن إسحاق في غير المغازي والسير:
قال يعقوب بن شيبة: سمعت ابن نمير - وذكر ابن اسحاق - فقال(إذا حدث عمن سمع منه من المعروفين فهو حسن الحديث صدوق، وإنما أتى من أنه يحدث عن المجهولين أحاديث باطلة [تاريخ بغداد للخطيب (1/277)
وقال عبدالله بن أحمد بن حنبل قيل لأبي يحتج به - يعني ابن اسحاق - قال(لم يكن يحتج به في السنن)
وقيل لأحمد: إذا انفرد ابن اسحاق بحديث تقبله قال لا والله إني رأيته يحدث عن جماعة بالحديث الواحد ولا يفصل كلام ذا من كلام ذا - سير(7/46)
وقال أحمد(وأما ابن اسحاق فيكتب عنه هذه الأحاديث –يعني المغازي ونحوها - فإذا جاء الحلال والحرام أردنا قوماً هكذا - قال أحمد ابن حنبل - بيده وضم يديه وأقام الإبهامين)تاريخ ابن معين(2/504 - 55)
وقال الذهبي في السير(7/41)[وأما في أحاديث الأحكام فينحط حديثه فيها عن رتبة الصحة إلى رتبة الحسن إلا فيما شذ فيه، فإنه يعد منكراً]
وقال الذهبي في العلوصـ39 [وابن اسحاق حجة في المغازي إذا أسند وله مناكير وعجائب] ا هـ
كلام الامام ابن حزم رحمه الله في رواية الداجن: لأن آية الرجم إذ نزلت حفظت، وعرفت، وعمل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أنه لم يكتبها نساخ القرآن في المصحف، ولا أثبتوا لفظها في القرآن، وقد سأل عمر بن الخطاب ذلك - كما أوردنا - فلم يجبه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ذلك. فصح نسخ لفظها وبقيت الصحيفة التي كتبت فيها - كما قالت عائشة رضي الله عنها - فأكلها الداجن، ولا حاجة بأحد إليها. وهكذا القول في آية الرضاعة ولا فرق.
وبرهان هذا: أنهم قد حفظوها كما أوردنا، فلو كانت مثبتة في القرآن لما منع أكل الداجن للصحيفة من إثباتها في القرآن من حفظهم - وبالله تعالى التوفيق. فبيقين ندري أنه لا يختلف مسلمان في أن الله تعالى افترض التبليغ على رسوله صلى الله عليه وسلم وأنه - عليه الصلاة والسلام - قد بلغ كما أمر، قال الله تعالى (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته).
وقال تعالى (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون). وقال تعالى (سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله) وقال تعالى (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها) فصح أن الآيات التي ذهبت لو أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبليغها لبلغها، ولو بلغها لحفظت، ولو حفظت ما ضرها موته، كما لم يضر موته - عليه السلام - كل ما بلغ فقط من القرآن، وإن كان عليه السلام لم يبلغ، أو بلغه فأنسيه هو والناس، أو لم ينسوه، لكن لم يأمر - عليه السلام - أن يكتب في القرآن فهو منسوخ بيقين من عند الله تعالى، لا يحل أن يضاف إلى القرآن. المحلى / كتاب الحدود.
الشبهة الخامسة:
حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب حدثني عروة أن المسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن عبد القاري حدثاه أنهما سمعا عمر بن الخطاب يقول : سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستمعت لقراءته فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فكدت أساوره في الصلاة فتصبرت حتى سلم فلببته بردائه فقلت من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ قال أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت كذبت أقرأنيها على غير ما قرأت فانطلقت به أقوده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها فقال أرسله اقرأ يا هشام فقرأ القراءة التي سمعته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك أنزلت ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرأ يا عمر فقرأت التي أقرأني فقال كذلك أنزلت إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه
الرد:
ليس في الأمر إشكال لأن أقصى ما يحتج به النصارى والشيعة على أهل السنة هي روايات النسخ أو القراءات
وهذه الشبهة من القراءات والرد عليها فيما يلي:
ثبت أيضاً في الصحيحين عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أقرأني جبريل على حرف، فلم أزل أستزيده حتى انتهى إلى سبعة أحرف).
قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى في معنى "الأحرف" [التمهيد، لابن عبد البر: 8/281[: (وقالوا إنما معنى السبعة الأحرف؛ سبعة أوجه من المعاني المتفقة المتقاربة بألفاظ مختلفة، نحو؛ أقبل وتعال وهلم، وعلى هذا الكثير من أهل العلم.
فأما الآثار المرفوعة فمنها - وساق بسنده - : أن أبا جهيم الأنصاري قال: إن رجلين اختلفا في آية من القرآن، فقال أحدهما: تلقيتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال الآخر: تلقيتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم. فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها فقال: "إن القرآن نزل على سبعة أحرف، فلا تماروا في القرآن، فإن المراء فيه كفر".
وساق بسنده عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنزل القرآن على سبعة أحرف، لكل آية منها ظهر وبطن ولكل حد ومطلع".
وروى حماد بن سلمة قال: أخبرني حميد عن أنس عن عبادة بن الصامت عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أنزل القرآن على سبعة أحرف".
وقال القرطبي رحمه الله تعالى في تفسير هذه الأحرف [تفسير القرطبي: 1/42]: (الذي عليه أكثر أهل العلم - كسفيان بن عيينة وعبد الله بن وهب والطبري والطحاوي وغيرهم - إن المراد؛ سبعة أوجه في المعاني المتقاربة بألفاظ مختلفة، نحو أقبل وتعال وهلم.
قال الطحاوي: وأبين ما ذكر في ذلك حديث أبي بكرة؛ قال جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اقرأ على حرف، فقال ميكائيل: استزده، فقال: اقرأ على حرفين، فقال ميكائيل: استزده، حتى بلغ إلى سبعة أحرف، فقال: اقرأ، فكل شاف كاف، إلا أن تخلط آية رحمة بآية عذاب، أو آية عذاب بآية رحمة، على نحو هلم وتعال وأقبل، واذهب وأسرع وعجل.
وقال:: إنما كانت السعة للناس في الحروف لعجزهم عن أخذ القرآن لأنهم كانوا أميين لا يكتب إلا القليل منهم... فوسع لهم في اختلاف الألفاظ إذا كان المعنى متفقاً، فكانوا كذلك حتى كثر منهم من يكتب وعادت لغاتهم إلى لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدروا بذلك على تحفظ ألفاظه، فلم يسعهم حينئذ أن يقرؤوا بخلافها.
قال ابن عبد البر: فبان بهذا أن تلك السبعة الأحرف إنما كان في وقت خاص لضرورة دعت إلى ذلك ثم ارتفعت تلك الضرورة فارتفع حكم هذه السبعة الأحرف وعاد ما يقرأ به القرآن على حرف واحد.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية الفتاوى: 13/389: لا نزاع بين العلماء المعتبرين أن الأحرف السبعة التي ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن القرآن أنزل عليها ليست هي قراءات القراء السبعة المشهورة بل، أول من جمع قراءات هؤلاء هو الإمام أبو بكر بن مجاهد وكان على رأس المائة الثالثة ببغداد...). إلى أن قال: (ولا نزاع بين المسلمين أن الحروف السبعة التي أنزل القرآن عليها لا تتضمن تناقض المعنى وتضاده، بل قد يكون معناها متفقاً أو متقارباً، كما قال عبد الله بن مسعود: "إنما هو كقول أحدكم؛ أقبل وهلم وتعال"، وقد يكون معنى أحدهما ليس هو معنى الآخر، لكن كلا المعنيين حق، وهذا اختلاف تنوع وتغاير، لا اختلاف تضاد وتناقض، وهذا كما جاء في الحديث المرفوع عن النبي في هذا حديث: "أنزل القرآن على سبعة أحرف، إن قلت: غفوراً رحيماً، أو قلت: عزيزاً حكيماً، فالله كذلك، ما لم تختم آية رحمة بآية عذاب أو آية عذاب بآية رحمة"... ومن القراءات ما يكون المعنى فيها متفقاً من وجه، متبايناً من وجه، كقوله (يخدعون) و (يخادعون) و (يكذبون) و (يكذبون) و (لمستم) و (لامستم) و (حتى يطهُرن) و (يطَّهّرن)، ونحو ذلك، فهذه القراءات التي يتغاير فيها المعنى كلها حق، وكل قراءة منها مع القراءة الأخرى بمنزلة الآية مع الآية، يجب الإيمان بها كلها، واتباع ما تضمنته من المعنى علماً وعملاً، لا يجوز ترك موجب إحداهما لأجل الأخرى ظناً أن ذلك تعارض، بل كما قال عبد الله بن مسعود رضى الله عنه: "من كفر بحرف منه فقد كفر به كله"...
ولذلك لم يتنازع علماء الإسلام المتبوعين من السلف والأئمة في أنه لا يتعين أن يقرأ بهذه القراءات المعينة في جميع أمصار المسلمين، بل من ثبت عنده قراءة الأعمش شيخ حمزة أو قراءة يعقوب بن إسحق الحضرمي ونحوهما، كما ثبت عنده قراءة حمزة والكسائي، فله أن يقرأ بها بلا نزاع بين العلماء المعتبرين المعدودين من أهل الإجماع والخلاف.
بل أكثر العلماء الأئمة الذين أدركوا قراءة حمزة كسفيان بن عيينة وأحمد بن حنبل وبشر بن الحارث وغيرهم؛ يختارون قراءة أبى جعفر بن القعقاع وشيبة بن نصاح المدنيين وقراءة البصريين كشيوخ يعقوب بن اسحق وغيرهم على قراء حمزة والكسائي.
وللعلماء الأئمة في ذلك من الكلام ما هو معروف عند العلماء، ولهذا كان أئمة أهل العراق الذين ثبتت عندهم قراءات العشرة أو الأحد عشر كثبوت هذه السبعة يجمعون ذلك في الكتب، ويقرؤونه في الصلاة وخارج الصلاة، وذلك متفق عليه بين العلماء لم ينكره أحد منهم.
الشبهة السادسة:
عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت: كانت سورة الاحزاب تقرأ في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مائتي آية فلما كتب عثمان المصاحف لم نقدر منها إلا ما هو الان (وسورة الاحزاب عدد سورها الان 73 آية فأين ذهبت بقية الآيات؟!! راجع الرواية في كتاب الاتقان في علوم القرآن للسيوطي منتصف هذه الصفحة......... وجد في مصحف عائشة: إنّ الله وملائكته يُصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما وعلى الذين يُصلون الصفوف الأول.
الرد:
مما نسخ من القرآن.
قال علي الطبرسي عن النسخ ما نصه: ثالثا ان يكون معنى التأخير ان ينزل القرآن فيعمل به ويتلى، ثم يأخر بعد ذلك بأن ينسخ فيرفع تلاوته البتة ويمحى فلا تنسأ ولا يعمل بتأويله مثل ما روي عن زر بن حبيش ان ابياً قال له كم تقرأون الأحزاب
قال بضعاً وسبعين آية، قال قد قرأتها ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أطول من سورة البقرة (مجمع البيان جـ 1 ص 409 شرح آية 106 من سورة البقرة)
أيضا الطوسي قال: وقد جاءت أخبار متظافرة بأنه كانت أشياء في القرآن نسخت تلاوتها وعددها وذكر منها ان سورة الأحزاب كانت تعادل سورة البقرة في الطول (التبيان جـ 1 ص 394 شرح آية 106 من سورة البقرة).
الشبهة السابعة:
حدثنا أحمد ابن أبي رجاء حدثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يقرأ في سورة بالليل فقال يرحمه الله لقد أذكرني كذا وكذا آية كنت أنسيتها من سورة كذا وكذا.
الرد:
قال ابن حجر العسقلاني: قوله في الرواية الثالثة (كنت أنسيتها) هي مفسرة لقوله " أسقطتها " فكأنه قال أسقطتها نسيانا لا عمدا، وفي رواية معمر عن هشام عند الإسماعيلي " كنت نسيتها " بفتح النون ليس قبلها همزة قال الإسماعيلي: النسيان من النبي صلى الله عليه وسلم لشيء من القرآن يكون على قسمين: أحدهما نسيانه الذي يتذكره عن قرب، وذلك قائم بالطباع البشرية، وعليه يدل قوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن مسعود في السهو " إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون " والثاني أن يرفعه الله عن قلبه على إرادة نسخ تلاوته، وهو المشار إليه بالاستثناء في قوله تعالى (سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله) قال: فأما القسم الأول فعارض سريع الزوال لظاهر قوله تعالى (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) وقوله تعالى (إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ) وأما الثاني فداخل في قوله تعالى (ما ننسخ من آية أو ننسها).
قال التيجاني: كما ذكر صاحب كتاب مقالات الإسلاميين نقلا عن الإمام الأشعري وهو إمام أهل السنة والجماعة في الأصول قوله: إن السنة تنسخ القرآن وتقضي عليه وأن القرآن لا ينسخ السنة ولا يقضي عليه.
هذا الكلام جمع جهلا وكذبا. فاستمعوا معاشر الشيعة إلى يدعي أنه كان من أهل السنة كيف أنه من أجهل خلق الله.
أما الجهل ففي قوله ذكر صاحب كتاب مقالات الإسلاميين نقلا عن الإمام الأشعري. فياليت شعري هل لنا أن نسأل التيجاني من صاحب كتاب مقالات الإسلاميين حتى ينقل عن الأشعري؟
إن الأشعري هوصاحب كتاب مقالات الإسلاميين!
وأما الكذب فمن وجوه.
-
قوله إن الأشعري هوإمام أهل السنة والجماعة في الأصول ويعني بالأصول العقيدة، هذا الكلام غير صحيح بل هذا قول الأشاعرة وأما أهل السنة والجماعة فإمامهم محمد بن عبد الله رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعده أصحابه ثم أئمة التابعين وتابع التابعين.
-
والذي اشتهر بأنه إمام أهل السنة أحمد بن حنبل وهذا لا يخفى على التيجاني. قال: واختلفوا في القرآن هل ينسخ إلا بقرآن؟ وفي السنة هل ينسخها القرآن فقال المختلفون في ذلك ثلاثة أقاويل.
أ - …قال بعضهم لا ينسخ إلا بقرآن مثله ولا يجوز أن ينسخ شيء من القرآن بالسنة.
ب - …وقال آخرون السنة تنسخ القرآن وتقضي عليه والقرآن لا ينسخ السنة ولا يقضي عليها.
ج - وقال آخرون القرآن ينسخ السنة والسنة لا تنسخ القرآن.
د - وقال آخرون القرآن والسنة حكمان من حكم الله العلم والعمل بهماعلى الخلق واجب فجائز أن ينسخ الله القرآن بالسنة وأن ينسخ السنة بالقرآن [382].أهـ [382] - مقالات الإسلاميين 2/ 277.
هل القول بنسخ التلاوة من مخترعات أهل السنة؟..
هكذا ادعي الخوئي وغيره من علماء الشيعة المعاصرين!
ادعوا أنّ قول أهل السنة بنسخ التلاوة هو قول بالتحريف، واستنكروا نسخ التلاوة جداً، بل راح بعضهم يستهزأ بهذا الحكم الشرعي كالمدعو المفيد في شبكة هجر والإصلاح.
لكن يبقى السؤال (هل القول بوقوع (نسخ التلاوة) من مخترعات أهل السنة؟
أقول بعد (بسم الله الرحمن الرحيم):
هذه الأدلة الدامغة على جرم من ينكر (نسخ التلاوة) ويدّعي أنه من منفردات أهل السنة.
يقول القطب الراوندي في كتابه (فقه القرآن) ج1 ص204: (والنسخ في الشرع على ثلاثة أقسام: نسخ الحكم دون اللفظ، ونسخ اللفظ دون الحكم، ونسخهما معاً).
ويقول العلامة الحلي في كتابه (قواعد الأحكام) ج1 ص210: (فروع أ: الكافر المجنب يجب عليه الغسل، وشرط صحته الاسلام، ولا يسقط بإسلامه ولا عن المرتد، ولو ارتد المسلم بعد غسله لم يبطل، ب: يحرم مس المنسوخ حكمه خاصة، دون المنسوخ تلاوته خاصة).
ويقول الشيخ الطوسي في كتابه (التبيان) ج 1 ص 394: (واختلفوا في كيفية النسخ على أربعة اوجه: - قال قوم: يجوز نسخ الحكم والتلاوة من غير افراد واحد منهما عن الآخر. - وقال آخرون: يجوز نسخ الحكم دون التلاوة. - وقال آخرون: يجوز نسخ القرآن من اللوح المحفوظ، كما ينسخ الكتاب من كتاب قبله. - وقالت فرقة رابعة: يجوز نسخ التلاوة وحدها، والحكم وحده، ونسخهما معا - وهو الصحيح - وقد دللنا على ذلك، وافسدنا سائر الاقسام في العدة في اصول الفقه).
ويقول العلامة الحلي في كتابه (مبادئ الوصول) ص 181: (البحث الرابع " في: ما يجوز نسخه " يجوز: نسخ الشئ إلى غير بدل، كالصدقة أمام المناجاة وإلى ما هو أثقل ونسخ التلاوة دون الحكم، وبالعكس).
ويقول المحقق الحلي في كتابه (معارج الأصول) ص 170: (المسألة السادسة: نسخ الحكم دون التلاوة جائز، وواقع، كنسخ الاعتداد بالحول، وكنسخ الامساك في البيوت. كذلك نسخ التلاوة مع بقاء الحكم جائز، وقيل: واقع، كما يقال انه كان في القرآن زيادة نسخت، وهذا و (ان لم يكن) (3) معلوما، فانه يجوز. لا يقال: لو نسخ الحكم (لما) بقى في التلاوة فائدة، فانه من الجائز أن يشتمل على مصلحة تقتضي ابقائها، وأما بطلان دلالتها فلا نسلم، فان الدلالة باقية على الحكم، نعم لا يجب العمل به).
ويقول العلامة الحلي في كتابه (منتهى المطلب) - الطبعة القديمة - ج1 ص77:، ج2 ص156: (الثاني عشر: المنسوخ حكمه خاصة يحرم مسه لانه حرمة القرآن والمنسوخ تلاوته لا يجوز مسه وإن بقى حكمه لخروجه عن كونه قرآنا).
ويقول أيضاً في الكتاب ذاته - الطبعة الجديدة - ج2 ص223: (أما المنسوخ حكمه وتلاوته، أو المنسوخ تلاوته، فالوجه أنه يجوز لهما مسهما، لأن التحريم تابع للاسم قد خرجا بالنسخ عنه فيبقى على الأصل).
ويقول في كتابه (تحرير الأحكام) - الطبعة القديمة - ج 1 ص 11: (لا يجوز للمحدث مس كتابة القرآن ويجوز لمس هامشه فلا فرق بين المنسوخ حكمه وغيره اما المنسوخ تلاوته فيجوز لمسه ط من دام به السلس يتوضأ لكل صلوة ومن به البطن إذا تجدد حدثه في الصلوة).
ويقول أيضاً في الكتاب ذاته - الطبعة الجديدة - ج 1 ص 83: (الثامن: لا يجوز للمحدث مس كتابة القرآن، ويجوز لمس هامشه، ولا فرق بين المنسوخ حكمه وغيره، أما المنسوخ تلاوته فيجوز لمسه).
ويقول ابن العلامة في كتابه (إيضاح الفوائد) ج 1 ص 48 (الأول) الكافر المجنب يجب عليه الغسل، وشرط صحته الاسلام، ولا يسقط بإسلامه، ولا عن المرتد ولو ارتد المسلم بعد غسله لم يبطل، (الثاني) يحرم مس المنسوخ حكمه خاصة، دون المنسوخ تلاوته خاصة).
ويقول المحقق الكركي في كتابه (جامع المقاصد) ج 1 ص 270: (فروع:
أ: الكافر المجنب يجب عليه الغسل، وشرط صحته الاسلام، ولا يسقط بإسلامه، ولا عن المرتد. ولو ارتد المسلم بعد غسله لم يبطل.
ب: يحرم مس المنسوخ حكمه خاصة دون المنسوخ تلاوته خاصة، فأما المنسوخ حكمه وتلاوته، كما روي عن عائشة، أنه كان في القرآن عشر رضعات محرمات فنسخت، فلا يحرم مسه، وكذا المنسوخ تلاوته دون حكمه، كآية الشيخ والشيخة، وهي: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزير حكيم، فإن حكمها باق وهو وجوب الرجم إذا كانا محصنين. ويوشك أن يكون بعض ما روي من قراءة ابن مسعود من هذا النوع، وإنما لم يحرم مس هذين لأن تحريم المس تابع للاسم، وقد خرجا بنسخ التلاوة عنه، فيبقى على الأصل. وأما المنسوخ حكمه دون تلاوته فكثير، مثل آية الصدقة، وآية وجوب ثبات عشرين لمائتين ونحو ذلك).
ويقول الشهيد الثاني في كتابه (روض الجنان) ص 50: (ولا يخفى إن التحريم من باب خطاب الشرع المختص بالمكلف فلا يمنع الصبى منه لعدم التكليف نعم يستحب للولى منعه تمرينا ولا فرق بين المنسوخ حكمه منه وغيره دون المنسوخ تلاوته ولا يلحق بالقرآن الكتب الدينية كالحديث أو شئ مكتوب عليه اسم الله تعالى ولو كان على درهم أو دينار أو غيرهما ولا فرق بين المنسوخ حكمه منه وغيره دون المنسوخ تلاوته ولا يلحق بالقرآن الكتب الدينية كالحديث أو شئ مكتوب عليه اسم الله تعالى).
ويقول السيد المرتضى في كتابه (الذريعة) ج 1 ص 428 - 429 (فصل في جواز نسخ الحكم دون التلاوة ونسخ التلاوة دونه اعلم أن الحكم والتلاوة عبادتان يتبعان المصلحة، فجائز دخول النسخ فيهما معا، وفي كل واحدة دون الاخرى، بحسب ما تقتضيه المصلحة. ومثال نسخ الحكم دون التلاوة ونسخ الاعتداد بالحول، وتقديم الصدقة أمام المناجاة. ومثال نسخ التلاوة دون الحكم غير مقطوع به، لانه من جهة خبر الآحاد، وهو ما روى أن من جملة القرآن (والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة) فنسخت تلاوة ذلك. ومثال نسخ الحكم والتلاوة معا موجود - أيضا - في أخبار الآحاد، وهو ما روي عن عايشة أنها قالت: (كان فيما أنزل الله - سبحانه - (عشر رضعات يحرمن) فنسخ بخمس، وأن ذلك كان يتلى).
ويقول المحقق الخوانساري في كتابه (مشارق الشموس) ج 1 ص 15: (الخامس: المنسوخ تلاوته من القرآن دون حكمه غير داخل في حكمه ظاهر أو العكس بالعكس).
ويقول أيضاً في الكتاب ذاته ج 1 ص 166: - (ويجوز مس الكتب المنسوخة) للاصل وعدم معارض (وما نسخ تلاوته) من القرآن للاصل أيضا وعدم صدق القرآن عليه عرفاً).
ويقول الفاضل الهندي في كتابه (كشف اللثام) الطبعة الجديدة - ج 2 ص 42: (ب: يحرم) عليه (مس المنسوخ حكمه خاصة) أي دون تلاوته لبقاء قرآنيته (دون المنسوخ) حكمه وتلاوته، أو (تلاوته خاصة) لخروجه عنها).
ويقول السيد محمد جواد العاملي في كتابه (مفتاح الكرامة) ج 3 ص 96: (الثاني: يحرم مس المنسوخ حكمه خاصة دون المنسوخ تلاوته خاصة).
ويقول المحقق البحراني في موسوعته (الحدائق الناضرة) ج 2 ص 125: - (الخامس) - الظاهر شمول التحريم لما نسخ حكمه دون تلاوته، لبقاء الحرمة من جهة التلاوة، وصدق المصحف والقرآن والكتاب عليه، بخلاف ما نسخت تلاوته وان بقي حكمه، فانه لا يحرم مسه، لعدم الصدق. ولا اعرف خلافا في ذلك.
ويقول المحقق النراقي في كتابه (مستند الشيعة) ج 2 ص 219: - ب: لا تحريم في مس غير القرآن من الكتب المنسوخة، والتفسير، والحديث، وأسماء الحجج، ولا ما نسخ تلاوته من القرآن ! للأصل. دون نسخ حكمه دون تلاوته.
ويقول الشيخ الطوسي في كتابه (عدة الأصول) - الطبعة القديمة - ج 3 ص 36 - 37 تحت باب (فصل في ذكر جواز نسخ الحكم دون التلاوة ونسخ التلاوة دون الحكم) ما نصه (جميع ما ذكرناه جائز دخول النسخ فيه لان التلاوة إذا كانت عبادة والحكم عبادة اخرى جاز وقوع النسخ في احديهما مع بقاء الاخر كما يصح ذلك في كل عبادتين وإذا ثبت ذلك جاز نسخ التلاوة دون الحكم والحكم دون التلاوة فان قيل كيف يجوز نسخ الحكم مع بقاء التلاوة وهل ذلك الا نقض لكون التلاوة دلالة على الحكم لانها إذا كانت دلالة على الحكم فينبغي أن يكون دلالة ما دامت ثابتة والا كان نقضا على ما بيناه قيل له ليس ذلك نقضا لكونها دلالة لانها انما تدل على الحكم ما دام الحكم مصلحة واما إذا تغير حال الحكم وخرج من كونه مصلحة إلى غيره لم يكن التلاوة دلالة عليه وليس لهم أن يقولوا لا فايدة في بقاء التلاوة إذا ارتفع الحكم وذلك انه لا يمتنع ان يتعلق المصلحة بنفس التلاوة وان لم يقتض الحكم وإذا لم يمتنع ذلك جاز بقائها مع ارتفاع الحكم وليس لهم ان يقولوا ان هذا المذهب يؤدى إلى انه يجوز أن يفعل جنس الكلام بمجرد المصلحة دون الافادة وذلك مما تابونه لانا انما نمنع في الموضع الذي اشاروا إليه إذا اخلا الكلام من فايدة اصلا وليس كك بقاء التلاوة مع ارتفاع الكلام لانها افادة في الابتداء تعلق الحكم بها و قصد بها ذلك وانما تغيرت المصلحة في المستقبل في الحكم فنسخ وبقى التلاوة لما فيها من المصلحة وذلك يخالف ما سأل السائل عنه واما نسخ التلاوة مع بقاء الحكم فلا شبهة فيه لما قلناه من جواز تعلق المصلحة بالحكم دون التلاوة وليس لهم أن يقولوا ان الحكم قد ثبت بها فلا يجوز مع زوال التلاوة بقائه وذلك ان التلاوة دلالة على الحكم فليس في عدم الدلالة عدم المدلول عليه الا ترى ان انشقاق القمر ومجرى الشجرة دال على نبوة نبينا ولا يوجب عدمهما خروجه (ع) من كونه نبيا صلى الله عليه وآله كك القول في التلاوة والحكم ويفارق ذلك الحكم العلم الذي يوجب عدمه خروج العلم من كونه عالما لان العلم موجب لا انه دال واما جواز النسخ فيهما فلا شبهة ايضا فيه لجواز تغير المصلحة فيما وقد ورد النسخ بجميع ما قلناه لان الله تعالى نسخ اعتداد الحول بتربص اربعة اشهر وعشر أو نسخ التصدق قبل المناجات ونسخ ثبات الواحد للعشرة وان كانت التلاوة باقية في جميع ذلك وقد نسخ ابقاء التلاوة وبقى الحكم على ما روى من اية الرجم من قوله الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله، وان كان ذلك مما انزله الله والحكم باق بلا خلاف وكك روى تتابع صيام كفارة اليمين في قرائة عبدالله بن مسعود لانه قد نسخ التلاوة والحكم باق عند من يقول بذلك واما نسخهما معا فمثل ما روى عن عايشة انها قالت كان فيما انزله تعالى عشرة رصعات يحرمن ثم نسخت بخمس فجرت بنسخة تلاوة وحكما وانما ذكرنا هذه المواضع على جهة المثال ولو لم يقع شئ منها لما اخل بجواز ما ذكرناه وصحته لان الذي اجاز ذلك ما قدمناه من الدليل وذلك كاف في هذا الباب).
ويقول محمد رضا الأنصاري القمي في هامش كتاب عدة الأصول(ط.ج) - للشيخ الطوسي ج2 ص501)النسخ في الأخبار إما أن يكون لنسخ أصل الخبر أو لنسخ ودلوله وفائدته: أما الأول: أما أن يختص النسخ بتلاوته أو يتعلق بتكليفنا بذلك الخبر، بأن نكون قد كلفنا أن نخبر بشئ فينسخ عنا التكليف ووكل واحد من الأمرين جائز بين الاصوليين القائلين بجواز النسخ، لأن نسخ التلاوة مطلقا أو نسخ تكليف الأخبار يعدان من الأحكام الشرعية، فجاز أن يكون مصلحة في وقت فيثبته الشارع ومفسدة في آخر فينسخه، وهذا مما لا خلاف فيه وقد اتفق الجميع على إمكان ثبوته ونسخه، إنما الخلاف في أنه هل يجوز أن ينسخ تكلفنا بالأخبار عما لا يتغير بتكليفنا بالأخبار بنقيضه أم لا ؟ (
الخلاصة:
من السهل عليك أن تُطلق الكلام هكذا في الهواء وتفتري وتستهزأ لكن من المستحيل أن ينقلب باطلك حقاً، وهذه دلائل أهل السنة واضحة للعيان لمن أراد الحق وأراد أن يفتح عينيه لها. - محمد الخضر ..