شؤون خليجية - ريهام سالم
لم يعد الحديث عن أن إيران هي "العدو الحقيقي" لدول الخليج أمرًا يحتاج أن يطرحه خبراء أو محللون سياسيون، بل بات الحديث عن دورها العبثي بدول الخليج أمرًا واضحًا يذكره المسؤولون الرسميون وكل المقربين من دوائر صنع القرار، كما تعلنه البيانات الرسمية لدول الخليج، معلنين بذلك أنه أصبح يقينًا راسخًا لدى الجميع أن إيران عدو متربص يسعى لزعزعة استقرار المنطقة.
ووجهت دول الخليج (السعودية والإمارات والبحرين والكويت) اتهامات مباشرة لإيران بالعبث بأمن المنطقة، وأنها تسعى لتوسيع نفوذها مستخدمة أقليات شيعية، كما تتورط في أعمال عدائية ضد بلدانهم، وتشهد العلاقات الإيرانية السعودية توترًا منذ فترة طويلة، حيث تقود السعودية تحالفًا عربيًا ضد إيران، التي تسعى للتمدد في اليمن من خلال محاربة زراعها العسكري المتمثل في جماعة الحوثي "الشيعية المسلحة"، التي انقلبت على الشرعية باليمن.
الإمارات تتهم إيران بقتل جنودها
واتهم د. عبد الخالق عبد الله- أستاذ العلوم السياسية المقرب من دوائر صنع القرار بالإمارات- صراحة إيران بقتل الجنود الإماراتيين باليمن، وهددها قائلًا: "إن الصاروخ الذي أطلق على قوات الإمارات وأدى لاستشهاد ٤٥ من جنودها في اليمن هو صاروخ إيراني، وإيران مسؤولة مسؤولية كاملة عن استشهادهم وستدفع الثمن"، مضيفاً في تغريدات له على حسابه بتويتر: "إن الإمارات حزينة وغاضبة وسترد في الوقت والمكان المناسبين".
نزاع إماراتي إيراني على ثلاث جزر
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تخرج فيها الخلافات بين البلدين للعلن، حيث تتنازع إيران والإمارات منذ عقود بشأن ملكيتهما للجزر الثلاث "طنب الصغرى وطنب الكبرى وأبو موسى"، وتطالب أبوظبي الجانب الإيراني بإنهاء احتلاله لهذه الجزر التابعة لها، فيما تصر طهران على أن الجزر جزء لا يتجزأ من أراضيها.
وكان مجلس التعاون الخليجي قد أصدر في سبتمبر 2014، بيانًا في اجتماعه الثاني والثلاثين بعد المائة، أعلن استمرار دعمه للإمارات في قضية الجزر الثلاث، وطالب إيران بإنهاء احتلالها للجزر، وهو ما رفضته المتحدثة باسم وزارة الخارجية الإيرانية مرضية أفخم، مشيرة إلى أن البيان ينمّ عن "عدم إدراك للحقائق التاريخية والظروف الراهنة في المنطقة".
وحتى اليوم لم تجد إيران أي دعم رسمي من أية دولة يؤكد ملكيتها للجزر الثلاث، وعلى العكس من ذلك تقف دول العام إلى جانب الحق الإماراتي، فقد أعربت دول رئيسة ومنظمات مهمة أخرى حول العالم عن دعمها لموقف الإمارات من هذه القضية، ومن ضمنها الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، إلى جانب دول أوروبية مثل: تركيا، والبرازيل، كما أن هناك عددًا من الهيئات الأخرى متعددة الأطراف التي تدعم موقف الإمارات، من بينها الاتحاد الأوروبي واتحاد دول أمريكا الجنوبية.
وما زالت دولة الإمارات تواصل احتجاجها الشديد على الاحتلال الإيراني للجزر، وذلك في منتديات ومنظمات دولية متعددة، وتدعو إيران إلى إنهاء النزاع سلميًا إما عبر المفاوضات المباشرة، أو من خلال إحالة المسألة إلى محكمة العدل الدولية.
البحرين تتهم إيران بإشاعة الفوضى
وفي البحرين مشهد آخر يدلل على عدوان إيران وتسلطها بالمنطقة وسعيها لإشاعة الفوضى وتقويض أنظمة الحكم التي ارتضتها الشعوب، حيث تتهم المنامة، إيران بدعم حركة احتجاجات تقودها الغالبية الشيعية ضد الحكومة التي تطالب منذ 2011، بملكية دستورية كاملة في هذه الدولة الخليجية الحليفة لواشنطن، والتي تحكمها أسرة آل خليفة السنية، كما تشهد البحرين منذ شهور تفجيرات محدودة وهجمات ضد المساجد ورجال الشرطة، اتهمت السلطات البحرينية إيران بالوقوف وراءها.
وكان آخرها حادث تفجير قرية "كرانة" الذي وقع أواخر الشهر الماضي، وأسفر عن استشهاد أحد رجال الأمن وإصابة 4 آخرين، بينهم طفل كان برفقة ذويه.
وسرعان ما أشارت أصابع الاتهام إلى ضلوع إيران في الحادث، وخرجت ردود الفعل السنية مطالبة بالقصاص من المتورطين بالحادث وقطع يد الإرهاب، واتفقت مع ذلك ردود الفعل النيابية التي تحدثت عن ضرورة وجود تكاتف دولي وإقليمي لمواجهة الإرهاب، فضلًا عن التأكيد على ضرورة وجود تشريعات لمحاسبة المقصرين في التعامل مع الإرهاب.
وسبق تفجير كرانة، تفجير وقع بمنطقة سترة ذات الغالبية الشيعية القريبة من العاصمة المنامة، وأوضحت الداخلية البحرينية أن المتفجرات المستخدمة في التفجير كانت من نفس نوع متفجرات صادرتها قوات الأمن في الآونة الأخيرة، بعد تهريبها من إيران.
وكانت وزارة الداخلية قد أعلنت أنها صادرت نحو 43.8 كيلو جرام من مادة الـ«C4» المتفجرة، وثمانية أسلحة أوتوماتيكية من نوعِ كلاشنيكوف، و32 مخزنًا لطلقات الرشاش كلاشنيكوف، وكمية من الطلقات والصواعق.
كما أعلنت البحرين استدعاء سفيرها المعتمد في طهران للتشاور، احتجاجًا على تصريحات «عدائية» صدرت عن عدد من المسؤولين الإيرانيين بحقها.
إيران تعتبر البحرين منطقة تابعة لها
يشار إلى أن إيران تعتبر البحرين "محافظة إيرانية"، حيث نشر موقع "تابناك" المقرب من الحرس الثوري الإيراني، تقريرًا مطولًا عن مملكة البحرين، معتبرًا إياها "محافظة إيرانية"، ومنطقة تابعة للجغرافية الإيرانية سياسيًا وعرقيًا ومذهبيًا، بحسب تعبيره.
وقال "تابناك" في تقريره: إن "البحرين تقع في جنوب غربي إيران، وفي قلب الخليج الفارسي"، واصفًا سكان البحرين بـ "الشيعة الإيرانيين"، قائلًا: إن "ثلثي سكان البحرين لغتهم الأم هي اللغة الفارسية، وينتمون للطائفة الشيعية"، معتبرًا أن أصول الأغلبية في البحرين تعود إلى إيران وليس الخليج، وفق قوله.
يذكر أن النخبة الإيرانية الحاكمة ترى أن الشاه الإيراني وبريطانيا هما من سلم البحرين واقتطعاها من إيران، وتم تسليمها لمشايخ الخليج لتكون مملكة عربية مستقلة عن إيران.
السعودية تتهم إيران بتهديد جيرانها
بدوره، اتهم وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، إيران بإطلاق تهديدات ضد البحرين حليفة الرياض، وقال: إن طهران تحمل نوايا عدوانية ضد جيرانها في الشرق الأوسط.
وفي مؤتمر صحفي مشترك مع ضيفته فيدريكا موجيريني مفوضة الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي قال الجبير: "إن السعودية أثارت معها هذه القضية"، مضيفاً: "أن التعليقات تظهر تدخل إيران في الشؤون الداخلية لجيرانها"، وتابع: "هذا لا يمثل رغبة دولة تسعي لحسن الجوار، بل يمثل دولة لها طموح في المنطقة وتقوم بتصرفات عدوانية مثل هذه".
الكويت تتهم طهران بتجنيد كويتيين للقيام بأعمال عدائية
والكويت على غرار جيرانها من دول الخليج، حيث أعلنت الأجهزة الأمنية الشهر الماضي، الكشف عن خلية إرهابية مكونة من 25 كويتيًا وإيراني تمتلك ترسانة كبيرة من الأسلحة، من بينها 19 طنًا من الذخائر ومواد شديدة الانفجار.
وأسندت النيابة العامة تهمًا للمتهمين بالعمل لصالح حزب الله والتخابر مع إيران، وحيازة كميات كبيرة من الأسلحة والمتفجرات، بهدف القيام بأعمال عدائية ضد الكويت على رأسها المساس بوحدة وسلامة أراضي الكويت، واتهام حزب الله صراحة بتجنيد وتدريب كويتيين للقيام بأعمال عدائية ضد الكويت، كما اتهمت الحزب أيضًا بأن غرضه نشر مبادئ ترمي إلى هدم النظم الأساسية للبلاد، والانقضاض بالقوة على النظام الاجتماعي والاقتصادي الكويتي.
وهي القضية التي عرفت بخلية "العبدلي"، وطالب نواب كويتيون على أثرها باتخاذ حزمة من الإجراءات على رأسها إعلان حزب الله منظمة إرهابية، وقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران.
وخرجت على أثره مطالب كويتية بتحرك إقليمي وعربي ودولي لإخطار دول الخليج العربي والدول العربية ودول العالم الصديقة، بنتائج التحقيقات مع خلية إيران الإرهابية، لاتخاذ موقف خليجي وعربي ودولي موحد تجاه المخططات الإرهابية لإيران في الخليج العربي والمنطقة العربية.