جلال سلمي - خاص ترك برس
رأى الكثير من المحللين والمطلعين على الشؤون التركية الشرق أوسطية بأن "زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للملكة العربية السعودية في مطلع آذار/ مارس الماضي وبعد عودته من الزيارة تشجيعه وإعلان دعمه لعملية "عاصفة الحزم" سبب مناقشة استراتيجية ضخمة حول موضوع البدء في تأسيس "الجبهة السنية" ضد إيران وتوغلها الجيو سياسي في المنطقة.
يشير الكاتب الفلسطيني ياسر الزعاترة، في مقال سياسي تحليلي له نشره بتاريخ 5 آب/ أغسطس 2015 في جريدة الدستور الأردنية بعنوان "أتباع إيران مستبشرون بعوائد الاتفاق النووي" إلى أن "إيران منذ نجاح ثورتها الشعبية المُحولة لإسلامية شيعية فيما بعد عام 1979 وهي تسعى لإعادة مدها الفرس الاستراتيجي من خلال استخدام وسائل التمدد الجيو سياسي الإيدولوجي الفكري الذي تحول في يومنا الحالي إلى أسلوب عسكري مباشر وغير مباشر أسفر عن سقوط العديد من العواصم العربية مثل "صنعاء ودمشق وبيروت وبغداد" وللأسف إلى يومنا هذا السعودية وتركيا الدولتان السنيتان الأقوى في المنطقة تتحركا بشكل شديد البُطء في سبيل صد هذا التمدد الحاقد على كل من هو سني".
وفي إطار تحليل الزعاترة لإعادة تأهيل بشار الأسد على الساحة العربية والدولية قال في تغريدة له على تويتر بتاريخ 25 أغسطس 2015 "يحق لنا أن نقلق من المساعي الرامية إلى إعادة تأهيل بشار، إذا لم يتماسك الموقف التركي السعودي، فالوضع خطير. لا لجم لجنون إيران دون سوريا".
وفي دراسة تحليلية للباحث التركي محمد شاهين بعنوان "تركيا ـ إيران والجبهة السنية" نشرها على الصفحة الرئيسية لمركز الفكر الاستراتيجي بتاريخ 5 مارس 2015، يؤكد شاهين بأن "الموقف الإيراني من "الجبهة السنية" يتحدد في مدى الخوف الشديد الذي أصاب إيران بمجرد السماع عن إمكانية التوافق السني بين أقوى دولتين سنيتين في المنطقة "السعودية وتركيا"، هذا الخوف جعل الموقف يتحدد في جنون إيران بالتسريع في عملية توسيع "محور المقاومة" للقضاء على إمكانية تشكيل الجبهة السنية وجعل الكفة تتدحرج في ميزانها، وشملت عملية التوسع العديد من العواصم والجماعات القومية والدينية في المنطقة مثل صنعاء، بغداد، دمشق والأقلية الكردية في شمال سوريا وجماعة صابرين في غزة وبعض الجماعات الصغير في السودان".
ويفيد شاهين بأنه "على الرغم من جميع ماتقوم به إيران من تحركات، إلا أن تحركات تركيا والسعودية تجاه هذه التحركات جاءت متأخرة وغير كافية بالمستوى الذي يمكن أن يشكل صد سني منيع ضد هذه التحركات التوسعية".
يوضح أيضًا أن "الموقف التركي تجاه التوسع الإيراني وتشكيل الجبهة السنية شبه إيجابي ولا يمكن تقييمه بأن إيجابي بشكل جيد وذلك لأنه على الرغم من استيعاب تركيا للخطر المذهبي الإيراني إلا أنها دولة ما زالت تعمل تحت خط سير الجو العلماني ولا يمكن لها ولا لمؤسستها أن تعمل على أساس مذهبي لأنها غير متعودة على ذلك".
كما يبين أن "تركيا بمؤساستها وكوادرها الدبلوماسيين مقتنعين بأن تركيا يمكن لها تخطي الأزمة المذهبية الحالية عن طريق استخدام أساليب أخرى تتجنب التكتل المذهبي وفي نفس الوقت تمنع أي فريق أخر من استغلال المواقف المذهبية".
ويسرد شاهين بعض الأساليب مثل "استخدام القوة الناعمة الاقتصادية، استخدام الأساليب الدبلوماسية الضاغطة ضد القوة المذهبية والتلويح باستخدامها الجاد، استخدام المحاكم والحقوق والمؤسسات الدولية بشكل رصين ومقنع يلجم القوة المذهبية وغيرها من الأساليب التي يمكن أن تكون مجدية أكثر من التكتل السياسي الناشر للعداء".
ويؤكد أن "ادعاءات تأسيس "الجبهة السنية" بين تركيا والسعودية هي ناتجة عن الحماس والعاطفة لدى بعض الكتاب والباحثين العرب الذين يجب عليهم الاطلاع بشكل أكبر على منهج ومؤسسات تركيا الدبلوماسية".
وفي دراسة متصلة ومتعلقة بذات الشأن يؤكد الباحث التركي خورشيد دالي، في مقالة تحليلية له نُشرت على موقع الجزيرة ترك بتاريخ 15 نيسان/ أبريل 2015 بعنوان "عاصفة الحزم والعلاقات التركية الإيرانية"، أن "السياسة التركية سياسة دبلوماسية علمانية وغير مذهبية، وإن كان رأس حكومتها ورئاستها رؤوس إسلامية إلا أنه لا يمكن لها ولمؤسستها خط سياسة مبنية على المذاهب الدينية لأن لها سياسة دولة أساسية لا يمكن تخطيها والتخلي عنها".
ويفيد دالي بأن "سياسة تركيا دبلوماسية واقعية أكثر من أنها مذهبية وهذا يعني أنها يمكن أن تتحد مع المملكة العربية السعودية وغيرها من الدول السنية في إطار إقامة حاجز يمنع التوسع الإيراني بهدف المحافظة على الدول المتبقية من السقوط في أيدي إيران ولكن هذا لا يعني تعصبها سنيًا دينيًا وتعجرفها ضد إيران بشكل صارم بل يمكن أن تتحد مع السعودية وتستمر في علاقتها الدبلوماسية والاقتصادية مع إيران بشكل عادي لأن تركيا دولة علمانية تلعب لعبتها السياسية على أساس واقعي ليبرالي يخدم مصالحها بشكل عقلاني بعيد عن العواطف الدينية والمذهبية".