لإيران مشروع خطير في المنطقة العربية، وبرأيي إنها تتطلع لإحياء الإمبراطورية الفارسية التي أسقطها الفتح العربي. وقد أتقنت طهران بمهارة تغطية هذه الأطماع، برفع شعارات براقة، كالعداء لأميركا والصهيونية وتحرير القدس وفلسطين. من المؤسف ان ينخدع كثيرون بتلك الشعارات، وظنوا أن إيران صادقة النية لتحرير فلسطين، خصوصا بعد أن تم طرد السفير الإسرائيلي من طهران، بعد نجاح ثورة الخميني، وتم تسيلم مبنى السفارة الإسرائيلية في طهران لمنظمة التحرير الفلسطينية. وعلينا أن نتذكر دائما ان تحرير فلسطين شعار رفعه الكثيرون، ولكن بسبب رعونتهم رحلوا عن هذه الحياة، وخسر العرب إلى جانب فلسطين أراضي غالية، وخسروا التنمية والديموقراطية في دولهم.
إن الحروب المشتعلة اليوم في المنطقة، التي تخوضها بعض الميليشيات المدعومة، منها جزء من المخطط الإيراني للهيمنة على المنطقة. واعتقد ان ايران توهمت أن بإمكانها من خلال إقامة تحالف مع ميليشيات حزب الله وجيش الأسد والحشد الشعبي في العراق والحوثي في اليمن السيطرة على المنطقة العربية وسحق الأكثرية الرافضة لهيمنتها. على اعتبار أن هذه الغالبية مبعثرة ليس لها قيادة توحدها، وليس لها مشروع قومي تسعى لتحقيقه. يا ليت قادة طهران يقرأون التاريخ العربي قراءة جيدة، ليدركوا أن الأمة العربية أمة كبيرة، وذات تاريخ طويل، ومن الطبيعي أن تتكون من قبائل وطوائف وديانات مختلفة. فقد يكون فينا السني والشيعي والمسيحي واليهودي، ولكننا جميعاً سنتوحد ضد الأخطار التي تهدد أمتنا. توحدنا ضد الغزو الصليبي والتتار وضد الاحتلال الأوروبي في العصر الحديث. واننا لا ننظر إلى الشيعة أو المسيحيين أو اليهود العرب على أساس أنهم أقلية، بل جزء مهم من نسيج هذه الأمة.
نحن أمة لا نحب الحروب، لأننا نعرف العواقب الوخيمة المترتبة عليها. ولكن إذا فرضت علينا، فيجب مواجهتها والاستعداد لها. لأن الهروب معناه الاستسلام لما يريده أعداء الأمة، وهو أخطر من دخول الحرب والدفاع عن أرض الوطن. هذا ما يؤكده ديننا «وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين» (البقرة: 190). وهذا ما قاله المرحوم سعود الفيصل قبل أسبوع من انطلاق عاصفة الحزم، وهو يسمع قادتها يرددون بلا مواربة «إن الامبراطورية الفارسية وعاصمتها بغداد قد قامت، إن أربع عواصم عربية أصبح قرارها في طهران». وهذا ما قاله المثل العربي: «اذا لم تكن إلا الأسنة مركبا، فما حيلة المضطر الا ركوبها». لذلك نأمل أن يكون تحرير عدن المسمار الذي دق في نعش المشروع الايراني. خاصة بعد أن تم تحرير قاعدة العند ومحافظة لحج وابين، وأصبحت معظم محافظات الجنوب على وشك التحرير. وظهر عبدالملك الحوثي زعيم الانقلابيين يطالب بحل سياسي. نأمل ألا يكون هناك حل مع المجرمين إلا بإلقاء سلاحهم واستسلامهم وخضوعهم لإرادة الدولة. وأن تتحرر جميع مدن اليمن من هيمنة المتمردين، وأولها صعدة، التي اتخذها الانقلابيون وكرا لتآمرهم على الدولة.
عبدالمحسن حمادة ـ القبس الكويتية
To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video