وأشارت تسريبات صحافية إلى أن شركة "تابان" الإيرانية للطيران، استأجرت طائرة مدنية من شركة "أريانا" الأفغانية للقيام برحلات بين العاصمة الأفغانية كابول ومدينتي طهران ومشهد الإيرانيتين. وأوضحت المعلومات أنّ الطائرة الأفغانية المستأجرة كانت تتأخر لساعات طويلة بعد كل رحلة، مؤكّدة أنّ السلطات الإيرانية كانت تقوم بعد كل رحلة من أفغانستان، التي تمت وفق الاتفاق بين الدولتين، برحلة أخرى من إيران إلى المدن العراقية، وبالتحديد إلى مدينتي نجف وبغداد لنقل بضائع مجهولة ورجال مسلّحين. وقال طاقم الطائرة الأفغانية عن الأشخاص الذين يتم نقلهم إنّهم "مسلحون ملثمون يقاتلون في العراق لصالح إيران"، بحسب المعلومات المسرّبة.
|
لم يتم كشف هذه القضية طيلة السنوات الماضية، إذ إنها كانت تتم بالتعاون مع مسؤولين في شركة الطيران الوطنية الأفغانية. لكن بحسب الرواية الإعلامية، فإنه بعد إقالة هؤلاء المسؤولين من قبل الحكومة الأفغانية، انكشف الأمر، وبدأ الحديث حول القضية في الدوائر الحكومية والأروقة السياسية.
وبحسب مصادر "العربي الجديد" فإن الرحلات إلى العراق قد توقفت بعدما انكشف الأمر، لكن الرحلات إلى إيران لم تتوقف حتى الآن، غير أنها قد تتوقف إذا ما أصرت الشركة الإيرانية على عدم تسديد الديون المترتبة عليها للشركة الأفغانية.
ونظراً لإغلاق ملف القضية واستمرار سير الاتفاقية، لا يستبعد معارضو إيران في أفغانستان تورط كبار المسؤولين في وزارة المواصلات والطيران، ولا سيما أن الفساد المالي والإداري كان قد استشرى في كثير من الوزارات في عهد الرئيس الأفغاني السابق حامد قرضاي.
وعلمت "العربي الجديد" أن رئيس شركة "أريانا" للطيران، محمد داود، الذي تم تعيينه مجدداً في منصبه، كتب رسالة إلى مجلس الشيوخ والبرلمان الأفغانيين ومسؤولين كبار في الحكومة بشأن القضية، مشيراً في رسالته إلى استخدام إيران للطائرات الأفغانية بطريقة "غير شرعية"، لنقل مسحلين إلى العراق. وأوضحت الرسالة أن مسؤولين في شركة "أريانا" الأفغانية، وقّعوا عقداً مع الشركة الإيرانية، أجّروا من خلالها طائرة أفغانية، للقيام برحلات مدنية بين الدولتين. لكن الشركة الإيرانية أصبحت تستخدم الطائرة لنقل الرجال المسلحين، وبضائع مجهولة من طهران ومشهد إلى مدينتي نجف وبغداد العراقيتين.
اقرأ أيضاً: أفغانستان تحاول إرضاء إيران والسعودية رغم الخلافات
وأوضح داود، في رسالته، أنّ السلطات الإيرانية لم تسمح لطاقم الطائرة أن يسألوا عن ماهية الرحلة أو هوية من كان يتم نقلهم إلى العراق. كما لم يتمكن طاقم الطائرة من رفع القضية إلى الجهات المسؤولة في الحكومة الأفغانية، إذ إنها "حصلت بالتواطؤ مع بعض المسؤولين في الشركة الأفغانية، وبالتالي كان طاقم الطائرة يخاف على وظيفت" بحسب المصادر. ويشكو رئيس شركة "أريانا" في الرسالة، من أن الشركة الإيرانية ترفض حالياً تسديد ديون الشركة الأفغانية التي تصل إلى نحو مليوني دولار، بعد أن انكشف الأمر.
ويكشف مسؤول كبير في الحكومة الأفغانية، فضل عدم الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، عن أسماء المسؤولين الذين قال إنهم متورطون في القضية، وهم: الرئيس السابق لشركة "أريانا"، نصير أحمد حكيمي، المسؤول المالي محمد حنيف، الرئيس التنفيذي للشركة عمر مستور. ويوضح المصدر أن الطائرة التي استأجرتها الشركة الإيرانية رقمها "130 أي"، لافتاً إلى أن توقيع العقد تمّ بناء على مصالح شخصية بين المسؤولين. ويضيف المسؤول، أن الرئيس المقال للشركة الأفغانية، حكيمي قد هرب من البلاد، ويعيش حالياً في الولايات المتحدة مع أسرته خوفاً من تبعات القضية، والملاحقة القضائية.
|
بدورها، نقلت بعض وسائل الإعلام المحلية في أفغانستان، عن مصدر في خلية شورى الأمن الأفغانية، التي تضم الرئيس الأفغاني، ووزيري الدفاع والداخلية، وقادة القوات المسلحة، أنّ الشورى تسلّمت الرسالة، وأنها بصدد اتخاذ تدابير بهذا الشأن، كما أنها ستأمر بإجراء تحقيق فوري لتقصّي الحقائق. وكشف المصدر أن الشورى استدعت المسؤولين في شركة "أريانا" الأفغانية لمناقشة أبعاد القضية، وأنها تتبع خطوات جادة بشأنها.
من جهته، أكد رئيس البرلمان الأفغاني، عبد الرؤوف إنعامي، أنّ القضية مهمة للغاية، وأن الهيئة الإدارية للبرلمان، تسلّمت نسخة عن الرسالة التي تؤكد استخدام إيران طائرة أفغانية لنقل المسلحين إلى العراق، مشيراً إلى أن الهيئة استدعت مسؤولاً في الشركة، وبحثت معه القضية. كما يتوقع إنعامي، أن يتم النقاش حولها في جلسات البرلمان المقبلة، مشدّداً على أن البرلمان قد يؤجل عطلته الصيفية من أجل مناقشة هذه القضية، التي وصفها بـ"المهمة"، وقد تكون لها آثار خطيرة على العلاقات بين الدولتين.
وكان مسؤول لجنة المواصلات والطيران في البرلمان الأفغاني، حسن قيس، قد صرّح في حديث صحافي، في يونيو/حزيران الماضي، أن شركة إيرانية للطيران قد استأجرت طائرة أفغانية وتستخدمها لنقل المسلحين إلى العراق، وأن رئيس الشركة السابق حكيمي قد وقّع العقد مع الشركة الإيرانية، موضحاً أن قيمة كل رحلة بين الدولتين بلغت عشرة آلاف دولار. وشدّد قيس على أنه يملك أدلة تؤكد قيام السلطات الإيرانية بنقل أناس مجهولين إلى العراق عبر طائرة أفغانية، وأن مسؤولين أفغانا متورطون في القضية.
وذهب عضو مجلس الشيوخ الأفغاني، نثار حارث إلى أبعد من ذلك، مدعياً أن إيران لم تكتف بنقل المسلحين عبر الطائرات الأفغانية إلى العراق فحسب، بل إلى سورية أيضاً. وطالب حارث الحكومة بإجراء تحقيق في القضية، متسائلاً عن "كيفية تمكّن شركة أريانا الأفغانية تأجير طائراتها إلى شركة إيرانية، في حين أنها تستأجر الطائرات من دول أخرى".
ولم تتحدث الحكومة الإيرانية ولا حتى سفارتها لدى كابول حول القضية نهائياً. غير أن خبراء قانون أفغان، يروون أن الحكومة الأفغانية بإمكانها أن ترفع الدعوى ضد الشركة الإيرانية لاستخدام الطائرات الأفغانية، خلافاً للعقد المبرم بين الدولتين، كما أنّها ترفض حالياً تسديد الديون إلى الشركة الأفغانية، والتي يتجاوز قدرها نحو مليوني دولار. العربي