فهد المصري: كلنا شركاء
إيران من زاويا مختلفة:
تقول الحقيقة العلمية بأنك لو أردت ضرب مسمار بزجاجة من خارجها لما تحطمت إلا أن كانت الضربة قوية وكافية حتى تتكسر ولكن ماهو أسهل لتحطيمها وتصبح قطعا متناثرة فما عليك سوى وضع مسمار صغير داخل الزجاجة وقم برج الزجاجة فستجد الزجاجة تحطمت بسهولة وبأسرع مما تتخيل كذلك هي إيران لا يمكن كسرها من الخارج إلا بقوة كبيرة وهذا مكلف و سيكون له تداعيات كبيرة أيضا وبالتالي وانطلاقا من الحقيقة العلمية وبدراسة داخل هذه الزجاجة (إيران ) نجد أن تحقيق هذه الحقيقة أمرا ليس صعبا لكنه أيضا ليس سهلا وليس نزهة لكنه ممكن جدا.
طالما أن إيران تعبث بدول جوارها والعالم العربي والإسلامي دون رادع بل تحقق بعض القوى الإقليمية والدولية غايتها بإضعاف و استنزاف العالم العربي بالفزاعة الإيرانية فهذا يحتم ضرورة التفكير والعمل الجاد وفق خطة عمل محكمة على مستوى الإستراتيجية والتكتيك لإلهاء إيران بمشاكلها الداخلية وتفعيلها وصولا لتقسيم إيران لثمان دول متناحرة.
طالما إيران مستقرة من الداخل او بالأحرى هناك حالة سكون فإنها لن تتوقف عن عداء العالم العربي والإسلامي وبالتالي يجب العمل لأن تنتهي حالة السكون الداخلي لتلفت إيران لمعالجة مشاكلها الداخلية التي لا يجب أن تنتهي ولسنوات طويلة حتى تنعم بلداننا بالأمن والاستقرار.
الدارسون والباحثون المتخصصون في الشأن الإيراني يعلمون أن استثمار مشاكل إيران الداخلية أمر ممكن لا سيما وإن علمنا أن الفرس لا يشكلون سوى 40 إلى 42 % من مجموع الشعوب المكونة لإيران الحالية والفرس يتمركزون ديمغرافيا في الوسط الجغرافي لإيران في حين تحيط بهذا الوسط المتعجرف و المتكبر باقي الشعوب في إيران وهم الكرد في الشمال الغربي والعرب في إقليم الاحواز المحتل (الغني بالنفط والغاز والذي يشكل عماد اقتصاد إيران اي ما بين 80 إلى 85% من النفط والغاز ) وهناك قومية اللور في رقعة جغرافية تمتد من مناطق الكرد حتى الأحواز أي تقريبا بالقرب من طول الحدود الإيرانية العراقية إلى جانب المسلمين السنة في إقليم بلوشستان سيستان وهؤلاء يتمركزون في الجنوب والجنوب الشرقي و الغربي اي أنهم يمتدون على رقعة جغرافية إستراتيجية غاية في الأهمية متصل بالخليج العربي وباكستان وأفغانستان وكذلك هناك التركمان في الشرق والشمال الشرقي وهذا يعني تواصلهم الجغرافي مع أفغانستان تركمانستان أضف إلى القومية القزوينية في الشمال بالقرب من بحر قزوين كذلك الاذريين وهم يمتدون من مناطق طهران وصولا لمناطق اقصى الشمال الغربي أذربيجان ويتواصلون مع جغرافيا مع دولة أذربيجان التي تعتبرها إيران جزءا تم اقتطاعه من أراضيها الاذرية إلى جانب حدود لا تتجاوز 35 كم مع أرمينيا.
أذربيجان ترتبط بعلاقات متوترة للغاية مع إيران لقضايا متعددة منها وجود قاعدة تجسس إسرائيلية على إيران في أذربيجان إلى جانب حالة القلق التي تعتري إيران وخلافات مع الدول المطلة على بحر قزوين.
هذا قسم من القوميات التي تشكل إيران الحالية وهذه القوميات والاختلافات جميعها تحيط بالوسط الفارسي وجميعها دون استثناء لديها مشاكل وخلافات عميقة مع الفرس ومع النظام الإيراني وعلينا أن لا ننسى أن الفرس 40 الى 42 % لا يشكلون الأكثرية من مجموع الشعوب المكونة لإيران الحالية وجميع هذه الشعوب لا تتحدث اللغة الفارسية الا كلغة ثانية لانها اللغة الرسمية للتعليم والاعلام وجميع هذه الشعوب مضطهدة من الوسط وتعاني من نظام الحكم.
أضف أن حالة الفقر المدقع التي يعيشها الإيرانيون ووجود نحو مليوني لاجئ أفغاني كلها عوامل وعناصر هامة يمكن ان تساهم في تفجير إيران من الداخل. لا سيما وأن حالة الاضطهاد بحق أهل السنة في إيران وصلت الذروة وعلينا أن لا ننسى ان الدستور الإيراني للجمهورية الإسلامية في إيران يعترف دستوريا بالديانة الزرداشتية (المجوس) وباليهودية ولديهم نواب في البرلمان في حين لا يعترف بالسنة و يمنع عليهم أي شكل من أشكال الحرية الدينية مع العلم ان الدستور الإيراني يعتبر ان الإسلام الشيعي على المذهب الاثنا عشري هو الدين الرسمي للدولة مع العلم ان المذهب الشيعي فرضه الشاه الصفوي في أوائل القرن السادس عشر.
علينا أيضا ان نضع في عين الاعتبار ان الفرس هم من الآريين اي من نفس قومية الاوربيين (ابناء عمومة) وهم مجموعة قبائل كانت تعيش بالقرب من شرق قزوين ثم حلت عبر التاريخ في إيران وتم تسمية إيران باسمها الحالي في الثلاثينات من القرن الماضي وكانت تسمى فارس.
رغم ان الشباب (اقل من 30 سنة ) يشكلون نحو 65 % الا ان الشعب الايراني شعب هرم و النمو السكاني الإيراني في خطر وهم يعانوا من ذات المشكلة التي تعاني منها اوربا فإيران الحالية بحدود 75 مليون نسمة ستتضاءل هذه الأعداد خلال عقود فالفقر والنزوح من الريف للمدينة وعوامل أخرى ساهمت بالعزوف عن الزواج إلى جانب ان متوسط الإنجاب لا يتجاوز طفلين منذ نحو ثلاثين سنة وحتى الآن بتراجع أكثر من الثلثين في متوسط نسبة الإنجاب وهذا الجيل من الشباب في شبه قطيعة مع عصر ملالي إيران وهو شباب يبحث عن ذاته وحريته والتواصل مع الغرب ولا يعتبر أنه معني بحكم رجال الدين في نظام ثيوقراطي كما ان هؤلاء الشباب هم من خرجوا يعبرون عن فرحتهم بتوقيع الاتفاق النووي لأنهم يريدون التخلص من العزلة الدولية بل ويريدون التخلص من حكم رجال الدين لا سيما وأن حجم المعاناة يتزايد من قمع الحرس الثوري وهيمنته على الاقتصاد وموارد الدولة والحريات العامة والإعلام.
فجميع الإيرانيين محتقنين من الاستثمارات والفساد المتنامي الذي يمارسه كبار جنرالات الحرس الثوري فجميع الأبراج التي بنيت في طهران يقف وراءها متنفذون و مستثمرون من الحرس الثوري وأغلب المشاريع الاقتصادية يقف وراءها ضباط في الحرس الثوري كما ان مدينة الاستثمارات في مدينة مشهد مسقط رأس الخامنئي يقف وراءها رجال دين وجنرالات في الحرس الثوري.
إيران الملالي وقم وحكم رجال الدين في وادي وباقي الإيرانيين في واد آخر ويكفي زيارة إلى مناطق مثل دربند و داركيه في جبال البرز المحيطة بطهران لتنتقل من عالم الملالي إلى عالم الشباب الباحث عن مكان يشعر فيه بالحرية.
المعارضة الإيرانية المتمثلة ب مجاهدي خلق لا تقل خطورة عن نظام الملالي وحرسهم الثوري. والحرس الثوري في إيران هو دولة داخل الدولة فهو الذراع العسكرية والأمنية الضاربة لمرشد إيران الخامنئي وأعتقد أن موته سيشكل نهاية ولاية الفقيه في إيران وحكم الملالي.
في بحث في أسماء واصول العائلات التي تعيش في إيران على الضفة المقابلة للإمارات والكويت وعمان نجد أن أصولها عربية وهذا يؤكد أن اغلب هذه العائلات لك تتخلى عن أراضيها رغم ضم مناطقهم للحكم الفارسي عندما تم اقتطاع هذه الأراضي العربية لصالح فارس مقابل مصالح أخرى للإمبراطورية البريطانية في القرن السابع عشر.
على الدول المتضررة من أيران ان تعمل من داخل إيران لإضعافها وتفتيتها بذات الاستراتيجية التي تعمل بها ايران في اضعاف وتفتيت العالم العربي والإسلامي وان تقوم
بدعم ومساعدة جميع أنواع المعارضة المناهضة للنظام الإيراني في الداخل وبشكل خاص الكرد والسنة والاحواز وعلينا أن نتخيل لو ان الأحواز المحتل عاد إلى حاضنته العربية وتمكن من الاستقلال فحينها يخسر النظام الإيراني 80 % من موارده الاقتصادية من النفط والغاز و التي يعتمد عليها بشكل أساسي.
كثيرة من الأحداث كان يجب استثمارها لإضعاف إيران ومساعدة الشعوب المضطهدة في إيران فأحداث مهاباد والانتفاضة المستمرة في الاحواز والمقاومة السنية المسلحة يجب ان تحظى بالدعم والاهتمام والمساعدة وبالتالي تتحطم الزجاجة من داخلها وتنال الشعوب المضطهدة في إيران حقوقها.
فهد المصري رئيس مركز الدراسات الإستراتيجية والأمنية و العسكرية حول سورية
منسق مجموعة الإنقاذ الوطني