رغم تشددها في سياستها الخارجية وفي القيود الاجتماعية التي تحاصر مواطنيها ،إلا إنها سجلت رقمًا قياسيًا في تجارتي المخدرات والرقيق الأبيض وممارسة الجنس ، ورغم قوانينها الصارمة والتي وصلت لحد الإعدام في تجارة المخدرات ، إلا أن ذلك لم يمنع أو يحد من انتشارها ، وكذلك الحال فيما يتعلق بإجبار الفتيات على ممارسة الرذيلة أو الجنس، وفقًا لتقارير ومحللين.
تجارة المخدرات
بلغ عدد مدمني المخدرات أكثر من مليوني شخص في إيران التي تعتبر أكبر مستهلك للأفيون وأكبر منتج للهيروين.
وأظهرت بعض التقارير ارتفاع في نسبة متعاطي المخدرات في إيران خلال السنوات الأخيرة رغم القوانين الشديدة ضد كل من يقوم بالتجارة بالمخدرات بعقوبات تصل إلى حد الموت.
ويأتي الارتفاع بسبب الربح المالي الذي يجنيه تجار المخدرات في إيران من خلال بيعها للطلاب والأجيال الشابة.
وأشارت سلطة مكافحة المخدرات وعدد من المسؤولين الطبيين في إيران إلى أنّ إجمالي مدمني المخدرات في طهران وصل إلى 2.2 مليون شخص من بين 80 مليون مواطن إيراني، منهم يتقدّم نحو 1.3 مليون إيراني للعلاج من أجل التخلص من الإدمان على المخدرات.
وقال برويز افشار، وهو مسؤول في سلطة مكافحة المخدرات إنّه من الصعب اكتشاف مختبرات تصنيع المخدرات في إيران بحيث يتم تصنيع المخدرات في بيوت خاصة في حين أنّ الشرطة عثرت على 416 مختبرا على الأقل لتصنيع المخدرات خلال سنة واحدة.
وعلى المستوى الإقليمي أصبحت إيران بوابة رئيسة لتهريب المخدرات إلى تركيا والمنطقة العربية ودول الخليج عن طريق البحر، أو عبر الحدود العراقية السورية مع السعودية، أو الحدود اليمنية وخاصة المناطق التي يسكنها الحوثيون.
وعلى المستوى الدولي، كشفت برقيات دبلوماسية أمريكية سربها موقع ويكيليكس، أن إيران تعتبر من أكبر مهربي المخدرات في العالم، وأن مسؤولين في الحرس الثوري متورطون في هذا التهريب.
ونقلت برقية سرية بتاريخ 12 يونيو 2009م، صدرت عن السفارة الأمريكية في باكو، أن كميات الهيروين التي مصدرها إيران، والمصدرة إلى أذربيجان، ارتفعت من 20 كجم في 2006م إلى 59 ألف كجم في الربع الأول من 2009م .
وتعتبر إيران أكبر مشترٍ للأفيون الأفغاني وأحد أكبر منتجي الهيروين في العالم، كما أضاف الدبلوماسيون الأمريكيون، ويأتي95% من الهيروين في أذربيجان من إيران، بينما تصدر الكمية نفسها من أذربيجان إلى السوق الأوروبية، كما أفادت برقية دبلوماسية أخرى بتاريخ 26 سبتمبر 2009م.
من جانبها ، أعلنت السلطات الإيرانية تنفيذ أحكام الإعدام بالجملة وصلت إلى إعدام 70 شخصاً خلال اسبوع، بتهم بيع المخدرات، ويعتبر هذا العدد الكبير للإعدامات في إيران رقما قياسيا منذ تمرير قانون مكافحة المخدرات المعتمد حاليًا .
وقد أثارت هذه الإعدامات موجة واسعة من الانتقادات لدى نشطاء حقوق الإنسان ومواقع شبكات التواصل الاجتماعي.
وبدوره، اعتبر أحمد رضا أحمد بور، رجل الدين المعارض، أن سياسات النظام الإيراني لمكافحة المخدرات فاشلة تماماً، وقال إن «تأثير المخدرات على المجتمع الإيراني أصبح أكبر من تأثير رجال الدين».
فيما يوجه نشطاء حقوق الإنسان انتقادات لاذعة للجمهورية الإسلامية بسبب أنها تنفذ أشد العقوبات على موزعي المخدرات بالتجزئة، وتستثني العديد من تجار المخدرات الكبار من المعاقبة.
كان وزير الداخلية الإيراني قد أعلنعن الأرباح الخيالية لتجارة المخدرات في إيران والتي تتجاوز 100.000 مليار ريال إيراني (أي أكثر من 3 مليارات دولار) سنوياً.
وقد شكك خبراء علم الاجتماع والجرائم منذ السنوات الأولى لتنفيذ القانون الحالي لمكافحة المخدرات والإدمان، في نجاح عقوبة الإعدام لهذا الغرض، وتؤكد العديد من الدراسات الأكاديمية ومراكز البحوث المتخصصة وإحصائيات الحكومة والقضاء الإيراني، عدم تأثير السياسات الحالية في مكافحة تجارة المخدرات في إيران.
بينما أعلن مدير مركز البحوث والتدريب لمنظمة مكافحة المخدرات والإدمان الإيراني، حميد صرامي، ازدياد الإدمان على المخدرات بين الأطفال بنسبة 100 % خلال فترة السنوات العشر الماضية.
وبدوره كشف نائب رئيس منظمة مكافحة المخدرات، علي رضا جزيني، عن زيادة نسبة الإدمان بين الإيرانيات بنسبة 33 % ، وأعرب عن قلقه المتزايد إزاء الزيادة غير المسبوقة للإدمان التي أصبحت أزمة كبيرة في إيران.
وفي تقريره السنوي السري أكد نائب مدير مكافحة المخدرات في إيران "علي رضا جزيني"، تزايد نسبة المدمنين بين طلاب المدارس إلى 1.6%، وارتفاعها بين طلاب الجامعات إلى 2.6%، وتضاعفها بين أصحاب الشهادات الجامعية لأكثر من 21%. وهذا أدى في العام الماضي فقط إلى اعتقال 271 ألف مهرب وضبط 555 طنا من المخدرات.
تعتبر إيران من أكثر الدول المهربة للمخدرات في العالم، فهي أكبر مشتر للأفيون الأفغاني وأحد أكبر منتجي الهيروين في العالم، حيث تصدر إيران 95% من الهيروين إلى أذربيجان.
تجارة الرقيق الأبيض
وراء ستار العفة وتحت رداء الفضيلة تحاول إيران بشتى الوسائل إخفاء مشاكلها الاجتماعية، التي تعاني من تفاقم ممارسة الرذيلة وتعاطي المخدرات وانتشار الأمراض.
فالأرقام الرسمية لمنظمة الرعاية الاجتماعية في طهران أكدت في تقريرها الأخير لعام 2014 أن هنالك أكثر من 2 مليون حالة فرار من المنازل للفتيات الإيرانيات خلال العقد الماضي، لينتهي بهن المطاف إلى ممارسة الرذيلة.
وعن هذا قالت النائبة في البرلمان الإيراني "جميلة كاديفار": "إن مبعث قلق طهران الرئيسي يكمن في انتشار الرذيلة والمخدرات في إيران بشكل كبير، وإن هذا يشكل أحد مظاهر الفشل الكبير للثورة ونظامها وإدارتها الاقتصادية، إضافة لتجاهل دور الدولة في الرعاية الاجتماعية".
وكانت النائبة تشير في معرض مداخلتها إلى البيان الشهير الصادر قبل عدة سنوات عن مؤسسة "آستان قدس رضوي" في مدينة "مشهد" الإيرانية، الذي أعلن عن: "تأسيس مركز لأوقات المتعة القصيرة قرب مرقد إمام الرضا، من أجل رفع الأجواء المعنوية في المجتمع الإيراني وإيجاد أجواء روحانية وهادئة للإخوة الزوار من الرجال الذين يزورون حرم الإمام الثامن وهم بعيدون عن زوجاتهم".
وناشدت المؤسسة في بيانها: "الأخوات المؤمنات الباكرات اللواتي لا تتجاوز أعمارهن بين (21-35) سنة للمساعدة والانخراط في هذا العمل، علما بأن مدة العقد عامين، وتلتزم المؤمنات بالتعهد بالتمتع مدة 25 يوماً في كل شهر. وأكدت المؤسسة على: "أن رسوم التمتع مع كل رجل ستتراوح بين 50 دولارا أميركيا لكل 5 ساعات من المتعة إلى 300 دولار لكل 4 أيام من المتعة".
هذا الإعلان شجع على إقامة ما أصبح يطلق عليه زورا وبهتانا "بيوت العفة" أو "منازل الفضيلة"، التي أصبحت تنتشر بسرعة البرق في كافة المدن الإيرانية، لتلتحق بها أكثر من نصف مليون امرأة لممارسة الرذيلة تحت غطاء العفة والفضيلة.
وأقرت النائبة "كاديفار" بأنه: "يوجد في طهران فقط أكثر من 250 بيتا من بيوت العفة، وأن ممارسة الرذيلة حولت تجارة الرقيق الأبيض من محلية إلى دولية، لتلاقي النساء الإيرانيات مصير بيعهن كعبيد جنس خارج إيران".
وجاء مساعد وزير الصحة الإيراني "علي أكبر سياري" ليؤكد في ملتقى اليوم العالمي للإيدز في ديسمبر الماضي، على: "أن 15% من المصابين بالإيدز في إيران تتراوح أعمارهم بين 15 إلى 60 عاما، وذلك يعني احتمالية إصابة ما يقارب من 85 ألف مواطن بهذا الفيروس".
ومن جانبه، أفاد حجة الإسلام "محمد علي زام" رئيس الشؤون الثقافية والفنية في بلدية طهران: "أن معدّل عمر الفتيات الذين يمارسن الدعارة انخفض من 27 إلى 20 سنة خلال السنوات الأخيرة، وأن معظم الفتيات الهاربات من بيوتهن لأسباب اقتصادية ينتهي بهن الأمر إلى ممارسة الرذيلة، التي زادت بين طالبات المدارس بنسبة 635%، وصاحبتها حالات الانتحار بنسبة 109%".
ورغم الإحصائيات الموثقة عن تجارتي المخدرات والرقيق الابيض إلا أن الحكومة الإيرانية لا تتحدث عنها بشكل مُعلن ، وهو ما يشير إلى استغلالها لهذه المجالات لتحقيق أغراض سياسية كما يرى المراقبون.