طهران – محمد المتوكل – التقرير
في جدال حاد بين الرئيس الإيراني حسن روحاني، ممثلًا للتيار الإصلاحي من جهة، وآية الله أحمد جنتي رئيس مجلس حراس الدستور “تيار اليمين المحافظ” من ناحية أخرى، يبدو أن معركة انتخابات البرلمان ومجلس النخب في إيران، التي ستجرى في الشهر فبراير العام المقبل بدأت مبكرًا.
فقد ظهر جليًا التباين الكبير في خطابات الطرفين، والهجوم العنيف المتبادل، خلال مؤتمر رؤساء مراكز محافظات إيران، السبت الماضي، الذي يضم 425 عضوًا بمقر وزارة الداخلية في طهران، ونشر الخبر في جريدة “انتخاب” الرسمية.
الرئيس روحاني أكد في خطابه على ثلاث نقاط مهمة، ظلت محل جدال وخلاف شديد بين التيارين خلال الدورات الانتخابية السابقة، وتتمحور حول آلية تأييد صلاحية المرشحين، ونزاهة الانتخابات، وعدم تدخل مؤسسات السيادية والعسكرية والدينية خارج إطار الحكومة، التي تتبع الولي الفقيه في عملية الانتخابات.
وحول النقطة الأولى قال “روحاني” إنه ليس من حق أي جهة -قاصدًا مجلس حراس الدستور كمسؤول عن تعيين صلاحية المرشحين- أن ترفض صلاحية أي شخص للترشح بدون ضوابط ومعايير شرعية باتهامات جزافية لم تثبت الإدانة فيها من قبل أي محكمة.
والأمر كان يحدث في الدورات الانتخابية السابقة، وقد رفض مجلس حراس الدستور بحكم “الرقابة الاستصوابية”، الذي أعطى الفقهاء الستة من المجلس الذين يتم تعيينهم من قبل الولي الفقيه، لأنفسهمم صلاحيات واسعة، على حساب كبار السياسيين من الإصلاحيين وغيرهم في كل من انتخابات البرلمان ومجلس النخب والرئاسة، حتى رفضوا صلاحية هاشمي رفسنجاني المعروف بعمود خيمة النظام.
وقد أراد الرئيس الإصلاحي الأسبق محمد خاتمي تغييره إلى “الرقابة الاستطلاعية”، حيث قدم مشروعًا بقانون للبرلمان لتعديل قانون الانتخابات، ليجعل مجلس حراس الدستور يؤيد أو يرفض صلاحية مرشحين، طبقًا لتقارير رسمية من قبل أربع مؤسسات؛ هي: القضاء، والاستخبارات، والداخلية، والشرطة.
وقد حصل خاتمي على موافقة البرلمان على مشروع القانون، ولكن رفضه مجلس حراث الدستور ولم يتم تمريره.
والنقطة الثانية التي أشار إليها “روحاني”، هي ممارسات غير قانونية لبعض المؤسسات، من شراء أصوات الناخبين، وممارسة ضغوط على بعض الموظفين للحصول على تصويت جماعي، حتى يقال إن بعض نواب البرلمان الحالي، حصلوا على تمويل لحملاتهم الانتخابية بأموال تجار المخدرات، مما يعيد للأذهان ما حدث بعد الإعلان عن فوز أحمدي نجاد بفترة رئاسة ثانية عام 2009، حيث شكك قطاع من الإيرانيين في نزاهة الانتخابات وخرجوا في تظاهرات استمرت ما يقرب العام، تم بعدها اعتقال منافسه “موسوي” الذي يعتقد الملايين من الشعب الإيراني، أنه الفائز الحقيقي، وهو لم يُعط الفرصة لإثبات مدعاه.
أما في النقطة الثالثة، فقد حذر الرئيس روحاني من بعض المؤسسات التابعة لرأس النظام، مثل الحرس الثوري، وأئمة الجمعة في أرجاء إيران كافة، ومؤسسة “الراديو والتليفزيون” القومية، والجيش، من التدخل في الانتخابات ماليًا أو دعائيًا، أو حتى باستخدام الترهيب على نحو ما، لمصلحة حزب أو تيار، كما كان يحدث دائمًا لكن لمصلحة تيار بعينه وهو التيار المتشدد.
وأهمية انتخابات مجلس الشورى بالنسبة لروحاني، ترجع إلى أنه للإيفاء بوعوده الانتخابية يحتاج لمساعدة البرلمان، أما البرلمان الحالي بأغلبيتة المحافظة، فيمثل عقبة أمام الحكومة في سبيل تحقيق ذلك، كما حدث في قضايا مختلفة، مثل إيجاد مشاكل في مسيرة المفاوضات مع الغرب، بشأن الملف النووي أو عدم الموافقة على تعيين بعض من أفضل مرشحيه للوزارات، وعدم تمرير مشروعاته الاقتصادية والثقافية وغيرها.
ولم يمض وقت طويل بعد خطاب روحاني، حيث حضر للمؤتمر بعده بساعة واحدة “أحمد جنتي” الذي يرأس مجلس حراس الدستور منذ 30 سنة، والمعروف بكونه رأس المتشددين في تيار المحافظين، وقال في خطابه إنه ليس من حق أحد أن يطعن في عمل مؤسسات النظام، التي تشرف على عملية الانتخابات، أو أن يصرح بأنه يجب أن نعيد تركيب نسبة أعضاء البرلمان لمصلحتنا، أو أن يتحدث حول آلية تعيين صلاحية المرشحين.
ويذكر أن قضية أحداث ما بعد انتخابات عام 2009 المعروفة بـ “الصحوة الخضراء”، والتي أسماها خامنئي بـ “الفتنة”، وجه “جنتي” اتهامًا ضمنيًا إلى روحاني بأنه بمثل هذا الكلام، ويرفع شعارات قادة “الصحوة الخضراء”، ويخطو نحوهم.
بل وصل جنتي إلى أبعد من ذلك، حيث وجه تهديدًا غير مباشر إلى الرئيس روحاني؛ حيث أشار ألا يغترّ أحد بمنصبه، وقد يكون شخص ما اليوم في قصر، وغدا في السجن وضرب مثلًا بالرئيس المصري محمد مرسي، وحذر “روحاني” بأنه إذا استمر بهذا الأسلوب فسوف يلقى مصير “مرسي”.
ومن المتوقع أن نقاش السبت بين روحاني وجنتي، خاصة اتهام روحاني باتباع أصحاب الفتنة، وتهديده للرئيس بالإطاحة به، سيكون بداية لحرب تصريحات بين المعسكرين في الأيام القادمة.