تترافق الأنباء التي تتحدث عن نية النظام الإيراني، تسليح الجيش اللبناني بما يقدّر بخمسة مليارات دولار، مع همسٍ أخذ بالتصاعد، في الداخل السوري، عن علاقة تركيا الحميمة مع الدول التي هي حليفة علنية للنظام السوري. وأن ماكان يشار اليه همساً، في السابق، أصبح الآن، يقال وبصوت عالٍ، وفي وسائل إعلام تتبع مباشرة للنظام في سوريا، كقناة "سما" الفضائية.
ففي حلقة نادرة، قامت القناة المذكورة، بسؤال ضيوفها عن الغموض في علاقة تركيا مع "أقوى حلفاء الدولة السورية وهما إيران وروسيا" كما قالت القناة. وأن "التحالف المفترض مابين إيران والدولة السورية يتطلب دعماً ملموسا وعاجلا من الحلفاء". في إشارة إلى أن لروسيا وإيران علاقات متميزة وقوية مع الدول التركية، بينما الأخيرة: "تموّل المسلحين وتدربهم وتزودهم بالأسلحة".
تقريبا، هي المرة الأولى التي يعلو فيها صوت من الداخل السوري شبه الرسمي، متسائلا عن حقيقة الموقف الإيراني من النظام في سوريا. وكيف أن الدولة الإيرانية تقيم أطيب العلاقات مع الدول التي صنّفها النظام السوري نفسه بأنها تناصبه العداء، كالدولة التركية. حيث يترافق هذا الهمس، مع سعي حثيث من الطرف الإيراني لتزويد الجيش اللبناني بأسلحة متنوعة وبما يقدر بخمسة مليارات دولار. كما نقلت بعض الصحف اللبنانية اليوم في تقاريرها.
ويشير أكثر من مصدر، إلى أن تحوّل الهمس في سورية، إلى صوتٍ عال، يتعلق بنية النظام الإيراني تسليح الجيش اللبناني بهذا المبلغ الكبير الذي يفوق ماستقدمه المملكة العربية السعودية له؟ وأن النظام السوري، حليف طهران شبه الوحيد في المنطقة العربية، هو أولى "من الجيش اللبناني بهذه المليارات الخمسة" على ماقاله إعلامي سوري ومن الداخل، تعليقا على هذا الخبر. مضيفا: "يبدو أن الإيرانيين أصبحوا متأكدين بأن بشار سقط".
ويأتي هذا التساؤل، بعد أن أثير الأمر في الصحافة اللبنانية، حسب مانقلت صحيفة "الديار" اللبنانية، بعددها الصادر أمس، بأن إيران تسعى لتسليح الجيش اللبناني بصواريخ أرض- أرض، وصواريخ أرض – جو، وصواريخ أرض – بحر. وأن هذا العرض لو تم قبوله، من الجانب اللبناني، فسيكون أكبر صفقة تسليح في تاريخه العسكري.
ارتفاع منسوب التساؤل في الداخل السوري، حول شبهات تحيط بعلاقة إيران مع "خصم النظام السوري" كمثال تركيا، مترافقا مع سعي إيران لتسليح الجيش اللبناني بهذا الحجم الضخم غير المسبوق، يؤكد مراقبون سوريون أنه "إقرار إيراني صميم بأن النظام السوري في طريقه الى سقوط مدوٍّ" وأن إيران تسعى لـ"اختراع" حليف قوي بديلا له: "كصفقة تسعى إيران الى اقناع منافسيها بها كحل وسط: لبنان مقابل سورية".
إيران بدون جميل الأسد
مع إشارة إلى أنه ومن بعد وفاة جميل الأسد، مطلع العام الجاري، عم الأسد الابن، فإن إيران خسرت حليفها الأقوى، عمليا، وهو الأمر الذي يخفى على كثير من متابعي الشأن السوري الذين يظنون أن بشار الأسد هو "ممرّ" العلاقات الإيرانية السورية، بينما الحقيقة فإن هذا "الممر" هو جميل الأسد مؤسس جمعية "الامام المرتضى" منذ ثمانينيات القرن الماضي وارتبط بعلاقة وثيقة مع مرشد الثورة الإيرانية خامنئي منذ توليه منصبه. وهي الجمعية التي تأسست ردا على قوة الإخوان المسلمين في سورية. وكانت المكان الأمثل للتدخل الإيراني المبكر في سورية، وترويج الثورة الإيرانية من مكتبات طرطوس الساحلية. إلا أن حافظ الأسد كان يحصر المسألة بحدود ضيقة للغاية، على عكس ابنه بشار الذي لم يلتفت الى التوغل الإيراني "الثقافي" واستسلم بالكامل للدعاية جاعلا من أغلب أبناء المنطقة الساحلية ينظرون إلى خامنئي كمخلّص. من هنا، تقول شخصية تنتمي للطائفة العلوية إن: "إيران بعد وفاة جميل الأسد ثم وفاة ابنه فواز تعتبر نفسها بدون حليف حقيقي" لأن: "بشار علماني" بنظرها وهو لايعرف شيئا عن التاريخ الإسلامي وهو منشغل أكثر بتكنولوجيا المعلومات". لذلك، تؤكد الشخصية العلوية: "إيران بات من مصلحتها سقوط الأسد، فبسقوطه يمكنها السيطرة على أرياف سورية متعددة من إدلب واللاذقية وسواهما".
من هنا، فإن المخاوف السورية الرسمية، وخصوصا بعد سيطرة المعارضة السورية على مدينة "جسر الشغور" الاستراتيجية مابين اللاذقية وإدلب وحماه، واتهام النظام السوري لتركيا بدعم المسلحين بأسلحة نوعية سهلت سيطرتهم على المدينة، جاءت منبثقة من أن إيران الحليف، هي حليف قوي لمزوّد المعارضة السورية بالسلاح. الأمر الذي أكده المحلل السياسي اللبناني فيصل عبد الساتر ضيف الحلقة المشار اليها بقوله: "على حلفاء سوريا الروس والإيرانيين أن يهزوا العصا أكثر". فيوافقه الضيف في الاستوديو بقوله: "من الطبيعي أن ينتظر السوري العادي وغير العادي الذي هو صانع السياسات، من حلفائه أكثر من ذلك". وكانت تلك أبلغ إشارة الى تململ السوريين الذي بدأ يخرج للعلن من المساحة الكبيرة التي تتحرك بها الدولة الإيرانية، على حسابهم. وتتحدث الآن عن خمسة مليارات للجيش اللبناني، وتمنعها عن الأسد، يقول المصدر السالف. ويضيف متهكما: "الإيرانيون ضحكوا علينا بعساكر حزب الله ليتهربوا من تقديم دعم حقيقي للنظام. بينما يتفرجون عليه ويتاجرون بجمهوريته ريثما ينتهون من إبرام اتفاق نووي. بعدها سيخرج حسن نصرالله من سورية ومن النظام كما يخرج الخاتم من الإصبع". وينتهي الى القول: "نعم، لقد خُدِعنا بإيران. لكن الوقت قد فات. وسورية انتهت". العربية