المرجع الصرخي يضع الآلية السليمة لمواجهة التمدد الإيراني. استطاعت إيران إن تتمدد في عالمنا العربي والإسلامي من خلال سيطرتها على المرجعيات الأعجمية التي زرعتها في المحيط العربي وخصوصا في العراق الذي يضم النجف المحور الذي تدور حوله رحى الشيعة، ومن خلال سيطرتها على تلك المرجعيات صارت تتحكم في المجتمعات العربية وخصوصا الشيعة واتخذت من الطائفية والمذهبية أفيونا تخدر فيه المجتمع وتسيطر بواسطته على طريقة تفكير مواقفه وسلوكياته بما يضمن لها تحقيق مصالحها السلطوية وأجنداتها الإمبراطورية وإطماعها التوسعية وجعلت من تلك المجتمعات وقودا تسير فيه قافلة مصالحها وحطبا لصراعاتها. يوازي ذلك تمرير أسطورة "نقل السلطة الدينية" من العراق إلى إيران، فكانت هذه الخديعة فخا وقع فيه الغرب والشرق والحكام بمن فيهم صدام والعرب، فراحوا يبحثون عن وسائل لكي يوقفوا هذا المخطط الوهمي ويحولون دون حصوله، لأنه يهدد وجودهم وأمنهم القومي لما تمتلكه السلطة الدينية من نفوذ وسيطرة وتحكم على المجتمع الشيعي، فكان من أهم تلك الوسائل التي اعتمدوها هي خلق حالة من التوازن مقابل مرجعية قم إيران، من خلال إبقاء وجود ودعم المرجعية الإيرانية في العراق وجعلها القطب الأوحد الذي تدور حوله رحى الشيعة، يوازي ذلك إجهاض وقمع المرجعيات العراقية العربية، لكنهم غفلوا عن حقيقة متأصلة ومتجذرة وهي إن المرجعية الإيرانية ولاؤها لوطنها إيران. وهكذا تم استقطاب المجتمعات طائفيا وصارت الطائفية المقيتة ثقافة وعقيدة وسلوك منحرف تسفك من اجلها الدماء، وتخطف بها الأوطان، وتطمس بوحلها الهوية الوطنية والعربية، وتستباح بها الحرمات وتنتهك المقدسات، وتشرع فيها التبعية والولاء لإيران والمرجعيات الأعجمية ولو كان على حساب خراب الوطن والمواطن وهذا ما تعيشه وتعاني منه بعض الدول العربية وفي طليعتها العراق وسوريا واليمن ولبنان وغيرها. إذا ما أردنا التخلص من الهيمنة الإيرانية وايقاف التمدد والنفوذ الإيراني والوقوف بوجه مشروع الإمبراطورية الساسانية الذي لا يفارق مخيلة حكام إيران فينبغي إعادة النظر في الإستراتيجية التي لم تفلح في مواجهة الخطر الإيراني، والبدء بإستراتيجية جديدة قادرة على مواجهة التمدد الفارسي قائمة على أسس ومقدمات صحيحة ومن أهمها التعامل مع رموز فكرية واجتماعية وطنية عربية معتدلة تمتلك المؤهلات التي تمنحها القدرة على التأثير الإيجابي في مجتمعاتها ونهيئ لها كل الأسباب لكي تكون البديل الناجح الصالح الذي يعمل على صناعة مجتمعات تتمسك بهويتها الوطنية والعربية، وتؤمن بثقافة التعايش السلمي، وتنبذ الطائفية المقيتة والعنف والتطرف، وتعمل على بناء أوطانها وتضحي من اجلها. خطورة التمدد الإيراني وأسبابه ومسبباته وحيثياته، كان قد شخصها وحذر منها المرجع العراقي العربي الصرخي الحسني مرارا وتكرارا في خطاباته وبياناته ومحاضراته ولقاءاته، واضعا في الوقت ذاته الآلية الناجعة لمواجهة هذا الخطر، والتي تعتمد على مقدمات منها التعامل مع رموز فكرية واجتماعية صالحة مصلحة، كما عبر سماحته عن ذلك في الحوار الذي أجرته معه جريدة الشرق الأوسط بتاريخ: 18 أبريل 2015، في سياق جوابه عن احد الأسئلة التي وجهته له الجريدة، وهذا نص السؤال والجواب: السؤال: ماذا يدفع الشيعة من العراق وإيران ولبنان إلى سوريا وبلدان أخرى للقتال في سوريا وغيرها؟. جواب سماحته))- كل تجمع بشري ان شعر انه وجوده وثقافته ودينه ومعتقده مهدد بالخطر والزوال فانه سيبذل كل جهده من اجل الدفاع عن نفسه ووجوده وكيانه ومعتقداته حتى لو استعان بأعداء او شيطان فضلا عن حاكم فاسد متسلط محتال ومن هنا يسلك المتسلطون المحتلون والحكام الظالمون مسلك التأجيج الطائفي والمذهبي المقيت كي يخاف الشعب ويفقد القدرة على التفكير الصحيح لشعوره بالتهديد والاستئصال فيتصور ويصدق ان الحاكم والمتسلط الظالم هو المنقذ والمخلّص ، ومن هنا إن أردنا التغيير فلابد من المقدمات الصحيحة لذلك ومنها ان نتعامل مع رموز فكرية واجتماعية ونهييء لها كل الأسباب كي تكون بديلاً حقيقياً صالحاً مصلحاً كي يثق المجتمع بقوى التغيير وإلا فسيفقد الثقة وسيكون النفور والابتعاد كما يحصل الآن من عدم ثقة ونفور شعبي عام من كل ما يطرحه الاحتلال ومن ارتبط معه ممن طُبع وتطبّع على الظلم والفساد والإفساد...والكلام يشمل العلويين مورد السؤال كما يشمل غيرهم من شيعة وسنة في العراق والشام وإيران وبلاد العرب وغيرها من بلدان.)) بقلم احمد الدراجي - دنيا الوطن
To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video