حتى في إسرائيل سيضطرون للاعتراف بأن الاتفاق جيد لكن إيران ستبقى الرابح الأكبر
اتفاق الإطار الذي توصلت اليه الدول الكبرى مع إيران في مدينة لوزان السويسرية، تبدو صفقة جيدة لأول وهلة. لكن يجب علينا أن نكون حذرين-لأن هناك عدة أمور بقيت مفتوحة.
الاتفاقات التي عرضت أمس من قبل الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وزير الخارجية جون كيري، وأيضا من قبل وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف، مفصلة بشكل مفاجئ. لم يكن هناك توقع بالتوصل الى تفاهمات أساسية الى هذه الدرجة، حتى تم عرضها أمامنا. لكن مع كل الرضا الذي عبر عنه الامريكيون والدول الكبرى الاخرى، الامتحان الحقيقي سيكون خلال الاتفاق النهائي المفصل والذي من المتوقع أن تتم صياغته حتى الـ30 من حزيران\يونيو.
السؤال الأهم: هل لن يتم تذويب تنفيذ الاتفاق ولن تتحول بنوده الى علامة ميتة مع مرور السنوات التي سيكون فيها حيز التنفيذ؟ سؤال آخر: هل لن تجد إيران طرق مبتكرة للاحتيال والخداع، كما فعلت في الماضي؟ في حال نفذت الرقابة في الطريقة التي عرضت خلال اتفاق الإطار، سيكون من الصعب عليهم أن يقوموا بالخداع.
ما الذي ربحناه وما الذي ربحه الإيرانيون؟
على افتراض أن إطار التفاهمات الذي عرض أمس سيتحول الى اتفاق تام وشامل، من ضمنه الملاحق التقنية، حتى إسرائيل يمكنها أن تتعايش معه. مثلما قال الرئيس اوباما، الاتفاق يمنع من الايرانيين لمدة 10 سنوات على الاقل امكانية انتاج موادا انشطارية ضرورية لإنتاج قنبلة نووية واحدة.
ما كان بالإمكان التوصل الى نتيجة أفضل من هذه حتى لو قامت إسرائيل والولايات المتحدة ودول أخرى بقصف المنشآت النووية الايرانية. حتى لو كانت الضربة موفقة، فإن البرنامج العسكري سيتأخر بأقل من 10 سنوات.
بالنسبة للإيرانيين فإن هنالك مكاسب كثيرة من رفع العقوبات المفروضة عليهم. السؤال هنا هو فيما إذا سيقوم الكونغرس بكبح جماح هذه العملية، وكيف بالضبط سيتم تنفيذه. وتيرة إزالة العقوبات لم تذكر، وسيكون موضوع مساومة أساسي خلال استكمال المفاوضات.
الثغرات
مع ذلك، يجب عدم التغاضي عن الثغرات. على سبيل المثال، ليس من الواضح ما يمكن أن يحدث بعد مرور الـ10 سنوات. ليس مؤكداً بأن الامريكيون، الاوربيون والأمم والمتحدة سيتمكنون من اعادة العقوبات كاملة في حال خالفت إيران شروط الاتفاق وحاولت تصنيع قنبلة نووية.
الموضوع الاكثر اشكالية هو أجهزة الطرد المركزي المتقدمة، القادرة على تخصيب اليورانيوم بسرعة 20 ضعفاً من أجهزة الطرد المركزي من الموديل الاول. على الرغم من أن هناك تقييد لـ10 سنوات لاستعمال أجهزة الطرد المركزي الحديثة، لكن ماذا سيحدث بعد ذلك؟ يسمح للإيرانيين وفق الاتفاق بإجراء أبحاث وتطوير، وعلى ما يبدو إنتاج أيضاً، لأجهزة طرد متطورة، على مدار هذه الفترة. هذا الامر هو أحد أوجه القصور الذي ينبغي اغلاقه في الاتفاق النهائي.
تحت الجبل هنالك مشكلة
قضية المنشأة في فوردو أيضاً فيها إشكالية كبيرة. ظاهريا، بموجب الاتفاق، لن يكون هنالك تخصيب لليورانيوم في المنشأة الموجودة 80 مترا تحت الصخور. قيل فقط، أنه سيتم تحويلها للتطوير والبحث بموضوع الفيزياء النووية-مصطلح ضبابي جدا، وعلاوة على ذلك، أوضح وزير الخارجية الايراني ظريف أن الآلاف من أجهزة الطرد التي تم تركيبها في فوردو لن يتم تفكيكها. معنى ذلك بأنها سوف تكون صالحة وجاهزة في حال قرر الإيرانيين ان الوقت قد حان لاستئناف تخصيب اليورانيوم بأقصى سرعة -وهذا يشمل على الأقل 2.000 من أجهزة الطرد المركزي الحديثة.
من الصعب قصف المنشأة في فوردو. وكل ما يجب على الايرانيين القيام بها هو إعلام مفتشي الامم المتحدة أنهم لا يسمحون بإجراء تفتيش داخل المنشأة ومن ثم الاختراق بسرعة نحو تصنيع القنبلة، وهم يقومون بتخصيب اليورانيوم بسرعة أكبر من السابق. هذه الفرصة يمكنهم استغلالها في حالة كان انتباه المجتمع الدولي يتجه الى مكان آخر. هكذا كان الامر مع كوريا الشمالية.
يجب أيضا أن نتذكر أن اتفاق التفاهم، لا يعالج بتاتا تطوير الصواريخ الباليستية وصواريخ الكروز طويلة المدى التي تمتلكها إيران، وهي قادرة على حمل رؤوسا نووية. إسرائيل لن تكون أبدا آمنة، ما دام هذا الامر لم يتم معالجته ولم يكن تحت تفتيش عن كثب.
بيع الاتفاق لإسرائيل
مع ذلك، الرقابة التي نجحت الدول الكبرى بفرضها على إيران بشأن تخصيب مثير للإعجاب، وسيتم تنفيذه لأكثر من جيل من الزمان. من الممكن العثور على مزيد من العيوب والمزيد من الإيجابيات، ولكن في إسرائيل أيضاً سيضطرون للاعتراف بأن هذه صفقة جيدة أكثر مما كنا نتوقع.
ضد كل قدرات الغش والخداع التي أظهرتها وما زالت تظهرها إيران حتى اليوم، لا يوجد اتفاق، مهما كان جيداً، القادر حل الأمر. بديلة الهجوم، كما ذكرت، ليست أفضل.
بدون أدنى شك ينتظر الرئيس أوباما عملاً شاقاً الآن لتسويق الاتفاق، ليس فقط للكونغرس ولإسرائيل -وإنما للحلفاء في الشرق الأوسط أيضاً. أوباما حاول اتخاذ تدابير وقائية: وعد بالاتصال مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وسيرسل طاقم الامن القومي لكي يتحدث معنا، ويعد بتقديم مساعدات أمنية كبيرة. بكلمات بسيطة، اوباما يعرض على نتنياهو المصالحة والتعاون في صياغة اتفاق نهائي خلال الاشهر الثلاثة القريبة. على حكومة اسرائيل ان تتمسك بالاتفاق بقوة.
رون بن يشاي هو محلل للشؤون الأمنية، هذا المقال نشر لأول مرة في موقع Ynet