واشنطن بوست – التقرير
أحرقت الميليشيات الشيعية وقوات الحكومة العراقية ونهبت عشرات القرى، وقامت بخطف 11 شخصًا على الأقل من السكان المحليين، في أعقاب عملية تدعمها الولايات المتحدة ضد الدولة الإسلامية في العام الماضي، وفقًا لما قالته جماعة لحقوق الإنسان في تقرير جديد.
وقالت هيومن رايتس ووتش، في تقريرها الصادر يوم الأربعاء، إن المقاتلين الموالين للحكومة، وبعد أن ساعدتهم الغارات الجوية الأمريكية في كسر حصار المجموعة المتطرفة لبلدة أمرلي أواخر الصيف الماضي، تركوا في أعقابهم 30 على الأقل من القرى المجاورة مدمرة بطريقة “منهجية، تقودها الرغبة في الانتقام“.
وأكدت هيومن رايتس ووتش على أن الميليشيات المدعومة من إيران وقوات الأمن الحكومية، استهدفت السنة إما لأنهم اشتبهوا في دعمهم للدولة الإسلامية أو ببساطة لأنهم جاءوا من نفس الطائفة التي تنتمي إليها الجماعة المتشددة التي تسيطر على أجزاء كبيرة من العراق وسوريا.
وقالت سارة مارغون، وهي مديرة مكتب واشنطن لهيومن رايتس ووتش، إن الانتهاكات الموثقة في التقرير يجب أن تشكل تحذيرًا لحكومات العراق وإيران والولايات المتحدة، بأنه يجب اتخاذ خطوات جديدة للتأكد من أن مثل هذه الانتهاكات الفظيعة لن تحدث بعد معارك أخرى ضد الدولة الإسلامية، مثل تلك التي تتكشف الآن في مدينة تكريت.
وأضافت مارغون: “الأمر لا يتعلق فقط باستخدام الضربات الجوية لتخفيف قبضة داعش، بل بما يحدث في أعقاب ذلك. ورغم أن الولايات المتحدة قد لا تكون متواجدة على أرض الواقع في تلك المعارك؛ إلا أن عليها واجبًا بأن تفكر فيما سيتبع هذه المعارك“.
وتؤكد الانتهاكات المبلغ عنها مخاطر نهج إدارة أوباما في مكافحة الدولة الإسلامية، والذي يحد من قدرة المسؤولين الأمريكيين في توجيه القوات مباشرةً على أرض الواقع، والتأكد من التزام هذه القوات بقوانين الحرب. وهناك أقل من 3000 من الجنود الأمريكيين على الأرض في العراق اليوم، ومهمتهم هي التدريب وتقديم المشورة للقوات العراقية، وليس المشاركة في القتال.
وقد أشار المسؤولون الأمريكيون سابقًا إلى عملية كسر الحصار على قرية أمرلي، حيث تقطعت السبل بالآلاف من التركمان الشيعة دون طعام أو ماء، باعتبارها واحدة من أهم الانتصارات حتى الآن في الحملة الدولية ضد الدولة الإسلامية. وكان ينظر إلى أمرلي كمثال للتعاون غير الطائفي الذي كان المسؤولون الأمريكيون يأملون طويلًا برؤيته في العراق.
وقالت هيومن رايتس ووتش، التي استخدمت المقابلات وصور الأقمار الصناعية لتوثيق الانتهاكات المزعومة، إن رجال الميليشيات والمقاتلين المتطوعين وقوات الأمن قامت بنهب القرى المحيطة بقرية أمرلي، واستخدمت النار والمتفجرات والمعدات الثقيلة في تدمير المنازل والشركات.
وأضافت جماعة حقوق الإنسان أنها تأكدت من تدمير الميليشيات الموالية للحكومة لـ 30 من أصل 35 قرية حول أمرلي. كما ووثقت الجماعة أيضًا اختطاف 11 رجلًا، وقالت إن السكان المحليين ذكروا اختفاء كثيرين آخرين من قراهم.
وليست هذه هي المرة الأولى التي تؤكد فيها هيومن رايتس ووتش حدوث انتهاكات طائفية منذ اندلاع معركة العراق ضد الدولة الإسلامية العام الماضي. وفي الخريف، وجدت المجموعة أن مقاتلي القوات شبه العسكرية وقوات الأمن قتلوا 34 شخصًا داخل مسجد في محافظة ديالى.
ويعد اعتماد العراق المتزايد على الميليشيات الممولة والمسلحة من قبل إيران، واقعًا غير مريح في واشنطن، حيث تواجه إدارة أوباما معارضة واسعة النطاق من جانب الجمهوريين في الكونغرس لمفاوضاتها بشأن برنامج طهران النووي.
وحث مسؤولون أمريكيون، بما في ذلك الجنرال مارتن ديمبسي، رئيس هيئة الأركان المشتركة، الحكومة العراقية لضمان أن يتبع القتال ضد الدولة الإسلامية تقديم مساعدات إعادة الإعمار، وتنفيذ سياسات الحكم الشامل، وعدم الانتقام الطائفي. وردًا على تقرير هيومن رايتس ووتش، قالت الحكومة العراقية إن الدولة الإسلامية هي من كانت قد فخخت المنازل وهجرت الناس.
ودعت هيومن رايتس ووتش رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، لحل الميليشيات، وتعويض الضحايا، ومعاقبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات. كما دعت إدارة أوباما لضمان وضع حد لمثل هذه الأعمال قبل تقديم مساعدات عسكرية إضافية أو أسلحة لبغداد.
ومن غير المرجح أن يكون لدى العبادي الذي يرأس تحالفًا سياسيًا هشًّا، القدرة على اتخاذ مثل هذه الخطوة في المدى القريب. وقال رافد جبوري، وهو المتحدث باسم العبادي، إن رئيس الوزراء الشيعي أوضح أنه لن يكون “هناك تسامح مطلقًا مع انتهاكات حقوق الإنسان“، وكان قد أمر بالتحقيق في التقارير الأخيرة التي أشارت لحدوث مثل هذه الانتهاكات. وأضاف: “جميع العراقيين سواسية؛ الشيعة والسنة والأكراد والجماعات الأخرى الأصغر“.