فاينانشيال تايمز – التقرير
أطلقت محاولة بنيامين نتنياهو، وأنصاره من الحزب الجمهوري في الكونغرس الأمريكي، لإجهاض الاتفاق النووي المفترض للرئيس باراك أوباما مع إيران، العنان للكثير من الشكاوى والغضب. وقد تم إيلاء اهتمام أقل لما قد يحدث في الشرق الأوسط بعد عقد أي اتفاق من هذا القبيل. وما قد يحدث هو ما يخيف المملكة العربية السعودية، وتركيا، وإسرائيل، الحلفاء التقليديين لأمريكا في المنطقة.
وعلى وجه الخصوص، كرس وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، جهدًا كبيرًا لاسترضاء الغضب وتهدئة مخاوف المملكة العربية السعودية وحلفائها السنة، الذين يرون في إيران الشيعية منافسًا يريد الهيمنة، ليس فقط في الخليج، بل في جميع أنحاء بلاد الشام.
وفي الرياض قبل 10 أيام، سعى كيري لطمأنة القادة السعوديين بأنه في حال التوصل إلى اتفاق نووي، “فنحن لن نبعد أعيننا عن الإجراءات الأخرى التي تتخذها إيران لزعزعة الاستقرار في أماكن مثل سوريا، ولبنان، والعراق، وشبه الجزيرة العربية“.
ولن يكون هناك، كما قال كيري، “صفقة كبرى”، من شأنها، كما يخشى خصوم إيران، أن تؤدي لاعتراف أمريكا بمكاسب الشيعة والجمهورية الإسلامية الفارسية عبر الأراضي العربية لأول مرة منذ قلبت الولايات المتحدة النظام الإقليمي في عام 2003، من خلال غزو العراق، وتنصيب حكومة ذات أغلبية شيعية في البلاد التي تعد قلب العالم العربي.
وهناك مشاكل مع هذه التطمينات. وأولى هذه المشاكل هي أن الولايات المتحدة، والقوى العالمية الأخرى، سعت للحفاظ على الملف النووي منفصلًا عن كل القضايا الخلافية الأخرى خلال التفاوض مع إيران، بهدف منع طهران من استخدام هذه القضايا كوسيلة ضغط خلال المحادثات. والحفاظ على هذا الفصل أصبح صعبًا مع اقتراب لحظة الحقيقة في مسار المحادثات النووية.
وثانيًا- ليس نفوذ إيران في الأراضي العربية حقيقيًا فقط، بل وآخذًا في التوسع. المحور الذي أقامته طهران من بغداد إلى بيروت عبر دمشق، توسع الآن، في نظر السنة، وصولًا إلى اليمن؛ حيث سيطر الحوثيون على السلطة. ويرى السعوديون بأن يد إيران متورطة في حدوث هذا.
وثالثًا- أدى الانهيار في منطقة الشرق الأوسط إلى تغيير أنماط التحالف. وساعدت ظاهرة داعش في خلق بعض التحالفات الغريبة.
وعندما قامت تركيا الشهر الماضي بنقل مزار كانت قد حافظت عليه داخل شمال سوريا، احتاجت أنقرة لعقد اتفاق مع الميليشيات الكردية السورية، التي وصفها الرئيس رجب طيب أردوغان العام الماضي بأنها لا تختلف عن داعش. ومذ أن تركيا لم تطلق طلقة واحدة خلال غزوتها تلك في الأراضي الجهادية، يفترض معظم المحللين أيضًا أن أنقرة كانت قد وصلت إلى تفاهم مع داعش.
ومن جانبها، قدمت إسرائيل الرعاية الطبية للمقاتلين من جبهة النصرة، وهي حليف تنظيم القاعدة، في جنوب غرب سوريا. وفي لبنان، وفرت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والمملكة العربية السعودية الأسلحة والمساعدات للجيش ولذراع المخابرات، رغم أنهم يعرفون أنه تحت تأثير حزب الله المدعوم من إيران والذي يدعم نظام بشار الأسد في سوريا.
والآن، هناك معركة جارية لاستعادة تكريت في شمال وسط العراق من داعش. وليست الحكومة العراقية، المدعومة من قبل كل من طهران وواشنطن، قادرة على الاعتماد على الجيش الذي دربته الولايات المتحدة بعد أن أخفق في مواجهة داعش في الصيف الماضي، وهي تستخدم الآن بشكل رئيس الميليشيات الشيعية، جنبًا إلى جنب مع عدد قليل من مقاتلي العشائر السنية. وتم تنسيق شبكة الميليشيات الشيعية عن طريق قاسم سليماني، وهو قائد الحرس الثوري الإيراني الذي بنى شبكة مماثلة من الميليشيات لمساعدة عائلة الأسد في سوريا.
وقال الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي المخضرم، في مؤتمر صحفي في الرياض مع كيري: “الوضع في تكريت هو مثال ساطع على ما نحن قلقين بشأنه“. وأضاف: “إيران تقوم بالاستيلاء على البلاد (العراق)“.
وفي هذا النمط المربك من التحالفات المتشابكة والمتغيرة، لا يعقد كثيرون في المنطقة الأمل على تطمينات واشنطن. ويقول أحد قادة العرب السنة: “لا يمكن لأحد الاعتماد على أمريكا“.
المصدر