توسعت الاحتجاجات في إقليم عربستان في إيران اليوم الثلاثاء، حيث شارك الآلاف من أبناء الإقليم في التظاهرات المطالبة بمعالجة التلوث البيئي، الذي يعتبر الأعلى في العالم، والتي تحولت إلى التنديد بممارسات النظام القمعية ضد مواطني الإقليم، مما اضطر الرئيس روحاني لإرسال مستشارته معصومة ابتكار، في محاولة للتهدئة، بينما دعا أمين عام منظمة مناهضة العنصرية يوسف عزيزي إلى تصعيد عمليات الاحتجاج.
لندن: دخلت حركة الاحتجاجات اليوم أسبوعها الثاني تنديدًا بإهمال السلطات الإيرانية المركزية في طهران، وعدم اهتمامها بحل مشكلة تلوث البيئة في مدينة الأهواز عاصمة إقليم عربستان، بجنوب غرب البلاد وذلك بعد أن اشتدت الأعاصير الرملية والغبار حتى دخلت إلى غرف نوم السكان. وقد بدأت الاحتجاجات في البداية باجتماع العشرات من الأهوازيين أمام مبنى المحافظة غير أن محافظ الإقليم عبدالحسين مقتدائي رفض الحضور بين الجماهير وحضر مكانه قائمّقام مدينة الأهواز ارزاني بيرغاني، حيث واجهه المحتجون بالهتافات المنددة بالمسؤولين الإيرانيين.
وقد شارك حوالي 30 الف أهوازي يوم الجمعة الماضي في ملعب الغدير بمدينة الأهواز لمشاهدة مباراة بكرة القدم بين فريق محلي وآخر من مدينة اصفهان، حيث استغلت الجماهير العربية الاجواء الرياضية ورفعت شعارات سياسية تندد باهمال الحكومة الإيرانية لحياة المواطنين في الإقليم، ورددت هتافات قومية تؤكد على عروبة الأهواز. وبلغت الإحتجاجات ذروتها يوم الأحد الماضي، عندما اجتمع المئات من الأهوازيين أمام مبنى المحافظة ورددوا هتافات تطالب باستقالة المحافظ الذي وصفوه بالمتخاذل والضعيف، وطالبوا بتعيين مسؤولين محليين آخرين، والعمل على حل مشكلة التلوث الهائل المستمر منذ 13 عاماً والذي اودى بحياة العشرات من الأهوازيين اثر تفشي الامراض القلبية والرئوية وارتفاع نسبة مرض السرطان بنسبة 500 في المئة، وفقًا لاحصاءات ادارة صحة مدينة الأهواز التي تعد اكثر مدن العالم تلوثًا وفقًا لتقاريرالامم المتحدة.
وعلى الفور هاجم العشرات من عناصر الشرطة الإيرانية المحتجين المجتمعين امام مبنى المحافظة في محاولة لفضهم واعتقلوا عدداً منهم، وفي مقدمتهم الناشط الثقافي والفني عماد عبيات لکن بعد اصرار المتظاهرین وازدیاد اعدادهم تمکنوا من خرق حصار الشرطة والتجمع امام مبنى المحافظة رافعين شعارات تندد باهمال حكومة طهران لمدة 13 عامًا لظاهرة التلوث والأعاصير الرملية التي اوقفت الحياة الاقتصادية في المدينة وادت إلى اغلاق المدارس... كما رددوا هتافات معادية للمسؤولين المحليين والحكومة الإيرانية مطالبين بحل المشكلة.
ثم تحرك المتظاهرون إلى وسط مدينة الأهواز غير أن الشرطة أغلقت أمامهم جسر نادري الواقع على نهر كارون لمنعهم من الوصول إلى الوسط التجاري في الضفة الشرقية غير أنهم اخترقوا الحواجز وساروا بمظاهرات في أنحاء مختلفة من الشوارع الرئيسية في الوسط التجاري لمدينة الأهواز مرددين هتاف "نريد العدالة... وإيران ليس طهران فقط".
وأمس الاثنين، انضم إلى المتظاهرين المزارعون العرب الوافدون من مدينة الفلاحية، وتجمعوا امام مبنى المصلحة العامة للماء والكهرباء في الأهواز العاصمة مطالبين بحل مشكلة جفاف نهر الجراحي الواقع في جنوب شرق اقليم عربستان والحيلولة دون استغلال هؤلاء المزارعين من قبل الحكومة الإيرانية.
تخطيط متعمد
ونشر ناشطون أهوازيون في داخل إقليم عربستان على صفحات مواقع التواصل الإجتماعي صورًا مأساوية عن الأجواء في الأهواز، تشير بوضوح إلى حدوث مشكلة بيئية كبيرة في الإقليم تعاظمت عندما استمرت الأجواء البيئية السيئة إلى يومها الثالث، وذلك وسط تصريحات غير مسؤولة من جانب قادة النظام الإيراني.
وفي أول تصريح لها على ما يشهده إقليم الأهواز من تلوث، قالت معصومة ابتكار رئيسة منظمة البيئة في ايران إنها طالبت باجتماع عاجل لبحث معالجة سوء الاحوال الجوية في الأهواز الناتج عن العواصف الرملية، الأمر الذي لا يدعو إلى الأمل لحل هذه الأزمة، خصوصًا وأنها سبق وأن وعدت ايضاً بايجاد حلول جذرية لهذه المشكلة.
وبينما تقول السلطات إن العواصف الرملية ناتجة عن تصحر تشهده المنطقة منذ السنوات الخمس الماضية، لكن بالمقابل يرى المواطنون الأهوازيون أن هذه الازمة تأتي نتيجة بناء السدود على نهري كارون والكرخة اللذين تسببا في تجفيف هور العظيم الواقع بين الأهواز والعراق.
ونتيجة لسوء الاحوال الجوية بقيت مستشفيات الأهواز في حالة تأهب حيث راجعها آلاف المواطنين العرب بعد أن تعرضوا إلى حالات اختناق نتيجة استنشاق جسيمات صغيرة وخطرة .
يذكر أنّ تلوّث الهواء بلغ في كثير من المدن الأهوازية من بينها المحمرة وعبادان والخفاجية وايضاً الأهواز العاصمة إلى مستويات تهدّد صحة الناس بشكل خطر ومباشر.
دعوة لتصعيد الاحتجاجات
وفي اتصال أجرته "إيلاف" مع أمين عام مركز مناهضة العنصرية ومعاداة العرب في إيران يوسف عزيزي، حول اسباب هذه الانتفاضة المستمرة منذ أيام، فقد أشار إلى أن الإهمال واللامبالاة من قبل حكام طهران قد بلغا حدًا ادى بالجماهير الأهوازية إلى كسر حاجز الخوف والاحتجاج امام مبنى المحافظة في مدينة الأهواز وممارسة حقهم القانوني والشرعي خاصة وأنهم يتعرضون لأعاصير رملية منذ 13 عامًا دون أن يحرك الحكام ورجال الدين القاطنون في قصور "مرمر" و"نياوران" في طهران ساكنًا لحل مشاكل الشعب العربي الأهوازي والاقليات القاطنة في اقليم عربستان.
واضاف قائلاً: "نحن لا نتحدث عن اضطهاد قومي وعنصري، لهذا الشعب فحسب بل عن كارثة بيئية ساهم النظام القائم في خلقها، فأساس هذه الكارثة التي ادت إلى ارتفاع عدد المصابين بأنواع الأمراض الرئوية والقلبية وخاصة السرطان، إلى اكثر من 500 في المئة خلال سنوات، هو تجفيف مياه هور العظيم وانخفاض منسوب المياه في شط كارون وسائر الانهر في الإقليم. وأوضح انه لذلك، فإن أي حل لم يعد إلى الأنهر مياهها المسروقة، ولم ينهِ أنشطة استخراج النفط من آبار الهور (مشروع آزادغان) ولن يصل إلى أي نتيجة كما هو متوقع.
وأضاف عزيزي، انه لا يتوقع توقف النظام الإيراني عن استخراجه للنفط في القسم الإيراني لهور العظيم، لأنه يريد أن يفرغ هذه المنطقة المشتركة مع العراق من النفط كي يحرم جيرانه العراقيين منه خاصة وأنه يواجه انخفاضاً في اسعار النفط ومشاكل في تسويقه.
ووجه عزيزي رسالة إلى ابناء جلدته العرب في الأهواز، قائلاً إن على "جماهير شعبنا العربي الأهوازي، من كسبة وعمال وفلاحين وطلبة وموظفين ونساء وشباب، أن يوسعوا رقعة الاحتجاجات كي يهزوا عرش ولي الفقيه القاطن في قصر مرمر والحكام الآخرين في نياوران ويجبروهم على الاصغاء إلى طلباتهم من اجل هواء نقي وكارون مليء بالمياه وتأمين حقوقهم المسلوبة". كما دعاهم إلى "الاستمرار بالاحتجاجات حتى يرضخ طاغوت طهران المعمم لصرخاتهم"... مناشدًا شباب الخفاجية والفلاحية والحميدية والمحمرة وعبادان والشوش ومعشور والخلفية ان يتحركوا ويساندوا الأهواز العاصمة، قبل أن يموتوا ويدفنوا بالتدريج اثر الأعاصيرالرملية، وهذا ما يتمناه حكام طهران لانهم وبإهمالهم للاوضاع لمدة 13 عاماً يتمنون أن يهاجر العرب من وطنهم وارض آبائهم واجدادهم إلى مناطق اخرى من ايران لتسهيل تفريسهم واستغلال ثروات الأهواز بدون مانع او رادع .
يذكر أن اقليم عربستان المعروف بالأهواز يوفر ثمانين بالمئة من ميزانية إيران، حيث توجد آبار النفط والغاز ومصادر الطاقة من مياه الانهر والقمح والذرة وقصب السكر في الإقليم. ورغم مرور 13 عامًا على الأعاصير الترابية والرملية، التي تهب على الأهواز في معظم الأوقات غير أن السلطات الإيرانية لم تحرك ساكنًا لحل هذه المعضلة التي تهدد حياة المواطنين وثرواتهم الزراعية والحيوانية. إيلاف