المونيتور – التقرير
في 22 كانون الثاني/ يناير، أعلن عبد ربه منصور، الرئيس اليمني المدعوم من الغرب والسعودية، استقالته مع حكومته، لتعلن بعدها مباشرة حركة الحوثي، المعروفة باسم أنصار الله والتي سيطرت على صنعاء منذ أيلول/ سبتمبر الماضي، سعيها “لانتقال سلمي للسلطة”.
بالرغم من الاختلاف الديني، إلا أن القليل جدًا هو ما يفصل الشيعة الاثنا عشرية الإيرانية عن الحوثيين الشيعة الزيديين بخصوص السياسة الخارجية. الشعار السياسي الذي يتبناه الحوثيون هو: “الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل”، المبني على شعارات إيران الثورية.
ينتمي الحوثيون إلى الشيعة الزيدية، ويرجع اسمهم إلى القائد السابق بدر الدين الحوثي، الذي قاد الحركة في انتفاضة 2004 الساعية للحكم الذاتي لمحافظتهم صعدة، وحماية تقاليدهم من الهيمنة السنية. محافظة صعدة الواقعة شمال غرب البلاد، وتجاور الحدود الجنوبية الغربية للسعودية. بحسب بعض التقديرات، فإن الزيديين يشكلون ثلث الجالية اليمنية المكونة من 25 مليونًا.
سلسلة من التصريحات أطلقها مسؤولون إيرانيون سلطت الضوء على وجهة نظر إيران: اليمن الآن في الطيف الإيراني للتأثير، وينظر لها على أنها عضو جديد في “محور المقاومة”، الذي يضم سوريا وحزب الله والمليشيات العراقية. هذا المحور هو تحالف تقوده إيران من دول وميليشيات في الشرق الأوسط تسعى لمواجهة مصالح الغرب وإسرائيل.
بجانب الأهداف الإقليمية المشتركة، أمر أساسي في التحالف هو الدعم الإيراني الواسع، ماديًا وماليًا ومن خلال المساعدة في التدريب واللوجيستيات لأعضاء المجموعة.
في 25 كانون الثاني/ يناير، أعلن حجة الإسلام علي شيرازي، ممثل المرشد الأعلى آية الله خامنئي في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، قائلًا: “حزب الله تشكل في لبنان كقوة شعبية مثل الباسيج. قوات شعبية مماثلة في إيران والعراق تشكلت، واليوم نشهد تشكل أنصار الله في اليمن“.
قبل ذلك بأيام، أعلن العميد في لواء الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي: “أنصار الله نسخة مشابهة لحزب الله في منطقة استراتيجية“.
في كلا التصريحين، ربط أنصار الله بحزب الله يمكن تفسيره من خلال المشاركة الإيرانية بالتمويل والتسليح لكل منهما.
الناطق السابق باسم المجلس الإيراني “علي أكبر ناطق نوري”، الذي يترأس مكتب التحقيقات في مكتب المرشد الأعلى، أضاف اليمن للطيف الإيراني للتأثير؛ قائلًا، في 31 كانون الثاني يناير: “نحن نشهد اليوم تصدير ثورتنا إلى اليمن وسوريا ولبنان والعراق“.
في 16 كانون الأول/ ديسمبر، “علي أكبر ولايتي”، مستشار العلاقات الخارجية لدى خامنئي؛ أكد أن التأثير الإيراني ممتد الآن من “اليمن حتى لبنان”.
في تشرين الأول/ أكتوبر، حجة الإسلام “علي سعيد”، ممثل المرشد الأعلى في الحرس الثوري الإيراني، وصف التأثير الإيراني المتنامي بقوله: “حدود الجمهورية الإسلامية انتقلت الآن إلى أبعد نقاط الشرق الأوسط. اليوم، العمق الاستراتيجي لإيران يمتد نحو سواحل البحر المتوسط ومضيق باب المندب“.
بالإضافة لدعاوى مباشرة بأن إيران تساهم مباشرة برعاية حركة أنصار الله، المعروفة بالحوثي.
في أيلول/ سبتمبر، بحسب وكالة أنباء رويترز، فإن الحكومة اليمنية أطلقت “على الأقل ثلاثة مشتبهين بانضمامهم إلى الحرس الثوري الإيراني، كانوا محتجزين لشهور لعلاقتهم مع أنصار الله“.
حسين البخيتي، ناشط حوثي معروف بعلاقاته داخل التنظيم، أنكر القصة؛ معتبرًا إياها: “ادعاءات كاذبة حول التدخل الإيراني في التطورات الإيرانية“.
بالرغم من بعض التقارير حول الدعم الإيراني المادي والتدريب لأنصار الله، إلا أن الحوثيين أنكروا الادعاءات بكونهم وكلاء للأهداف الخارجية الإيرانية، إلا أنهم اعترفوا بالدعم الإيراني بسبب الرؤية المشتركة لمواجهة “المشروع الأمريكي”.
المسؤولون اليمنيون السابقون اشتكوا مرارًا من التدخل الإيراني، وأحد أبرز الأمثلة على ذلك هو استنادهم على موضوع “جيهان 1″ كدليل. كانت الادعاءات بأن سفينة “جيهان 1″ التي سيطرت عليها اليمن في 2013 كانت تنقل الأسلحة من إيران إلى المتمردين اليمنيين. إيران أنكرت أي صلة لها بالحادثة.
أثناء ذلك، علي البخيتي، عضو بارز في الجناح السياسي للتنظيم، قال: “إيران ليست غبية لهذا الحد لترسل كمية كبيرة من الأسلحة بهذه السهولة لتدين نفسها بنفسها. إيران ربما تكون قد أرسلت أموالًا للحوثيين اشتروا من خلالها أسلحة من الأسواق المحلية أو المهربين الإفريقيين“.
بالنظر لهذه المؤشرات، لماذا يعتبر بعض المسؤولين الإيرانيين اليمن كمعقل جديد للجمهورية الإسلامية وجزء من “المقاومة”؟
هناك تفسيران محتملان:
التفسير الأول: أن إيران لم تدعم وتساعد الحوثيين، وأن التصريحات الإيرانية تستهدف بالمقابل الجماهير محليًا وإقليميًا. المسؤولون الإيرانيون الذين يصرون على مكان اليمن في “المقاومة” يصفون صعود المتمردين الحوثيين الشيعة على أنه انتصار آخر لإيران ضد الغرب، والمنافس الإيراني في المنطقة، السعودية.
إيران بذلك تبالغ بقوتها الإقليمية والعسكرية لتشكيل تصور خيالي يهدف لتثبيت الثقة لدى القاعدة الشعبية داخل وخارج حدودها -في العراق وسوريا ولبنان- بينما تستعرض عضلاتها وتخيف وتدفع خصومها المحلين والإقليميين نحو الدفاع.
كثير من المراقبين ينظرون إلى أن التطورات في اليمن ستنبه الغرب وإسرائيل، ولكن بالدرجة الأولى السعودية المجاورة، التي دعمت حكومة هادي بمليارات الدولارات وعالقة بحرب وكالة باردة مع إيران حول الهيمنة الإقليمية.
وجود حليف إيراني على حدودها لا يشكل تهديدًا عسكريًا وحسب، بل يمكن أن يؤدي لعدم سيطرة البلاد من الداخل. انتصار الحوثيين قد يشجع الشيعة في المنطقة الشرقية، الذين يشكلون 10 إلى 15 % من السعوديين، والذين يملكون أساسًا علاقة متوترة مع الدولة، على التحرك.
ضعف هذا التفسير هو أنه بينما وضع السعوديون مليارات الدولارات بدعم الدولة اليمنية، من الصعب التصديق أن الحوثيين نجحوا في تنظيم تحرك ضخم كهذا وانتصروا بالحرب من خلال بيع “الرمان والعنب”، مصدر صعدة الرئيس للدخل.
التفسير الثاني: هو أن هناك حقيقة بأقوال وادعاءات الرئيس اليمني السابق بأن إيران غائصة في الشؤون اليمنية، بالإضافة للتصريحات الإيرانية التي تقول أن أنصار الله هي العضو الجديد في “محور المقاومة”. ولكن ما دام الأمر كذلك، فلماذا يرفض الحوثيون ارتباطًا كهذا؟
هناك إجماع لدى اليمنيين بأنه لا يستطيع تيار سياسي أو قبيلة بعينها أن تحكم اليمن وحدها. بالرغم من أن صور الخميني وخامنئي وزعيم حزب الله “حسن نصر الله” رفعت من قبل الحوثيين أثناء المظاهرات خلال العام الماضي وغيره، لم يصرح أي عضو من المكتب السياسي للحوثيين بمباركة الإيرانيين.
يمكن تفسير الموقف السياسي للحوثيين من خلال إشارتهم إلى عدم وجود رغبة لهم لصناعة مقاومة ضدهم من الداخل والخارج، وأنهم لا يريدون أن يصبحوا صانع السياسة الأكبر في اليمن. يفسر حسين البخيتي النظرة الواقعية لليمن عند الحوثيين كالتالي:
“لا نستطيع تطبيق النظام الإيراني هذا في اليمن لأن تابعي المذهب الشافعي أكثر منا نحن الزيديين“.
ربما يرغب الحوثيون بتجنب استقطاب سياسي وطائفي قد يهدد الدولة اليمنية جديَا بالتقسيم.
المصدر