المخابرات الاميركية تعلن عن مفاجأتها بانهيار الحكومة المدعومة من قبل واشنطن، وطهران تشبّه الحوثي بحسن نصرالله.
ميدل ايست أونلاين
اليمن ينهار في مستنقع العنف
صنعاء ـ اعترف مدير المركز القومي لمكافحة الإرهاب بالحكومة الأميركية نيك راسموسن بأن الاستخبارات فوجئت بانهيار الحكومة اليمنية المدعومة من قبل واشنطن.
وقال راسموسن في كلمته أمام لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ "إن الجيش اليمني، الممول من واشنطن، فشل في وقف تقدم المتمردين الحوثيين، مثلما رفض الجيش العراقي، المدعوم من أميركا، التصدي لمقاتلي تنظيم داعش العام الماضي".
وأوضح أن ما حدث في العراق من مجازر ارتكبها تنظيم "الدولة الاسلامية" حدث في اليمن لكن على نطاق أضيق، فبينما كانت تتقدم جماعة الحوثي باتجاه العاصمة صنعاء، لم يتم إيقاف مقاتليها في العديد من المواقع، وتدهور الموقف بسرعة أكبر مما كنا نتوقع.
واعترف المسئول الأميركي بأن الجهود ضد فرع تنظيم القاعدة في اليمن، والذي يعتبر الأكثر خطرا على الأميركيين، قد تضاءلت بشكل ملحوظ بعد انهيار الحكومة وإجلاء موظفي السفارة الأميركية في صنعاء خلال هذا الأسبوع.
ويجيب متابعون للشأن اليمني عن هذه المفاجأة التي تزعمها واشنطن بان هناك تواطؤ اميركي ايراني جعل من جماعة الحوثي ماردا يلتهم المحافظات اليمنية الواحدة تلو الأخرى.
ونتيجة للانتصارات غير المتوقعة التي حققها الحوثيون، رفعت الجماعة سقف مطالبها لتتحول إلى إستراتيجية جديدة، فقد استولت على صنعاء، وغنمت أسلحة ثقيلة وضخمة بل ومعسكرات بأكملها، فبعد أن كان المخطط يستهدف القيادات الإسلامية والعسكرية المناوئة للجماعة وغيرها، إلا أن التواطؤ المفزع من قبل مؤسسة الرئاسة وقيادات الجيش قدمت للحوثي نصرا لم يكن يتوقعه هو وكل حلفائه في الداخل والخارج.
ويؤكد محللون أن وزير الداخلية اليمني عبده حسين الترب وجَّه كل المؤسسات الأمنية في العاصمة بعدم المواجهة مع الحوثيين منذ بداية الازمة، والتعامل معهم بما يحقق الأمن، وتفويت الفرصة على العابثين بالأمن، وخصوصاً بعد إعلان الجماعة الاحتفال بيوم النصر كما أسمته يوم 23 سبتمبر، فقد حشدت لذلك آلاف المسلحين للاحتفال في ميدان التحرير وسط العاصمة، وقد أحكمت السيطرة على العاصمة وكل مؤسساتها الأمنية والرسمية.
وبيّن هؤلاء ان تعيين الرئيس هادي الحوثيين في قيادات الجيش والأمن هو تمكين لإيران في اليمن.
ويرى متابعون للشان اليمني ان ما يجري في البلاد يندرج في اطار التفاهمات الايرانية الأميركية الجديدة، او بمعنى اصح التواطؤ الأميركي الايراني الجديد، في اطار المشروع الأكبر لاعادة رسم خريطة المنطقة والسعي لتقسيم الدول العربية.
وهناك العديد من الاسباب تجعل من الموقف الأميركي سواء الموقف الرسمي او موقف بعض الباحثين والمحللين والمنظمات الأميركية، موقفا مشبوها يرقى الى مستوى التواطؤ مع ايران.
فاجهزة المخابرات الأميركية تراقب وترصد كل انشطة ايران وما تقوم به، ولديها كل المعلومات وبأدق التفاصيل عن تدخلات ايران في كل دول المنطقة العربية.
وسبق ان اعلنت المخابرات الاميركية عن تفاصيل ما تفعله ايران في اليمن، وتفاصيل دعمها للحوثيين وقوى يمنية اخرى بالمال والسلاح، ومخططات ايران لاثارة الصراع الطائفي، لكنها اليون تتغاضى عن ذلك وتعلن انها تفاجات بسقوط الحكومة.
ونشر موقع "شفاف" الإيراني، الخميس، تقريرا عن الأحداث في اليمن بعد التطورات الأخيرة المتمثلة في سيطرة الحوثيين على السلطة.
وأشار الموقع إلى أن سيطرة الحوثيين على صنعاء تعدّ أكبر تحول في مجرى تاريخ اليمن الحديث، حيث سيؤثر على المعادلات الإقليمية في المنطقة، ومن الممكن أن تخرج اليمن من النفوذ والتأثير السعودي، حيث كان يعدّ الحديقة الخلفية للسعودية، ومن ثم إلحاقه بالحلف الإيراني المقاوم في المنطقة.
ووصف الموقع الإيراني عبدالملك الحوثي بأنه سيد حسن نصر الله اليمن، وأن سياسة الحوثي وخطابه وبناءه يشابه تماماً زعيم حزب الله في لبنان، كما أن موقف الحوثي من دول الخليج واضح، حيث يعدّها دولا معادية للثورة اليمنية وحركة أنصار الله.
ولا شك ان اليمن بلد معقد اجتماعيا ويصعب على مجموعة مثل مليشيات الحوثي أن تديره، فهو مجتمع صعب السيطرة عليه من قبل سلطة خاصة إذا كانت طائفية مثل الحوثي دون إجماع قبلي أو شبه إجماع.
ولهذا فان أخطر ما يمكن أن تخلفه أحداث اليمن أمران، الأول هو اتساع الحاضنة الاجتماعية لتنظيم القاعدة في البلاد، ما يمكنها من التمدد والسيطرة على مساحات واسعة من اليمن وحتى العاصمة على طريقة تنظيم "الدولة الاسلامية" في العراق وسوريا، لأن الإحساس بالخيانة والإحباط وعدم القدرة على رد الحوثيين قد تدفع قطاعات متزايدة من الشعب اليمني للبحث عن قوة عنيفة ومتطرفة مقابلة تواجه تطرف الحوثيين وعنفهم، وهذا ما يجعل البلاد على حافة فوضى شاملة أسوأ من التي يشهدها العراق وسوريا.