عبر نجاح إيران في تخدير السعوديين، أو بسبب فشل السعوديين في إدراك خطورة فشل الحوار الوطني في اليمن، انتقل القرار اليمني الرسمي من أيدي هادي منصور ومؤسسات الحوار الوطني إلى أيدي السفير الإيراني في صنعاء بالتوازي مع سعيها للتوسع في منطقة الشرق الأوسط عبر النفوذ السياسي وعبر المليشيات المسلحة الموالية للحرس الثوري الإيراني، توجد دلائل كثيرة على أن إيران تتجنب بشكل مستمر التصادم مع الدول التي تصنف كعدوة لها مثل إسرائيل والسعودية، وهو ما يفسره البعض بكذب إيران عند حديثها عن عدائها المطلق لإسرائيل، ويفسره آخرون بأن إيران تحاول تخدير دول المنطقة حتى تتمكن من التغلغل أكثر في المنطقة. ففي اليمن، نشرت جريدة "الشارع" اليومية معلومات مفادها أن "جماعة الحوثي تلقت تحذيرات من إيران بعدم السيطرة على مضيق باب المندب بالبحر الأحمر، وبعدم الاقتراب من الحدود السعودية في الوقت الراهن"، ناسبة هذه المعلومات لمصدر سياسي رفيع لم تذكر اسمه. وقالت الجريدة أن الناطق الرسمي باسم الحوثيين محمد عبد السلام ومعه شخص آخر يدعى علي ناصر قرشة، نقلا رسالة خطية من عبد الملك الحوثي إلى الأمير خالد بن بندر بن عبد العزيز، رئيس الاستخبارات العامة بالسعودية الذي تم عزله من منصبه إثر وفاة الملك عبد الله، وقال المصدر إن رسالة الحوثي كانت بناء على نصائح تلقاها من سفراء الصين وروسيا وإيران بمحاولة التقرب من الرياض في الوقت الحالي. وحسب ما نقله موقع الجزيرة نت عن جريدة الشارع فإن إيران قد أبلغت جماعة الحوثي بأن "الوقت غير مناسب للعداء مع الرئيس السابق علي عبد الله صالح إلى أن يتمكنوا من بسط نفوذهم على الدولة". ويذكر أن أدلة كثيرة تداولت في الأشهر الماضية أكدت بشكل مستمر وجود تحالف جديد بين الرئيس اليمني السابق الذي أطاحت به الثورة، علي عبد الله صالح، وبين الحوثيين الذين باتوا يسيطرون على أجزاء كبيرة من اليمن وعلى معظم أرجاء العاصمة صنعاء، مع العلم أن الحوثيين خاضوا حروبًا كثيرة ضد نظام علي عبد الله صالح في السنوات الأخيرة قبل قيام الثورة اليمنية، وأن تحالفهما الذي أنهى حكم هادي منصور الرئيس الذي أتت به الثورة والحوار الوطني، يُنظر إليه على أنه ليس سوى تحالف مصالح وأنه سينتهي بسرعة بسبب العداء الذي يحمله كلا الطرفين لبعضهما البعض. وقد تمكّن الحوثيون من السيطرة تدريجيًا على العاصمة صنعاء خلال الأشهر القليلة الماضية حتى جاء يوم 23 يناير الذي أعلن فيه الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي استقالته من رئاسة الجمهورية منهيًا أزمة محاصرة الحوثيين للقصر الرئاسي اليمني ومعلنًا عن أزمة أكبر وهي إمساك ميليشيات الحوثيين بمقاليد الحكم في اليمن. وأهم العوامل التي "أحسن" الإيرانيون استخداهما لتمكين مليشيات الحوثي من السيطرة على اليمن، هي العداء الذي كانت إدارة الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز تكنه لتيار الإسلام السياسي، والذي جعل السعودية تتغافل عن سيطرة الحوثيين الشيعة على اليمن في مقابل حرمان "إخوان اليمن"، حزب التجمع اليمني للإصلاح، من إمكانية الاستفادة من الحوار الوطني الذي كان في مراحله الأخيرة. وعبر نجاح إيران في تخدير السعوديين، أو بسبب فشل السعوديين في إدراك خطورة فشل الحوار الوطني في اليمن، انتقل القرار اليمني الرسمي من أيدي هادي منصور ومؤسسات الحوار الوطني إلى أيدي السفير الإيراني في صنعاء. نون بوست
To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video