كتبت هند الأحمد في صحيفة “الوطن السعودية”:
تأخذ السلطات الإيراني على محمل الجد محاربة كل صور الحريات، انطلاقا من الرقابة على الاتصالات وشبكات التواصل الاجتماعي وأكثر من ذلك، إذ بلغ الأمر بمسؤول إيراني يعمل في الحرس الثوري الإيراني إعلانه أن شبكات التواصل التي اعتبرها “غير مرغوب بها” باتت تخضع لرقابة تامة، في إشارة إلى الإرادة الإيرانية في التوسع بقمع الحريات ومصادرتها.
مسؤول الإنترنت والشبكات الاجتماعية في الحرس الثوري الإيراني مصطفى علي زادة، قال إن “شبكات التواصل الاجتماعي تخضع لمراقبة تامة من قبل الحرس الثوري”.
زادة برر في لقاء تلفزيوني بثته القناة الإيرانية الأولى عمليات قمع الحريات تلك، بالقول “إن الحرس الثوري رصد خلال النصف الثاني من العام المنصرم 350 صفحة عبر موقع “فيسبوك”، يديرها 36 شخصا “يعملون بشكل منظم على تغيير نمط الحياة لدى الناس والتأثير على الأسر”.
ووضع عدد من الصفحات على شبكات التواصل في موضع الصفحات “المستهجنة، وغير الأخلاقية، التي تروج للابتذال، وعروض الأزياء، وانتهاك حرمة المقدسات الدينية”.
ووفقا للمسؤول في الحرس الثوري فإن “130 صفحة من أصل 350 صفحة تم إغلاقها، بعد اعتقال القائمين عليها واعتقل الحرس الثوري 12 شخصا، في طهران والبرز ومازندران وغيلان، فيما استدعى القضاء 24 شخصا آخر للاستجواب”.
وحذر الحرس الثوري الإيراني على لسان زادة القائمين على الصفحات الاجتماعية من رقابة ذراع الإنترنت والشبكات الاجتماعية.
ومن هذا الجانب، يجد الخبير في الشؤون الإيرانية عايد الشمري، أن منطلق ذلك الكبت ليس أخلاقيا، إنما هو سياسيا بالدرجة الأولى. وقال لـ”الوطن”، إنه “إذا كان الأمر ذو علاقة بالأخلاقيات فهناك في طهران ما هو بحاجة إلى النظر”.
ويتفق مع الشمري الباحث في الشؤون الإيراني الدكتور محمد السلمي، الذي قال هو الآخر لـ”الوطن” على خلفية تصريحات المسؤول الإيراني، إن طهران تخشى الشبكة العنكبوتية أن تؤثر على الداخل الذي يعيش في الأساس حراكا بسبب التضييق على الحريات وتحاول فرض مزيد من الرقابة عبر الحرس الثوري. السلمي قال “يجب العودة قليلا إلى الوراء لاستذكار ما قالته يوما ما وزيرة الخارجية الإيطالية التي قالت في زيارة لها لإيران (أنا أغرد من الداخل الإيراني بنوع من التحايل للوصول إلى الإنترنت)، ما يعني مزيدا من الكبت والتضييق على المساحات المسموح بها في كل جزء من العالم”.
وكانت السلطات الإيرانية قد فرضت أخيرا، الإفصاح عن هويات مستخدمي الإنترنت في خطوة فريدة على مستوى العالم، بهدف وضع أكبر قدر من المساحات على الشبكة العنكبوتية تحت طائلة الرقابة.
وبالعودة للشمري، فيؤكد أن جميع أشكال كبت الحريات ومصادرتها في إيران لم ولن يكن في يومٍ من الأيام على أساس أخلاقي بل هو سياسي، ومحاولات تضييق على الداخل الإيراني الذي تسعى الحكومة إلى عزله عن الخارج.
وفي موضوع غير ذي صله، وفي الملف الإيراني النووي يجد عدد كبير من المراقبين دوليا، أن إمكانية التوصل لاتفاق مع القوى العظمى أمرا غير ممكن أن يتحقق في ظل توسع الغموض حول البرنامج النووي الإيراني المقرون بعدد من العراقيل السياسية، التي تضعها طهران كعقبة أمام الحلول السلمية.
ويدرس الكونجرس الأميركي فرض مزيد من العقوبات على إيران، في ظل مطالبة الإدارة الأميركية من الكونجرس إفساح المزيد من المجال أمام المحادثات.
من جهة ثانية، وفي خطوة للمزيد من المراقبة، أطلقت إيران أمس قمرا اصطناعيا جديدا للمراقبة هو الأول منذ 2012، ووضع بنجاح بحسب وسائل إعلام إيرانية رسمية في المدار على ارتفاع 450 كيلومتر عن سطح الأرض. وأشارت قناة “العالم” الناطقة بالعربية – المحسوبة على السلطات الإيرانية – إلى قدرة القمر الاصطناعي الجديد على “التقاط صور واضحة للأرض”، في إشارة إلى الهدف الحقيقي من إطلاق الصاروخ الذي أعطى شارة انطلاقه الرئيس الإيراني حسن روحاني، الذي قال هو الآخر “لقد دخل علماؤنا مرحلة جديدة من غزو الفضاء. سنواصل السير على هذه الطريق لتلبية حاجاتنا في المجال الفضائي”، الأمر الذي كان وما يزال يثير حفيظة الغرب وواشنطن على وجه الخصوص.