قضية فساد كبرى تورط فيها 170 نائباً في البرلمان الإيراني، وهذا العدد ضخم للغاية إذ أن النواب الذين هم ممثلون عن الشعب يعدون عينة وقدوة عن فئات مختلفة، وكشف اختلاس هذا العدد يوضح حجم الفساد في بلد يعاني على كافة المستويات، وكانت بدأت القضية بعد ملاحقة محمد رضا رحيمي بتهم فساد عدة، لكن اللافت أن الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدينجاد تهرب من القضية، إذ تشير الدلائل إلى تورطه أيضاً، خاصة أن رحيمي كان نائباً له ونفسه رحيمي قال في تصريح له وجهه لنجاد: "حقيقة لا تعلم؟ أم تناسيت ما حدث في هذا الملف؟" وهذا يدفع للتساؤل حول حقيقة رؤساء إيران، فإذا كان رئيس مثل نجاد على علاقة بالفساد أيضاً، فذلك يشير إلى أن مجلس النواب والرئاسة كلها هيئات يعشش فيها الفساد والاختلاسات، وهذا يوضح بجلاء ما وصل إليه هذا البلد، وفي سياق القضية كان حكم علىمحمد رضا رحيمي بالسجن خمس سنوات وبدفع غرامة بعد إدانته بتهم فساد، وكان رحيمي عين عام 2009 نائباً أولاً للرئيس السابق أحمدي نجاد، ولم تكشف السلطات القضائية طبيعة التهم التي أدين بها رحيمي خلال محاكمته، وقد جاءت إيران في المرتبة 136 من أصل 175 دولة شملتها دراسة عن الفساد أجرتها منظمة "ترانسبيرنسي انترناشونال" غير الحكومية، وفي سياق محاولة الرئيس الحالي ملاحقة بعض الفاسدين، أعدمت إيران شنقاً أول رجل من أربعة صدرت بحقهم أحكام بالإعدام في قضية احتيال مالي كبرى شابت حكومة الرئيس السابق، وقبل ذلك تكشفت عام 2011 الفضيحة المتعلقة بـ 2.7مليار دولار، وتنطوي على اختلاس ورشوة وتزوير وغسل أموال في 14 بنكاً مملوكاًللدولة وخاصاً في الفترة من عام 2007 إلى 2010 وكان المتهمون مقربين منالنخبة السياسية.
هذا جزء يسير من حجم الفساد المتفشي في جسد الدولة المتهالكة التي أنهكها حصار اقتصادي، وفساد وآفات مجتمعية، إضافة إلى ارتفاع معدلات الفقر، وأيضاً انخفاض غير متوقع لأسعار النفط دمر الميزانية السابقة، كل ذلك في وقت تصرف فيه إيران المليارات على ملف نووي أثار حفيظة دول العالم لمخاطره التي تهدد العالم، فيما إيران مستمرة في بناء هذه المفاعلات النووية التي يبدو أن هدفها عسكري بحت، وهو ما يستنزف الدولة تماماً، إضافة إلى سلسلة تدخلاتها الخارجية وصرفها على ميليشيات طائفية في الكثير من الدول العربية، وأيضاً حجم التسليح المبالغ به، في وقت يجب عليها أن تلتفت لبناء دولتها من الداخل وتحافظ على علاقات مودة مع الجوار بدل اللجوء إلى التسليح، ويبدو أن أول ثمار الأسلوب الإيراني النشاز في التعامل مع الواقع هو الفساد المستشري تماماً، واللافت أن رحيمي قد كشف الستار عن هذا الملف وربما في حوزته المزيد من الحقائق التي تطال رؤساء كبار في إيران، وكان بعث رحيمي، رسالة مفتوحة عبر وسائل الإعلام، إلى الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، فتح فيها النار عليه وعلى نواب البرلمان، كاشفاً فساداً في عهده متهماً نواب البرلمان بتقاضي أموال، وذلك بعد أن تبرأ أحمدي نجاد منه بسبب إدانته بتهم فساد، ونشرت وسائل إعلام إيرانية، رسالة رحيمي إلى أحمدي نجاد، التي كشف فيها عن تلقي 170 نائباً مرشحاً للبرلمان في دورته الثامنة ينتمون إلى التيار المحافظ، مبلغ مليار و200 مليون تومان، فيما كتب نواب البرلمان اليوم، رسالة إلى علي لاريجاني رئيس البرلمان طالبوه فيها بإعلان أسماء نواب البرلمان في دورته الثامنة، والذين تلقوا أموالاً من نائب الرئيس السابق محمد رضا رحيمي. أما نجاد فسارع إلى التملص من التهم وادعى أن الأعمال المنسوبة لرحيمي حصلت قبل تعيينه في الحكومة، لكن يبقى السؤال هل ستطال هذه التهم نجاد وآخرين؟ أم أنها ستعلق جميعها برأس رحيمي الذي سينتهي مع هذه التهم التي تكشف وجهاً ضارباً للفساد.. وهل تستطيع طهران أن تنتزع الفساد من جسد إيران الواهن، أم أن هذا الفساد قد تفشى في جميع المؤسسات وأصبح يشكل كيان الدولة؟ ومن الصعوبة بمكان القضاء عليه، حتى ربما تقوم جماهير إيران بالانتفاض على الواقع البائس بهدف إجراء تغييرات جذرية في نظام الحكم المترهل ككل.
مركز المزماة للدراسات والبحوث
المصدر: http://www.sqqr.info/2015/01/170.html#ixzz3QVTaQZtr
To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video