يمن 24- متابعات: النفوذ الإيراني، كلمة السر في معظم التوترات التي تشهدها المنطقة العربية، حروب قوية خلفت مئات الآلاف من القتلى والجرحى، لعبت طهران الدور الأبرز في تأجيجها، والهدف دائمًا بسط النفوذ الشيعية في المنطقة.
اللعبة الإيرانية في المنطقة، جعلت الكراسي الرئاسية في عدة دول شاغرة، أبرزها لبنان، وسوريا، واليمن، بالإضافة إلى ليبيا.
ففي لبنان، عرقلت إيران عملية اختيار رئيس منذ شهور طويلة، عن طريق أعضاء البرلمان الموالين لحزب الله، أما في اليمن فالجماعة الحوثية الشيعية استطاعت تنفيذ مخطط طهران وأطاحت بالرئيس، وفي سوريا ما زالت طهران تساعد بشار الأسد في البطش بالمعارضين، وتعاني ليبيا من عدم وجود رئيس بسبب الحروب الدائرة منذ الإطاحة بمعمر القذافي.
لبنان.. صراع الطائفية
تعد الدولة اللبنانية واحدة من دول النفوذ الإيراني في المنطقة العربية، إذ استطاعت طهران التوغل بقوة في بيروت عبر الطائفة الشيعية التي تمثل حوال ثلث عدد السكان، ويتركز الشيعة في مناطق جنوب لبنان، والبقاع، والضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية، بيروت.
الوجود الإيراني في لبنان واضح في حزب الله الذي أصبح يأخذ رأيه في تعيين رئيس الجمهورية، وحزب الله هو حزب شيعي أنشأته إيران وأعلنوه كحام للمصالح الإيرانية في تلك المنطقة.
ويضمن حزب الله بقاء قوة إيرانية في عمق المنطقة لظروف عديدة ومختلفة في لبنان، ويلتزم حزب الله اللبناني بمبادئ الثورة الإسلامية في إيران، ويعتقد بولاية الفقيه، إذ يتخذ منتسبو الحزب وأنصاره من الولي الفقيه مرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية علي خامنئي، مرجع تقليد لهم.
وأوقعت إيران لبنان في مستنقع الفراغ السياسي، قصدا، عن طريق صراعات نواب البرلمان، والتي حالت منذ أشهر طويلة إلى الوصول لاتفاق حول الرئيس القادم.
وأفشل النواب اللبنانيون، ما يزيد عن خمسة عشر مرة، عملية انتخاب رئيس جديد للبلاد، بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني لانعقاد جلسات المجلس النيابي.
بشار والثورة السورية وحزب الله، كلمة السر في الأزمة اللبنانية، فبين المؤيد والمعارض انقسم البرلمان إلى جبهتين متعارضتين تمثلت في قوى 8 و14 آذار، فمنذ 2005 نشب صراع بينهما تزايد حدته بعد الثورة السورية عام 2011.
ويعد انقسام البرلمان اللبناني حول دعم أو مواجهة بشار، وحول هوية الرئيس القادم، صراعات طائفية تسببت حتى الآن في بقاء كرسي الحكم خال دون رئيس.
ويختلف اللبنانيون حول هوية الرئيس القادم، فالكتل المسيحية المنقسمة تريد رئيسًا قويًا يعيد لمؤسسة الرئاسة دورها التاريخي، رئيساً يكون مُعبّرًا عن نبض المسيحيين، يعيد التوازن بين مؤسسات الحكم في لبنان، ويكون حاكمًا فعليًا لا شرفيًا.
أما القوى السياسية الشيعية فتريد رئيس بمباركة حزب الله، بينما لا يجد تيار المستقبل الممثل الأكبر للطائفة السُنية وصاحب الكتلة الوازنة في 14 آذار ضررًا على لبنان وهويته وعروبته أكثر من النظام السوري.
حاول رئيس مجلس النواب نبيه بري، عبر جولات للمباحثات مع الكتل النيابية، حلحلة الوضع القائم، لكنها باءت جميعها بالفشل.
وتنقسم القوى الأساسية في البرلمان بين حلفي "14 آذار"، المناصر للثورة السورية، و"8 آذار" الداعم للنظام السوري، بالإضافة إلى الوسطيين وعلى راسهم جنبلاط ورئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي.
وتُحمّل "قوى 14 آذار" مسؤولية الفراغ الرئاسي الذي يشهده لبنان منذ 25 مايو لكل من حزب الله وحليفه عون، بسبب تعطيلهما المتكرر لنصاب انتخاب الرئيس داخل مجلس النواب.
اليمن.. طائفية معلنة
أما الصراع الطائفي في اليمن، لم يكن صراع مستترا، بل كان واضحا للعيان، استخدمت خلاله إيران جماعة أنصار الله (الحوثي) الشيعية، لتنفيذ مخططها، وأعلنت طهران أن ما يحدث في اليمن امتداد للثورة الإسلامية الإيرانية، كما أعلنت صنعاء عاصمة شيعية رابعة.
ونجح مخطط الجماعة الشيعية، في الإطاحة بالنظام اليمني، إذ تقدم الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، باستقالته، منذ الخميس الماضي، بعد بدقائق من تقديم الحكومة اليمنية استقالتها، والتي أوضحت أن الاستقالة جاءت بسبب تدخلات جماعة الحوثي (أنصار الله) في سلطاتها وعدم التزامها بالاتفاقات الموقعة، وعدم الانسحاب من المقار الرئاسية التي قامت باحتلالها خلال اليومين الماضيين"
وجاءت الاستقالة بعد اشتباكات عنيفة متقطعة بين قوات الحرس الرئاسي ومسلحين حوثيين في عدة مواقع بالعاصمة، بينها محيط منزل الرئيس عبد ربه منصور هادي، انتهت بسيطرة الحوثيين على قصر الرئاسة.
وتعد اليمن حاليا من أكبر الساحات العربية التي أصبحت مرتعا للنفوذ الإيراني، وتقود إيران التحركات العسكرية التي تشهدها اليمن عن طريق دعم الحركات الشيعية والحركات الانفصالية، حتى أصبحت اليمن ساحة حرب مشتعلة.
ويمتد المد الإيراني في اليمن عبر الطائفة الشيعة والتي تمثل الأقلية، ويغلب عليهم المذهب الزيدي، وتقدر نسبتهم بحوالي 30 % من إجمالي السكان، كما يوجد في اليمن شيعة إسماعيلية، يبلغ عددهم نحو بضعة آلاف.
وتقود إيران الحرب الدائرة في اليمن عن طريق جماعة أنصار الله الشيعية المعروفة باسم جماعة الحوثي، التي تخوض بدعم إيران حروبا قوية للسيطرة على العديد من المحافظات.
ومنذ سقوط صنعاء بيد المسلحين الحوثيين أواخر سبتمبر الماضي، بدأ المسؤولون الإيرانيون يتحدثون صراحة عن استخدام بلادهم نفوذها في تطورات الیمن، ووصف النائب في البرلمان الإيراني علي رضا زاكاني، المقرب من المرشد الإيراني علي خامنئي بأن ثورة الحوثيين في اليمن هي امتداد للثورة الخمينية.
سوريا.. تدخل مباشر
أما عن الأحداث في سوريا، فتدعم إيران نظام بشار الأسد وتمده بالدعم اللوجستي، وترسل ذراعها العسكري، للمشاركة في تلك الحروب والتي خلفت مئات الآلاف من القتلى والجرحى، وبسبب طهران تعاني سوريا حتى الأن بعدم وجود رئيس يحظى باعتراف داخلي وخارجي.
وإيران وسوريا حليفان إستراتيجيان، وقدمت إيران دعما كبيرا للحكومة السورية في الأزمة السورية، بما في ذلك الدعم اللوجستي والتقني والمالي وتدريب الجيش السوري وإرسال بعض القوات المقاتلة الإيرانية لسوريا.
كما صرح بعض القادة الإيرانيين بأن سوريا هي "المحافظة رقم 35" الإيرانية، وأن بشار جعل من بلده جدارا واقيا ضد نفوذ السعودية والولايات المتحدة، وتعتبر إيران بقاء النظام السوري ضمانا لمصالحها الإقليمية.
كما اتخذت قوات حزب الله اللبناني المقاتلة بدعم طهران أدوارا قتالية مباشرة منذ عام 2012، ما سمح للأسد بتحقيق التقدم على المعارضة.
ليبيا..
وفي ليبيا المشهد مشابه، أربع سنوات منذ 17 فبراير 2011، ومازال كرسي الرئاسة شاغر، في ظل استمرار الحروب الطاحنة، لكن هذه المرة لم تتدخل إيران على الأقل بشكل معلن، في تلك الأزمة.
وتعاني ليبيا أزمة سياسية، تحولت إلى مواجهة مسلحة متصاعدة في الشهور الأخيرة، ما أفرز جناحين للسلطة في البلاد لكل منهما مؤسساته، الأول معترف به دوليا في طبرق، ويتألف من: مجلس النواب، الذي تم حله من قبل المحكمة الدستورية العليا، وحكومة عبد الله الثني المنبثقة عنه، إضافة إلى ما يسميه هذا الجناح بـ"الجيش الليبي".
أما الجناح الثاني للسلطة، وهو في طرابلس، فيضم المؤتمر الوطني العام ومعه رئيس الحكومة عمر الحاسي، فضلاً عما يسميه هذا الجناح هو الآخر بـ"الجيش الليبي".