بعيداً عن ضجيج الإعلام وتحليلاته السياسية ، لايمكن إعتبار ما حدث من تطور جديد وخطير في الساحة اليمنية سوى رسالة إيرانية واضحه أوصلها الحوثي إلى الرياض على الطريقة الإيرانية المعتادة " لي الأذرع ". الكم الهائل من التنازلات التي قدمتها الحكومة اليمنية للحوثين طوال الفترة القصيرة الماضية كشف عن ضعف كبير في الجانب الحكومي أمام التمدد الحوثي عسكريا الذي حظي بدعم الرئيس الأسبق علي عبد الله صالح ، هكذا يرى الإعلام العربي المشهد السياسي اليمني ، لا شك بضعف الدور الحكومي الذي بدت معاناته تتضح يوما بعد آخر وهو يقدم التنازلات تلو الأخرى لجماعة الحوثي ويتلقى الضربات تلو الضربات ، لكن هذا لا يعني أنها الحقيقة كاملة ، أما الجزء الأخر من الحقيقة ، ان الممارسات الاستفزازية الحوثية كانت بهدف جر الحكومة وحلفاءها القبائل إلى صدامات مسلحة لهذا استمرت جماعة الحوثي بممارسة سياسات إستفزازية بخطف مسؤولين رسميين ومداهمة المدن والمقار الحكومية وغيرها أمام صمت حكومي صدم الكثيرين . يبدوا واضحا ان سيناريو الصدام المسلح كان رغبة إيرانية جامحة لإشعال البلد الأكثر تماسا مع العدو التقليدي لطهران ، المملكة العربية السعودية ، التي تتُهم من قبل إيران وروسيا بأنها تستخدم سلاحها التقليدي ، أي النفط لكبح جماح الطموحات الإيرانية المتزايدة في المنطقة العربية وكسر شوكة الدب الروسي ، الحليف الاستراتيجي لإيران والداعم الأقوى للنظام السوري. الرغبة الإيرانية تتمثل في إيجاد عصا غليظة لترويض المواقف السعودية في ملفي النفط وسوريا من خلال إشعال الساحة اليمنية بالصراعات الدموية المسلحة يكون حليفها الحوثي طرفا رئيسيا فيها . في هذا السياق تحديداً ، أستعرض ما قاله الأميرال علي شمخاني وهو مساعد أمني كبير للزعيم الأعلى علي خامنئي إن بلاده مستعدة تماما الآن لإجراء محادثات صريحة وواضحة ومتواصلة تشمل جميع القضايا ذات الاهتمام المشترك مع السعودية. وبحسب وكالة الأنباء الإيرانية ان شمخاني أبلغ سفير إيران لدى السعودية بضرورة إيجاد مشتركات مع الرياض ، معتقدا ان قتال داعش يمكن له ان يكون المدخل المناسب لتحقيق ذلك! ، بينما قال مسؤول إيراني هذا الأسبوع إن وزير الخارجية محمد جواد ظريف أرجأ زيارة للسعودية احتجاجا على رفض الرياض خفض انتاج النفط للمساعدة في رفع الأسعار. إيران الساعية إلى عقد جوله مفاوضات مع السعودية املا منها في التوصل إلى صيغة حل مع الرياض كي تتراجع الاخيرة عن سياستها النفطية المرهقة للسوق الايرانية لا تريد الدخول في هذا النوع الحذر من التفاوض مع الرياض من منطلق ضعف وخنوع قد يؤدي بها لتنازلات في بعض القضايا الاقليمية ، لذا سعت إيران في خلق متغير جديد طارئ يقوي موقف المفاوض الايراني ويحمل الرياض بالموافقة على تخفيض حجم الانتاج النفطي لانعاش الاقتصاد الايراني المتدهور!. أذن لم تجد طهران أفضل من تأزيم المشهد الامني والسياسي في اليمن لخلق عصا غليظه يلوح بها مفاوضها لتغيير مجرى الأمور لصالح بلاده. هذه المغامرة الإيرانية الجديدة التي ستقابل برفض وغضب دولي كبير لا تعني ان إيران قوية كفاية بقدر ما تعني أنها تصرخ وتتألم جراء تفاقم الأزمة الإقتصادية الجديدة التي فرضتها السياسة النفطية لدول الخليج العربي.فهي تحارب في أكثر من جبهة في العراق وسوريا ، إيران وحلفاءها التقليدين يعيشون مرحلة إستنزاف مدمر على الصعد الإقتصادية والبشرية والمعنوية. خاصة في حال أنها خسرت ذراعها الأقوى في المنطقة ، حزب الله اللبناني ، فيما لو ذهب الأخير لخيار الرد العسكري على إسرائيل إنتقاما لمقتل عدد من قيادات الحزب الميدانيين ومسؤولين إيرانيين ايضاً في الجولان. فأنه سيكون قد دخل قبره بيده.ولن يتمكن بتاتا من الإستمرار في القتال بأكثر من جبهة ما سيؤدي به إلى سحب مقاتليه من سوريا حيث تضعف بذلك اليد الإيرانية الضاربة في سوريا لصالح الجهاديين المتشددين والمعارضة المعتدلة ايضاً. - محمد الياسين
المصدر: http://www.sqqr.info/2015/01/blog-post_479.html#ixzz3PWopfntx
To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video