تتحدث تقارير إعلامية عن عودة وشيكة للعلاقات الدبلوماسية المغربية الإيرانية، استنادا إلى مؤشرات كان آخرها إعلان طهران عن تعيين سفير لها في الرباط.
ويُجمع المراقبون على أهمية هذه العودة على المستوى الإستراتيجي للبلدين، لكنهم يؤكدون أنها لا تعني انتفاء الأسباب التي أدّت إلى القطيعة.
ويرى وزير الخارجية المغربي السابق سعد الدين العثماني أن العلاقات مع إيران بالنسبة للمغرب تكتسي أهمية، إلا أنها يجب ألا تتعارض مع مصالحه العليا.
وشدّد العثماني في تصريح للجزيرة نت على أن "السلوك الدبلوماسي للمغرب بيّن أنه لا يقطع العلاقات إلا إذا استنفدت كل وسائل معالجة الخلاف".
وحول الأبعاد الإستراتيجية لهذه العلاقة، أوضح العثماني أن إيران لها دور في الشرق الأوسط، وبالنظر لعلاقات المغرب الممتازة مع دول الخليج، فإن توافق طهران والرباط قد يجعل الأخيرة تقوم بدور إيجابي في المنطقة.
من جانبه، أوضح رئيس لجنة الخارجية والدفاع والشؤون الإسلامية في مجلس النواب المغربي محمد المهدي بنسعيد، أن إيران لها أهمية على الساحة الدولية، ووصفها بالدولة الكبيرة والعريقة التي "نُكنّ لها كل الاحترام، ومن الطبيعي أن ينسج معها المغرب علاقة مبنية على منطق رابح مقابل رابح".
|
العثماني: من المبالغة القول إن أسباب الخلاف مع طهران انتهت كليا (الجزيرة نت) |
أبعاد ودلالات
ونبّه عضو مجلس النواب المغربي عن حزب العدالة والتنمية رشيد سليماني إلى أن المهتمين بالعلاقات المغربية الإيرانية لم يقفوا كثيرا عند دلالات إقدام طهران على بناء مقر كبير لسفارتها في الرباط بمواصفات هندسية فارسية خالصة قبل القطيعة الدبلوماسية بسنوات.
ووفق سليماني، يؤكد هذا البناء "حرص طهران على ترسيخ علاقاتها بالمغرب، وإعطاءها بعدا ثقافيا وتاريخيا إلى جانب بعدها السياسي".
وقال إن إيران تنظر للمغرب من جهة موقعه الإستراتيجي وأهميته الجيوسياسة التي ستزداد بعد "نجاحه في بلورة تجربة ديمقراطية متميزة جعلته ينأى بنفسها عن السقوط في مهاوي التجاذبات والصراعات التي عصفت بمعظم دول الربيع العربي".
وأكد سليماني وجوب قراءة عودة هذه العلاقات في سياق حرص إيران الدائم على تقوية حضورها في أفريقيا.
وقال إن أهمية المغرب بالنسبة لإيران ستزداد بعد نجاحه الملحوظ في التصالح مع القارة السمراء إلى درجة جعلت منه بوابة أفريقيا المفضلة بالنسبة للعديد من القوى الاقتصادية العالمية من قبيل الولايات المتحدة الأميركية والصين واليابان.
وحول آفاق العلاقات على المستوى البرلماني، قال محمد المهدي بنسعيد رئيس لجنة الخارجية بمجلس النواب "سنعمل جادين على ربط علاقات مع المؤسسة التشريعية الإيرانية في إطار احترام معتقدات كلا الشعبين دونما أي نزعة أبوية".
|
بنسعيد: إيران دولة عريقة ولها أهمية على الساحة الدولية (الجزيرة نت) |
أسباب القطيعة
وحول ما إذا كانت الأسباب التي من أجلها قرّر المغرب قطع العلاقات مع إيران قد زالت، أوضح العثماني أنها قد خفّت نسبيا، لكن "من المبالغة أن نقول إنها لم تعد قائمة بالمرّة".
بينما اعتبر النائب البرلماني رشيد سليماني أن من العبث القول إن أسباب الخلاف قد انتفت كليا في ظلّ تنامي المخاوف من تغول النفوذ الإيراني في منطقة الخليج والشرق الأوسط، إلى درجة أصبحت معها مقولة الهلال الشيعي أقرب إلى الحقيقة منها للشعار، بحسب تعبيره.
وأشار إلى أن إيران "أحكمت قبضتها على دواليب الحكم في بغداد، وتدخلت في سوريا دعما للحكم المستبد مرورا بلبنان حيث تعاظم نفوذ الملالي من خلال تنظيم حزب الله الشيعي، وصولا إلى اليمن حيث لم يتردد قادة طهران في الإشادة بما يقترفه الحوثيون من جرائم".
وكان المغرب قد قرّر قطع علاقاته الدبلوماسية مع إيران سنة 2009 متّهما إياها بالتدخّل في شؤونه الدينية، وتقويض المذهب المالكي السني الذي تتبناه المملكة.