صنع الايرانيون عبر العصور تاريخا اسلاميا مجاورا يقوم على التلفيق.
ميدل ايست أونلاين
بقلم: فاروق يوسف
عن طريق المغالاة الاستعراضية في حب آل البيت (وهو التعبير الديني المعتمد في الإشارة إلى سلالة النبي محمد عن طريق ابنته فاطمة) كانت ايران ولا تزال تسعى إلى السيطرة على أتباع المذهب الشيعي في البلدان العربية سعيا وراء مشروعها في الاحتواء، وهو مشروع ذو ابعاد سياسية خالصة، لا صلة لها بالمذهب.
فإيران التي تعتز بتاريخها الفارسي في عصر ما قبل الإسلام لا تنظر بإحترام إلى التاريخ العربي الذي كان الاسلام مسرحه العقائدي. بل إنها تحث وتحرض الشيعة العرب على أن يفكوا ارتباط شيعيتهم بالعروبة ليكونوا شيعة فقط.
فالشيعي في ايران يحق له أن يكون فارسيا اما الشيعي في لبنان أو البحرين أو العراق فلا يملك حق أن يكون عربيا.
فالعرب وفق ادبيات المؤسسة الدينية في ايران هم الذين حاربوا آل البيت وظلموهم واستبعدوهم من السلطة. كما لو أن قاتل الامام علي لم يكن ابن ملجم وهو فارسي. وهو أمر مسكوت عنه، حين يقع الحديث عن الظلم الذي أوقعه الخليفة العباسي هارون الرشيد بآل البيت، من غير أن تتم الاشارة الى العائلة البرمكية التي سعت إلى الاستحواذ على السلطة وجعلها بأيدي الفرس.
كراهية العرب التي لا أصل لها في المذهب الشيعي هي واحدة من مسلمات الثقافة الدينية المعتمدة في ايران. لذلك سعى الايرانيون إلى أن يجعلوا منها في دعايتهم جزءا أصيلا من المخيلة الشيعية المغلفة بالكثير من الحكايات التاريخية الملفقة التي تمتد تاريخيا إلى عصر ظهور الإسلام، لتشمل صحابة النبي الذي هم عرب بخطيئة عداء آل بيته.
لقد صنع الايرانيون عبر العصور تاريخا اسلاميا مجاورا يقوم على التلفيق.
وهو التاريخ الذي تعتمده المؤسسة الدينية في ايران في سعيها للظهور باعتبارها راعية للمذهب الشيعي الذي ظلمه العرب.
التابعون والمسحورون والغافلون والجهلة والمنوَمون والمتعصبون والخائفون والمخدَرون والمنظمون عقائديا من الشيعة العرب صاروا يشعرون بالاستفزاز كلما ذهب الحديث إلى محاولة ايران تفريس المذهب الشيعي من خلال زجه في المشروع السياسي الايراني الذي هو مقدمة السهم الذي يشير إلى الحلم الامبراطوري الفارسي، الذي هو اشبه بثياب الامبراطور العاري.
لقد جرت الدعاية الايرانية على أن الشيعة العرب هم جزء من الامبراطورية الفارسية المتخيلة، وهو ما صدقه الكثيرون فصاروا يظنون أن اي اشارة إلى ايران انما تنطوي على التشهير بهم باعتبارهم فرسا.
مشكلة الكثيرين أنهم لا يفرقون بين المذهب الشيعي الذي هو انجاز فكري عربي وبين التشيع السياسي الذي هو خديعة ايرانية يُراد من خلالها طمس عروبة الشيعة والاتجار بهم باعتبارهم خدما لامبراطورية، سبق لإجدادهم قبل أكثر من ألف واربعمئة سنة أن الحقوها بالإسلام.
"لعن الله مَن قتلك" تقرأ في أعلى بوابة الدخول إلى ضريح الامام علي.
"لعن الله أمة قتلتك" تقرأ في أعلى بوابة الدخول إلى ضريح الحسين.
الجملتان خُطتا في ايران وهما تعبران عن نهج سياسي عنصري واضح. فاللعنة الأولى لا تشمل إلا ابن ملجم وحده، اما اللعنة الثانية فإنها تشمل العرب منذ امرؤ القيس حتى آخر وليد منهم حين ينفخ اسرافيل الهواء في بوقه معلنا القيامة.
لقد فتك الفرس بالهوية الثقافية العربية في مختلف العصور من غير أن يكون المذهب الشيعي حاضرا في إذهانهم إلا في بعض المراحل بإعتباره غطاء ليس إلا.
غير انهم اليوم يظهرون كما فعلوا في العصر الصفوي كما لو أنهم رعاة المذهب الشيعي وحماة أتباع آل البيت. وهي كذبة لا تصمد أمام وقائع التاريخ.
ففي كل ما فعله الايرانيون كان حلمهم في الانتقام من العرب الذين أطفأوا نار زرادشت يفسد دعايتهم. لقد استمعت إلى أحد رجال الدين التابعين لإيران وهو يتحدث عن نبوة زرادشت. كان ذلك الرجل مجرد مجس مختبري لمعرفة وقع الحكاية على السامعين. فإذا ما اطمأنت إيران إلى نفوذها فإن حكاية ذلك النبي ستكون جزءا من التاريخ الشيعي.