لا أخفيكم سرًا إذا قلت إنني فقط من باب «عدو عدوي.. صديقي»، فكنت أعشق دولة تدعى إيران، وأسماء مثل أحمدي نجاد وحسن نصر الله والخميني.. كانوا يبهرونني بكاريزما لم تتوفر لأحد غيرهم، فكنت حين استمع لنجاد وهو يقول سأرمي إسرائيل في البحر وأسمع نصر الله وهو يهدد إسرائيل جهارًا نهارًا أنتشي وأشعر بفخر شديد، لم أكن أعلم وقتها أن كل ذلك كان وهمًا.
وكنت ممن يدعو ليل نهار أن يكتمل المفاعل النووي لإيران، الدولة المسلمة حتى يتحقق التوازن في المنطقة.. تمر السنوات ليأتي عام 2006 وحزب الله في حرب مع إسرائيل، الحزب الصامد، المقاومة التي لا تقهر، اللهم انصر حزب الله.. هكذا كان لساني يردد آنذاك.
قرأت كثيرًا عن الشيعة، لكني مازلت مصممًا على موقفي.. عدو عدوي صديقي، فما دامت إيران تعادي أمريكا وإسرائيل، فهي صديق لنا.. ما كنت حينها أشك مثقال ذرة من خردل أن إيران هي الأخرى تنفذ أجندة من أجل مصالح خفية، حتى ثبت ذلك بالدليل الباتر في حرب غزة الأخيرة.. أين حزب الله؟.. أين إيران؟ مما يحدث في غزة.
وحينها تذكرت لبنان عندما قصفها الطيران الإسرائيلي في 2006، في حرب أكلت الأخضر واليابس، رغم أن حزب الله معلوم تمركزه في منطقة الحزام الأمني الذي أقامته إسرائيل في جنوب لبنان.
وما حدث في لبنان هو ما يحدث في غزة.. تدمير للبنية التحتية.. ما الذي يحدث؟
الآن أستطيع أن أقول أن أسطورة إيران ما هي إلا أكذوبة وأن علاقتها المتوترة بأمريكا ما هي إلا نكتة من نكات السياسة الأمريكية القذرة، التي تسعى لتدمير البنية التحتية للدول العربية، وكذلك الجيوش العربية، بحيث تصبح المنطقة خاوية علي عروشها من خلال استنزاف ثرواتها وتدمير جيوشها وبنيتها التحتية فتصبح غير ذي قوة تدافع بها عن أرضها إذا ما حانت لحظة الهجوم؟، وليس أدل على ذلك مما حدث في لبنان وفلسطين والعراق، وما يحدث الآن في سوريا وليبيا، وما حدث من تقسيم السودان، ولكننا بصدد الحديث عن إيران وسأترك ذلك لمقالة أخرى.
ما يحدث الآن ما هو إلا ترقب الفهد لفريسته تمهيدًا لافتراسها. إن إيران لن يهدأ لها بال حتى تستولي على الخليج العربي، وتعيد إمبراطورية الفرس، التي استولى عليها المسلمون في العهد القديم، على حد اعتقادهم، ولما أدركت أمريكا ذلك رأت أن تعطيها ما تشاء، فسمحت لها بتكوين جيش اسمه حزب الله ليكون قريبًا من الشام ترقبًا للهجوم، كما تركتها تحاصر السعودية من الجنوب من خلال الحوثيين في شمال اليمن، في مقابل نصيب إسرائيل.. دولة ما بين الفرات والنيل بثرواتها الهائلة وبذلك تضمن أمريكا مستقبلا ليس ذا مشاكل اقتصادية أبدًا لقاء أن تمكن إسرائيل من دولتها التي تحلم بها.
ولم تكن هذه هي الخطة فحسب، فإسرائيل هي الدولة الوحيدة في المنطقة العربية التي تمتلك السلاح النووي، ما جعل أمريكا ترسم سيناريو السلاح النووي الإيراني، ليكون ذلك بحجة أن إيران تريد بذلك حماية الدول العربية الشريكة في الدين الإسلامي من غدر إسرائيل، لكنه في الأصل ذريعة لاستمرار النووي الإسرائيلي، وهو ما يؤكد أن المنطقة تتعرض لأكبر عملية «كماشة» إن جاز التعبير وأطرافها (إسرائيل وأمريكا وإيران)، فلكل منهم أطماعه التي يسعى إليها.
وإن تعجب فعجب تلك اللعبة السخيفة التي يلعبونها أمام العالم، وهي لجنة الخمسة + واحد، التي كلما انتهت مهلتها لإيران مدوها لفترة أخرى.. والسؤال الآن، كيف أصبحت إيران من دولة معادية لأمريكا إلى دولة تخطط مع أمريكا كيف يواجهان سويا خطر داعش؟
إن امتلاك إيران لسلاح نووي خطر على العرب وليس إسرائيل، فالمخطط أن تستولي إسرائيل على ما بين النيل والفرات وتترك باقي الكعكة لفارس (إيران حاليًا)، بينما يبقى للعرب شبه الجزيرة العربية التي يرى الغرب أنها فقط ما يستحقه العرب، وما دونها ما هو إلا ممالك ودول اغتصبها المسلمون في حروبهم قديمًا، وينبغي أن تؤخذ منهم عنوة.
ما أردت أن أقوله إن إيران ما هي إلا عدو، لكن السياسة تقتضي التعامل معها ومع غيرها من الدول تفاديًا لشرهم، ولو لبعض الوقت، لكن الحذر الحذر من إيران وحزب الله، ومن مخطط الشيعة الذي لا يقل شأنا وخطرًا ومكرًا عن مخطط الصهاينة.
عبدالفتاح العمدة - المصري اليوم