تناولت صحيفة «لوموند» الفرنسية في حوار لها مع الرئيس السابق للمخابرات السعودية والسفير السابق في لندن وواشنطن، «تركي الفيصل»، قضية تنظيم الدولة الإسلامية وتواجده في المنطقة، والأخطار التي يمثلها على الدول المجاورة وكيفيه التصدي له. متحدثُا لها على هامش مشاركته في نسخة 2014 من World Policy Conference في سيول، عن موقف بلاده من الحرب ضدّ الدولة الإسلامية ومن إيران.
وتقول الصحيفة الفرنسية في مطلع حوارها مع الأمير السعودي، أن «تركي الفيصل» الذي يقود مركز الملك فيصل للأبحاث والدراسات الإسلامية في الرياض. يمثل المملكة العربية السعودية التي تُعد من بين الدول العربية المشاركة في التحالف بقيادة الولايات المتّحدة الأمريكية ضدّ الدولة الإسلامية، والتي تعمل طائراتها المقاتلة على قصف سوريا، ولكن لا تشارك في العمليات بالعراق.
يقول الأمير أن تنظيم الدولة الإسلامية ليست ظاهرة جديدة. لافتًا أنه سبق وكان هناك خطر تنظيم القاعدة، وقبلها ما أسماه بـ «المجموعات الإرهابية الفلسطينية». موضحًا: «طالما لا تزال الأراضي الفلسطينية محتلّة وطالما أنّنا نصمت أمام مجزرة ضحيّتها 200 ألف مدني في سوريا وطالما أنّ العراق مقسّم حسب الخطوط الطائفية سيكون هناك دائمًا أشخاص يستغلون ذلك».
وبسؤاله عما يرى من حلول لخطر تنظيم الدولة الإسلامية المتنامي، يقول: « اقترحنا مبادرة السلام العربية على إسرائيل سنة 2002 الّتي تضمن لها السلام مقابل الأراضي الفلسطينية، ولكن إسرائيل لم تقبل. ولكن قيادات فاحش (وهو المصطلح الذي يستخدمه الأمير في حديثه عن تنظيم داعش) تستغلّ الظلم الّذي يمارس ضدّ الفلسطينيين للانتداب. الأمر مستمرّ من 70 عامًا».
وبالحديث عما إذا كان «لا يبارك العمليات العسكرية التي تشارك فيها المملكة»، يقول أن التحالف الدولي نجح وحملته من قصف جوّي، في تفادي تمدّد الجماعة، ولكن «إذا أردنا القضاء على المرض وليس فقط الأعراض يجب أن نذهب أبعد من ذلك. الوضع في سوريا جرح مفتوح في الشرق الأوسط، يجب تطهيره من أجل أن يندمل ويُشفى. المشكل في دمشق حيث بشار يقتل شعبه دون تحرّك أي شخص، وفي العراق كان هناك مشكل المالكي الّذي نبذ السنة وقد تمّ حلّه. الآن لدينا حكومة أكثر شمولية تسمح بمحاربة الإرهابيين بفعالية. يجب القيام بالأمر نفسه في دمشق وإلا لننتظر الأسوأ».
وتسائلت الصحيفة الفرنسية، بعد أن أعلنت السعودية مؤخرًا عن عشرات الاعتقالات ضدّ أشخاص مشتبهين بالإرهاب، إذا ما كان هذا يعني أنّ المملكة «مخترقة من الدولة الإسلامية الجهادية المستوحاة من السلفية والوهابية المعمول بها في السعودية»، يجيب «تركي»: «فكرة أنّ وحشية القاعدة أو فاحش مرتبطة بطريقة ما بالسلفية خاطئة ... نحن أتباع الإسلام السنيّ ومدارسه الفقهية الأربعة فقط».
وعن اتهام المملكة بتزويد الجماعات مثل الدولة الإسلامية وجبهة النصرة في سوريا بالدعم المالي، يؤكد الأمير السعودي أن هذه الفكرة «خاطئة»، مشيرًا إلى أن السعودية «لم تدعم أي شخص خارج نطاق التمرّد المعتدل ممثّلا في الجيش السوري الحرّ، ولم نحوّل يوما أي مبلغ من المال إلى الدولة الإسلامية أو إلى جبهة النصرة».
واستطرد الأمير حول قضية الصراع «السني/شيعي» الطاغي على المشهد في الآونة الأخيرة وفق الصحيفة، قائلا: «لا وجود لمشكلة شيعية سنية. نحن نؤمن بالربّ نفسه وبالرسول نفسه وبالقرآن نفسه. لافتًا «هناك شيعة في السعودية، يعيشون بكلّ حريّة. وهناك سنة في إيران يتعرّضون للاضطهاد».
ووجه «تركي» الاتهام إلى سياسة إيران في خلق ما يتم وصفه على أنّه صراع شيعي سني، قائلًا: «هذا بدأ مع الثورة الإسلامية سنة 1979 عندما أعلن الخميني أنّه يرغب في تصدير ثورته إلى العالم العربي. فعل ذلك في لبنان بواسطة حزب العراق، ثمّ في العراق بعد الغزو الأمريكي في 2003. وسعت إيران أيضًا إلى تحقيق ذلك في البحرين واليوم، تعمل عليه في اليمن من خلال تزويد الحوثيين بالأسلحة الثقيلة التي سيطروا بها على صنعاء».
كما خاض موضوع الاتّفاق على البرنامج النووي الإيراني وتبعاته على السعودية، موضحًا أنه منذ بداية المفاوضات لم يتمّ تمثيل دول مجلس التعاون الخليجي، «مع أنّنا أول المعنيين بهذا التهديد». وأكد أنه «ما نريده هو اتّفاق شامل مع إيران من أجل وقف تدخّلاتها في العالم العربي، حيث إنّ الحرس الثوري الإيراني يتباهى بالسيطرة على أربع عواصم عربية: بيروت ودمشق وبغداد وصنعاء. وهذا غير مقبول»، على حد تعبيره.