عبدالاله مجيد
GMT 21:00:00 2014 الأربعاء 10 ديسمبر
لندن: ترتفع أعداد الشابات والشباب الإيرانيين الذين يختارون العيش معا قبل الزواج متحدين القوانين الصارمة والقيود الشديدة التي يفرضها الملالي في مجال العلاقات الاجتماعية. وانتشرت هذه الظاهرة حتى أن مكتب المرشد الأعلى للجمهورية الاسلامية اصدر بياناً يستنكر فيه هذه الممارسة بقوة.
ارتفاع الأعداد
ونقلت بي بي سي عن الشابة سارة من طهران قولها "أنا قررتُ ان أعيش مع صديقي لأني أردتُ أن أعرفه بشكل أفضل". واضافت انه من الصعب على الفتاة ان تعرف الشاب بمجرد ارتياد المطاعم والمقاهي معه.
وكان قرار سارة الإقدام على ما أصبح معروفا في إيران باسم "الزواج الأبيض"، امرا لا يمكن حتى التفكير فيه، أو تخيله قبل سنوات قليلة في مجتمع يحكمه رجال دين وفي بلد يمنع مصافحة الرجل مع الجنس الآخر، والعلاقات المفتوحة بين الجنسين يمكن ان تستنزل عقاباً قاسياً على من يمارسونها.
ولكن أعدادًا متزايدة من الإيرانيات والإيرانيين غير المتزوجين يختارون العيش معا رغم ذلك. وفي حين أن إحصاءات رسمية لا تتوفر، فان الظاهرة أصبحت شائعة حتى أن مجلة "زنان" الإيرانية المختصة بشؤون المرأة أصدرت عدداً خاصاً عن الموضوع مؤخرًا.
وانضم المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي نفسه إلى النقاش الدائر حول ظاهرة "الزواج الأبيض". ففي نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) أصدر مدير مكتبه محمد محمدي كلباكياني، بياناً شديد اللهجة مطالباً المسؤولين بحملة ضد هذا الشكل من المعاشرة "لا يبدون فيها أي رحمة". وجاء في البيان "ان من المعيب على الرجل والمرأة ان يعيشا معاً دون أن يكونا متزوجين، ولن يمضي وقت طويل قبل ان يكون الذين اختاروا نمط الحياة هذا قد محوا جيلا شرعياً بجيل غير شرعي".
ولكن لا يبدو أن الإيرانيين الشباب يستمعون إلى تحذيرات المرشد الأعلى، وتنقل بي بي سي عن علي من طهران الذي يعيش مع صديقته منذ عامين قوله "ان الزواج باهظ الكلفة والطلاق أبهظ فلماذا ألزم نفسي بشيء لستُ متاكدأ منه؟"
وتبين مواقف كهذه المسافة التي ابتعدها بعض الإيرانيين الشباب في المدن عن القيم التقليدية لجيل آبائهم.
وارتفاع معدلات الطلاق
وقال عالم الاجتماع مهرداد درويش بور المقيم في السويد "ان الشرائح المتدينة من المجتمع لا تقبل المعاشرة بطبيعة الحال... ولكن الطبقة الوسطى في إيران بدأت تفضل هذا النمط من الحياة على الزواج التقليدي ، فان الجنس قبل الزواج لم يعد من المحرمات".
ويشير العديد من المراقبين إلى ارتفاع معدلات الطلاق في إيران بوصفه من الأسباب الرئيسية لعزوف بعض الشباب والشابات الإيرانيين عن التسرع في دخول الحياة الزوجية واتفاق عائلاتهم معهم في أحيان كثيرة. وقال فرهاد اقطار مدير مكتب الوقاية والعلاج من المخدرات في إيران ان 20 في المئة من الزيجات في إيران تنتهي بالطلاق، وان معدلات الطلاق في العاصمة طهران هي الأعلى في البلاد.
وقالت سارة إن أحد الأسباب وراء قرارها العيش مع صديقها هو انهيار العلاقة السابقة عندما أوضحت عائلة الرجل، انها لا تعتقد ان زواجهما سيدوم طويلا. واضافت سارة ان افراد عائلته كانوا يتدخلون كثيرا ويقولون عنها انها "امرأة متحللة" أخلاقياً.
الزواج الأبيض
ولكن خيار العيش معاً قبل الزواج ليس خيارا سهلا على الدوام، ورغم قبول بعض الآباء من سكان المدن بقرارات ابنائهم وبناتهم، فان المعاشرة ما زالت تُعد بنظر الكثيرين خطوة مرفوضة في مجتمع يبقى تقليديا بعمق. وقالت مرجان التي كانت تعيش مع صديقها في آراك انها اضطرت إلى الانتقال اربع مرات بعد ان يكتشف المالك انها وصديقها ليسا متزوجين.
وبحسب المحامية والناشطة الحقوقية مهرنغير كار، فإن من المشاكل الأخرى عدم توفر المساعدة القانونية للشريكين إذا حدثت مشكلة لأن المعاشرة قبل الزواج ممنوعة قانونيا، وإذا تعرضت امرأة إلى الاضطهاد في اطار "الزواج الأبيض" فانها لن تتمكن من التوجه إلى الشرطة لأنها وشريكها سيُعتقلان بتهمة الزنا.
وكان مدير الشؤون الاجتماعية والثقافية في مكتب حاكم طهران سياوش شهريار اعلن في الصيف الماضي اعداد خطة لمعالجة ظاهرة "الزواج الأبيض" ولكن عالم الاجتماع مهرداد درويش بور ابدى شكه في جدوى أي محاولات لاستخدام القانون في التعاطي مع هذه القضايا قائلا "ان ما يحدث تحت جلد المجتمع لا يمكن السيطرة عليه". إيلاف