هاجمت منظمات اهوازية اليوم خلال مشاركتها في مؤتمر "العنف ضد الاقليات" الذي ينظمه مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة بجنيف ممارسات السلطات الايرانية ضد الشعوب غير الفارسية، واكدت ان الشعب العربي الاهوازي هو الأكثر حرمانا وقمعا في الشرق الاوسط .. فيما ساندت ناشطة حقوقية من دولة الإمارات مطالب الاهوازيين متهمة السلطات الايرانية بانتهاك حقوقهم الاساسية.
تحدث الأهوازيون في المؤتمر الذي يستمر انعقاده اليوم وغدا والذين يمثلون "مركز مناهضة العنصرية ومعاداة العرب في إيران" و"منظمة حقوق الإنسان الاهوازي" .. عن العنف المستخدم ضد ابناء الشعب العربي في إقليم عربستان الإيراني بما فيها عمليات الإعدام ضد النشطاء والمثقفين الإهوازيين وتلوث البيئة المتعمد من قبل السلطات الإيرانية وعدم السماح لهم للتعليم باللغة العربية في المدارس كما ساندت ناشطة حقوقية من دولة الامارات العربية المتحدة مطالب الاهوازيين متهمة السلطات الإيرانية بانتهاك حقوقهم الأساسية.
واشار صالح الحميد ممثل منظمة حقوق الانسان الاهوازية الى التنوع القومي والاثني في إيران، مؤكدا ان الشعوب غير الفارسية المحرومة من حقوقها السياسية والثقافية والاقتصادية تشكل اكثر من نصف سكان ايران، متهما السلطات الايرانية بانها لم تقدم إحصائية عن تعداد الاقليات القومية من العرب والكورد والآذريين والبلوش والتركمان في ايران.
عنف منظم ضد الاهوازيين
وعن العنف المنظم ضد عرب الأهواز، قال صالح الحميد انه "خلال العامين الاخيرين تم اعدام 12 من الناشطين بسبب مشاركتهم في احتجاجات سلمية أو عضويتهم في مؤسسات ثقافية تم حظرها بحجة النشاط غير المرخص المناهض للحكومة، كما مات 4 منهم تحت التعذيب".
وأشار الحميد إلى انتفاضة الشعب العربي الاهوازي في نيسان (ابريل) عام 2005 احتجاجا على مخططات السلطات الإيرانية متهما اياها بالاستمرار في محاولاتها لتغيير التركيبة السكانية في إقليم عربستان (خوزستان) واستخدام العنف الممنهج ضد العرب في هذا الإقليم مؤكدا أن "السلطات بدل الاستجابة لمطالب الشارع بوقف التهجير ومخطط التغيير الديمغرافي، وإعطاء الاقلية العربية حقوقهم الاساسية، واجهت ولاتزال تواجه المطالب المشروعة والاحتجاجات السلمية بالعنف المفرط، حيث سقط العشرات بين قتلى وجرحى وتم الحكم بالاعدام على بعض من أعتقلوا أثناء الاحتجاجات بتهم واهية كتهديد الامن القومي والدعاية ضد الحكومة".
وذكر صالح الحميد ان "العنف ضد الأقلية في إيران لم تقتصر أوجه ضد الناشطين فحسب، بل شملت المواطن العادي أيضًا، حيث يتعرض الشبان العرب للاعتقال لمجرد ارتدائهم الزي الشعبي في الاعياد والاحتفالات، وينهال عليهم رجال الأمن بالضرب والتعذيب، وذلك في إطار سياسة الاستلاب الثقافي ومحاربة الهوية القومية للأقلية العربية في إيران".
ووصف الناشط الاهوازي، العنصرية القائمة ضد العرب في ايران بالعنف الرمزي واللفظي قائلا هذا "هو الآخر حاضر في الخطاب العنصري المعادي للعرب ضد في إيران. فبدءا بالمناهج الدراسية والكتب ووسائل الاعلام وحتى المهرجانات الشعرية تّروج للنظرة العدائية والاحتقار ضد العرب في إيران، وذلك إنطلاقا من خطاب قومي متطرف سائد لدى النخبة المتنفذة في الاجهزة الحكومية".
مضيفا ان "قضايا العنف الأخرى فتتعلق بالاهمال السلطات للوضع الصحي المتدهور إثر المنشآت النفطية والبتروكيماويات و يستمر التدمير الممنهج للبيئة وعدم الاهتمام بالكوارث والامراض المنتشرة خاصة في مدينة الاهواز عاصمة الاقليم هي اكثر المدن تلوثا في العالم وفق تقرير منظمة الصحة العالمية (WHO) حيث يدخل آلاف المواطنين المستشفيات عند هطول الامطار بسبب الاختناق من ذرات الحمض والغبار المعلقة بالهواء.أما قضية تلوث مياه الشرب فهي كارثة أخرى يواجهها الاهوازيون حيث أصبحت ليس غير قابلة للشرب فحسب، بل غير قابلة للاستحمام بسبب انتشار الامراض الجلدية الخطيرة والمعدية والمزمنة".
ونقل صالح الحميد كلام شریف حسیني، مندوب الأهواز في البرلمان الإیراني الذي اتهم الحكومة الايرانية بـ"ممارسة التهجير القسري من خلال مشاريع نقل مياه الأنهر، وتغيير الطابع المناخي للمنطقة، وتلويث البيئة، والتصحر، ومنع الزراعة وقطع أرزاق الناس".
واشار الى افشال السلطات الايرانية اجتماعات آلاف المواطنين الأهوازيين ونشطاء المجتمع المدني وقيامهم بعدة تجمعات ومسيرات على ضفاف نهر كارون للاحتجاج في ايقاف مشاريع نقل المياه لانهر الاقليم الى محافظات وسط إيران.
واضاف: انه "خلال شهر نوفمبر الحالي قامت السلطات بتهديم بيوت عدد من الأسر الأهوازية في الأحياء الفقيرة تحت ذريعة البناء غير المرخص، حيث يعيش نصف مليون من المواطنين الاهوازيين الفقراء في ضواحي المدن، في منازل عشوائية تفتتقر لأدنى درجات الحياة الكريمة".
دعوة لوقف الاعدامات والاعتقالات التعسفية للاهوازيين
واتهم الناشط الاهوازي السلطات الايرانية برفض بعدم تلبية مطالب المواطنين العرب عند زياراته المكررة للإقليم مؤكدا " أن الرئيس روحاني ورغم الوعود التي قطعها لم يلبي أيّا من تلك المطالب، بل إزدادات الاعدامات والاعتقالات العشوائية وارتفعت معدلات البطالة والفقر، وانتشرت الامراض والأوبئة بشكل واسع، ليتضح إن مشكلة الاقليات لا تتغير مع تغير الحكومات في البلد سواء كانت متشددة او معتدلة، فهي متتجذرة في بنية الدولة الشمولية المركزية التي لا تمنح الاقاليم القومية أية صلاحيات لإدارة شؤونها وحل أزماتها المستفحلة".
وحذر صالح الحميد من مغبة اهمال مطالب القوميات الإيراني قائلا: "في الواقع إن عدم تلبية مطالب الاقلية العربية والتي تتركز حول إنهاء التهميش والتمييز العنصري ومظاهر الفقر والحرمان والتهميش في منطقة تؤمن 80% من انتاج ايران النفطي، ومكافحة البطالة المتفشية بنسبة 35% ، والحصول على فرص عمل متساوية ووضع حد للتلوث البيئي، ومنح الحقوق الثقافية كتدريس لغتهم الام في المدارس، تدفع بالعرب للاحتجاجات التي تقمع بعنف شديد غالبا. إننا نؤكد المركزية الشديدة لادارة الدولة الايرانية وعدم منح أبناء الاقاليم القومية فرصة المشاركة في ادارة شؤون مناطقهم، وكذلك زيادة الظلم واستمرار التهميش الاجتماعي والاقتصادي لعرب الأهواز وسائر الاقليات في إيران سيؤدي إلى ردود أفعال متطرفة تهدد الامن والاستقرار و التعايش السلمي في البلاد، كما يحدث حاليا في أماكن أخرى في منطقة الشرق الأوسط الملتهبة".
وفي النهاية قدم ممثل منظمة حقوق الانسان الاهوازي توصيات طالب فيها بإيقاف الاعدامات والاعتقالات التعسفية واطلاق سراح السجناء السياسيية ووقف الهجرة الى الاقليم ووقف مشاريع نقل مياه نهر كارون ووقف مصادرة الاراضي الزراعية العائدة للسكان العرب الاصليين في الاقليم.
عرب إيران الاكثر قمعا في الشرق الأوسط
كما تحدث ممثل مركز مناهضة العنصرية ومعاداة العرب في ايران الدكتور افنان عزيزي عن العنف ضد الاقليات في ايران قائلا: ان بعض الإحصائات تتحدث عن ان ثلثي سكان ايران هم من غير الفرس لكنهم يتعرضون للعنف كاقليات ولاتوجد اغلبية اثنية في ايران. وعزا افنان عزيزي العنف في ايران الى الامتيازات التي تتمتع بها احدى القوميات اي القومية الفارسية في ايران وذلك بسبب عدم التكافؤ الاجتماعي والسياسي والتهميش والاضطهاد.
واتهم الدكتور عزيزي السلطات الايرانية بعدم تنفيذ المادتين 15 و 19 من الدستور الايراني اللتين تنصان على تعليم اللغات غير الفارسية في المدارس والمكافئة في الحقوق بين القوميات.
ووصف افنان عزيزي الشعب العربي الاهوازي بانه الاكثر حرمانا وقمعا في الشرق الاوسط حيث محروم من ادارة شؤونه الذاتية حيث معظم قادة الجيش والامن ورؤساء البلديات وجميع الموظفين من الدرجة الوسطى في الاقليم يتم تعيينهم من غير العرب من سائر مناطق ايران.
واتهم الناشط الاهوازي السلطات الإيرانية بتغيير أسم الإقليم وأسماء المدن والاحياء والشوارع والانهر والاهوار والمستنقعات والامكنة الجغرافية الاخرى من العربية الى الفارسية. وقال ان هناك فجوة بين الشعب العربي الاهوازي والمركز بما فيهم السلطة والنخبة في العاصمة بسبب خطاب العنصرية ومعاداة العرب والمتبلور في الصحافة والاعلام اليومي – العام والخاص – وهو الذي يبث الكراهية ضد العرب في ايران بشكل مستمر ويهدف الى تحقير العرب وطمس هويتهم القومية.
ناشطة حقوقية إماراتية تدعم القضية الاهوازية
وفي خطوة نادرة انتقدت الناشطة الإماراتية لحقوق الانسان الدكتورة أسماء الكتبي في اجتماع اليوم لمجلس حقوق الانسان في جنيف، اجراءات السلطة الايرانية ضد الشعب العربي الاهوازي بما فيها الاعدامات وتلوث البيئة وعدم التعليم باللغة العربية وقضايا اساسية اخرى. ووقد قاطع مندوب الحكومة الايرانية الدكتورة الكتبي وهي استاذة جامعة وممثلة لمنظمة إسفرانترناشنال الدولية لحقوق الانسانSPHER International، لكن رئيس الجلسة سمح لها بالاستمرار في كلمتها.
وقد شكر يوسف عزيزي امين عام مركز مناهضة العنصرية ومعاداة العرب في ايران هذه الناشطة الحقوقية الاماراتية واصفا مداخلتها بانها "مبادرة نادرة من ابناء جلدتنا في الدول العربية ونتمنى مواقف صريحة وداعمة لحقوقنا الشرعية ليس من الناشطين الحقوقيين فحسب بل من البرلمانيين ومنظمات المجتمع المدني وبشكل خاص من الحكومات العربية في الاوساط الدولية". أسامة مهدي - إيلاف.