بغداد ـ قالت قيادات عراقية في التحالف الشيعي إن مسؤولين إيرانيين أكدوا لها أنهم يتمنون هزيمة التحالف الدولي أمام "الدولة الإسلامية"، وذلك وفقا لما نقلته مصادر مطلعة في بغداد عن هذه القيادات.
وقالت المصادر إنها رصدت "الكثير من المؤشرات والمعلومات والمعطيات التي تبرهن على أن النظام الإيراني غير معني لا من قريب ولا من بعيد بالقضاء على تنظيم 'الدولة الإسلامية' سواء في العراق أو سوريا".
وأكدت نفس المصادر أن بعض القيادات المتنفذة داخل أجهزة النظام الإيراني تعتقد أن هزيمة التحالف الدولي أمام "الدولة الإسلامية" سيجعل شيعة العراق أكثر إذعانا وتبعية لنظام ولاية الفقيه في طهران، لذلك فهي تخطط بشكل غير مباشر وسري للقيام بكل ما يسرع مثل هذه الهزيمة.
ويقول محللون إن ايران ترغب في حال حصول مثل هذه الهزيمة، في ملء الفراغ العسكري والأمني والسياسي ليس في العراق وسوريا بل في المنطقة برمتها، إذا تبين أن الحرب الدولية ستكون غير مجدية أو أنها ستأتي بنتائج كارثية، كما حصل بعد الاحتلال الاميركي للعراق العام 2003.
واعتبر قيادي سياسي عراقي ينتمي لائتلاف معارض للائتلاف الشيعي الحاكم في العراق أنه من السذاجة أن يصدق أحد في المنطقة أو في العالم أن إيران يمكنها أن تلعب دورا متقدما في مواجهة "الدولة الإسلامية" وأن تساعد التحالف الدولي على تحقيق انتصار ساحق على التنظيم، وهو ما يفسر وجود شكوك قوية في الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا بشأن جدية الدور الإيراني في محاربة "الدولة الإسلامية" في العراق وسوريا.
واتهم النظام الايراني بأنه يضغط على العبادي لمنع تسليح العشائر السنية في مواجهة "الدولة الإسلامية"، بدليل أن الحكومة العراقية تجاهلت كل التحذيرات بشأن نية التنظيم إعدام المئات من عشيرة البونمر السنية بين مدينتي هيت وحديثة، إلى أن حدثت المجرزة بحق أبناء هذه العشيرة.
والاحد، أعدم التنظيم الإرهابي 36 فردا اضافيا على الاقل من العشيرة العراقية، بحسب ما افاد زعيم عشائري بارز.
وقال الشيخ نعيم الكعود، احد كبار زعماء العشيرة، ان "تنظيم داعش (وهو الاسم الذي يعرف به التنظيم) قام بإعدام 36 شخصا بينهم اربع نساء وثلاثة اطفال، الاحد"، في احدث عمليات قتل جماعي ينفذها التنظيم بحق هذه العشيرة، والتي ادت الى مقتل المئات خلال الايام الماضية.
وأكد القيادي العراقي أن النظام الايراني يدعم الخطوات التي يراها مناسبة لمصالحه في مواجهة "الدولة الإسلامية"، وهو ما يفسر تحركه الفوري عندما اقترب الإرهابيون من العاصمة بغداد، لأن ذلك كان من شأنه أن يؤدي لانهيار الحكومة الحليفة له آنذاك، أي حكومة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي.
ويقول ملاحظون إن تنظيم "الدولة الاسلامية" لا يمكنه أن يدخل مدنا ذات غالبية شيعية لأنه لا يستطيع البقاء يوما واحدا دون حاضنة جغرافية واجتماعية له.
ويؤكد هؤلاء أن إيران تدرك هذه الحقيقة لكنها تتجاهلها وتمارس التخويف السياسي على القادة العراقيين الشيعة عبر إشاعة أن "التنظيم قادم الى كربلاء والنجف ويريد هدم المراقد المقدسة" في أسلوب ابتزازي سياسي مفضوح.
وتخشى دول عربية مهمة في الإقليم أن تكون ايران بصدد التصعيد في وتيرة تنفيذ مشروعها الطائفي الاقليمي وهي مخاوف تبررها التطورات الجارية في اليمن والدعم الإيراني السخي لجماعة الحوثيين بالسلاح والأموال.
ويقول محللون إن إيران تبني خطط مشروعها الطائفي على جملة من العناصر أهمها قدرة تنظيم "الدولة الاسلامية" على الصمود أمام ضربات التحالف الدولي لأن مثل هذا الصمود للإرهابيين قد يسهل إدخال السنة في حرب طائفية بينية طاحنة لا يكون لهم بعدها أي ثقل أو وزن سواء في العراق أو في سوريا.
ويقول مراقبون إن ما يحصل في اليمن وفي غيره من بؤر التوتر الطائفي الشيعي السني يعكس استحالة أن تتغير السياسة الإيرانية الهجومية على المنطقة العربية.
وأوضح السياسي العراقي أن ايران ترى في "الدولة الإسلامية" خطرا عليها فقط، في حال هدد بقاء نظام بشار الأسد في دمشق أو اقترب من المراقد الشيعية في المدن العراقية المختلفة، لكنها استراتيجيا تعتبر التنظيم الإرهابي وسيلة فعالة لإضعاف السنة في العراق وسوريا.
وقال إن طهران لا تستطيع تحمّل النتائج السياسية لانتصار التحالف الدولي على تنظيم "الدولة الإسلامية"، لأن مثل هذا الانتصار قد يؤدي إلى إنهاء حقبة حليفها الأسد والشروع في إصلاح واسع للعملية السياسية العراقية، تشمل إعادة هيكلة المؤسسات العسكرية والأمنية، وربما تصل النتائج الى إبرام اتفاق أمني استراتيجي بين الغرب وبغداد.