غم أن بحث خلافة علي خامنئي من المحرمات، إلا أن مراقبين يؤكدون أن هذه الخلافة، متى حدثت، ستغير مسار ايران داخليًا وخارجيًا، بعد 25 عامًا من تسلمه منصب المرشد الأعلى، خلفًا للامام الخميني.
لندن: أطلقت صور المرشد الأعلى الايراني علي خامنئي راقدًا في احد المستشفيات الإيرانية، بعد عملية جراحية في البروستات الشهر الماضي، أطلقت موجة من التكهنات بشأن خلافته.
إشارة تطمين
ويتساءل كثيرون الآن لماذا سمحت حلقة خامنئي الضيقة بمناقشة وضعه الصحي علنًا، في وقت تشتبك ايران مع الغرب في نزاع حول جملة قضايا إقليمية، وتجري مفاوضات حساسة بشأن برنامجها النووي.
وقال الباحث علي انصاري، من جامعة سانت اندروز البريطانية، إن صور خامنئي في المستشفى كان يُراد بها ارسال إشارة تطمين إلى انه بصحة جيدة، "لكنها اشارة تشي بقلق القيادة أكثر من طمأنة الايرانيين بشأن صحة المرشد الأعلى، فالرسالة تقول لنا المزيد عن مخاوفهم بشأن النظام السياسي، وحقيقة أن هذا النظام يعتمد على خامنئي الآن، اعتمادًا يقلقون معه من أن تخرج الشائعات عن نطاق السيطرة بما يفيد أن صحته معتلة فيبدأ المتنافسون مناوراتهم استعدادًا لصراع الخلافة". اضاف انصاري: "نشر الصور كان طريقة لمنع انطلاق هذا الصراع في وقت حرج، وأرادوا ذلك متعمدين".
إلا إذا!
وكان خامنئي صعد من طالب في الحوزة ليصبح المرشد الأعلى في العام 1989 بعد رحيل آية الله الخميني، مؤسس الجمهورية الاسلامية في العام 1979. وكما يقول الكاتب الايراني المعروف اكبر غني، فإن خامنئي هو اليوم رئيس الدولة الايرانية والقائد العام والفقيه الأول، وآراؤه هي في نهاية المطاف ما يحدد شكل السياسة الايرانية.
وعُين خامنئي مرشدًا أعلى بقرار من مجلس الخبراء ذي السطوة الواسعة، والذي بيده صلاحية تعيين المرشد الأعلى وعزله. لكن المجلس، بعد 25 عامًا على تعيين خامنئي، فقد نفوذه واختُزل إلى هيئة رمزية اعضاؤها اتباع للمرشد مجردون من أي صلاحيات رقابية، على الرغم من انهم ما زالوا يُنتخَبون في اقتراع مباشر.
وتوقع محلل مطلع على دواخل المؤسسة السياسية الايرانية أن يستعيد مجلس الخبراء دوره الحاسم بعد رحيل خامنئي. وقال هذا المحلل لصحيفة غارديان، طالبًا عدم ذكر اسمه: "علينا ألا نستهين بالمجلس، فأعضاؤه في نهاية المطاف هم الأشخاص الذين يختارون القائد المقبل، إلا إذا وقع انقلاب عسكري".
إن مات غدًا
يمر مجلس الخبراء بمرحلة انتقال بعد وفاة رئيسه محمد رضا مهدوي إثر نوبة قلبية، ومن المقرر اجراء الانتخابات المقبلة لعضوية المجلس في اقل من سنتين. وقال المحلل نفسه: "ما يحدث بعد خامنئي يعتمد إلى حد كبير على هوية اعضاء المجلس وقت وفاته، والقوى التي تمسك بمقاليد السلطة في طهران".
وكان احمد جنتي، رجل الدين واسع النفوذ والقريب من خامنئي، اشار في ايلول (سبتمبر) الماضي، حين أُدخل المرشد الاعلى المستشفى، إلى أن هناك اجنحة سياسية معينة في ايران تخطط لتقويه مواقعها في مجلس الخبراء القادم، بمعنى أن ملالي ينتقدون سياسات النظام يراهنون على دخول المجلس.
واعلن جنتي في التلفزيون الايراني أن لدى بعض الأفراد طموحات سياسية، "ويريدون أن تكون لهم الغلبة في مجلس الخبراء المقبل".
وقال انصاري إن خلافة خامنئي، إذا توفي غدًا، ستمضي في ثلاثة مسارات، هي اولًا اجتماع مجلس الخبراء لتفعيل فكرة مجلس قيادة جماعية، والمسار الثاني أن يكون خامنئي ترك وصية من نوع ما ويرشح شخصًا من حلقته الضيقة يواصل نهجه ومصالح الجهات التي يمثلها، أو انتخاب شخص جديد بالمعنى التقليدي، "وهذا المسار الثالث هو الأكثر إشكالية"، بحسب انصاري.
وراء ابواب مغلقة
في غياب مناقشة حقيقة مفتوحة حول خلافة خامنئي، فإن اسماء المرشحين لتسلم عمامته لا يجري تداولها إلا وراء ابواب مغلقة وفي مجالس خاصة.
ويرى كثيرون أن آية الله علي أكبر هاشمي رفسنجاني، البارع في لعبة البقاء والخروج سالمًا من الصراعات السياسية، منافس لا يمكن التقليل من شأنه. وكان رفسنجاني (80 عامًا) تولى رئاسة الجمهورية مرتين، وهو يرأس مجلس تشخيص مصلحة النظام ذا السلطات الواسعة، وقاد مجلس الخبراء عددًا من السنوات.
ومن الأسماء المتداولة الأخرى آية الله محمود هاشمي شهرودي، رئيس السلطة القضائية السابق، وآية الله محمد تقي مصباح يزدي المحسوب على المحافظين وآية الله جوادي امولي وهو عالم دين بارز يقيم في قم، وآية الله ابراهيم اميني، وهو رجل دين واسع النفوذ وعضو في مجلس الخبراء.
وكان رفسنجاني، المحسوب على المعتدلين، رئيس الجمهورية من 1989 إلى 1997، وهو معروف بأنه سياسي براغماتي واصبح أول رئيس للبرلمان بعد اطاحة حكم الشاه.
الغريمان
اما آية الله شهرودي (65 عامًا) فله قاعدة واسعة من الأتباع. وهو من مواليد النجف في العراق، لكنه غادر إلى ايران بعد ثورة العام 1979.
اصبح شهرودي من أقوى حلفاء الخميني، وصعد ليصبح رئيس السلطة القضائية بين 1999 و2009. كما هو عضو في مجلس صيانة الدستور. وفي ظل رئاسة شهرودي للسلطة القضائية، استمرت انتهاكات حقوق الانسان في ايران، بما في ذلك استهداف الناشطين والصحافيين والمعارضين باعتقالات تعسفية.
المرشح الآخر القوي لخلافة المرشد الأعلى هو آية الله محمد تقي مصباح يزدي (80 عامًا). ومصباح يزدي سياسي متشدد، معروف بدعمه الرئيس السابق محمود احمدي نجاد في سنواته الاولى.
ويعتبر يزدي من أكثر الملالي المتشددين، وله صيت ذائع بانتقاداته الشديدة للحركة الاصلاحية ومعارضته للرئيس السابق محمد خاتمي. ومصباح يزدي، إلى جانب كونه عضوًا في مجلس الخبراء، معروف في قم التي تتمركز فيها الحوزات والمدارس الدينية. ورغم أنه محسوب على المحافظين، فهو لا يعتبر حليفًا قويًا للمرشد الأعلى الحالي علي خامنئي، بل يوصف الاثنان في احيانٍ كثيرة بالغريمين. إيلاف.