آخر تحديث للموقع :

الأحد 26 جمادى الأولى 1445هـ الموافق:10 ديسمبر 2023م 10:12:27 بتوقيت مكة

جديد الموقع

العراق يعيش حافة خطر الطائفية: الميليشيات الشيعية في العراق تعيد تنظيم نفسها ..

شكل التنافس السياسي بين الشيعة والسنة في العراق محور المواجهات الطائفية  على الارض والتي تحولت الى مواجهات مسلحة، وكانت عملية تهجير مابين الطائفتين ابرز معالم التغيرات في العراق مابعد 2003، وكانها تشبه الحرب الاهلية التي واجهتها الهند في اواخر عقد الاربعينيات من القرن الماضي، لتعلن ظهور الباكستان، بعد تقسيم المنطقة طائفيا، ورغم ذلك فان الهند والباكستان الى يومنا هذا تشهد صراعا حادا طائفيا في كشمير، يمتد احيانا الى عمليات انتحارية على اراضي البلدين من قبل مجموعات متطرفة راديكالية .

اعادة تنظيم الميليشيات

بات العراق متورطا في الازمة السورية  رغم مايعانيه هذا البلد مايكفي من ألعنف ألطائفي والارهاب . لتظهر حالة الاشتباك ألجهادي مابين العراق وسوريا في الحركات الجهادية السنية والشيعية، فهنالك تنقلات وتمدد للحركات مابين العراق وسوريا. واصبح  نصب عين “ألجهادية” في هذه المرحلة تقع على العراق و سوريا، اما الميليشيات ألشيعة فتقع أعينهم على ضريح السيدة زينب في دمشق والعتبات المقدسة في العراق. لقد تغير مشهد التشابك “الجهادي” مابعد اجتياح “الدولة الاسلامية ” الى مدينة الموصل ومدن عراقية اخرى شهر  يونو 2014، لتنتقل الميلشيات الشيعية من سوريا الى العراق، في اعقاب تهديد التنظيم على لسان متحدثه ابو محمد العدناني باحتلال بغداد والمراقد المقدسة. وهذا يعني انها استشعرت الخطر يشكل جاد، وكانت رسالة انذار سريعة ومباشرة الى شيعة بالعراق، بانهم مهددون في عقر دارهم، وهذا ما دفع بالميليشيات اعادة تنظيم نفسها في العراق. وبالتزامن مع هذه التطورات اعلنت المرجعية الشيعية في حينها “الجهاد الكفائي” وهو نوع من انواع الجهاد للدفاع عن النفس والعتبات المقدسة، لكن هذه المرة تقاتل تحت ادارة الحكومة العراقية في مواجهة”الدولةالاسلامية”. كانت هنالك مأخذ على انتهاكات وممارسات هذه الجماعات في المدن التي تشهد مواجهات، راح ضحيتها ابرياء من المدنيين، ووجهت لها انتقادات وتهم من بعض المنظمات المدنية والمعنية بحقوق الانسان. هذه الاتهامات ان ثبتت فتعتبرانعكاس الى الاحتقان الطائفي، اكثر من غيره. الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي لعبت دورا قويا في اذكاء الطائفية بين العراقيين.

الميليشيات الشيعية

انضمت الى ” الثورة السورية” عام 2011 وبوقت متاخر ميليشيات شيعية  للقتال الى جانب الاسد تحت باب الدفاع عن الاضرحة الشيعية، وكان ابرزها لواء ابو الفضل العباس وهو ما حول الفتنة الطائفية الى حرب أهلية تكون قائمة على أساس التناحر الطائفي، بعد ان انضم اليهم مقاتلون من لبنان وايران، وهو ما جعل سوريا أن تكون الى ساحة كبيرة لحرب طائفية اقليمية.

لقد بات العراق، متورطا بصورة متزايدة في النزاع السوري رغم ما يكفيه من العنف الطائفي والارهاب و تلعب أيران دورا حاسما في اعداد هذه الميليشيات وتدريب، فان المتطوعين العراقيين يحصلون على أسلحة وامدادات من الحكومتين السورية والايرانية، ونظمت إيران رحلات الى العراقيين الراغبين في القتال الى جانب الحكومة السورية  وتضغط ايران على حلفائها من العراقيين ألشيعة  لتنظيم لجان تجنيد متطوعيين. الميليشيات الشيعية تحولت مع مرور الزمن إلى اجنحة عسكرية ترعاها ايران بالاشتراك مع بعض الاطراف السياسية في الحكومة العراقية الى ماقبل استلام رئيس الحكومة الجديد منصبه في سبتمبر 2014.

تقرير “امنستي”  في اكتوبر 2014 حول الميليشيات الشيعية

في هذا التقرير تورد منظمة العفو الدولية أسماء الميليشيات الشيعية الرئيسية في العراق، وتنامي دور تلك الميليشيات في البلاد وسطوتها على القرار الأمني فضلاً عن غياب المسائلة لعناصرها.

ابرز الميليشيات الشيعية في العراق  فهي:

فيلق بدر اومنظمة بدر المنشقة عن المجلس الإسامي الأعلى في العراق، وتأسس في ثمانينات القرن الماضي بدعم من إيران لمحاربة  العراق، ويرأسه حاليا هادي العامري .

جيش المهدي التابع  الى رجل الدين مقتدى الصدر، والذي أصبح اقوى الميليشيات سطوة عقب احتلال الولايات المتحدة للعراق عام 2003 قبل أن يتم حله رسميا عام 2008.  ونشط مؤخرا من خلال تأسيس أحد فروعه الذي أطلق عليه اسم سرايا السلام.

عصائب أهل الحق، التي تأسست في وقت ما من عام 2005 كمجموعة منشقة عن جيش المهدي تحت قيادة قيس الخزعلي ولها علاقات باللواء قاسم سليماني قائد قوات القدس التابعة لفيلق الحرس الثوري الإيراني، ويُعتقد أنها أقوى الميليشيات الشيعية حاليا؛ وانهمك بعض عناصرها طوال السنتين الماضيتين في القتال في سورية إلى جانب قوات النظام ضد جماعات المعارضة السنية المسلحة.

  • كتائب حزب الله: والتي لا تجمعها علاقة بحزب الله اللبناني، وقيل إنها متفرعة من “الفيلق الخاص” التابع لجيش المهدي.

ويرتدي عناصر الميليشيات في الغالب زيا موحدا ويعملون بشكل مستقل إلى جانب قوات الحكومة في المعارك وعند نقاط التفتيش، ويستخدمون قواعد الجيش أو الأمن واحيانا يصعب التميز بينهم.

المواجهات المسلحة تشعل الطائفية

الطائفية في العراق مازالت فاعلة وتأتي ثمارها من خلال، عمليات التفجير والعمليات الانتحارية ضد المناطق الشيعية، وكذلك ضد الابرياء من المناطق السنية التي تشهد مواجهات ساخنة، مابين القوات العراقية وضربات الجو من قبل الطيران الاميركي وطيران التحالف الدولي، والذي سبب باعداد كبيرة من الضحايا والمهجرين. يشار ان رئيس الحكومة حيدر العبادي اتخذ قرارا بايقاف الضربات الجوية من ارتفاعات جوية مرتفعة، خطوة منه  لتقليص احتمالات الخطأ. بعض التقارير المعلوماتية ذكرت، بأن الولايات المتحدة وقوات التحالف ايضا خففت طلعاتها الجوية ضد المناطق السكانية التي يحتمي بها “تنظيم الدولة الاسلامية” والجماعات المسلحة المتحالفة مع التنظيم، خطوة منها لعدم خسارة الرأي العام العراقي خاصة داخل المناطق السنية التي تشهد مواجهات مسلحة، فالولايات المتحدة تحتاج دعم الزعامات العشائرية هناك ضمن هذه المرحلة.

 القوات الاميركية سبق ان بعثت بمئات المستشاريين الاميركيين الى مدينة الانبار وكذلك الموصل ومناطق اخرى خلال شهر سبتمبر واكتوبر من هذا العام 2014، ضمن إستراتيجية تشكيل مجموعات مسلحة جديدة مهما تختلف تسميتها من اجل مقاتلة “الدولة الاسلامية” والجماعات المسلحة المتحالفة معها.

ألحرس الوطني

وبالتزامن مع ذلك فقد قررت الحكومة العراقية المصادقة على قوات الحرس الوطني، لمقاتلة التنظيم في المناطق الغربية والشمالية الغربية من العراق، وان تكون كيان ضمن القوات العراقية تخضع الى قانون خاص. بعض التحليلات وصفت هذه الخطوة لموازنة الميليشيات العراقية، لكن في اي حال من الاحوال فان العراق يحتاج الدعم البشري، لان قواته العراقية التي لم تصل الى 125 الف، غير قادرة على الانتشار على الاراضي العراقية والقيام بمهامها، وهذا يعني ان هذه القوات ستكون داعمة للقوات العراقية، على غرار الحرس في الولايات المتحدة رغم الاختلافات، من حيث المهام والواجبات. الخطوة هذه ربما تضعف قدرات الجيش العراقي، وممكن ان تتحول مستقبلا الى مصدر خطر للحكومة العراقية، وهذا يعتمد على العلاقة مابين الحكومة المركزية والزعامات السنية السياسية والعشائرية في المنطقة الغربية والشمالية الغربية من العراق، كذلك تتحدد بقدرة الحكومة بضبط الاجماع الدولي لمواجهو”الدولة الاسلامية” في العراق، بحيث لايكون هذا التحالف خطوة بأتجاه تعزيز الانقسام وتقسيم خارطة العراق والمنطقة على اساس مذهبي.

 تبنت القاعدة  استراتيجية  لبناء ” الخلافة ألاسلامية “  حتى عام 2020 و القائمة على فكرة تطوير العمل “الجهادي” الإسلامي كماً ونوعاً، وتوسيعه واعتبرت العراق قاعدة لبناء جيش للمرحلة القادمة ضد  دول الجوار. يحاول الخطاب المتطرف للحركات “الجهادية”  تحويل ألقتال  ضد الشيعة  في المرتبة الأولى كعدو أول وعلى هذا الأساس اصبح العراق هدفا وارض خلافة بالاشتراك مع سوريا  وهذا يعكس حجم النجاح الذي حققه ” الجهاديين”  بتحويل الصراع الى صراعا طائفيا .

فتنظيم “الدولة الاسلامية” يرسم الان خارطة مذهبية جديدة بدل الخارطة السياسية مابين العراق وسوريا، وهذا يرجح مستقبلا قيام اقليم سني على غرار اقليم كوردستان العراق في شمال العراق. اسؤء السيناريوهات المتوقعة هو فصل المنطقة الغربية والشمالية الغربية من  العراق، ليتحول العراق، كما تم الاعلان عنه من قبل  بعض الدراسات الاستراتيجية والمعنيين بوضع نظريات السياسة الخارجية الاميركية واستراتيجياتها.

الدور الاميركي  يتمحور حول:

حسابات داخلية تتعلق بالرأي العام الأميركي، بعد خسارة حرب افغانستان 2001 والعراق 2003

  • مصلحة إسرائيل ووزن قرارها في السياسة الأميركية.

  • وجود سورية ضمن محور “المعارضة” بزعامة ايران ضد لسياسة الأميركية، فلا طاقة لإدارة البيت الأبيض اليوم بتحمل تبعات معركة مفتوحة.

وهذه الاسباب ربما كانت وراء ظهور إستراتيجية اميركية جديدة تبلورت بعد وصول اوباما الى البيت الابيض والتي تركزت على تقليص نشر القوات الاميركية وكذلك اعادت نشرها وتقليص نفقات الميزانية. هذا النوع من الاستراتيجية يدعم فكرة ظهور وتبني الولايات المتحدة نظرية الجيل الرابع من الحروب والتي تتلخص، بان تدور الولايات المتحدة حربا من بعد بايجاد اطراف محلية تقاتل عنها بالوكالة في الدول الفاشلة من اجل اضعاف ههذه الاطراف واشعال القتال بين ابناء البلد الواحد.

العراق فعلا يواجه تحديا خطيرا امام  توسع “الدولة الاسلامية” في العراق، لذا لم يكن امامه خيار الا الحل السياسي، بايجاد اتفاقات مع ممثلي الاحزاب والكتل السياسية من المنطقة الغربية والشمالية الغربية و والتحالف مع الزعامات العشائرية السنية لمواجهة هذا التحدي، عدا ذلك سيكون العراق امام خيار سيء وهو تدخل عسكري اميركي على الارض او تدخل عسكري ايراني.

جاسم محمد - باحث في قضايا الارهاب والاستخبار - الرأي اليوم.

عدد مرات القراءة:
2148
إرسال لصديق طباعة
 
اسمك :  
نص التعليق :