بيد أن محللين قالوا بأن ذلك يجسد فرضية ما عرضته طهران، الشهر الفارط، حول إبرام صفقة مع واشنطن بشأن التغاضي عن أجهزة الطرد المركزي المخصصة لتخصيب اليورانيوم مقابل مشاركتها في التحالف الدولي ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” المتشدد رغم العداء الظاهر للعلن بينهما.
وتتزامن هذه المعلومات مع تواصل المفاوضات المعقدة بين إيران والقوى الغربية حول نقاط خلافية قد ترمي بالمباحثات إلى ستة أشهر إضافية رغم نفي الطرف الإيراني السعي إلى تمديدها.
إلى ذلك، وحسب مصادر أميركية مطلعة، فإن الإيرانيين أشاروا إلى أنهم سيقبلون على الأقل بشكل مؤقت هذا المنحى رغم تمسك دوائر صنع القرار في نظام خامنئي بموقفهم حيال برنامجهم النووي المثير للجدل الذي تسبب في انهيار جزء من اقتصادهم بسبب الحصار.
كما أوضحوا أن أوباما لديه السلطة لتعليق أغلب هذه العقوبات دون السعي إلى تصويت من الكونغرس، لكن لا يمكن للرئيس إنهاء هذه العقوبات بشكل دائم، إذ أن هذه الخطوة من حق الكونغرس فقط.
مراقبون يرون أن الرئيس أوباما إذا أبرم صفقة مع إيران بالفعل فإنها ستهدد الأمن الإقليمي على المدى البعيد
هذا فيما يرى العديد من أعضاء الكونغرس، ولاسيما الجمهوريين الذين ما فتئوا ينتقدون سياسة أوباما جراء تعاطيه “الهزيل” مع ملفي إيران النووي والحرب على “داعش”، أن الخطة تمثل محاولة من جانب إدارته لتهميشهم، وهي وجهة النظر التي تؤكد عليها إسرائيل التي ترى أن تصويت الكونغرس أفضل وسيلة لتقييد صفقة ربما تكون غير مرضية.
وما يعزز ذلك التوجه، ما أكده عميل سابق بالاستخبارات المركزية الأميركية داخل الحرس الثوري الإيراني، في تقرير نشرته صحيفة «واشنطن تايمز»، في وقت سابق، بأن فكرة عقد “صفقة كبرى” مع إيران كانت تسيطر على أوباما منذ تنصيبه، فهو يعتقد حتى اليوم أنه يمكن التفاوض مع نظام “ولاية الفقيه”.
ويرى مراقبون أن الرئيس أوباما يصر من جانبه على تجاهل حقيقة أن أي مفاوضات أو عقوبات ضد إيران ستبوء بالفشل بسبب التزام النظام الإيراني بمبادئه المتطرفة، وإن تمت الصفقة ستجعل من إيران خطرا على الأمن الإقليمي على المدى البعيد.
وكانت تسريبات كشفت، في وقت سابق، أن إدارة أوباما عقدت مفاوضات سرية، في فبراير الماضي، مع قادة النظام الإيراني حول اتفاق من شأنه الضغط على إسرائيل لعدم مهاجمة إيران، وتجنب الإضرار بالاقتصاد الأميركي الضعيف والمساعدة في تعزيز فرص أوباما في إعادة انتخابه.
وتضمّن الاتفاق الذي جاء في شكل “صفقة مقايضة”، حسب متابعين، الاعتراف بحق إيران في تخصيب اليورانيوم لأهداف سلمية والتعهد بأن برنامجها النووي لن يتضمن أي تطبيقات عسكرية، في مقابل تحالف خفي مع واشنطن ضد التنظيم الراديكالي السني المعروف بـ”داعش”.
وتخشى دول الجوار الإيراني، وفي مقدمتها دول الخليج، تقارب نظام “الملالي” وما تسميه طهران بـ”الشيطان الأكبر” من خلال الصفقة، إن تمت بالفعل، رغم العداء العلني بين البلدين.
يذكر أن العلاقات الإيرانية الأميركية تعيش على وقع توتر متصاعد منذ ثورة الخميني التي أطاحت بالشاه أواخر سبعينات القرن الماضي.