لا يستطيع أن ينكر أحد حجم النفوذ والتوغل الإيراني في أرض العرب، بداية من العراق ولبنان إلى اليمن وسوريا، وغيرها من الدول التي يختلف حجم النفوذ الإيراني بها حسب قوة كل دولة والظروف التي مرت بها.
ففي العراق تنتشر مليشيات الحرس الثوري الإيراني والعناصر المتطرفة المرتبطة بها، والميلشيات المسلحة العراقية إيرانية التسليح والتوجيه.
النفوذ الإيراني في العراق
تلك المليشيات التي ارتكبت من المجازر والمذابح ما وثقته تقارير داخلية وخارجية، فضلا عن افتعال تفجيرات هنا وهناك لإثارة الفتنة الطائفية في العراق، مثلما حدث في تفجير مرقدي الإمامين العسكريين في مدينة سامراء وذلك في شهر فبراير من العام 2006، حيث لتشتعل بعدها فتنة طائفية أكلت في طريقها الأخضر واليابس في العراق، ولم تسلم منها بلاد الرافضين إلى الآن.
ومع مرور الأيام وبعد الحادث بسنوات وتقريبا في عام 2013 اتهم مسؤول أمريكي رفيع المستوى طهران بالتورط في حادث تفجير مرقدي الإمامين العسكريين في سامراء.
وأتهم جورج كيسي وهو قائد القوات المتعددة الجنسيات السابق في العراق إيران بالضلوع في تفجير المرقد؛ لإثارة الفتنة الطائفية والعمل على تأجيجها في العراق، لإضعاف هذا البلد، والتوغل أكثر وأكثر في بلاد الرافدين من خلال بث الفتن والشقاق بين أبناء البلد الواحد.
هذا مثال فقط لحجم النفوذ والمؤامرات الإيرانية لإضعاف العراق، وبث الفتن بين أبنائه، فضلا عن انتشار المئات بل الآلاف من عناصر الحرس الثوري الإيراني التي تتولى تدريب المليشيات الرافضية المتطرفة في العراق بعد الاحتلال الأمريكي عام 2003.
في لبنان
أما في لبنان فالنفوذ الإيراني يكاد يكون أكثر وضوحا منه في العراق، حيث مليشيات حزب الله التي تتولى طهران توجيهها وتسليحها، حتى بات حزب الله أقوى وأكثر تسليحا وتطورا من الجيش اللبناني، وجاءت الثورة السورية عام 2011 لتفضح ممارسات حزب الله وولاءه لإيران، حيث التدخل في سوريا والقتال بجانب قوات بشار الأسد الحليف الأقرب لطهران في المنطقة، حيث تسعى إيران بكل قوتها للحيلولة دون إسقاط الأسد.
في سوريا
وفي سوريا الوضع أكثر بؤسا منه في العراق ولبنان، حيث انهيار كثير من البلدان والمدن بسبب التسليح الإيراني، لنظام الأسد، ولولا هذا التسليح لسقط الأسد في أول عام من الثورة، وهناك اعتراف من الجانب الإيراني نفسه بهذه الحقيقة، واعترافهم بأنه لولا تدخلهم وتسليحهم لقوات الأسد، لسقط النظام الأسدي منذ بدايات الثورة، إلا أن انتشار الحرس الثوري الإيراني في سوريا وتوليها تسليح وتدريب قوات الأسد والعناصر العراقية التي دخلت العراق حالت دون سقوط النظام النصيري.
ودلائل ذلك الفيديوهات والصور والتقارير الواردة من سوريا تباعا، والتي تتناول القبض عن عدد من العناصر الإيرانية وعناصر من الحرس الثوري الإيراني في سوريا.
في اليمن
وفي اليمن يتضح حجم النفوذ الإيراني عبر بوابة الحوثيين، حيث تكرر نموذج حزب الله في لبنان، ولكن هذه المرة في اليمن، حيث التسليح الإيراني غير المحدود لعناصر التمرد الحوثي، حتى بات السلاح في يد الحوثيين أكثر تطورا منه في أيدي الجيش اليمني، وما حدث قبل أيام من اقتحام صنعاء، ما هو إلا نتيجة هذا التسليح والدعم الإيراني للحوثيين.
وما حادثة محاصرة مجلس الوزراء ومساومة ساسة اليمن للإفراج عن سفينة إيرانية محملة بالأسلحة وعناصر من الحرس الثوري الإيراني كانوا على متنها، إلا مثالا فقط عن حجم النفوذ الإيراني ومدى التسليح الإيراني لعناصر التمرد الحوثي.
وجاء تعليق الناشطة السياسية اليمنية توكل كرمان عن الأحداث التي شهدتها اليمن لبيان حجم النفوذ الإيراني في العالم العربي.
حيث علقت الناشطة اليمنية على الأحداث الأخيرة بقولها: "إن صنعاء هي رابع عاصمة عربية تحتلها دولة إيران"، في إشارة إلى العاصمة صنعاء بعد كل من العاصمة العراقية بغداد، والعاصمة السورية دمشق، والعاصمة اللبنانية بيروت.
كان ذلك فقط ملمح من ملامح النفوذ الإيراني وخطورة التدخل الإيراني في أرض العرب، فضلا عن الممارسات الإيرانية ومحاولتها نشر التشيع في بعض البلدان، كما حدث مؤخرا في السودان، من غلق المراكز الثقافية الإيرانية، وطرد موظفيها، بسبب ممارساتهم المثيرة للقلق، واستغلال نفوذهم في نشر المذهب الشيعي في البلاد.
خطورة النفوذ الإيراني تتعدى تلك البلدان، لتصل إلى بلدان أخرى في ظل الطمع الإيراني والمخطط الإيراني لإضعاف الأمة العربية، فالحذر الحذر واليقظة من تلك المؤامرات والمخططات. - رسالة الإسلام.