الحوثيين في اليمن معروف بصلته الواضحة بإيران، يضاف إلى ذلك تحكم إيران بمليشيا “القاعدة” التي ارتبطت بإيران ارتباطات من الصعب الانفكاك عنها، فكثير من القيادات كان ملاذها إيران ومنها حصلت على تمويل واسع، ومعلومات تمنح لها من قبل المخابرات الإيرانية والسورية للقيام بعمليات نوعية وهذا ليس شأنا حديثا كما يتصوره البعض بل بدأ منذ سنة 1996، ولكنه توسع بعد احتلال أمريكا لأفغانستان والعراق. إن المتابع للشأن العربي والإسلامي لا يجد جهدا أو تخطيطاً مناسباً لا على المستوى الرسمي (الأنظمة والحكومات) ولا على المستوى النخبوي (إسلامي، ليبرالي علماني)، تجاه التحركات الإيرانية، بل ما زالت هناك نخب قومية ويسارية تعتبر إيران ضمن الخط المواجه لأمريكا وإسرائيل، ولابد من الوقوف إلى جانبها، سواء كان تحت مسمى الممانعة أو غيرها، وقسم همّه مواجهة الفعل الإيراني وهو لا يعمل إلا كرد فعل، وقسم ينتظر المخلص الغربي (الأمريكي أو الأوربي) ليخلّصه من التغوّل والتوغّل الإيراني، فليس هناك أي مخطط ذاتي وإرادة داخلية لمواجهة هذا التمدد الواضح. . وكانت تقارير مختلفة أفادت أن إيران تعمل على بناء ميناء جديد على شواطئ البحر الأحمر، لتهريب أسلحة إلى حزب الله اللبناني عبر الأراضي السودانية، مستغلة في ذلك المساعدات التي تقدمها للخرطوم.
وتشمل هذه الأسلحة الدبابات وأنظمة الصواريخ والأنظمة الدفاعية الذاتية وغيرها من الأسلحة الثقيلة، وتحتل المنشأة الإيرانية جزءا كبيرا من ميناء بورتسودان.
وقالت التقارير ذاتها إن إيران استأجرت موقع المنشأة لفترة طويلة المدى، وأن مهندسين من الحرس الثوري الإيراني بزيّ مدني يشرفون على العمال السودانيين الذين يعملون في تشييد المنشأة والتي تعتبر ثاني أكبر قاعدة عسكرية في البحر الأحمر بعد قاعدة ميناء عصب العسكرية في أريتريا. مقابل ذلك تجهد الدولة العبرية وبشكل دوؤب على كسر هذا الحصار والعمل على النفاذ داخله تارةً، والألتفاف حوله تارةً أخرى، وها هي اسرائيل الصهيونية الطارئة على كل شيء، تجد متنفسها الآخر في القارة الأفريقية فهي ميدان سياسي واقتصادي وعسكري واستخباري رحب، نحو تحقيق أهدافها في الألتفاف حول الطوق الذي فرض عليها الى حد ما من الدول العربية سابقاً.
لقد كانت ما تسمى بعملية التسوية السياسية السلمية بمؤتمر مدريد للسلام عام 1991 م، قد أدّت الى تأمين هذا الكيان العبري بالمعنى العضوي والسياسي، وبالتالي أمّن ذلك لهذا الكيان تنفيذ استراتيجيته في القارة السوداء، لملء الفراغ الذي خلّفه العرب بعد وفاة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر رحمه الله تعالى.
وكم حذّر الملك الحسين رحمه الله تعالى، العرب مجتمعين ومنفردين من خطورة الفراغ العربي في أفريقيّا، وحاول مراراً وتكراراً على ضرورة ملئه بعد وفاة عبد الناصر ولكن لا حياة لمن تنادي. ويستغرب كاتب هذه السطور بعدم متابعة ما كان يعمل عليه الملك المرحوم الحسين، من قبل نواة الدولة الأردنية السياسية والمخابراتية، وأذكر وأنّه وقبل سنوات ما يسمى بالربيع العربي وبمبادرة من الجانب الأردني، عقد الملك عبدالله الثاني والرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح والرئيس المصري السابق مبارك، اجتماعاً ثلاثياً في العقبة في نهاية عطلة عيد الأضحى المبارك أنذاك، لبحث موضوعة القرصنة في مياه البحر الأحمر والقرن الأفريقي، والدور والوجود العربي المرجو في مياه البحر الأحمر وعلى سواحله، وبحضور المرحوميين عمر سليمان مدير المخابرات المصرية، والمشيرسعد خير مدير وكالة الأمن الوطني، والمرحوم سميح عصفورة مدير المخابرات الأردنية، ومدير المخابرات اليمني لا أتذكر اسمه الآن، وبحضور خبراء من الأطراف الثلاثة مسنّدة بالمعلومات والخرائط.
وبعيداً عن سياسات تدوير الزوايا، الغريب في هذه المسألة أيضاً، أنّه لم يتم البناء على ما بدأه الملك عبدالله الثاني، لا من الجانب الأردني ولا الجانب المصري ولا اليمني وكأنّنا بلا أفق سياسي استراتيجي، ولا نفكّر أبعد من أرنبة أنوفنا بعكس عدونا الأسرائيلي الصهيوني الأستراتيجي.
الصورة تتغير وبسرعة الآن لغير صالح العرب والمسلمين، حيث بدأت حكومة هذا الكيان السرطاني تتسلل تدريجياً وبقوّة الى أفريقيا، عبر التعاون الأمني والفني مع بعض دول القارة، أو من خلال الروابط التجارية والأقتصادية.
في المعلومات، جميع رؤساء أجهزة مجتمع المخابرات الصهيوني، قاموا بزيارات بعضها معلن والكثير منها سريّة الى القارة الأفريقية تركز على دول محددة ومعينة دون غيرها في القارة السوداء، تلك الدول التي تتميز بروابطها التاريخية والتجارية والأقتصادية والأمنية – الأستخبارية، مما يطرح بعض التساؤلات من طبيعة نوايا الدبلوماسية الأسرائيلية الصهيونية لاحقاً نحو أفريقيا على شاكلة التساؤل التالي:
هل التركيز العبري الصهيوني سيكون على تلك الدول ذات العلاقات القويّة مع تل أبيب؟! أم استخدام وتوظيف وتوليف هذه الدول في سياق قواعد شاملة بما فيها الأستخباري – الأمني، تتيح لتل أبيب توسيع علاقاتها الأفريقية لمنافسة دور ايران الصاعد في أفريقيا ومن خلفه أدوار شاملة لحزب الله اللبناني، والدور الصيني العميق ومن خلفه أو أمامه أدوار روسية تطوّر وتبني على الموجود وتسعى الى الأستراتيجي الأوسع؟!.
تعتبر كينيا الأفريقية، الدولة التي تستضيف أكبر وأهم قاعدة استخبارية للموساد الأسرائيلي، حيث العلاقات الكينية – الأسرائلية متنوعه ومتميزة تجارياً واقتصادياً بسبب الروابط التجارية والأقتصادية بين اسرائيل والشركات اليهودية العالمية( الناشطة في تجارة التبغ والبن والشاي )من جهة، وكينيا من جهة أخرى، أضف الى ذلك توجهات مجلس الكنائس الكيني الداعم للمسيحية الصهيونية. أمّا أثيوبيا فحدّث ولا حرج، فهي تمثل الحليف الأستراتيجي لأسرائيل و واشنطن في القرن الأفريقي، اذا ما استثنينا فترة حكم الرئيس الماركسي مانغستو هايلي مريام فقط.
وعمليات الحروب السريّة الأسرائيلية في أفريقيا كثيرة ومتعددة وتتجدد باستمرار، وما يجري في ما تسمى بدويلة جنوب السودان الآن من صراع ونزاع مسلّح، كيفما حسبته وحلّلته يقع في هذه الخانة، رغم عمق العلاقات الأسرائيلية الصهيونية مع تلك الدويلة المسخ(اسرائيل أفريقيّا) في الجنوب السوداني العربي، وهي أعمق خسائر الأمن القومي المصري بشكل خاص، والعربي بشكل عام، والمحزن المفجع أن جلّ العرب ومعهم الأردن اعترفوا بتلك الدويلة المسخ، الدويلة المولودة بالزنا والسفاح في فراش الأممية، والنتائج أبناء حرام وزانيات لديهنّ نزق مجنون، انّها نبته شيطانية رؤوسها كأنّها الشياطين.
كذلك امدادات الأسلحة العبرية في الماضي القريب، وهذا الزمن العربي المأزوم والمتهالك، تكمن وتتمثل عبر أوغندا باتجاه حركات التمرد الناشطة، ليس فقط في جنوب السودان وشرق زائير، بل في كل البؤر الساخنة من شمال أفريقيّا الى جنوبها ومن شرقها الى غربها، والآن الرئيس الأوغندي يتوسط بين رئيس الدويلة المسخ ونائبه، لا بل ويرسل قوّات لحماية المدنيين، وتفعل الأم المتحدة ( فراش الأممية) وترسل قوّات فصل، انّها مفارقة عجيبة مضحكة مفجعة.
بجانب حلفاء اسرائيل الصهيونية في رواندا وبوروندي، هناك نيجيريا فهي مهمة للدولة العبرية الصهيونية، كونها تمثل الدولة النفطية الأكبر في أفريقيا، اضافةً الى وجود شبكات غسيل الأموال التي تشرف عليها المؤسسات المالية العالمية اليهودية، ومن تحالف معها من الشركات العالمية الأخرى ذات الطابع المسيحي الغربي، أضف الى ذلك وجود الشركات النفطية الأمريكية الأفريقية مثل: شيفرون والبريطانية مثل: كبريتيش بتروليوم الداعمة لأسرائيل الصهيونية، ويكفي ما يجري بحق المسلمين في نيجيريا من مذابح وحرق لهم وهم أحياء، في أخاديد عميقة وعبر صراع اثني طائفي عرقي ديني… ففتش عن اسرائيل الصهيونية يا عربي ويا مسلم.
ولا يهمنا في هذا الإطار نقد السياسات العربية الرسمية، بل نريد أن نناقش النخب في بلداننا لا سيما النخب الإسلامية من الموقف الصحيح وما يجب عمله تجاه هذا العدوان الإيراني.
قبل الدخول في ما يجب عمله لا بد من التذكير بأن وضع إيران بدأ يتخلخل شيئا فشيئا بعدما أوشك أكبر حلفائها في المنطقة (سوريا العلوية) على السقوط النهائي لحد أن كاتبا إيرانيا شبه ما يجري بـ (سَريَنة إيران بدلا عن أَيرنة سوريا) ، هذا الأمر الأول. وإن إيران تتعرض لأزمة مالية حقيقية نتيجة الحصار الذي فرضته أمريكا والدول الأوربية ونتيجة سعة الإنفاق الإيراني على مشروعها الشيعي وما أنفقته للوقوف مع بشار الأسد (إذ أنفقت أكثر من عشرة مليارات دولار) كما أرهقت المخططات الإيرانية الحالمة كاهل الاقتصاد، وهذا الأمر الثاني.
و(الثالث) ما حصل في غزة؛ حيث أرادت إيران تجريب القبة الصاروخية الإسرائيلية ومدى فاعليتها، فوظفت الحرب بين غزة وإسرائيل لصالحها، لكن السلوك العاقل لبعض الدول العربية لا سيما مصر وقطر سحب البساط من إيران، ولم تعد حماس اليوم ورقة إيرانية 100%. وأن الظرف أصبح مهيأً للعمل لتحجيم الدور الإيراني أو المساعدة على ذلك.
والرابع: حجم الاضطهاد الذي قد يفجر الشارع الإيراني لأن حد السخط الشعبي أصبح كبيرا.
والخامس: الصراع بين المرشد علي خامئني والرئيس أحمدي نجاد.
والسادس: البرنامج النووي الإيراني الذي استهلك إيران. دور القوات المسلحة النظامية السودانية وتتضح هذه النقطة تماما فى حالة الضعف الواضحة فى ساحة التغطية الإعلامية للأنشطة العسكرية الخاصة بالقوات المسلحة مع تركيز إصدار التصريحات والبيانات السياسية والعسكرية على القادة السياسيين وحدهم وغياب القادة العسكريين عن الساحة الإعلامية للأحداث ويبدو مدى الحذر الشديد الذى يراعيه النظام الحاكم فى السودان فى تعامله مع القوات المسلحة السودانية أنه لم يرفع استعدادها كاملا رغم الموقف العسكرى المتأزم فى شرق السودان مكتفيا برفع استعداد نسبة منها لم تتجاوز 10% من حجم القوات خوفا من أن تنقلب عليه وقد أشارت وسائل الإعلام الغربية إلى وجود حالة من عدم الرضى تسود أوساط الجيش السودانى، وتعرضت جريدة لوس أنجلوس تايمز فى 1997/2/3 لهذا الشأن فذكرت فى تقرير لمراسلها فى منطقة الدمازين الاعتماد كثيرا على مليشيات الدفاع الشعبى التابعة للجبهة الإسلامية القومية وهى القوات المماثلة لقوات ـ الحرس الثورى ـ التى شكلها النظام الإيرانى الإسلامى عند قيامه من أجل حماية هذا النظام والواقع أن القوات المسلحة السودانية قد عانت الكثير فى ظل نظام البشير/ الترابى حيث أهملت تماما سواء من حيث التنظيم أو التسليح إذ كانت معظم صفقات الأسلحة التى تحصل عليها حكومة السودان تحول إلى مليشيات الدفاع الشعبى بينما تحرم منها القوات المسلحة النظامية فضلا عما لقيه ضباطها من عنت واضطهاد حيث واجهة صفوفهم أربع عمليات تطهير واسعة النطاق أحالت إلى التقاعد نسبة كبيرة منهم بلغت عدة آلاف تقترب نسبتهم من نصف عدد الضباط المحترفين فى الجيش السودانى وقد اتخذت هذه الإجراءات لحماية النظام الحاكم وتقليص احتمالات حدوث انقلاب عسكرى ضده يطيح به وواضح أن هذا المخطط لم يضع فى حسابه متطلبات الدفاع عن حدود السودان الممتدة أو احتمال قيام القوى السياسية السودانية المهمشة والمعارضة بحشد قواها وتجميعها والالتجاء إلى السلاح وقيامها فعلا بمفاجأة النظام ـ الذى كثيرا ما تحدى قدرة هذه القوى على ـ النزال ـ ودعاها إلى القتال إذا أرادت أن تحكم السودان ـ بانتفاضة عسكرية أدت إلى فتح جبهات أخرى فى اتجاهات جديدة شرق السودان ويظهر مدى ما وصلت إليه حالة القوات المسلحة السودانية من الضعف الذى ألم بدرجة استعدادها وكفاءتها القتالية بسبب العوامل التى أشرنا إليها فى استرجاع ماضيها القريب حين قامت فى عام 1992 بسلسلة أعمال عسكرية نجحت نجاحا كبيرا استردت أثناءها حوالى أربعة عشر حامية ونقطة عسكرية من قوات الجيش الشعبى الجنوبى بقيادة جون جارانج ومنذ ذلك الوقت لم تحقق القوات السودانية أى نجاح يذكر بل فشلت على مدى ثلاث سنوات متصلة فى استرداد أو دخول مدينة ـ نيمولى ـ الواقعة على الحدود الجنوبية المشتركة مع أوغندا والتى شكلت فى هذه الفترة المعقل الرئيسى لحركة جارانج حدث ذلك نتيجة للتدهور المستمر فى الميزان العسكرى السودانى الأمر الذى مكن قوات الحركة الشعبية الجنوبية من أخذ ـ المبادأة ـ فى أواخر عام 1995 وإجهاض هجوم كانت الحكومة السودانية قد أعدت له لاسترداد نيمولى بالقوة ثم تتقدم فى اتجاه جوبا ـ(الأمر الذى تنفذه الحركة الجنوبية فى الوقت الحاضر فعلا). بانوراما الشرق الأوسط.