ان لسقوط صنعاء دون مقاومة تذكر من الجيش اليمني، والسيطرة على مفاصل العاصمة وأعصابها الحساسة من أجهزة أمنية وشرطية، صدى مدويًّا ليس على صعيد الداخل اليمني فحسب، وإنما على مستوى الإقليم، لاسيما أن ذلك قد يفتح الباب لإعادة صياغة العلاقات الإقليمية، ويمنح طهران دورًا أكبر في المنطقة بحكم تشابهها المذهبي مع الحوثيين.
ويأتي صعود الدور الإيراني في المنطقة في ظل حالة التقارب والود مع حزب الله في لبنان، والنظام السياسي الشيعي في العراق، فضلًا عن التحالف الاستراتيجي مع نظام الأسد، فقد وقفت طهران وحدها تدعم نظام الأسد، بينما تسعى دول المنطقة منذ اندلاع الثورة السورية إلى القضاء عليه وإسقاطه.
وتعتبر إيران الداعم الرئيسي لجماعة الحوثيين ماليًّا ولوجستيًّا وإعلاميًّا، فأفراد هذه الجماعة كانوا قد تلقوا تدريباتهم على أيدي أفراد «الحرس الثوري الإيراني» في لبنان، وبعض المعسكرات على الأراضي الإريترية، كاستراتيجية إيرانية بعيدة المدى تجاه اليمن، باعتبارها عمقًا استراتيجيًّا لدول الخليج، وحزامها الأمني الجنوبي، وخاصة للمملكة العربية السعودية.
فإيران حاولت إيجاد بديل للمد الشيعى بعد أن انكسرت حلقاته في العراق ولبنان، لتجد ضالتها في اليمن عقب التوترات السياسية التي شهدتها صنعاء على مدار السنوات الماضية.
وفي هذا الشأن، يرى محمد عباس، رئيس تحرير مجلة مختارات إيرانية، أن نجاح الحوثيين في السيطرة على صنعاء يغذي طموحات إيران في المنطقة على حساب السعودية، التي تختلف مع طهران مذهبيًّا، فالأولى تمثل واجة التيار السني في المنطقة، بينما تظل إيران دولة داعمة للشيعة، في حين تعتبر السعودية راعي المذهب السني الأول.
واستطرد عباس قائلًا، إن إيران كانت قد سبقت وقدمت الدعم للعديد من الجماعات الانفصالية في اليمن، وليس الحوثيون فقط، حيث دعمت جماعة "الحراك الجنوبي".
بالإضافة إلى أن الجانب الإيراني كان قد عرض على نائب الرئيس اليمني الأسبق، علي سالم البيض، وقيادات جنوبية أخرى في القاهرة، وأوروبا تنسيق المساعدات والدعم للمغتربين الجنوبيين.
ويقول عباس: إن الحوثيين قدموا لإيران اليمن على طبق من فضة، فاليمن بالنسبة لإيران في الوقت الحالي تعد مكسبًا غاليًا في رحلتها لاكتساب مزيد من أوراق الضغط على دول المنطقة، والغرب على السواء؛ للوصول إلى غاياتها السياسية، خاصة في ظل انشغال العالم بالقضاء على التنظيم السني المتطرف "داعش".
في هذا السياق العام، يبقى سقوط صنعاء خطوة على طريق زيادة النفوذ الإيراني في المنطقة، فضلًا عن تأثيره على الدور السعودي في المنطقة، واحتمالات بناء هلال شيعي على حساب القوى السنية في المنطقة. التحرير.