ضجة كبيرة امتلأت بها مواقع التواصل الاجتماعي والعديد من الصحف بعد زيارة قام بها وفد أزهري إلى إيران ، والتقى فيها بقيادات السلطة والأجهزة والمراجع الدينية وزار الحوزات المختلفة وخاصة في مدينة "قم" ، ثم التصريحات التي صدرت عن الوفد الذي ادعى أنه يمثل الأزهر الشريف ، التي أثنى فيها بقوة على جهود إيران وتميز مؤسساتها الدينية وأنها "أسوة" يمكن أن ننقل تجربتها للقاهرة ، حسب ما نقلت وكالات أنباء إيرانية وصفت الوفد بأنه وفد رسمي ، وأن الوفد الذي رأسه الدكتور أحمد كريمة ، الأستاذ بجامعة الأزهر ، قدم مشروعا للتعاون والعمل المشترك بين الحوزة الشيعية الإيرانية وجامعة الأزهر، وذلك في مجالات كثيرة، إضافة إلى اقتراح إقامة المؤتمرات المشتركة لمواجهة التطرف الإسلامي، على حد قوله ، وأن الحوزة العلمية الدينية الشيعية من جانبها طرحت على الوفد الأزهري مشروعًا لتبادل البعثات الدراسية بين مصر وإيران، معلنةً عن استعدادها لاستقبال الطلبة المصريين وغيرهم للدراسة بالجامعات والحوزات الشيعية فى إيران . الأزهر لم يمكنه الصمت أمام هذا الجدل الخطير الذي يضر بسمعته كقيادة دينية هي الأبرز في العالم السني ، وثبوت هذه الواقعة يهز الثقة به هزا عنيفا ، والأزهر لا يتحمل المزيد من الخبطات والضربات بعد الجدل والاتهامات الواسعة التي تعرض لها على خلفية الصراع السياسي الأخير وإطاحة الرئيس الأسبق محمد مرسي وظهور شيخ الأزهر في مشهد العزل والإعلان عن النظام الجديد ، جامعة الأزهر أصدرت أمس الاثنين بيانا شديد اللهجة صدر عن المركز الإعلامي لجامعة الأزهر قالت فيه ما نصه ": تداولت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعى سفر وفد من جامعة الأزهر برئاسة الدكتور أحمد كريمة الأستاذ المتفرغ بالجامعة، فى زيارة رسمية إلى الحوزات الشيعية " ، ثم أضاف البيان قائلا : "وإذ تعبر الجامعة عن استيائها الشديد من هذا الخبر فإنها تعلن للكافة أنها لم توفد أحدًا أو مجموعة فى مهمة رسمية إلى الجهة المذكورة، وأنه إذا صح ذلك فإنه يعد افتئاتا صارخا على الأزهر وجامعته وتصرفا مخالفا للقانون، وأن أى حديث يصدر عن الوفد فإنه لا يعبر إلا عن صاحبه فقط وتحتفظ الجامعة بحقها فى اتخاذ كل الإجراءات القانونية اللازمة فى هذا الشأن". بيان الأزهر مهم ، وواضح من صيغته حجم الحرج الذي استشعرته المؤسسة ، غير أن مجرد إصدار بيان تبرؤ من الوفد المبشر بالإنجازات الشيعية ، والحديث عن أنه يمثل نفسه فقط وليس الأزهر ، وأن الجامعة تحتفظ بحقها في اتخاذ الإجراءات القانونية ، هو كلام غير مقنع ، ويعني أن "الأزهر عينه مكسورة" في هذه الواقعة ، فإصدار البيان يعني أن الأزهر استشعر الخطر الذي يتعرض له ، وأن هناك من تاجر باسمه في إيران ، وانتحل صفة الوفد الرسمي الأزهري ، وهو ما يستدعي إحالة الوفد بكامله للتحقيق فورا ، واتخاذ الإجراءات القانونية مباشرة تجاهه ، وليس الاحتفاظ بالحق في اتخاذها ، كما أنه يتوجب على الأزهر أن يكشف للرأي العام دوافع سفر هذا الوفد الذي يرأسه شخصيات أزهرية بالفعل وما زالت تعمل بجامعة الأزهر ، ومن الذي وجه إليهم تحديدا الدعوة الرسمية من الجانب الإيراني ، ومن الذي منحهم التأشيرة ، وهل كانت الجهات الأمنية المصرية التي تراقب حاليا بدقة متناهية حركة السفر والوصول إلى ومن عواصم مختلفة نظرا لحساسية اللحظة التي تعيشها مصر ، هل تابعت سفر الوفد المشبوه ، وعلى أي أساس وافقت على سفر وفد أزهري إلى إيران في الوقت الذي يتهم فيه القضاء المصري والأمن المصري تنظيمات إيرانية أو تابعة لها بالتآمر على مصر وتهديد أمنها القومي ، وهو ما تكرر في أكثر من قضية أعدها جهاز الأمن الوطني نفسه ، فكيف سمح الجهاز بسفر هذا الوفد إلى عاصمة توصف بأنها مهددة للأمن القومي المصري ، وعلى أي أساس اختارت "الأجهزة" الإيرانية هؤلاء الأشخاص تحديدا ، ما هي صلتهم بالأجهزة الإيرانية والمؤسسات الإيرانية ، لأن الاختيار لا يأتي عشوائيا ، وإنما تسبقه تمهيدات وتقارير ومقابلات وثقة خاصة بالأشخاص ، كل ذلك ينبغي أن لا يمر مرور الكرام على الأزهر والجامعة ، لأن مؤسسة عريقة تمثل الدولة المصرية وتمثل ملايين المسلمين السنة ينبغي تطهيرها من تلك الاختراقات الخطيرة ، وأن تصارح الرأي العام بأي موقف مشابه ، وتثبت أنها قامت بردع المستهترين وتصويب المسار ، أما الاكتفاء بالخطب العصماء عن "الاحتفاظ بالحق في اتخاذ الإجراءات القانونية" فهو هشاشة وضحالة وهوان لا يليق . [email protected] twitter: @GamalSultan1