لكن الفيديو الذي يظهر أفراد الميليشيا وهم يحملون الرأس المقطوعة قد نشر على صفحة يوتيوب مستقلة. ويقول مفتاح الفيديو أن المشاهد قد صورت في "قاطع آمرلي" (قاطع مرادف لما يعرف بالمقاطعة) بداية شهر أيلول/سبتمبر بعد تحرير هذه المدينة العراقية من أيدي مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية". وقد تمت استعادة هذه المقاطعة إثر عملية عسكرية مشتركة بين الجنود العراقيين والبشمركة الأكراد وعدة ميليشيات شيعية معززة بالغارات الجوية الأمريكية.
ولقد قبل أحد الخبراء الإيرانيين في الشأن العراقي المقيمين في بغداد دون أن يفصح عن هويته أن يعلق على هذه المشاهد التي يراها أفعالا فردية.
إلى الآن لا يتعلق الأمر إلا بفيديو تظهر فيه جماعة صغيرة من المتطرفين. ولا أظن أنها ستؤثر أثرا سلبيا في التعاون بين مختلف الأطراف [العراقيون والأكراد الأمريكيون] المنخرطة في محاربة تنظيم "الدولة الإسلامية". غير أن هذه المشاهد إذا راجت أكثر على الإنترنت فأنا على يقين من أن المرجعيات الشيعية ستندد بهذه الأعمال الوحشية. وحاليا تسعى الميليشيات الشيعية في العراق أكثر إلى تقديم نفسها على أنها مدافعة عن الحقوق سواء أكانت حقوق الإيزيديين أم المسيحيين أم السنة بخلاف مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" الذين يصفونهم بالمتوحشين.
ولكن وسيم نصر، الصحافي المتخصص في الحركات الجهادية في فرانس24 يرى الأمر بمنظور آخر ويقول:
صحيح أن هذا أول فيديو لمقاتلين شيعة يتفاخرون بأنهم قطعوا رأس أحد أفراد التنظيم، ولكن الميليشيات الشيعية قد عرفت أكثر بهجماتها العديدة والعنيفة في المعارك التي دارت مؤخرا وفي أعمال تعذيب المقاتلين. وقد عادت إلى نشاطها بعض الميليشيات الدموية التي قاتلت إلى جانب الأمريكيين في حرب العراق الأخيرة. وأسلوبهم لا يختلف كثيرا عن أسلوب تنظيم "الدولة الإسلامية".
بعض العمليات التي نفذتها ميليشيات شيعية مؤخرا استهدفت مدنيين مثل الهجوم على مسجد سني في آب/أغسطس بمنطقة حمرين في محافظة ديالى وأدت إلى 70 قتيلا.
ميليشيات جديدة تدعمها إيران
إن "الحركة الإسلامية في العراق" التي نرى مقاتليها في هذا الفيديو هي من الميليشيات العديدة التي أنشئت في الأسابيع الأخيرة لمحاولة دحر مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية". والجيش العراقي ضعيف على الأرض ويبدو أنه لا يسيطر على هذه الميليشيات. ولم تعد العديد من الجماعات تخفي أنها ممولة من أموال آتية من إيران وخصوصا من الحرس الثوري، وهو جهاز إيراني شبه عسكري.
ويرى هذا المتخصص الذي قابل عدة قادة ميليشيات تشكلت مؤخرا في بغداد، إن هذه الجماعات الجديدة تعمل باستقلال أكبر من الميليشيات الشيعية المعروفة والقائمة في العراق.
وهذه الميليشيات موجودة في العراق منذ أكثر من ثلاثة عقود. ومعلوم أن الجماعات الكبرى مثل بدر أو عصائب أهل الحق ممولة من إيران غير أن لا أحد منها يصرح أبدا بذلك علنا. ثم إن هناك مقاتلون شيعة عراقيون ذهبوا للقتال في سوريا [دعما لقوات بشار الأسد] وهنا أيضا كانوا ضمن ميليشيات تمولها إيران وعادوا إلى العراق عندما هاجم تنظيم "الدولة الإسلامية" شمال البلاد. وهذه الميليشيات أيضا منظمة نسبيا ولا تجهر بأي ارتباطات مع إيران.
وفي المقابل نجد الجماعات التي ظهرت في الأسابيع الأخيرة أصغر حجما ويتراوح عدد أفرادها بين 100 و200 مقاتل ويظهرون ولاءهم للجمهورية الإسلامية. وكم استغربت أن يقول لي أحدهم بلا أي مواربة إنهم مؤيدون لعلي خامنئي المرشد الأعلى الإيراني. ويبدو أن هذه الميليشيات تشكلت لوحدها، ثم توجهت إلى إيران طلبا للتمويل والسلاح من أجل محاربة تنظيم "الدولة الإسلامية". ولكل ميليشيا اليوم مرشدها الروحي الذي يرتبط بالسلطات الإيرانية. وإذا كانت بعض هذه الجماعات تقاتل لدواع دينية فينبغي ألا ننسى أن هذه الميليشيات تستخدم في أي بلد مدمر سلّما للوصول إلى مراكز سياسية أو عسكرية.
حررت هذه المقالة بالتعاون مع إرشاد علي جاني، صحافي في فرانس24.