كشف مصدر رفيع في وزرة الدفاع العراقية، أمس الأربعاء، عن تقديم مقاتلات أميركية دعماً جوياً لميليشيا "عصائب أهل الحق" التي تُقاتل إلى جانب الجيش العراقي في حربه ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، خلال معارك جرت يومي السبت والأحد الماضيين في مدينة أمرلي وسليمان بيك في محافظة صلاح الدين، شمال العراق. وأفاد المصدر، الذي يشغل منصب عميد ركن في هيئة رئاسة أركان الجيش العراقي لـ"العربي الجديد"، بأن "مقاتلات أميركية من طراز (أف 18) نفّذت ست غارات جوية على معاقل وتجمعات لتنظيم "داعش" بعدما استعصت على ميليشيا العصائب التي كانت تتولى مهمة المواجهة في المحور الشمالي من مدينة أمرلي بينما يتركز الجيش في المحور الجنوبي والشرقي".
وتمثّل ميليشيا "عصائب أهل الحق" التي يتزعمها قيس الخزعلي، إحدى أكبر الميليشيات الشيعية في العراق، وتعترف الميليشيا بأنها تتلقى تمويلاً ودعماً من إيران وتمتلك ذراعاً عسكرية لها في سورية تقاتل إلى جانب الرئيس السوري بشار الأسد تُعرف باسم كتائب "أبو الفضل العباس". ويوضح المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أنّ "الحالة تكررت مساء الاثنين الماضي في قصف مواقع التنظيم المتطرف في بلدة البشير (55 كيلومتراً جنوبي غرب كركوك)، حيث كانت تدور اشتباكات عنيفة مع ميليشيا بدر بزعامة وزير النقل العراقي الحالي هادي العامري". من جهته، يؤكد القيادي في التحالف الوطني العراقي، حسين البصري، هذه المعلومات، مشيراً إلى أن الميليشيات الشيعية لا تشكل خطراً على المصالح الأميركية ولا تعتبر تهديداً عالمياً للأمن. ويقول البصري، لـ"العربي الجديد"، إن "مساندة القوات الأميركية للميليشيات أو المتطوعين ضمن فتوى الجهاد التي أعلنها المرجع الشيعي علي السيستاني، تأتي ضمن هدف مشترك هو القضاء على تنظيم داعش". ويوضح أن "القوات الأميركية قدّمت مساعدة للبشمركة الكردية رغم أنها لا تعترف بها كقوة نظامية ودستورية". ويلفت إلى أن "الميليشيات الشيعية قطعت تعهداً بإلقاء السلاح بعد انتهاء الأوضاع الحالية، وهو ما أبلغ به الأميركيون في وقت سابق من الشهر الماضي". ويعتبر المحلل السياسي العراقي، نهاد الجبوري، أنّ "واشنطن تدرك خطورة تنظيم داعش وتنامي قوته المستمر وستتغاضى عن الانتقادات السنية المحلية والعربية في دعمها للميليشيات الشيعية لحين تحقيق نتائج أو انتصارات على داعش". ويلفت إلى أن "الولايات المتحدة تعمل على خلق قوة سنية عشائرية للغرض نفسه من أجل تجنيبها التدخل البري المباشر في العراق".
ويضيف: "قد تعتبر الولايات المتحدة أن اصطدام الطرفين، الميليشيات الشيعية وتنظيم داعش، فرصة لإنهاك بعضهما البعض، وهذا احتمال وارد وتكرر في تاريخ السياسة الخارجية الأميركية".
ميدانياً، أفاد سكان محليون في الموصل، أمس الأربعاء، أن تنظيم "داعش" بدأ بإخلاء مواقعه القديمة في المدينة واستبدلها بمواقع أخرى بالتزامن مع أنباء وتسريبات حول هجوم وشيك على المدينة مدعوم بغطاء أميركي كثيف. وأشار مواطنون يعيشون في الموصل إلى أن التنظيم بدأ بطلاء جميع سياراته وعرباته العسكرية التي صادرها في وقت سابق من الجيش، بالطين وقام بتغيير مواقعه السابقة التي استخدمها طيلة الفترة الماضية كمقرات له، مثل فندق نينوى الدولي والمتحف التاريخي وقصر النجيفي ومجمع الدوائر الحكومية، وانتقل إلى مناطق أخرى. كما أصدر أمراً للمواطنين بمنع التصوير في المدينة بكاميرات الهواتف الجوالة، وهدد بمصادرتها حال مخالفة أوامره. كذلك عزز حقول الألغام التي تحيط بالمدينة، وقام بتفخيخ الجسور الخمسة المؤدية إليها عبر نهر دجلة. عن هذا التطور، يقول المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة الفريق قاسم عطا، لـ"العربي الجديد"، إن عملية اقتحام الموصل لن تكون بعيدة والتحضيرات مستمرة من أجل استعادتها". ويشدد على أن "الدعم الأميركي الجوي سيكون حاضراً في إسكات نيران تنظيم داعش، وحالياً هناك قوات من أبناء الموصل أنفسهم يتدربون في أحد معسكرات الجيش من أجل المشاركة في الهجوم". ويلفت إلى "إلقاء طائرات عسكرية منشورات في سماء الموصل تحذر الأهالي من الاقتراب من تجمعات ومقار داعش وتدعوهم للتعاون مع الجيش". العربي جديد.
To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video