في خطوة مفاجئة، اغلقت الحكومة السودانية المركز الثقافي الايراني بالعاصمة والولايات، وطلبت في الوقت نفسه من الملحق الثقافي الايراني وطاقمه مغادرة البلاد في ظرف 72 ساعة. ورجح مراقبون ان يكون قرار الحكومة ناتجا عن ضغوط مصدرها دول الخليج التي ترفض التقارب السوداني الايراني، مشيرين الى ان الخطوة تهدف الى انهاء المقاطعة الاقتصادية والبنكية من قبل مصارف دول الخليج التي رفضت مؤخرا التعامل مع الاعتمادات البنكية الواردة من الخرطوم، لاستيراد دقيق الخبز وبعض السلع الرئيسية. وهو ما يعني ان الحكومة تخلت عن حليفها الفارسي الشيعي من اجل الحصول على دعم دول الخليج لسد الازمة الكبيرة التي يعيشها الاقتصاد السوداني. وتعاني الحكومة السودانية من عزلة عربية بسبب التقارب بين الخرطوم وطهران، وسبق ان ارجعت الرياض طائرة الرئيس السوداني عمر البشير التي كانت متجهة الى ايران، ومنعتها من استخدام الاجواء السعودية. وفي وقت سابق من هذا العام، طالب علماء دين مقربون من الحكومة السودانية ابرزهم الدكتور عصام احمد البشير وزير الارشاد السابق، الحكومة السودانية باغلاق بعض الحسينيات، الامر الذي اوجد خلافات كبيرة في ما يلي التعامل مع المحور الايراني. بينما يتهم علماء دين مناهضون للشيعة، الحكومة السودانية بتمكين المد الشيعي من خلال السماح بقيام الحسينيات التي تعد احدى اهم مراكز نشر التشيع، وطالب هؤلاء العلماء الحكومة السودانية بعدم التهاون مع المد الشيعي، لكونه يهدم المجتمع. لكن الحكومة ظلت تضرب بكل تلك الدعوات عرض الحائط، بل انها كانت تحرص على مشاركة الملحقية الثقافية الايرانية في الاحتفالات الرسمية. وسبق ان أحيا الاتحاد العام للمرأة السودانية، (الواجهة النسائية لحزب البشير)، ذكرى ميلاد السيدة فاطمة الزهراء وذلك بالتعاون مع الملحقية الثقافية للسفارة الإيرانية في الخرطوم تحت شعار "فاطمة سيّدة نساء العالمين". بل ان الاحتفال رفع شعاراً قاله الخميني وهو "من أحضان المرأة ينطلق الرجل نحو الكمال". ويومها وزعت المستشارية الثقافية الايرانية جوائز لنسوة يحملن اسم فاطمة. لكن سرعان ما غيرت الحكومة اللغة الناعمة التي كانت تتحدث بها مع الملحقية الثقافية الايرانية، وشرعت في التضييق على المد الشيعي، وعلى الحسينيات. وارجع مختصون في شؤون الجماعات الدينية، استبدال الموقف الحكومي المتسامح بموقف خشن، الى الهجوم العنيف الذي وجهه المرجع الشيعي ياسر الحبيب الى الرئيس عمر البشير، بجانب العزلة الخليجية ضد الخرطوم. وكان ياسر الحبيب وهو كويتي المولد والنشأة، قد نعت البشير، في حديث تلفزيوني، بالفاظ قاسية، وانتقد التضييق الحكومي على الشيعة، وطالب انصار المذهب الشيعي في السودان بالتصدي لعمر البشير والخروج في مظاهرات من اجل اقتلاع النظام السوداني، مشددا على ان الشيعة في السودان اضحوا اعدادا لا يستهان بها، وانهم قادرون على زلزلة عرش عمر البشير على حد تعبيره. وفسر مراقبون خطوة الحكومة بالتضييق على الشيعة بانها تأتي انتصارا للرئيس البشير، وليس انتصارا للدين الاسلامي، لكون خطوة اغلاق المركز الثقافي الايراني، جاءت بعد ان قام بعض مراجع الشيعة بانتقاد ومهاجمة البشير. ولفت المراقبون الى ان نظام الانقاذ كان يسكت على انتقاد الشيعة واساءتهم للخلفاء الراشدين، وللسيدة عائشة رضى الله عنها، وانه – اي نظام النقاذ - قام بمحاصرة المد الشيعي عقب هجوم بعض المراجع الشيعية على البشير. وكانت الحكومة السودانية قد ألغت الشهر الماضي، زيارة النيل ابو قرون الذي يوصف بانه رأس التشيع في السودان، الى منطقة شبشة الشيخ برير بولاية النيل الابيض، بعد ان شهدت المنطقة استقطابا حادا، كاد ان يتحول الى صراع مذاهبي. وينشط المركز الثقافي الايراني في اقامة العديد من الفعاليات، وسبق ان نظم زيارة عدد من الصحافين الى طهران، وهي الزيارة التي قابلتها انتقادات واسعة للمشاركين في الرحلة. وايضا ظل المركز يشارك في العديد من المناسبات الحكومة، بالاضافة الى مشاركته في معارض الكتاب، وهو احد المشاركين في معرض الخرطوم الدولي للكتاب في دورته التي انطلقت امس. - الراكوبة.
To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video