هذه معادلة معروفة، كما هي حال معادلات اخرى على صعيد السَوْقْ العسكري، والتي تتمثل بـ(كلما استمر الإستنزاف كلما ضعفت القدرة على المطاولة.. وكلما اشتعل اكثر من عود ثقاب اتسعت دائرة الحريق.. وكلما زاد الظلم والإضطهاد اقتربت ساعة تصفية الحساب.. وكلما كثر الطرق زادت من احتمال تفكك الصلب والحديد.. وكلما زادت الجثث على باطل اتسعت دائرة الثورة بالمقابل.. وكلما اتسعت دائرة الهدوء اقتربت ساعة العاصفة..). إن تكرار شحن جثث الإيرانيين من العراق رسمياً إلى إيران وتشييعهم رسمياً، وتكرار مواكب التشييع والدفن سيجعل من إيران مقبرة كبيرة فاغرة أفواهها تستقبل ما تشاء الآلة الطائفية من الدماء وجثث الموتى، ليس من أرض العراق المعتدى عليها فحسب، إنما من أرض الشام وأرض جنوب لبنان وأرض اليمن السعيد وارض البحرين وربما أراضي عربية أخرى حيثما توجد قبور ومراقد وشواخص لرموز دينية مقدسة، وكأن الله ونبيه الكريم وأولياءه الطاهرين واصحابه الميامين قد أوكلوا لـ(ولي الفقيه) وصايتهم عليها أبد الآبدين.. وفيما تسقط هذه الذريعة كورقة التوت تنكشف غورات الذين يصنعون القرار الطائفي في قم وطهران لحساب بني إسرائيلي. دعونا نتحدث عن بعض هذه الأسماء والأرقام المعلنة في إيران قبل غيرها لنتفحص، كم هي متهافتة تلك الدعاوى وتلك الذرائع التي تحصد يومياً عشرات القتلى من الإيرانيين ومن تجندهم الطائفية الإيرانية من الباكستانيين والأفغانيين وربما سيكشف المستقبل غيرهم من المغرر بهم حطباً للنار بدون وازع من ضمير إنساني وديني وأخلاقي : 1- إن زيادة معدلات قتلى ايران في العراق وفي غيره من أرض العرب، يضاعف معاناة الشعوب الإيرانية المضطهدة جراء تسلط ولي الفقيه على رقابها.. وشعوب إيران قوميات وطوائف ومذاهب كثيرة غير متجانسة وغير منسجمة ولا يجمعها هدف سوى ظلم السلطة الصفوية ممثلة بولي الفقيه وبدستور الدولة، الذي يقر الطائفية منهجاً سياسياً يذبح به كل اشكال الديمقراطية والعدالة الإجتماعية التي تتطلع إليها هذه الشعوب على مر العقود ومنذ ما قبل عام 1979، حين سرقت المؤسسة الطائفية الصفوية ثورة الشعوب الإيرانية الوطنية وتعاونت مع الجهات البريطانية الإستخبارية وأ سقطت تجربة مصدق الوطنية. 2- إن مزاعم زج المئات من الحرس الإيراني وعناصر فيلق القدس، والذين تجندهم سلطات طهران من الإيرانيين ومن جنسيات أخرى، وترسلهم إلى الموت في العراق وسوريا، هي (لحماية المراقد المقدسة)، بيد أن هذه المراقد محمية من لدن أهلها منذ الآف السنين وليس هنالك من يجرؤ على المساس بها او التعرض لها.. ثم انها رموز عربية رائدة يعتز بها العرب قبل غيرهم ولا احدَ يستطيعُ ان يفرضَ وصايته عليها، وإن محاولة وضعها في قالب سياسي- تعبوي مليشي ما هو إلا عمل فاضح سرعان ما كشفه شعبنا العظيم وخاصة في جنوب العراق. 3- لم يكتف النظام الصفوي في طهران بارسال الحرس الايراني للموت في العراق انما يقوم بتجنيد البسطاء من (الشيعة) الباكستانيين والأفغانيين وربما غيرهم وتدريبهم في قواعده وشحن رؤوسهم الساذجة قبل دفعهم الى المحرقة.. فقد شيعت ايران رسمياً جثمان المواطن الباكستاني " جاويد حسين " الذي قتل في العراق.. والتجنيد الايراني هذا مدفوع الأجر حيث تدفع السلطات الصفوية البائسة على هذا النوع من (التطوع)، الذي تعلن عنه، رواتب ضخمة.. فيما يقود حملة التطوع أحد العناصر المقربة من الحرس الايراني المدعو " حسين همداني " ومهمته تجميع عناصر (شيعية) من غير الجنسية الفارسية، وارسالهم للعراق. 4- مقتل ثلاثة ايرانيين كانوا يقاتلون مع المليشيات الطائفية في قرية (توكل) في المقدادية في العراق يوم 13/7/2014.. ومقتل ضابط ايراني برتبة عميد في العراق أسمه "جعفر اصفهاني". 5- مقتل احد اعضاء (مؤسسة حفظ وإعمار الأضرحة المقدسة) وجرح سبعة ايرانيين آخرين في سامراء. 6- مقتل العقيد "كمال شيرخاني" ضابط في قوات النخبة التابع للحرس الايراني. 7- شيعت ايران رسمياً العقيد الطيار "شجاعت علمداري مورجاني" الذي قتل في العراق. 8- مقتل (23) عنصراً من الحرس الإيراني، بينهم أربعة ضباط في الرضوانية شمال بغداد. 9- مقتل (10) عشرة افغان جندتهم ايران للقتال في سوريا الشهر الماضي وتم دفن اثنان في مدينة قم وسبعة في كل من مدن مشهد وشيراز وطهران. 10- شيعت ايران ثلاثة قتلى ايرانيين من مدينة مشهد قتلوا في العراق "رضا ميرزابي" و"سيد حسن موسوي" و"عباس علي زادة".. كما شيعت ايران اثنين من الشيعة الافغان "حسن محمودي" و"سيد احمد حسيني" قتلا في ريف دمشق. 11- تمكن ثوار العشائر من تدمير (6) طائرات في قاعدة (سبايكر) الجوية وطائرتين على المدرج، وقتل (100) مائة عنصر صفوي في القاعدة المذكورة ومن بينهم (4) اربعة ضباط طيارين ايرانيين. السفارة الايرانية في بغداد وعلى رأسها السفير الايراني "حسن دنائي فر" باتت (حانوتي)، تجمع الجثث وتقوم بشحنها على طائرات ايرانية من مطار النجف الى ايران.. الأمر الذي يوضح بما لا يدع مجالاً للشك الآتي : أولاً- إن إيران فتحت باب الفتنة الطائفية، ليس على مستوى الواقع الجيو- سياسي للعراق وسوريا فحسب، إنما على مستوى أوسع وأكثر خطورة، وهو الواقع الجيو- استراتيجي الذي يشمل جغرافيات سياسية أخرى، حيث ما توجد عناصر أو تجمعات (تشيعية) تخضع للتجنيد والإبتزاز الطائفي لحساب المؤسسة الصفوية في (قم) وطهران، وخاصة الجاليات الاجنبية المقيمة في ايران.. هذا الفعل يعد تحريضاً على القتل والفتنة، ينعكس بالضرورة على الشعب الباكستاني والشعب الأفغاني وربما على شعوب أخرى بعض جالياتها تقيم في إيران. ثانياً- تحاول إيران أن تجعل الفتنة عامة شاملة يقاتل فيها الباكستاني والأفغاني وغيره نيابة عن الولي الفقيه، ووقود هذه الفتنة العناصر المجندة مدفوعة الأجر. ثالثاً- تحاول ايران ان تنمي اعتقادها على الملأ بأنها ستتولى زعامة العالم الإسلامي.. وعلى هذا الأساس ترفع شعار يا شيعة العالم اتحدو.. اعتقاداً منها بأنها مسؤولة عن (شيعة العالم) الذين يمكن تجنيدهم في حروبها الطائفية النتنة لخدمة الولي الفقيه. رابعاً- من المتوقع أن تتحرك الحكومة الباكستانية والأفغانية، بإعتبارهما مسؤولتان عن مصالح جاليتيهما في ايران وتتدخلا وتمنعا جهد التجنيد الإيراني الطائفي وتتلافيان الإنعكاسات السياسية والدينية المصاحبة لمثل هذا التوريط الإيراني لمواطنيها المقيمين في إيران، وذلك من باب المسؤولية القانونية والجنائية والأخلاقية.. لأن الأمر ليس (تطوعاً) كما تدعي الجهات الإيرانية، إنما هو تجنيد تدفع إيران رواتب ونفقات للذين تجندهم كمرتزقة للقتال تحت خيمة مهترئة اسمها (حماية العتبات المقدسة).. وهذا يذكرنا بجيوش المستعمرات البريطانية التي قاتلت بهم بريطانيا شعوب العالم لصالح التاج البريطاني، الذي غابت اخيراً عنه الشمس.. وكما أن التجنيد البريطاني للمرتزقة يأتي لأغراض الاحتلال، يأتي التجنيد الطائفي الأيراني لإغراض الاحتلال ايضاً.. ولكن تحت يافطة المذهب التشيعي الفارسي الذي لا يمت للدين الإسلامي بصلة. خامساً- التوريط الإيراني هذا الذي يأخذ شكل التجنيد له دلالة أخرى قوية، هي أن النظام الصفوي يتوخى الحذر الشديد من ازدياد معدلات القتلى الإيرانيين في سوريا والعراق، الذي يستولد الضغط الشعبي في الداخل الايراني المتلهف للحرية والمساوات والإستقرار طالما تعيش الشعوب الإيرانية، والشباب على وجه الخصوص، طوال عقود من السنين على إيقاع طبول الحرب والتدخل الخارجي الذي لن ينتهي إلا بكارثة تحل عليها قريباً، وملامح الإستنزاف باتت واضحة والحراك الشعبي أمسى لا يأبه بهالة المرجع الأعلى التي اخذت تأفل امام استحقاقات الشعوب الإيراني وتطلعاتها صوب حريتها وسلامتها الإقليمية.. الشعوب الإيرانية لم تعد قادرة على تحمل أزماتها الداخلية وتصريفات هذه الأزمات نحو الخارج وهي ترتد بقوة فيتضاعف المأزق ةتتصاعد معدلات الغضب. سادساً- والمؤكد في واقع السياسة والحرب.. أنه كلما زادت معدلات قتلى الحرب.. كلما أحتقن الداخل وتساءل بإلحاح.. ما هي المسوغات؟ وما هي الحجج والتبريرات على الدماء التي تسفك والأموال التي تنفق.. والشعوب الإيرانية تعيش الحرمان.. فالحرب ليست قاعدة عامة للحياة السياسية، إنما هي الإستثناء لقاعدة عامة هي السلام والأمن والإستقرار.. وإن غرور القوة وأوهامها لا يحصد منها النظام الصفوي غير الإنكسار وجرعات من سم زعاف.. والثورة في العراق والشام منتصرة لا محالة!! د. أبا الحكم - شبكة البصرة.
To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video