آخر تحديث للموقع :

الثلاثاء 6 ربيع الآخر 1446هـ الموافق:8 أكتوبر 2024م 09:10:46 بتوقيت مكة
   أنظر كيف يحث علماء الشيعة أتباعهم على هجر القرآن ..   عند الشيعة من لا يعتقد بتحريف القرآن لا يعتبر من شيعة أهل البيت ..   مصحف آل الصدر وسورة مقتدى الصدر ..   هل هناك فرق بين الله عزوجل والأئمة عنتد الشيعة؟ ..   يعتقد الشيعة أن القرآن من دون العترة كتاب ضلال ..    مشاهدات من زيارة الأربعين 2024م ..   تم بحمد الله إصلاح خاصية البحث في الموقع ..   ضريح أبو عربانة ..   شكوى نساء الشيعة من فرض ممارسة المتعة عليهن ..   باعتراف الشيعة أقذر خلق الله في شهوة البطن والفرج هم أصحاب العمائم ..   قصة الجاسوسة الإسرائيلية في إيران ..   طقوس جديدة تحت التجربة ..   تحريض مقتدى الصدر على أهل السنة ..   فنادق جديدة في بغداد وكربلاء لممارسة اللواط ..   يا وهابية: أسوار الصادق نلغيها ..   حتى بيت الله نحرقة، المهم نوصل للحكم ..   كيف تتم برمجة عقول الشيعة؟ ..   لماذا تم تغيير إسم صاحب الضريح؟ ..   عاشوريات 2024م ..   اكذوبة محاربة الشيعة لأميركا ..   عند الشيعة: القبلة غرفة فارغة، والقرآن كلام فارغ، وحبر على ورق وكتاب ظلال ..   الأطفال و الشعائر الحسينية .. جذور الإنحراف ..   من يُفتي لسرقات وصفقات القرن في العراق؟ ..   براءة الآل من هذه الأفعال ..   باعترف الشيعة أقذر خلق الله في شهوة البطن والفرج هم أصحاب العمائم ..   الشمر زعلان ..   معمم يبحث عن المهدي في الغابات ..   من كرامات مقتدى الصدر ..   من صور مقاطعة الشيعة للبضائع الأميركية - تكسير البيبسي الأميركي أثناء قيادة سيارة جيب الأميركية ..   من خان العراق ومن قاوم المحتل؟   ركضة طويريج النسخة النصرانية ..   هيهات منا الذلة في دولة العدل الإلهي ..   الشيعة والآيات الجديدة ..   من وسائل الشيعة في ترسيخ الأحقاد بين المسلمين ..   سجود الشيعة لمحمد الصدر ..   عراق ما بعد صدام ..   جهاز الاستخبارات الاسرائيلي يرفع السرية عن مقطع عقد فيه لقاء بين قاسم سليماني والموساد ..   محاكاة مقتل محمد الصدر ..   كرامات سيد ضروط ..   إتصال الشيعة بموتاهم عن طريق الموبايل ..   أهل السنة في العراق لا بواكي لهم ..   شهادات شيعية : المرجع الأفغاني إسحاق الفياض يغتصب أراضي العراقيين ..   محمد صادق الصدر يحيي الموتى ..   إفتتاح مقامات جديدة في العراق ..   كمال الحيدري: روايات لعن الصحابة مكذوبة ..   كثير من الأمور التي مارسها الحسين رضي الله عنه في كربلاء كانت من باب التمثيل المسرحي ..   موقف الخوئي من انتفاضة 1991م ..   ماذا يقول السيستاني في من لا يعتقد بإمامة الأئمة رحمهم الله؟ ..   موقف الشيعة من مقتدى الصدر ..   ماذا بعد حكومة أنفاس الزهراء ودولة العدل الإلهي في العراق - شهادات شيعية؟ ..

" جديد الموقع "

روايات رضاع الكبير عند الشيعة ..

روايات رضاع الكبير عند الشيعة

يحاول الشيعة الطعن في سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم ولكنهم ما يلبثوا أن يرتدوا خائبين ومثال ذلك أنهم حاولوا الاستدلال بحديث رضاع الكبير لمحاولة الطعن بأم المؤمنين رضي الله عنها وأخواتها وكذلك للطعن بالحديث النبوي المروي عن رضاع الكبير علما أن رضاع الكبير كان وسيلة لتحليل الخلوة وتحريم النكاح وأود أن أبين بأنه قد ورد من طرق الشيعة مرويات أثبتت وقائع لرضاع الكبير وأثبتت صحة رضاع الكبير وما يترتب عليه من حكم:

[728] 1. - محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن الحسن بن علي بن فضال عن ابن أبي عمير عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا رضع الرجل من لبن امرأة حرم عليه كل شيء من ولدها وإن كان الولد من غير الرجل الذي كان أرضعته بلبنه، وإذا رضع من لبن الرجل حرم عليه كل شيء من ولده وإن كان من غير المرأة التي أرضعته. الاستبصار للطوسي الجزء الثالث ص2.1

(25941) 3 - محمد بن الحسن بإسناده، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن الحسن بن علي بن فضال، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا رضع الرجل من لبن امرأة حرم عليه كل شيء من ولدها وإن كان من غير الرجل الذي كانت أرضعته بلبنه وإذا رضع من لبن رجل حرم عليه كل شيء من ولده وإن كان من غير المرأة التي أرضعته. وسائل الشيعة للحر العاملي الجزء 2. ص4.3 - 4.4 باب انه لا يحل للمرتضع أولاد المرضعة نسبا ولا رضاعا مع اتحاد الفحل ولا أولاد الفحل مطلقا

(1325) 33 - وروى محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن الحسن بن على بن فضال عن ابن أبي عمير عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا رضع الرجل من لبن امرأة حرم عليه كل شيء من ولدها وان كان الولد من غير الرجل الذي كان أرضعته بلبنه. وإذا رضع من لبن الرجل حرم عليه كل شيء من ولده وان كان من غير المرأة التي أرضعته. تهذيب الأحكام للطوسي الجزء السابع ص321 - 322

وبالنظر للأحاديث المروية يستفاد ما يلي:

1 - إن الأحاديث المروية أثبتت وقائع لرضاع الكبير. 2 - وشرعت لما يترتب من حكم إذا رضع الكبير. 3 - أثبتت صحة رضاع الكبير وما ترتب عليه من حكم. 4 - أثبتت قبول الأئمة لواقعة رضاع الكبير. 5 - فلوكان رضاع الكبير غير مستساغ أومستهجن لورد ما يشير إلى ذلك في الأحاديث المروية من طرق الشيعة بل بالعكس اثبت صحة رضاع الكبير وما ترتب عليه.

27 - محمد بن يحيى، عن سعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن علي بن المعلى، عن أخيه محمد، عن درست بن أبي منصور، عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما ولد النبي صلى الله عليه وآله مكث أياما ليس له لبن، فألقاه أبوطالب على ثدي نفسه، فأنزل الله فيه لبنا فرضع منه أياما حتى وقع أبوطالب على حليمة السعدية فدفعه إليها. الكافي للكليني الجزء الأول ص448 (مولد النبي صلى الله عليه وآله ووفاته) , بحار الأنوار للمجلسي الجزء 15 ص 34., الجزء 35 ص 136 , مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب الجزء الأول ص 31 , مستدرك سفينة البحار لعلي النمازي الجزء السادس ص 555

11 - كا: محمد بن يحيى، عن سعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن علي بن المعلى، عن أخيه محمد، عن درست بن أبي منصور، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما ولد النبي صلى الله عليه وآله مكث أياما " ليس له لبن، فألقاه أبوطالب على ثدي نفسه، فأنزل الله فيه لبنا " فرضع منه أياما " حتى وقع أبوطالب على حليمة السعدية فدفعه إليها. قب: عنه عليه السلام مثله. بحار الأنوار للمجلسي الجزء15 ص 34.

الكافي: عن الصادق (عليه السلام): لما ولد النبي (صلى الله عليه وآله) مكث أياما ليس له لبن، فألقاه أبوطالب على ثدي نفسه، فأنزل الله فيه لبنا فرضع منه أياما، حتى وقع أبوطالب على حليمة السعدية، فدفعه إليها. مستدرك سفينة البحار للنمازي الجزء السادس ص 555

قالت فاطمة بنت أسد: كنت مريضة فكان محمد يمص عليا لسانه في فيه فيرضع بإذن الله. بحار الأنوار للمجلسي الجزء38 ص 318

14 - كا: محمد بن يحيى، عن علي بن إسماعيل، عن محمد بن عمروالزيات عن رجل من أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لم يرضع الحسين عليه السلام من فاطمة عليها السلام ولا من أنثى، كان يؤتى به النبي صلى الله عليه واله فيضع إبهامه في فيه فيمص منها ما يكفيه اليومين والثلاث، فنبت لحما للحسين عليه السلام من لحم رسول الله ودمه ولم يولد لستة أشهر إلا عيسى بن مريم، والحسين بن علي عليهم السلام. وفي رواية أخرى عن أبي الحسن الرضا عليه السلام أن النبي كان يؤتى به الحسين فيلقمه لسانه فيمصه فيجترئ به ولم يرضع من أنثى. بحار الأنوار للمجلسي الجزء44 ص198

قال أبومحمد عليه السلام: يا عمة اذهبي به إلى أمه ليسلم عليها وائتني به فذهبت به فسلم عليها ورددته ووضعته في المجلس ثم قال: يا عمة إذا كان يوم السابع فائتينا. قالت حكيمة: فلما أصبحت جئت لأسلم على أبي محمد عليه السلام فكشفت الستر لافتقد سيدي عليه السلام فلم أره فقلت له: جعلت فداك ما فعل سيدي؟ فقال: يا عمه استودعناه الذي استودعته أم موسى عليه السلام. قالت حكيمة: فلما كان في اليوم السابع جئت وسلمت وجلست فقال: هلمي إلي ابني فجئت بسيدي في الخرقة ففعل به كفعلته الأولى ثم أدلى لسانه في فيه. كأنه يغذيه لبنا أوعسلا. بحار الأنوار للمجلسي الجزء 51 ص3 (باب) (ولادته وأحوال أمه صلوات الله عليه)

5 ... السؤال:

ما هوحكم شرب حليب المرأة، سواء كان الشارب زوجها، أم شخصا آخر؟

الفتوى:

الخوئي: لا بأس بذلك في نفسه.

--------------------------------------------------------

وأخرج عبد الرازق في مصنفه (7\ 458): عن ابن جريج قال: سمعت عطاء يُسأل، قال له رجل: «سقتني امرأة من لبنها بعدما كنت رجلاً كبيراً، أأنكحها؟». قال: «لا». قلت: «وذلك رأيك؟». قال: «نعم. كانت عائشة تأمر بذلك بنات أخيها». ويتضح من هذين الأثرين أن تناول الكبار اللبن كان من إناء، كما وضح كيفيته الأثر الأول، وكما هوواضح من لفظة "سقتني" في الثاني

وإلى هذا تشير روايةٌ أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى (8\ 271): «أخبرنا محمد بن عمر حدثنا محمد بن عبد الله بن أخي الزهري عن أبيه قال: كانت سهلة تحلب في مسعط أوإناءٍ قدر رضعة، فيشربه سالمٌ في كل يومٍ حتى مضت خمسة أيام. فكان بعد ذلك يدخل عليها وهي حاسِرٌ رأسها، رُخصة من رسول اللّه لسهلة بنت سهيل».

قال الإمام ابن عبد البر في التمهيد (8|257): «هكذا إرضاع الكبير كما ذكر: يحلب له اللبن ويسقاه. وأما أن تلقمه المرأة ثديها - كما تصنع بالطفل - فلا. ((لأن ذلك لا يَحِلُّ عند جماعة العلماء)). وقد أجمع فقهاء الأمصار على التحريم بما يشربه الغلام الرضيع من لبن المرأة، وإن لم يمصه من ثديها. وإنما اختلفوا في السعوط به وفي الحقنة والوجور وفي حين يصنع له منه، بما لا حاجة بنا إلى ذكره هاهنا»

قال ابن قتيبة في "تأويل مختلف الحديث" (ص3.8): فقال لها "أرضعيه".ولم يرد: ضعي ثديك في فيه، كما يفعل بالأطفال. ولكن أراد: احلبي له من لبنك شيئاً، ثم ادفعيه إليه ليشربه. ليس يجوز غير هذا، لأنه لا يحل لسالم أن ينظر إلى ثدييها، إلى أن يقع الرضاع. فكيف يبيح له ما لا يحل له وما لا يؤمن معه من الشهوة؟!».

ـ محمد بن علي بن الحسين قال: قال أبوعبدالله (عليه السلام): وجور (1) الصبي (2) بمنزلة الرضاع

) الوجور: الدواء يصب في الفم

وسائل الشيعة

قال ابن حجر في الفتح (9|148): «التغذية بلبن المرضعة يحرِّم، سواء كان بشرب أم بأكل، بأيِّ صفةٍ كان، حتى الوجور والسعوط والثرد والطبخ، وغير ذلك إذا ما وقع ذلك بالشرط المذكور من العدد، لأن ذلك يطرد الجوع».

عدد مرات القراءة:
73889
إرسال لصديق طباعة
الجمعة 2 ربيع الآخر 1446هـ الموافق:4 أكتوبر 2024م 01:10:07 بتوقيت مكة
فتوى المعصوم برضاع الكبير و براءة... 
ملحوظه أخيرة إن احتج محتج بالأخبار التي على لسان المعصوم مثل لا يحرم من الرضاع الا ما انبت اللحم وشد العظم التي يمكن من خلالها تبرأت المعصوم فهذه الاخبار كلها موافقة للعامة فتحمل على التقية
الجمعة 2 ربيع الآخر 1446هـ الموافق:4 أكتوبر 2024م 12:10:48 بتوقيت مكة
فتوى المعصوم برضاع الكبير و براءة... 
بسم الله الرحمن الرحيم ادعاءات الشيعة في هذا الباب كثيرة ويهدف منها الهمز و اللمز و الطعن كعادتهم ولكن سيكون الكلام لبيان هوان وسفاهة ادعاءاتهم بل وقلب الشبهه عليهم بفتوى المعصوم برضاع الكبير و براءة أم المؤمنين عائشة منها
و ينقسم الكلام على عددة نقاط



أولها صحيح فتوى المعصوم وإقرارها بالعموم و الحكم فيها



ثانياً : بطلان استدلال الشيعة على أم المؤمنين عائشة بفتوها برضاع الكبير



ثالثاً : الأدلة القطعية على إقرار أم المؤمنين عائشة على رضاع الصغير و رد ما دون ذالك




رابعاً : بيان بطلان روايات نسبة القول برضاع الكبير إلى أم المؤمنين






أولأ : صحيح فتوى المعصوم وإقرارها بالعموم و الحكم فيها




أحمد بن محمد عن الحسن بن محبوب عن ابن سنان قال: سئل أبو عبد الله عليه السلام وانا حاضر عن امرأة أرضعت غلاما مملوكا لها من لبنها حتى فطمته هل يحل لها بيعه؟ قال فقال: لا هو ابنها من الرضاع حرم عليها بيعه ولكل ثمنه قال: أليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب؟.
تهذيب الأحكام - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٣٢٦




تخريج رجال سند الحديث
أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري القمي: يكنى أبا جعفر - من أصحاب الرضا (ع)، والهادي (ع) - له كتب - ثقة –

المفيد من معجم رجال الحديث - محمد الجواهري - الصفحة ٤٤




3079 - الحسن بن محبوب:-
روى عن أبان، وروى عنه أحمد بن محمد بن عيسى. كامل الزيارات:
الباب 2، في ثواب زيارة رسول الله صلى الله عليه وآله، الحديث 1.
وقال الشيخ (162): " الحسن بن محبوب السراد، ويقال له الزراد، يكنى أبا علي، مولى بجيلة كوفي، ثقة، روى عن أبي الحسن الرضا عليه السلام وروى عن ستين رجلا من أصحاب أبي عبد الله عليه السلام
معجم رجال الحديث - السيد الخوئي - ج ٦ - الصفحة ٩٦




6910 - 6908 - 6919 - عبد الله بن سنان بن طريف: مولى بني هاشم - ثقة عظيم جليل - له كتب - من أصحاب الصادق (ع)-
المفيد من معجم رجال الحديث - محمد الجواهري - الصفحة ٣٣٦




وقد صحح هذه الراواية مجموعة من علماء الشيعة
ومنها ما رواه في الكافي: " عن عبد الله بن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سئل وأنا حاضر عن امرأة أرضعت غلاما " مملوكا لها من لبنها حتى فطمته، فهل لها أن تبيعه؟ قال: فقال:
لا هو ابنها من الرضاعة .....

بلغة الفقيه - السيد محمد بحر العلوم - ج ٣ - الصفحة ١٢٣





وما رواه في الكافي عن عبد الله بن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام " قال: سئل وأنا حاضر عن امرأة أرضعت غلاما مملوكا لها من لبنها حتى فطمته
الحدائق الناضرة - المحقق البحراني - ج ٢٣ - الصفحة ٣١٨






لما رواه ابن سنان - في الصحيح - قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) - وأنا حاضر - عن امرأة أرضعت غلاما مملوكا لها من لبنها حتى فطمته هل يحل لها بيعه؟ قال: فقال: " لا، هو ابنها من الرضاعة حرم عليها بيعه وأكل ثمنه " قال: ثم قال: " أليس قد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب؟

تذكرة الفقهاء (ط.ج) - العلامة الحلي - ج ١٠ - الصفحة ٣٠٨





فهذه الرواية واضحة عامة لفتوى المعصوم على رضاع الكبير حيث حكم أنه أبنها من الرضاع على عكس اعتقاد أم المؤمنين عائشة من حديث صحيح عن النبي أن الرضاع يحرم ما أنبت اللحم و الدم وأما ادعاء الشيعة في استدلالهم أنها افتت برضاع الكبير سيتم ضحضه فيما سيتقدم

ثانياً : بطلان استدلال الشيعة على ام المؤمنين انها افتت برضاع الكبير ....





الرواية الأولى: عند مسلم قال: "وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ، لِعَائِشَةَ، إِنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْكِ الْغُلَامُ الْأَيْفَعُ، الَّذِي مَا أُحِبُّ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيَّ، قَالَ: فَقَالَتْ عَائِشَةُ: أَمَا لَكِ فِي رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أُسْوَةٌ؟ قَالَتْ: إِنَّ امْرَأَةَ أَبِي حُذَيْفَةَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ سَالِمًا يَدْخُلُ عَلَيَّ وَهُوَ رَجُلٌ، وَفِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ مِنْهُ شَيْءٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَرْضِعِيهِ حَتَّى يَدْخُلَ عَلَيْكِ"([صحيح مسلم، (2/1077).]).





فهذه القصة ما هي إلا حكاية حال وواقعة عين، فنحن لا ندري هل هذا الغلام أرسلت به أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ليرضع وهو طفل صغير أم لا؟!

أو أن أم سلمة كانت تكره إدخال أقاربها من الرضاعة عليها؛ فلذلك أنكرت على أم المؤمنين عائشة، فأجابتها عائشة بأكبر مما أنكرته وفَعَلَه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي أن يدخل سالم على سهلة، بمجرد رضاعه وهو كبير، فما الظن لو كان هذا الغلام قد رضع صغيرا في سن الرضاع؟




فما كلها الا ظنان و الواضح الجليل ان مشابهة بين الغلام و مولى ابي حذيفة كان بدرجة القرابة التي تحققت برضاع مولى ابي حذيفة وقد تكون المشابهة أيضاً في سن سالم مولى ابن حذيفة و الغلام الايفع فالغلام الايفع هوالذي يبلغ من العمر سبعة أو ثمانية أعوام كما يبين لنا ذلك شاعر النبي صلى الله عليه واله وسلم الصحابي الجليل العربي الفصيح حسان بن ثابت رضي الله عنه بقوله: "والله إني لغلام يفعة ، ابن سبع سنين أو ثمان ، أعقل كل ما سمعت..( و غير قول حسان هو قول عالم مردود لما ورد من الاثر عن حسان ) الرواية". فقول أم المؤمنين السيدة أم سلمة رضي الله عنها " قد استغنى عن الرضاعة " يحتمل أن المراد منه أنها لا تحب أن يدخل عليها هذا الغلام الذي استغنى عن الرضاعة وهو إبن سبعة أو ثمانية أعوام




- ولعل الخلاف بين أم سلمة وعائشة رضي الله عنهما ، أن الأخيرة كانت ترى جواز إرضاع الصغير عمدا لتحصل المحرمية به؛ وأم سلمة كانت لا ترى ذلك إلا اتفاقا بدون ترتيب وقصد إثبات المحرمية، كما في قضية نكاح المحلل، فإنه لو حصل باتفاق مسبق وتعمد كان باطلا، ولو حصل عرضا كان صحيحا، بدون اتفاق ونية مسبقة كان صحيحا، فلعل أم سلمة كانت تنكر حصول المحرمية إلا بالإرضاع عرضا، لا اتفاقا، بخلاف أم المؤمنين عائشة، فهذه كلها احتمالات واردة.




قال في (حاشيتي قليبوبي وعميرة): "قَاعِدَةٍ ذَكَرهَا الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.... فِي الْوَقَائِعِ الْفِعْلِيَّةِ _وَهِيَ وَقَائِعُ الْأَحْوَالِ_ إذَا تَطَرَّقَ إلَيْهَا الِاحْتِمَالُ، كَسَاهَا ثَوْبَ الْإِجْمَالِ وَسَقَطَ بِهَا الِاسْتِدْلَال"([حاشيتا قليوبي وعميرة، (3/259)]).




وقال الكاساني: "فَلَا يَكُونُ حُجَّةً مَعَ الِاحْتِمَالِ، لِأَنَّ حِكَايَةَ الْحَالِ لَا عُمُومَ لَهُ"([بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، (6/121)])،




وقال ابن القيم: "وَإِذَا احْتَمَلَتْ الْقِصَّةُ هَذَا وَهَذَا وَهَذَا: لَمْ يَجْزِمْ بِوُقُوعِ أَحَدِ الِاحْتِمَالَاتِ إلَّا بِدَلِيلٍ"([الطرق الحكمية، (ص196)]).




وقال أيضا: "فَهِيَ وَاقِعَةُ عَيْنٍ ...وَهَذَا يَحْتَمِلُ وُجُوهًا... وَلَا سَبِيلَ إِلَى الْجَزْمِ بِوَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ عَلَى التَّعْيِينِ...فَلَا سَبِيلَ إِلَى تَرْكِ أَحَادِيثِ النَّهْيِ الصَّحِيحَةِ الصَّرِيحَةِ الْمُسْتَفِيضَةِ بِهَذَا الْمُحْتَمَلِ"([زاد المعاد في هدي خير العباد، (2/351-352)]).





قال مسلم: "حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، حَدَّثَنِي عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَمْعَةَ، أَنَّ أُمَّهُ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ، أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أُمَّهَا أُمَّ سَلَمَةَ، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَتْ تَقُولُ: " أَبَى سَائِرُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُدْخِلْنَ عَلَيْهِنَّ أَحَدًا بِتِلْكَ الرَّضَاعَةِ، وَقُلْنَ لِعَائِشَةَ: وَاللهِ مَا نَرَى هَذَا إِلَّا رُخْصَةً أَرْخَصَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسَالِمٍ خَاصَّةً، فَمَا هُوَ بِدَاخِلٍ عَلَيْنَا أَحَدٌ بِهَذِهِ الرَّضَاعَةِ، وَلَا رَائِينَا"([صحيح مسلم، (2/1078)]).




هذه الرواية أيضا ليس فيها تصريح بأن أم المؤمنين عائشة كانت ترى جواز رضاع الكبير أو تفتي به، كل ما في الأمر هو تأكيد أزواج النبي صلى الله عليه وسلم على عائشة أنهن يرون عدم العمل بحديث سالم، وأنه خاص بسالم رخصة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكأنهن يردن من أم المؤمنين عائشة ألا تحدِّث بهذا الحديث حتى لا يظن الجاهل أنه ليس خاصا، ومن المعلوم أن العالم لا يجوز له أن يحدِّث بكل ما سمع، وقد: "قَالَ عَلِيٌّ: «حَدِّثُوا النَّاسَ، بِمَا يَعْرِفُونَ أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ، اللَّهُ وَرَسُولُهُ
الجمعة 2 ربيع الآخر 1446هـ الموافق:4 أكتوبر 2024م 12:10:43 بتوقيت مكة
فتوى المعصوم برضاع الكبير و براءة... 

ثالثا : الأدلة القاطعية على إقرار أم المؤمنين عائشة على رضاع الصغير و رد ما دون ذالك ....



الدليل الأول: ما رواه عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: سَمِعْتُ نَافِعًا، يُحَدِّثُ، أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَهُ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَرْسَلَتْ بِهِ إِلَى أُخْتِهَا أُمِّ كُلْثُومٍ ابْنَةِ أَبِي بَكْرٍ لِتُرْضِعَهُ عَشْرَ رَضَعَاتٍ لِيَلِجَ عَلَيْهَا إِذَا كَبِرَ، فَأَرْضَعَتْهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ مَرِضَتْ، فَلَمْ يَكُنْ سَالِمٌ يَلِجُ عَلَيْهَا"([مصنف عبد الرزاق الصنعاني، (7/469)])، وقد صرحت رواية موطأ مالك بصغر سالم.




في (موطأ مَالِكٌ)، عَنْ نَافِعٍ؛ أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللهِ أَخْبَرَهُ، أَنَّ عَائِشَةَ، أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، أَرْسَلَتْ بِهِ وَهُوَ يَرْضَعُ، إِلَى أُخْتِهَا أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَتْ: أَرْضِعِيهِ عَشْرَ رَضَعَاتٍ، حَتَّى يَدْخُلَ عَلَيَّ. قَالَ سَالِمٌ: فَأَرْضَعَتْنِي أُمُّ كُلْثُومٍ ثَلاَثَ رَضَعَاتٍ، ثُمَّ مَرِضَتْ، فَلَمْ تُرْضِعْنِي غَيْرَ ثَلاَثِ مِرَارٍ، فَلَمْ أَكُنْ أَدْخُلُ عَلَى عَائِشَةَ، مِنْ أَجْلِ أَنَّ أُمَّ كُلْثُومٍ، لَمْ تُتِمَّ لِي عَشْرَ رَضَعَاتٍ" ([موطأ مالك، ت الأعظمي، (4/870)]). وإسناد عبد الرزاق ومالك كلاهما صحيحان.

وجه الدلالة: أن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أرسلت سالمًا وهو صغير في سن الرضاع؛ ليرضع من أختها أم كلثوم ليدخل عليها إذا كبر، فيسهل عليه أخذ العلم عنها، لكنها مرضت فلن تكمل رضاعه، فلم يدخل عليها، فإذا كانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ترى جواز رضاع الكبير، فلماذا لم تأمر برضاع سالم وهو كبير ليدخل عليها؟




فهذا من أقوى الأدلة على أن رأي أم المؤمنين، هو عدم جواز رضاع الكبير.





الدليل الثاني: ثبت في صحيحي البخاري ومسلم من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: "انْظُرْنَ مَنْ إِخْوَانُكُنَّ، فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ المَجَاعَةِ"([صحيح البخاري، (7/10 ) كتاب سنن ابن ماجه(3/125 باب لا رضاع بعد فصال )..






قال القرطبي: "إنما الرضاعة من المجاعة، وهذا منه صلى الله عليه وسلم تقعيد قاعدة كلية؛ تصرح بأن الرضاعة المعتبرة في التحريم إنما هي في الزمان الذي تغني فيه عن الطعام، وذلك إنما يكون في الحولين وما قاربهما"([المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، القرطبي، (4/ 188)]).




وجه الدلالة: إذا كانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تروي عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثا يؤصل لقاعدة عامة، في عدم اعتبار التحريم بالرضاعة بعد الحولين، فكيف تخالف هي ما ترويه؟! فهذا دليل قوي على أنها تعتقد بعدم نشر الحرمة بالرضاع بعد الحولين.




الدليل الثالث: في مسند ابن الجعد قال: "حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، أنا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ قَالَ: سَمِعْتُ قَيْسَ بْنَ أَبِي حَازِمٍ، وَأَبَا الشَّعْثَاءِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا أَنَبْتَ اللَّحْمَ وَالدَّمَ"([مسند ابن الجعد، (ص46)]).




وجه الدلالة: أن الحديث قرر أن الرضاع الذي تتحقق به المحرمية هو ما أنبت اللحم والدم، وهذا لا يتحقق في الكبير؛ لأن الطفل الصغير هو الذي ينبت لحمه بالرضاع.




الدليل الرابع: أن الإمام مالك بعدما روى حديث سهله ورضاع سالم قال -كما في الموطأ عن-: "حبيب قَالَ مَالِكٌ: إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ رُخْصَةً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَمْ يَعْمَلِ النَّاسُ مِنْ بَعْدِهِ، وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ لَعَمِلَ بِهِ النَّاسُ بَعْدَهُ "([مسند الموطأ للجوهري، (ص172))])




وجه الدلالة: أن الإمام مالك وهو إمام دار الهجرة وأعلم الناس في زمانه، خاصة أهل المدينة، وأم المؤمنين عائشة عاشت ودُفنت في المدينة، فلو كان ذلك مذهبا لأم المؤمنين واشتهر ذلك عنها -كما يزعمون- لذكر ذلك واستثناها من عمل الناس.

قد يقول قائل: لكن مالكا قد ذكر قول الزهري المنسوب إلى أم المؤمنين، وأنها أفتت برضاع الكبير؟




فالجواب: أن الإمام مالك يعلم أن الرواية من مرسلات الزهري، فلا يعتمد عليها، ولم يشترط مالك ألا يروي إلا المسند الصحيح، ولذلك قال الحافظ العراقي: " إن مالكا رحمه الله لم يفرد الصحيح، بل أدخل فيه المرسل والمنقطع والبلاغات، ومن بلاغاته أحاديث لا تعرف، كما ذكره ابن عبد البر"([التقييد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصلاح (1/ 25)]).




قلت: فكان تعليق مالك على الرواية دليل قطعي أنه يعلم أنه لم يصح ذلك عن أم المؤمنين عائشة، وأنه لم يقع في ذلك حادثة واحدة، وإلا لاستثناها، لكنه عمم القول فقال: "إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ رُخْصَةً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَمْ يَعْمَلِ النَّاسُ مِنْ بَعْدِهِ، وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ لَعَمِلَ بِهِ النَّاسُ بَعْدَهُ "([مسند الموطأ للجوهري، (ص172)])





الدليل الخامس: ما رواه مسلم عن: "ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ سَهْلَةَ بِنْتَ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو جَاءَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ سَالِمًا - لِسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ - مَعَنَا فِي بَيْتِنَا. وَقَدْ بَلَغَ مَا يَبْلُغُ الرِّجَالُ، وَعَلِمَ مَا يَعْلَمُ الرِّجَالُ. قَالَ: «أَرْضِعِيهِ تَحْرُمِي عَلَيْهِ» قَالَ: " فَمَكَثْتُ سَنَةً أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا لَا أُحَدِّثُ بِهِ وَهِبْتُهُ، ثُمَّ لَقِيتُ الْقَاسِمَ فَقُلْتُ لَهُ: لَقَدْ حَدَّثْتَنِي حَدِيثًا مَا حَدَّثْتُهُ بَعْدُ، قَالَ: فَمَا هُوَ؟ فَأَخْبَرْتُهُ قَالَ فَحَدِّثْهُ عَنِّي، أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْنِيهِ"([صحيح مسلم، (2/1086)؛ مصنف عبد الرزاق الصنعاني، (7/458)]).




وجه الدلالة: أن ابن أبي مليكة وهو شيخ الحرم وقاضي مكة في زمانه، وقد رأى ثمانين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وكان من الصالحين والفقهاء في التابعين والحفاظ والمتقنين"([موطأ مالك، (2/ 605)، مشاهير علماء الأمصار، ابن حبان (ص135)]).




فقد عاش بين أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلِيْهِ وَسَلَّمْ- ومع ذلك هاب أن يُحَدِّث بحديث سالم سنة كاملة، فلو كان الحديث معروفا عندهم وعملت به أم المؤمنين لما خفي ذلك على الناس، ولما خاف ابن أبي مليكة من التحديث به، وكتمانه عاماً كاملاً؛ ولذلك علق ابن عبد البر بعدما ذكر قول ابن أبي مليكة فقال: "قال ابن أَبِي مُلَيْكَةَ: فَمَكَثْتُ سَنَةً أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا لَا أُحَدِّثُ بِهِ رَهْبَةً لَهُ، ثُمَّ لَقِيتُ الْقَاسِمَ فَقُلْتُ لَهُ: لَقَدْ حَدَّثْتَنِي حَدِيثًا مَا حَدَّثْتُ بِهِ بَعْدُ! فَقَالَ: مَا هُوَ؟ فَأَخْبَرْتُهُ حَدِّثْ بِهِ عَنِّي فَإِنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْنِيهِ"




قَالَ ابن عبد البر: "هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ حَدِيثٌ تُرِكَ قَدِيمًا وَلَمْ يُعْمَلْ بِهِ وَلَا تَلَقَّاهُ الْجُمْهُورُ بِالْقَبُولِ عَلَى عُمُومِهِ، بَلْ تَلَقَّوْهُ بِالْخُصُوصِ([الاستذكار، ابن عبد البر، (6/255)])".




فدلت رهبة ابن أبي مليكة _والذي هو من سادات التابعين وأكابرهم_، من التحديث بحديث رضاع الكبير، أن أم المؤمنين ما كانت تفتي به ولا اشتهر ذلك عنها، ولا نعلم أحدا ذكر أن أم المؤمنين أمرت بإرضاعه وهو كبير ليدخل عليها، ولا ذكر أحد من أهل العلم - بإسناد صحيح- اسم أحد أرسلت به أم المؤمنين وهو كبير ليرضع...!

كل هذه أدلة على بطلان نسبة تلك الفتوى لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.




الدليل السادس: أنه لو وجدت فتوى صريحة لأم المؤمنين عائشة تقول برضاع الكبير، لما اختلف أهل العلم في مذهبها.




فهذا أبو بكر الجصاص ينفي عن عائشة القول بأنها أفتت برضاع الكبير، ويقول أن الذي ثبت عنها هو في الطفل الصغير لا غير ذلك.

قال في أحكام القرآن: "وَقَدْ رُوِيَ حَدِيثُ عَائِشَةَ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ فِي رَضَاعِ الْكَبِيرِ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ، وَهُوَ مَا رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَأْمُرُ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَنْ تُرْضِعَ الصِّبْيَانَ حَتَّى يَدْخُلُوا عَلَيْهَا إذَا صَارُوا رِجَالًا. فَإِذَا ثَبَتَ شُذُوذُ قَوْلِ مَنْ أَوْجَبَ رَضَاعَ الْكَبِيرِ، فَحَصَلَ الِاتِّفَاقُ عَلَى أَنَّ رَضَاعَ الْكَبِيرِ غَيْرُ مُحَرِّمٍ. ([أحكام القرآن للجصاص، (1/497)])





وهناك قول آخر لعلاء الدين الكاساني يقول بأن أم المؤمنين تراجعت عن فتواها برضاع الكبير(وذالك على فرض التسليم بصحة انها افتت بذالك والذي سيوضح ضعفه من رويات فيما سيتقدم ).

قال في (بدائع الصنائع): "وَأَمَّا عَمَلُ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- فَقَدْ رُوِيَ عَنْهَا مَا يَدُلُّ عَلَى رُجُوعِهَا؛ فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: لَا يُحَرِّمُ مِنْ الرَّضَاعِ إلَّا مَا أَنْبَتَ اللَّحْمَ وَالدَّمَ.

وَرُوِيَ (بضيغة التمريض اي التضعيف ) أَنَّهَا كَانَتْ تَأْمُرُ بِنْتَ أَخِيهَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أَنْ تُرْضِعَ الصِّبْيَانَ حَتَّى يَدْخُلُوا عَلَيْهَا إذَا صَارُوا رِجَالً
الجمعة 2 ربيع الآخر 1446هـ الموافق:4 أكتوبر 2024م 12:10:56 بتوقيت مكة
فتوى المعصوم برضاع الكبير و براءة... 

رابعاً: بيان بطلان روايات نسبة القول برضاع الكبير إلى أم المؤمنين.


الرواية الأولى: رواية عطاء.




في (مصنف عبد الرزاق) قال:" أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَطَاءً يَسْأَلُ، قَالَ لَهُ رَجُلٌ: سَقَتْنِي امْرَأَةٌ مِنْ لَبَنِهَا بَعْدَ مَا كُنْتُ رَجُلًا كَبِيرًا أَأَنْكِحُهَا؟ قَالَ: «لَا». قُلْتُ: وَذَلِكَ رَأْيُكَ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ عَطَاءٌ: كَانَتْ عَائِشَةُ: تَأْمُرُ بِذَلِكَ بَنَاتِ أَخِيهَا"([مصنف عبد الرزاق الصنعاني، (7/458)]).



قلت: عطاء لم يصرح بالسماع من عائشة، وسيأتي بيان سبب الوهم الذي وقع فيه عطاء وغيره.



وروى الأثرم عن أحمد ما يدل على أن -عطاء- كان يدلس فقال في قصة طويلة ورواية عطاء عن عائشة لا يحتج بها الا أن يقول سمعت([تهذيب التهذيب، ابن حجر، (7/203)]).

وقال ابن خراش المروزي: "وأحاديث عطاء عن عائشة مراسيل"([ تاريخ دمشق لابن عساكر، (40/378)]).

وعليه فالرواية منقطعة مرسلة ضعيفة لا نعلم من الواسطة بين عطاء وعائشة رضي الله عنها، وقد حذر العلماء من مرسلات عطاء:

قال أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: "لَيْسَ فِي المُرْسَلاَتِ شَيْءٌ أَضْعَفُ مِنْ مُرْسَلاَتِ الحَسَنِ، وَعَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ، كَانَا يَأْخُذَانِ عَنْ كُلِّ أَحَدٍ"([سير أعلام النبلاء، الذهبي، (5/86)]).

وقال يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ القَطَّانِ:" مُرْسَلاَتُ مُجَاهِدٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مُرْسَلاَتِ عَطَاءٍ بِكَثِيْرٍ، كَانَ عَطَاءٌ يَأْخُذُ عَنْ كُلِّ ضَرْبٍ"([سير أعلام النبلاء، الذهبي، (5/86)]).





الرواية الثانية: رواية الزهري.

1- طريق معمر عن الزهري.




عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: جَاءَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: إِنَّ سَالِمًا كَانَ يُدْعَى لِأَبِي حُذَيْفَةَ، وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَنْزَلَ فِي كِتَابِهِ: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} [الأحزاب: 5] وَكَانَ يَدْخُلُ عَلَيَّ وَأَنَا فَضْلٌ، وَنَحْنُ فِي مَنْزِلٍ ضَيِّقٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَرْضِعِي سَالِمًا تَحْرُمِي عَلَيْهِ». قَالَ الزُّهْرِي: «قَالَتْ بَعْضُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَا نَدْرِي لَعَلَّ هَذِهِ كَانَتْ رُخْصَةً لِسَالِمٍ خَاصَّةً». قَالَ الزُّهْرِي: وَكَانَتْ عَائِشَةُ «تُفْتِي بِأَنَّهُ يَحْرُمُ الرَّضَاعُ بَعْدَ الْفِصَالِ حَتَّى مَاتَتْ"([مصنف عبد الرزاق الصنعاني، (7/459)]).





فتأمل لترى أن قصة سالم مروية بالإسناد، وأما الفتوى من أم المؤمنين فمن كلام الزهري بلا إسناد فالرواية مرسلة؛ لأن الواسطة بين الزهري وأم المؤمنين غير معروفة.



وأم المؤمنين توفيت سنة 57 أو 58 والزهري ولد 58، وقد حذر العلماء من مرسلات الزهري أشد التحذير.




قَالَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ: "مُرْسَلُ الزُّهْرِيِّ شَرٌّ مِنْ مُرْسَلِ غَيْرِهِ؛ لأَنَّهُ حَافِظٌ، وَكُلُّ مَا قَدِرَ أَنْ يُسَمِّيَ سَمَّى، وَإِنَّمَا يَتْرُكُ مَنْ لاَ يُحِبُّ أَنْ يُسَمِّيَه"([سير أعلام النبلاء، الذهبي، (5/338)]).

وقال الشَّافِعِيَّ: "إِرسَالُ الزُّهْرِيِّ لَيْسَ بِشَيْءٍ، لأَنَّا نَجِدُه يَرْوِي عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ أَرْقَمَ"([سير أعلام النبلاء، الذهبي، (5/339)]).

قال علي بن المديني: "مرسلات الزهري رديئة"([تاريخ دمشق لابن عساكر، (55/369)]).

قال الذهبي: "ومِن أوهى المراسيل عندهم: مراسيلُ الحَسَن. وأوهى من ذلك: مراسيلُ الزهري، وقتادة، وحُمَيد الطويل، من صغار التابعين. وغالبُ المحقِّقين يَعُدُّون مراسيلَ هؤلاء مُعْضَلاتٍ ومنقطِعات"([الموقظة في علم مصطلح الحديث، الذهبي، (ص40)]).

وقال ابن القيم: "فمرسيل الزُّهْرِيّ عِنْدهم من أَضْعَف الْمَرَاسِيل، لَا تصلح للاحتجاج"([تحفة المودود بأحكام المولود، ابن القيم، (ص170)]).

2- طريق مالك عن الزهري.

عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَكَانَ بَدْرِيًّا، وَكَانَ قَدْ تَبَنَّى سَالِمًا الَّذِي يُقَالُ لَهُ: سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، كَمَا تَبَنَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم زَيْدًا، وَأَنْكَحَ أَبُو حُذَيْفَةَ سَالِمًا، وَهُوَ يَرَى أِنَّهُ ابْنُهُ ابْنَةَ أَخِيهِ فَاطِمَةَ بِنْتَ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ، وَهِيَ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ الْأُوَلِ، وَهِيَ يَوْمَئِذٍ مِنْ أَفْضَلِ أَيَامَى قُرَيْشٍ، فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ مَا أَنْزَلَ: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} [الأحزاب: 5] الْآيَةَ.

رَدَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ أُولَئِكَ إِلَى أَبِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَبُوهُ رَدَّ إِلَى مَوَالِيهِ، فَجَاءَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ وَهِيَ امْرَأَةُ أَبِي حُذَيْفَةَ وَهِيَ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كُنَّا نَرَى أَنَّ سَالِمًا وُلِدَ، وَكَانَ يَدْخُلُ عَلَيَّ، وَأَنَا فَضْلٌ، وَلَيْسَ لَنَا إِلَّا بَيْتٌ وَاحِدٌ فِمَاذَا تَرَى؟ - قَالَ الزُّهْرِي: فَقَالَ لَهَا فِيمَا بَلَغَنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ -: «أَرْضِعِيهِ خَمْسَ رَضَعَاتٍ، فَتَحْرُمُ بِلَبَنِهَا».

وَكَانَتْ تَرَاهُ ابْنًا مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَأَخَذَتْ بِذَلِكَ عَائِشَةُ، فِيمَنْ كَانَتْ تُرِيدُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا مِنَ الرِّجَالِ، فَكَانَتْ تَأْمُرُ أُمَّ كُلْثُومٍ ابْنَةَ أَبِي بَكْرٍ، وَبَنَاتَ أَخِيهَا يُرْضِعْنَ لَهَا مَنْ أَحَبَّتْ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا مِنَ الرِّجَالِ، وَأَبَى سَائِرُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِنَّ بِتِلْكَ الرَّضَاعَةِ، قُلْنَ: وَاللَّهِ مَا نَرَى الَّذِي أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِهِ سَهْلَةَ إِلَّا رُخْصَةً فِي رَضَاعَةِ سَالِمٍ وَحْدَهُ"([مصنف عبد الرزاق الصنعاني، (7/459)]).




فانظر إلى قول الزهري: "فَقَالَ لَهَا فِيمَا بَلَغَنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ"، فالكلام إذًا من بلاغات الزهري المرسلة المنقطعة الضعيفة.

قال ابن رجب: "فإن الزهريَ كان كثيراً ما يروي الحديث، ثم يدرجُ فيه أشياءَ، بعضها مراسيلُ، وبعضها من رأيه وكلامه"([فتح الباري لابن رجب، (8/12)]).

3- طريق ابن جريج:

وفي طريق ابن جريج قرينة واضحة على أن الزهري هو الذي أرسل تلك الفتوى، ولم يسندها قط، وذلك لأنها تبين أن كتاب الزهري ليس فيه إلا قصة سالم، وليس فيه فتوى أم المؤمنين، وبيان ذلك كالتالي:



في (مصنف عبد الرزاق) قال: "أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ تَبَنَّى سَالِمًا وَهُوَ مَوْلَى امْرَأَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، كَمَا تَبَنَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم زَيْدًا، وَكَانَ مَنْ تَبَنَّى رَجُلًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ دَعَاهُ النَّاسُ ابْنَهُ، وَوَرِثَ مِنْ مِيرَاثِهِ، حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [الأحزاب: 5] فَرُدُّوا إِلَى آبَائِهِمْ، وَمَنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ أَبٌ، فَمَوْلًى وَأَخٌ فِي الدِّينِ، فَجَاءَتْ سَهْلَةُ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كُنَّا نَرَى سَالِمًا وَلَدًا يَأْوِي مَعِي، وَمَعَ أَبِي حُذَيْفَةَ وَيَرَانِي فَضْلًا، وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ مَا عَلِمْتَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَرْضِعِيهِ خَمْسَ رَضَعَاتٍ»، وَكَانَ بِمَنْزِلَةِ وَلَدِهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ"([مصنف عبد الرزاق الصنعاني، (7/460)]).





فهنا الفتوى المنسوبة لأم المؤمنين لم تُذكر في الرواية، وهذه الرواية منقولة من كتاب الزهري نفسه؛ لأن ابن جريج كان عنده كتب الزهري ولم يسمع منه. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: "لَمْ أَسْمَعْ مِنَ الزُّهْرِيِّ، إِنَّمَا أَعْطَانِي جُزْءاً كَتَبتُهُ، وَأَجَازَهُ لِي"([سير أعلام النبلاء، الذهبي، (6/332)]).

وبه نتيقن أن الفتوى المنسوبة لأم المؤمنين لم يسندها الزهري، وإلا لأثبتها في كتابه، فثبت من ذلك أن كل رواية تأتي عن الزهري، وليس فيها فصل بين الرواية والفتوى، فإنها تكون مدرجة من كلام الزهري.




والمدرج كما عرَّفه الذهبي: "هي ألفاظٌ تقعُ من بعض الرواة متصلةً بالمَتْن، لا يبِينُ للسامع إلا أنها من صُلْبِ الحديث. ويَدلُّ دليلٌ عَلَى أنها مِن لفظِ راوٍ، بأن يأتي الحديثُ مِن بعضِ الطرق بعبارةٍ تَفْصِلُ هذا من هذا"([ الموقظة في علم مصطلح الحديث، الذهبي، (ص53)]).

ومن طرق معرفة المدرج: أن يصرح بعض الرواة بالفصل، كما هو حاصل هنا في روايتي معمر ومالك عن الزهري، أو أن يقتصر بعض الرواة على الأصل فقط كما هي رواية ابن جريج، وكما سيأتي في رواية أحمد وإسحاق ابن راهويه الآتي ذكرهما.



قال الجزائري: "وَمن ذَلِك - أي من طرق معرفة المدرج- تَصْرِيح بعض الروَاة بِالْفَصْلِ وَذَلِكَ بإضافته لقائله ويتقوى باقتصار بعض الروَاة على الأَصْل"([توجيه النظر إلى أصول الأثر، طاهر الجزائري، (1/411)]). ولذلك فقد روى الإمام أحمد رواية عبد الرزاق عن معمر عن الزهري _والتي فيها ذكر الفتوى_ لكنه حذفها واكتفى بالأصل.




قال الإمام أحمد: "حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: جَاءَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: إِنَّ سَالِمًا كَانَ يُدْعَى لِأَبِي حُذَيْفَةَ، وَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَنْزَلَ كِتَابَهُ {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} [الأحزاب: 5] فَكَانَ يَدْخُلُ عَلَيَّ وَأَنَا فُضُلٌ، وَنَحْنُ فِي مَنْزِلٍ ضَيِّقٍ، فَقَالَ: "أَرْضِعِي سَالِمًا تَحْرُمِي عَلَيْهِ"([مسند أحمد، (43/86)]).




فهذه رواية عبد الرزاق عن معمر عن الزهري بدون الفتوى المنسوبة لأم المؤمنين والتي في مصنف عبد الرزاق، وقد كان الإمام أحمد على علم برواية المصنف([تهذيب الكمال في أسماء الرجال، (18/ 57)]).



قَال الأثرم أيضًا: سمعت أبا عَبد اللَّهِ يسأل عن حديث النار جبار؟ فقال: هذا باطل ليس من هذا شيء، ثم قال: ومن يحدث به عن عبد الرزاق؟ قلت: حَدَّثَنِي أحمد بن شبويه. قال: هؤلاء سمعوا بعدما عمي، كان يلقن فلقنه، وليس هو في كتبه، وقد أسندوا عنه أحاديث ليست في كتبه كان يلقنها بعدما عمي"، فهذا دليل علم الإمام أحمد برواية عبد الرزاق بالفتوى المدرجة، ولكنه تركها عمدا لعلمه أنها لا تصح.

وهو دليل على أن الإمام أحمد يرى بطلان الفتوى المنسوبة إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، ولذلك حذفها. وكذلك حذف إسحاق بن راوية كلام الزهري لما روى رواية معمر:






في مسند إسحاق: "أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، نا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: جَاءَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ سَالِمًا يُدْعَى لِأَبِي حُذَيْفَةَ، وَيَأْوِي مَعَهُ فَيَدْخُلُ عَلَيَّ فَيَرَانِي فُضُلًا، وَنَحْنُ فِي مَنْزِلٍ ضَيِّقٍ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} [الأحزاب: 5] الْآيَةُ. فَقَالَ: أَرْضِعِيهِ تَحْرُمِي عَلَيْهِ"([مسند إسحاق بن راهويه، (2/200)]).



فاقتصار إسحاق على ذكر الرواية دون الفتوى، دليل على أنها مدرجة، وأنه لا يرى صحتها.




قال الحافظ: "والطرق إلى معرفة كونه مدرجا: أن تأتي رواية مفصلة للرواية المدرجة وتتقوى الرواية المفصلة، بأن يرويه بعض الرواة مقتصرا على إحدى الجملتين".([النكت على كتاب ابن الصلاح، ابن حجر، (2/836)])

فهذا دليل تضعيف من هؤلاء الأعلام لتلك الفتوى المنسوبة لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.






رابعًا: سبب توهم الزهري وغيره من الفقهاء أن أم المؤمنين عائشة أفتت بتلك الفتوى، أن الزهري وصلته رواية أمر أم المؤمنين بإرضاع سالم ليدخل عليها، وذلك بدون تحديد لعمره ساعتها.

عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَنَّ عَائِشَةَ، «أَمَرَتْ أُمَّ كُلْثُومٍ، أَنْ تُرْضِعَ سَالِمًا، فَأَرْضَعَتْهُ خَمْسَ رَضَعَاتٍ، ثُمَّ مَرِضَتْ، فَلَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ سَالِمٌ عَلَى عَائِشَةَ"([مصنف عبد الرزاق الصنعاني، (7/469)]).




فهذه الرواية مبهمة ليس فيها تحديد سن سالم بن عبد الله بن عمر، فظن الزهري أنه كان كبيرًا.




لكن الصواب: أن سالمًا في هذا الوقت كان في سن الرضاع؛ ولذلك روى في مصنف عبد الرزاق نفسه أنه كان صغيرًا.




في (مصنف عَبْدُ الرَّزَّاقِ) قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: سَمِعْتُ نَافِعًا، يُحَدِّثُ، أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَهُ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَرْسَلَتْ بِهِ إِلَى أُخْتِهَا أُمِّ كُلْثُومٍ ابْنَةِ أَبِي بَكْرٍ لِتُرْضِعَهُ عَشْرَ رَضَعَاتٍ لِيَلِجَ عَلَيْهَا إِذَا كَبِرَ، فَأَرْضَعَتْهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ مَرِضَتْ، فَلَمْ يَكُنْ سَالِمٌ يَلِجُ عَلَيْهَا"([مصنف عبد الرزاق الصنعاني، (7/469)]).






ويؤيد هذا أيضًا أن رواية موطأ مالك صرحت بصغره:

مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ؛ أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللهِ أَخْبَرَهُ، أَنَّ عَائِشَةَ، أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، أَرْسَلَتْ بِهِ وَهُوَ يَرْضَعُ، إِلَى أُخْتِهَا أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَتْ: أَرْضِعِيهِ عَشْرَ رَضَعَاتٍ، حَتَّى يَدْخُلَ عَلَيَّ. قَالَ سَالِمٌ: فَأَرْضَعَتْنِي أُمُّ كُلْثُومٍ ثَلاَثَ رَضَعَاتٍ، ثُمَّ مَرِضَتْ، فَلَمْ تُرْضِعْنِي غَيْرَ ثَلاَثِ مِرَارٍ، فَلَمْ أَكُنْ أَدْخُلُ عَلَى عَائِشَةَ، مِنْ أَجْلِ أَنَّ أُمَّ كُلْثُومٍ، لَمْ تُتِمَّ لِي عَشْرَ رَضَعَاتٍ"([موطأ مالك، ت الأعظمي، (4/870)]).






وإسنادهما صحيح، لكن الزهري ظن أن سالمًا كان كبيرًا بسبب الرواية المبهمة فقال: "فَأَخَذَتْ بِذَلِكَ عَائِشَةُ، فِيمَنْ كَانَتْ تُرِيدُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا مِنَ الرِّجَالِ، فَكَانَتْ تَأْمُرُ أُمَّ كُلْثُومٍ ابْنَةَ أَبِي بَكْرٍ، وَبَنَاتَ أَخِيهَا يُرْضِعْنَ لَهَا مَنْ أَحَبَّتْ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا مِنَ الرِّجَالِ"([مصنف عبد الرزاق الصنعاني، (7/459)]).




وعليه فرواية عبد الرزاق ومالك تؤكدان خطأ الزهري؛ وتبع الزهري في هذا كثير من أهل العلم فنقلوا عبارته كما نقلها ابن عبد البر، فقال بعد ذكر الرواية: "وَالَّذِي عَلَيْهِ جَاءَ هَذَا الْحَدِيثُ رَضَاعَةُ الْكَبِيرِ وَالتَّحْرِيمُ بِهَا وَهُوَ مَذْهَبُ عَائِشَةَ مِنْ بَيْنِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَمَلَتْ عَائِشَةَ حَدِيثَهَا هَذَا فِي سَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ عَلَى الْعُمُومِ، فكانت تأمر أختها أُمَّ كُلْثُومٍ وَبَنَاتِ أَخِيهَا أَنْ يُرْضِعْنَ مَنْ أَحَبَّتْ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا، وَصَنَعَتْ عَائِشَةُ ذَلِكَ بِسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَأَمَرَتْ أُمَّ كُلْثُومٍ فَأَرْضَعَتْهُ فَلَمْ تُتِمَّ رَضَاعَهُ، فَلَمْ يدخل عليها"([التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، (8/256)]).

فأنت ترى أنه نقل عبارة الزهري بنصها والتي سبق تضعيفها.

وتتابع كثير من الفقهاء على ذلك، حتى اشتهر ذلك، بعد أن لم يكن معروفا في زمان ابن أبي مليكة، كما سبق تقريره.

الأحد 20 ربيع الأول 1446هـ الموافق:22 سبتمبر 2024م 01:09:54 بتوقيت مكة
باعص الصنه  
هذه روايات محرفه ارادوا بها السنه تبرءة عائشه المخالفه
الأحد 23 محرم 1446هـ الموافق:28 يوليو 2024م 08:07:18 بتوقيت مكة
داعس دين أبن سبأ  
بارك الله فيكم
تم فضح دين الشيعة السبئي بنجاح
بدنا أحاديث عن نرجس والنخاس بشر و حميدة
الجمعة 25 ذو القعدة 1445هـ الموافق:31 مايو 2024م 10:05:32 بتوقيت مكة
محمد الكويتي 
اخي هذه روايات لا يقصد منها جواز أرضاع الكبير وانت تعرف ذلك. ولكن يقصد أن الرجل إذا رضع في طفولته فتحرم عليه مرضعته وولدها.
السبت 18 رجب 1445هـ الموافق:27 يناير 2024م 02:01:30 بتوقيت مكة
ابراهيم 
نحافظ على إقامة الصلاة واساسيات الإسلام وقد احنا رجال
الثلاثاء 22 جمادى الآخرة 1445هـ الموافق:2 يناير 2024م 08:01:07 بتوقيت مكة
ابن داود 
موقع فيصل نور من افضل المواقع التي تفضح المذهب الشيعي
السبت 3 ربيع الأول 1445هـ الموافق:16 سبتمبر 2023م 04:09:05 بتوقيت مكة
عمر الفاروق  
الصفويه يتحدثون عن رضاع الكبير وبنفس الوقت يبيحون المتعه والزنا لنسائهم ؟ شئ مضحك جداً جداً جداً 😂
الأثنين 3 رجب 1444هـ الموافق:23 يناير 2023م 11:01:15 بتوقيت مكة
and 
موقع فيصل نور من افضل المواقع التي تفضح المذهب الشيعي
السبت 3 محرم 1444هـ الموافق:30 يوليو 2022م 07:07:08 بتوقيت مكة
ناگگح شريفات الشيعة  
كىىىم حميدة
الأثنين 13 ذو الحجة 1443هـ الموافق:11 يوليو 2022م 09:07:50 بتوقيت مكة
لبيلبيل 
ليبلبيلبي
الخميس 18 ذو القعدة 1443هـ الموافق:16 يونيو 2022م 04:06:21 بتوقيت مكة
داعس مجوس شيعه وصوفيه يهوديه  
اههههههههه هذا هو دين رافضه مجوس اتباع ابن سبأ وث»م يرمون به المسلمين اهل السنه
الجمعة 5 ذو القعدة 1443هـ الموافق:3 يونيو 2022م 12:06:21 بتوقيت مكة
علي ولي الله 
اصلا عادي شكو بيهه
زوجة النبي لوط جانت تنيج
النبي نوح هم نيجت
يعني زوجة النبي محمد من رضعت الكبير. مايصير حرام
اصلا هيه تنيج هيه كوه
السبت 14 شوال 1443هـ الموافق:14 مايو 2022م 01:05:59 بتوقيت مكة
إبراهيم  
أحسنتم بارك الله فيكم يا أهل السنة والجماعة جزاكم الله خيرا
الأحد 24 ذو الحجة 1442هـ الموافق:1 أغسطس 2021م 10:08:47 بتوقيت مكة
الفاروق 
اين ذكر ذلك و مازلتم تنكرون كتبكم اخزاكم الله يا مدلسين اتنم تاتون لنا بحديث ضعيف عندنا و تتمسكون به اما نحن نذكر لكم احاديث و روايات في كتبكم (لا يوجد شيء اسمه سند عندكم) و هذه الروايات مثبتة عندكم و تقرون بها او على الاقل علمائكم يقرون بذلك فلماذا الاستغباء ايها الرافضة؟
الأربعاء 22 ذو القعدة 1442هـ الموافق:30 يونيو 2021م 09:06:21 بتوقيت مكة
jshsushsjw8 
يا جاهل ياومدلس 😂 لا تعلم ما هو لبن الفحل؟
الخميس 10 شوال 1442هـ الموافق:20 مايو 2021م 07:05:39 بتوقيت مكة
فدك الزهراء 
احمد قدرية/ الجواب انك تعتقدون برضاع النبي ﷺ من ابو طالب؛ وبذلك تحرم فاطمة على علي لانها تعتبر بنت اخيه من الرضاع
الثلاثاء 1 شوال 1442هـ الموافق:11 مايو 2021م 08:05:26 بتوقيت مكة
أحمد قدرية 
https://al-qatrah.net/an3049
الثلاثاء 1 شوال 1442هـ الموافق:11 مايو 2021م 08:05:13 بتوقيت مكة
أحمد قدرية 
يستغربون هذا في حين ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم حتى في كتب السنة خروج الماء من بين أصابعه. فهذه معجزة. عندهم اعتراض؟! ثم الرضاع يأتي أيضا بمعنى المص والسعوط والتمرير اللا مباشر وغير ذلك. بل وثبت في كتب السنة كمسند أحمد وغيره وقد ذكره أبو هريرة ومعاوية وغيرهما.
https://youtu.be/5y3ryq87_Ig
 
اسمك :  
نص التعليق :