أي مسمى يطرح يأخذ معناها ممن طرحه، ولماذا طرحه؟ إن بدعة تسمية القوى الموالية للمشروع الفارسي- الولي الفقيه، باسم الله، لم يشهدها العالم الاسلامي من قبل. قبل قدوم الولي الفقيه من باريس حاملا مشروعه هذا عام 1979؟..
لهذا نحن نميز بين إيران كشعب، وبين مشروع ولاية الفقيه، الذي يتداخل فيه التحريض الاثني- فارسيا، الفرس يشكلون قرابة نصف سكان إيران- إلى جانب التحريض الطائفي شيعيا.
في هذا السياق تأتي تصريحات القادة الفاشيين في إيران، هم فاشيون مع شعبهم فكيف سيكونون مع شعوب يعتبرونها عدوة؟.. حيث كان آخر تصريح للقائد السابق للحرس الثوري الإيراني حسين همداني، عن نبأ تشكيل حزب الله السوري، ووصفه بحزب الله الثاني بعد حزب الله اللبناني.
وقال همداني في تصريحات له إن الأسد يقاتل نيابة عن إيران. لأنه "من الناحية الجيوسياسية فان مصيرنا مشترك والحرب في سوريا مصيرية لنا والأسد يقاتل نيابة عنا كما نحن نقاتل دفاعاً عنه.". وأوضح الجنرال حسين همداني، الذي ساهم بقوة في قمع المعارضة الإصلاحية في طهران خلال الاحتجاجات التي اندلعت بُعيد الانتخابات الرئاسية في حزيران العام 2009، أن بلاده شكلت مقرات في مختلف المحافظات الإيرانية لدعم سوريا التي أطلق عليها مقرات لدعم الشعب السوري، مشيرا الى تشكل مقرات مماثلة في سوريا أيضاً.
بغض النظر عن صحة أو عدم صحة خبر تشكيل حزب الله السوري هذا، والذي عادت وكالة فارس وحذفته من صفحتها. المسألة تكمن في الاجواء السائدة لدى القيادات الايرانية، نظرتهم لسورية والمنطقة. الملاحظة الاولى هو هذا التعصب الطائفي الحاقد على الشعب السوري. الملاحظة الثانية اصرار المشروع الفارسي المتمثل بولاية الفقيه، على أن يبقى مشروعا طائفيا- اثنيا. الملاحظة الثالثة انسداد أفق هذا المشروع من خلال اصرارهم على العنف والتوترات المذهبية والطائفية لفرض هذا المشروع.
علما أنه ثلاث سنوات ونيف. الايرانيون والاسد ومن خلفهم المافيا البوتينية، وضعوا كل ثقلهم وامكانياتهم لسحق الثورة، استخدموا كل ما يملكونه من اوراق، سلاح روسي مخزن منذ اربعة عقود، مليارات الدولارات الايرانية واموال الشعب السوري، وكافة الخبرات الروسية- مع استمرار تدفق السلاح الروسي- والايرانية في القتل والقمع والقنص والبروباغندا الاعلامية أكثر من عشرين قناة تلفزيونية بتمويل إيراني لتشويه صورة الثورة وتلميع قاتلهم، وضعت بتصرف الاسد، وفشلوا في انهاء الثورة.
من داعش لهيئة التنسيق المحسوبة على المعارضة السورية، التي تحولت لبضعة اشخاص فقط، لا نشاط يذكر لهم. إلى محاولة اختراق قوى الثورة استخباراتيا. إلى تأجيج المشاعر والكره الطائفي، كل هذا يصطدم بجدار مسدود، ولا حل لهم إلا بالتنازل لأمريكا. هنا مكمن الخطورة بالوضع، والتي تقتضي سؤالا من شقين: بأي من الملفات تستطيع ولاية الفقيه تقديم تنازلات فيها لامريكا؟ بالمقابل أمريكا ماذا تستطيع تقديمه للولي الفقيه غير رفع العقوبات- من كيس الشعب الايراني في النهاية-؟ لان العقوبات لم تسقط النظام الديكتاتوري الفاشي- ولا تريد اسقاطه- بل افقرت الشعب الايراني.
بالمقابل علينا ان نعي ملحوظة أن بشار الاسد رغم كل هذا الدعم الايراني الروسي، عينه على تل ابيب. السؤال الذي على المعارضة الاجابة عنه، ومنهم قادة الائتلاف المعارض الذين التقوا الرئيس باراك اوباما في البيت الابيض: إلى متى؟ وماذا تريد امريكا؟ بالعودة لموضوعنا، ماذا يعني تشكيل حزب لله في كل منطقة تستطيع إيران الوصول إليها؟ الله لفظ الجلالة فوق الجميع، رمزية الاسم تعبير عن طريقة تفكير الولي الفقيه ومشروعه، في الاسلام والمنطقة وشعوبها. لا اسم فوق اسم الله. من يقف ضدنا يقف ضد الله وتعاليمه كما نراها نحن الولي الفقيه.
الاسلاميون عموما يستمدون تجيشهم الايديولوجي من الفاظ مقدسة وتاريخية، لكن الولي الفقيه، هو ذاته مقدس وفقا لمشروعه، فكل رموزه يجب ان تكون كذلك. لهذا الاعلان عن تشكيل حزب الله السوري، لاتعدو كونها استخدام اسم الله في رمزيات الولي الفقيه لفرض مشروعه وما تعنيه. استمرارا في تثبيت الادوات الطائفية في المنطقية. بعيدا عن لفظ الجلالة سؤالا يطرح نفسه:
يعني ماهو هذا المشروع الفارسي إذا كانت ادواته نوري المالكي وحسن نصرالله والاسد؟ فأي ولي فقيه هذا يكون مريديه على هذه الشاكلة.. ماذا يكون هو؟ فاسدون سياسيا، طائفيون، نهبوا اموال الشعوب التي ينتمون إليها وقتلوا منها ما لم يقتل منهم أي عدو خارجي. يرتكبون كافة انواع المعاصي التي لايجيزها حتى" الله" المبثوث في مشروع ولاية الفقيه. مثلما تقوم القاعدة بقتل المدنيين وقطع الرؤوس تحت اسم" الله" كما هو مبثوث في خطابها، وهي تمول نفسها احيانا بتجارة المخدرات؟ ادخال لفظ الجلالة في تسميات ادوات مشروع الولي الفقيه، يعني أنه لايزال مصرا على التعاطي والتفكير بنفس الطريقة التي دفعت شعوب المنطقة دماء كثيرة بسببها.
اذا نستطيع القول ببساطة أن هذا الاصرار تعبير عن انسداد افق هذا المشروع وعدم قدرته، على طرح وسائل مدنية وحضارية وسياسية. تماما كتنظيم القاعدة. لهذا غير مهم صحة او عدم صحة خبر تشكيل حزب الله السوري. بقدر اهمية اصرار مشروع ولاية الفقيه الفاسد سياسيا وقيميا، على استخدام نفس الاوراق التي جرت وستجر المنطقة لمزيد من الحروب. لأنها حتى لو حققت انتصارات في معركتها هذه لكنها انتصارات مؤقتة، ولن تدوم لأن ما يبنى على الدم والكراهية لا يدوم. إننا امام بنية اجتماعية- ولاية فقيه- مغلقة ومستعصية على الانفتاح الديمقراطي المدني* على الشعب الايراني! فكيف ستكون مع شعبنا السوري وبقية شعوب المنطقة؟
- هامش:
* من مقالة للكاتب السوري دارا عبدالله بعنوان (هل الصراع في سورية سياسي أم طائفي؟): أيّةُ بُنيةٍ سوسيولوجيّة إذا امتلكت السّلطة والثروة والنفوذ، وساهمت في خلق محدّدات الفضاء العام وطرائق التعبير في اللغة وأنساق الأخلاق، فإنّها ستصبح «كلاً اجتماعياً» كثيراً، بغضّ النظر عن عددها السّكوني الثابت، وهي بذلك تضع «الباقي الاجتماعي» الآخر القليل (وهنا أيضاً تكون باقياً بغض النظر عن كتلتها الماهويّة الثابتة) خارج دورة الإنتاج الفعليّة، وبعيداً من منابع الثروة ومراكز القوة. ما يجعل البنية السوسيولوجيّة كثيرة أو قليلة، هو فاعليتها الواقعيَّة المتولّدة في شكل أساس عن قربها أو بعدها من مراكز القوّة.
غسان المفلح – كاتب سوري - الآن
لمزيد من الاخبار والمعلومات والدراسات تابعوا صفحتنا على تويتر:
https://twitter.com/Global_Arab_Net
وصفحتنا على الفيسبوك :
https://www.facebook.com/GlobalArabNetwork
Global Arab Network الشبكة العربية العالمية