أثبت الشيعة (الموالين لإيران) وجودهم بقوة داخل الكويت بعد أحتلال العراق، فلم تعد للـ "تقية" التي كانت تخفي ماتحمله الصدور وجود يذكر، اليوم تُسمع أصوات طائفية، تذمر، احتجاجات وتهديدات علنية، والأمر المهم الذي لم تظهر نتائجة بعد هو الحديث عن نسبة الشيعة في الكويت، فقد بدأوا يتحدثون عن نسبة تفوق الثلث، وهي نسبة كبيرة جدا مقارنة بالحقيقة، وهذه الادعاءات (المألوفة) عادة ما تسبق مطالبتهم بتمثيل مناسب لهم في الحكومة!!، فالبداية تكون مع سياسة "التظلم"، ثم تتحول إلى أحتجاجات معلنة تصل إلى مطالبتهم بـ (حقوق مشروعة)، وكلما حصلوا على شيء طالبوا بغيره حتى تنتهي مطالبهم بالشراكة الحكومية التي يربطونها بنسبتهم السكانية، ولو أظهر أحصاء سكاني نسبتهم الحقيقية سيقولون.. "تم التلاعب بالنسب الاحصائية"!!، وهكذا تخلق الفتنة التي تهدد الاستقرار الاجتماعي والوحدة الوطنية، وبالتالي تثقل كاهل النظام، أما النظام الكويتي فيعلم جيداً إن إيران وراء هذه الفتنة، والمعروف ان الشيعة يمثلون نفوذا قوياً لإيران داخل الكويت، في مجالات كثيرة، إعلام، تجارة، سياسة حتى أنهم وصلوا لمجلس الأمة!!، فالكويت بالنسبة لإيران هدف استيراتيجي مهم، والنوايا الإيرانية تجاه الكويت ليست خافية، فقد صرح رئيس مجلس الشورى الإيراني "علي لارجاني" بقولة.. "اذا سقطت سورية ستسقط الكويت"!!، وهو لايقصد التهديد أو المناورة للمساومة على النظام السوري، ولايعني بقوله أن الكويت ستكون البديل عن نظام "بشار العلوي"، لأنه لو قصد هذا المعنى لقيل أن "لارجاني" يتخبط!!، وهو ليس كذلك، فهذا الرجل يعرف بالضبط ماذا يقول ومتى يقول،وغايته ايصال رسالة للكويتيين تبين مقدرة إيران في تهديد أمن النظام الكويتي، لكن ما هو المطلوب من الكويت (حسب الاجندة الإيرانية)؟!، المطلوب.. أن تكون الكويت نسخة طبق الأصل عن سلطنة عُمان، المعلوم للجميع إن إيران تسيطر بالكامل على "مضيق هرمز"، الذي تتناصفه محافظة "بندر عباس" مع "عُمان"، ولايخفى على أحد أن السلطان "قابوس" مجرد شريك شكلي في المضيق لايحل ولايربط، فهو يتبع سياسة (الانبطاح) مع إيران لحماية ملكه، نفس الصورة يريد الإيرانيون رؤيتها في الكويت، النظام الكويتي وراثي عائلي، والعائلة الحاكمة تريد أن تحمي الحكم من خطرين، "الخطر الخارجي" وقد تكفل الغرب برد أي تهديد خارجي، أما "الخطر الداخلي" فهو مسؤولية النظام الكويتي، والغرب غير مسؤول عن حماية النظام من الداخل، بل هناك مؤشرات تدل على أن الغرب يؤيد أي تهديد للنظام من الداخل ليبقيه ضعيفا مهزوزاً، وتدخل الغرب في قضية "ياسر الحبيب" خير دليل على كلامنا، ولهذا فأن النظام الكويتي لن يعول أبداً على الغرب في ما يخص الشأن الداخلي، وسوف يبحث عن "صمام الأمان" القادر على فرض الاستقرار من الداخل، وبلا شك أن "صمام الأمان" هو إيران، القادرة على تحريك الشيعة واسكاتهم عن بعد، وبسهولة، وهذا ما سيدفع النظام الكويتي إلى اتباع سياسة الانبطاح مع إيران التي يمارسها "قابوس بن سعيد"، بعد ان تصبح الكويت جاهزة لذلك، وكما يبدو أنها أصبحت جاهزةوالدليل أن "لاريجاني" بعث رسالة تهديد علنية، ليست الغاية أن تكون الكويت حليف لإيران في المنطقة وحسب، وإنما الكويت تحتل موقعاً استيراتيجياً مهم لخنق العراق بحرياً، فبعد ألاحتلال الأمريكي للعراق بدأ الكويتيون بالتحرك نحو العراق، حيث تقدمت حدودهم البرية باتجاه "أم قصر"، وتجاوزت حدودهم البحرية على المياه الأقليمية العراقية، تزامنت هذه التجاوزات مع تجاوزات مثيلة لها من قبل الجانب الإيراني، ومن المؤكد أن تكون هناك أتفاقات مسبقة بين الكويت وإيران حول هذه التجاوزات الجغرافية، وبعلم وتستر من قبل الاحزاب الحاكمة في العراق، التي وافقت على مشروع "ميناء مبارك الكبير"، ثم منحت الكويت صفة الشريك في الممر المائي (العراقي) "خور عبد الله"!!، من خلال إبرام "اتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبد الله"!!، وما خفي كان أعظم!!، لكن من يظن أن النظام الكويتي حصد المنافع (لنفسه) من تلك التجاوزات التي سهلت لها إيران واتباعها في العراق فهو مخطأ، لأن إيران لم تمنح النظام الكويتي الضوء الاخضر لسواد عيون "آل صباح"، وإنما إيران استخدمت الكويت كأداة لخنق أطلالة العراق على الخليج، وجعل ممر العراق المائي (الضيق) تحت سيطرتها،فالواضح أن إيران تتحرك اليوم بسرعة مستغلة نفوذها الكبير في العراق، لتشكليل منطقة بالصورة التي تصبح فيه تحت أنظارها في المستقبل، قد لايطول نفوذ إيران في العراق، ولا تأتي مثل هذه الفرصة مرة أخرى، فعلى إيران أن تستغل ظروف (اليوم) لبناء (غد) يتناسب وتطلعاتها، حتى مع استمرار حكم الأحزاب الموالية لها، وبقاء نفوذها الطائفي في المجتمع العراقي، إلا أنها ترسم مستقبل تكون فيه متقدمة على العراق بخطوات كثيرة!!، وحتى يتم هذا المشروع يجب أن تجهز الكويت بالشكل المناسب، ثم يتبع "آل صباح" سياسة "قابوس" الانبطاحية بضغوط تهديد الفتنة الداخلية التي يستطيع الولي الفقيه اشعال فتيلها وقت ما يشاء، وحسب ما اظن الكويت بدأت تترنح أمام العمامة الايرانية.. وعلى البساط الأحمر. بلال الهاشمي - باحث في الشؤون الإيرانية والتاريخ الصفوي [email protected] 9/حزيران/2014 شبكة البصرة.
To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video