تحاول إيران عن طريق هذه المشاريع التي توهم الافارقة بأنها منظمات خيرية ومشاريع استثمارية مشتركة٫ تحاول عن طريق ذلك كله أن تتغلغل بفكرها الشيعي ٫ وان تفلت من عزلة دولية أصبحت لا تستطيع إخفاء تبعاتها عليها.
منذ وضعت الحرب الباردة أوزارها تزايد الاهتمام بإفريقيا بشكل لافت نظرا الى كون القارة الافريقية تمتلك مخزونات هائلة من الطاقة اضافة الى وجود الذهب والماس بكميات كبيرة ووجود مواد معدنية كثيرة اخرى في باطنها لم تستغل بعد, هذا فضلا علي أن القارة واحة الاستثمار المستقبلي الواعد بعد أن كادت فرص الاستثمار الواعد تتقلص في معظم دول العالم كل هذا مع اعتبار القارة سلة غذاء العالم القادمة بوجود الاراضي الزراعية الشاسعة والانهار العديدة واعتبار القارة بتعدادها السكاني الذي يقارب المليار وربع المليار نسمة ثاني اكبر سوق في العالم بعد السوق الآسيوية.
وتصاعدت وتيرة الاهتمام بالقارة الافريقية في العقدين الاخيرين من قبل العديد من الدول لعل ابرزها الولايات المتحدة والصين وألمانيا وإيران وتركيا والبرازيل والهند والنرويج واليابان اضافة الي القوي الاستعمارية التقليدية بالمنطقة كفرنسا وبريطانيا.
وجدت ايران الطامحة الى لعب دور اقليمي يتجاوز حتى امكانياتها في افريقيا فرصة سانحة لتحقيق هذا المسعي حيث ستمكنها البوابة الافريقية من فك العزلة الدولية التي يفرضها عليها الغرب٫بسبب برنامجها النووي٫ فضلا على خلق مناطق نفوذ قارة ودائمة تمكنها من تطويق العرب جنوبا من خلال حزام شيعي افريقي.
سعت ايران الى بسط نفوذها في القارة الافريقية طمعا منها في ايجاد موضع قدم لها وادراكا لأهمية القارة بالنسبة للجوار العربي من جهة ومن جهة اخرى للدور المهم المتوقع أن تلعبه القارة فيما يخص الطاقة في المستقبل والي كون القارة الافريقية تعد المخزون الغذائي العالمي المجنب الى حين ,وقد ساعد إيران في ذلك:
-
انتهاء الحرب الايرانية العراقية
-
انتشار الحركات الصوفية في شمال وغرب ووسط وشرق القارة
-
احداث 11سبتمبر وما تلاها من تضييق على " الاسلام السني"
-
تراجع الاهتمام العربي بالقارة الافريقية
-
وجود جالية لبنانية كبيرة بدول غرب القارة تتحكم بمفاصل اقتصاديات دول افريقية كثيرة
-
انحسار دور الازهر بالقارة الافريقية
-
تنامي ظاهرة الغلو والتطرف الديني لدى الجماعات المتشددة .
وقد سوقت ايران الى نفسها وبسطت نفوذها بالقارة الافريقية من بوابة التشيع الذي مكنها من تحويل 7 مليون مسلم سني على مذهب الامام مالك الي شيعة في غرب القارة وفي سبيل تحقيق هذا المسعي استخدمت ايران ترسانة دعائية ضخمة وصرفت عشرات المليارات من الدولارات ووظفت جيشا من الدعاة والخبراء والمستشارين والتجار زاد علي الثلاثين الف شخص ايراني ومن جنسيات اخري اغلبهم لبنانيون.ولتحقيق هذه الغاية استلمت الحكومة الايرانية :
-
دراسة مكونة من 1132 صفحة أعدها الشيخ محمود عبد الله إبراهيم التقى مسؤولي الحوزة العلمية في قم (حول آليات نشر المذهب الشيعي الاثنا عشري في القارة الافريقية).
-
دراسة أعدها مكتب جاكوبز العالمي للاستشارات ( تناولت سبل وآليات الانتشار الاقتصادي في افريقيا)
وعلى ضوء هاتين الدراستين قامت ايران بوضع خطة عمل مكونة من ثلاث مراحل تضمن لها تحقيق نفوذ في المنطقة وتحويل مسلميها الى شيعة :
-
المرحلة الاولى (1989- 1995)قامت خلالها ايران بحصر نشاطها في غرب القارة على اقامات المشاريع الخيرية في حقلين مهمين هما الصحة والتعليم حيث عملت ايران طيلة 6 سنوات على بناء 68 وحدة صحية تراوحت بين مستشفيي ومستوصف ومركز رعاية صحية في دول غرب افريقيا, كما أنشأت في هذه الدول 92 مؤسسة تعليمة من المرحلة الابتدائية حتى الجامعية.
-
المرحلة الثانية (1995 - 2000) خلال هذه المرحلة قامت ايران بدعم 8673 مشروع صغير ومتوسط عن طريق تقديم هبات وقروض ميسرة دون فوائد استفاد منها 130095 شخص في هذه الدول(تشيع منهم 87305).
-
المرحلة الثالثة (2000 – حتى الآن) الدخول في مشاريع استثمارية مشتركة مع الدول الافريقية او القطاع الخاص معظم هذه المشاريع تركزت في 5 دول رئيسية هي نيجيريا التي أصبح بها اكبر عدد من الشيعة الأفارقة (5 مليون من أصل 7 مليون افريقي شيعي افرقي) وغانا وبنين والنيجر حيث يوجد بهذه الدول الثلاث احتياطات ضخمة من اليورانيوم والسنغال التي تعد الواجهة الدبلوماسية لإيران في افريقيا الغربية والتي استطاعت ايران ان تحول نصف مليون من مسلميها الي شيعة .
إذن تحاول إيران عن طريق هذه المشاريع التي توهم الافارقة بأنها منظمات خيرية ومشاريع استثمارية مشتركة٫ تحاول عن طريق ذلك كله أن تتغلغل بفكرها الشيعي ٫ وان تفلت من عزلة دولية أصبحت لا تستطيع إخفاء تبعاتها عليها .
فهل سيظل العالم٫ خصوصا دول الجوار الايراني ٫ هل سيظل يغض الطرف عن أيادي إيران التي تعبث في افريقيا ٫ أم سيكون لها بالمرصاد؟. - آسية عبدالرحمن - أخبار الان.