بيروت: معروف أن ايران تقف بكل قواها وأموالها وخبراتها العسكرية وراء الرئيس السوري بشار الاسد، وهي مصدر دعمه الحيوي، كي يترشح لإعادة انتخابه يوم 3 حزيران (يونيو). لكن هذا الدعم يأتي على حساب إيران، التي تدفع ثمنًا باهظًا لوقوفها إلى جانب حليفها.
على حساب سمعتها
قدمت إيران وحزب الله اللبناني الكثير من الدعم العسكري والاقتصادي، الذي ساعد الرئيس السوري بشار الاسد على تحويل المسار في الحرب الأهلية لصالحه.
وبالنسبة لإيران، الهدف هو تعزيز استراتيجية المسارين المتمثلة في الضغط من أجل التوصل إلى حل تفاوضي في سوريا، في حين باستطاعتها فعل ما في وسعها لضمان بقاء النظام.
وطهران تريد ضمان بقاء الأسد وفوزه بالانتخابات الرئاسية والتفاوض مع الثوار من موقع قوة. لكن التكلفة باهظة جدًا وثمنها الدم والمال،إلى جانب تشويه سمعتها بين السنة في الشرق الأوسط، بسبب انخراطها في حرب طائفية بين الشيعة والسنة، ودعم حليفها السوري ليستهدف المدنيين بالبراميل المتفجرة والأسلحة الكيميائية.
دور كبير
دعم إيران المادي للأسد لا يزال غامضًا، لكن التقارير تفيد بأن طهران قامت بتدريب أكثر من 50 ألفًا من أفراد الميليشيات الموالية للنظام السوري، وحشدت الآلاف من الشيعة من العراق وأفغانستان للقتال إلى جانب النظام، في الوقت الذي توفر مستشارين عسكريين لتدريبهم على القتال.
في هذا السياق، نقلت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور عن جوبين غودرازي، خبير في الشأن الايراني في جامعة ويبستر جنيف، قوله: "إيران تلعب دورًا كبيرًا في تمويل آلة الحرب السورية، من حيث المال والعتاد والنفط".
صانع السلام
حتى في إيران، لا أحد يتوقع أن يهزم الأسد الفصائل المناهضة للنظام، المدعومة من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وقطر، لا سيما الجماعات المتشددة المرتبطة بتنظيم القاعدة.
لذلك، وسط جهودها في الحرب، لعبت إيران أيضًا دور صانع السلام، وهي تقول إنها صاحبة الفضل في المفاوضات التي أدت إلى اتفاق في وقت سابق من هذا الشهر إلى مغادرة الثوار سلميًا مدينة حمص. كما لعبت دورًا حاسمًا في الخريف الماضي في إقناع الأسد بالتخلي عن ترسانة الأسلحة الكيميائية، كما تقول مصادر إيرانية.
"لم تتغير سياستنا تجاه سوريا"، يقول مسؤول ايراني بارز تحدث شريطة عدم الكشف عن اسمه، مشيرًا إلى أن الجيش السوري ليس بحاجة إلى مستشارين ايرانيين أو مزيد من الذخيرة ليكون قادرًا على القتال، "فدورنا اليوم ما زال كما كان عليه في الماضي، ونحن لم نكثف وجودنا أو نشاطاتنا في سوريا".
شبه دولة
لكن المصادر تشير إلى العكس. ففي أوائل 2013، كانت قوات الأسد في موقف دفاعي، فشعرت ايران بالقلق من احتمال هزيمته في نهاية المطاف، وكثفت إمداداتها من خلال تشجيع المقاتلين الأجانب على دعم النظام.
من جهته، يقول ناصر هديان جازي، استاذ العلوم السياسية في جامعة طهران: "الجميع يعرف أن الأسد لا يمكن أن يحكم سوريا كبلد موحد، حتى لو تمكن من قمع جميع المتمردين. لذلك، تريد ايران الحفاظ على النظام، لأن غيابه يعني الفوضى وانعدام الأمن".
هذا يعني أن وجود الأسد ليس مهمًا لإيران بقدر ما يعنيها وجود شكل من أشكال الدولة الي تعتمد نظامًا غير معاد لطهران.
وقال مسؤول كبير في ايران أن بلاده تريد مساعدة سوريا لحل سياسي للأزمة، وأن الشعب هو من يختار رئيسه وليس ايران أو الولايات المتحدة أو أي دولة أخرى.
حزب الله ثانٍ
قال الجنرال حسين حمداني، القائد في الحرس الثوري الإيراني الذي أرسل إلى سوريا في العام 2012 للإشراف على عمل القوات الايرانية: "هناك 130 ألف مقاتل ايراني خبير وعلى استعداد للقتال في سوريا، فايران شكلت حزب الله ثان في سوريا".
إلى جانب نشر المستشارين والمقاتلين الإيرانيين، يقال أن إيران حشدت الكثير من المقاتلين المتطوعين الشيعة من العراق وأفغانستان.
لكن المسؤول الايراني ينفي هذه الشائعات، مشددًا على أن الجيش السوري لا يحتاج إلى الكثير من الدعم في هذه الأيام".
الاستسلام أو التجويع
تقول المصادر أن عددًا من المستشارين الإيرانيين أشرفوا على تكتيك "الاستسلام أو التجويع" الذي اعتمده نظام الأسد لحصار المناطق التي يسيطر عليها الثوار، إلى جانب تدريب الميليشيات الموالية للنظام السوري والآلاف من المتطوعين العراقيين للقتال في سوريا.
"الإيرانيون يديرون اللعبة". قالها ديبلوماسي أوروبي في بيروت، مضيفًا: "طهران تتعاقد مع العراقيين الشيعة للقتال لمدة ستة أشهر في سوريا، مع وظيفة مضمونة عند عودتهم إلى منازلهم". لميس فرحات - إيلاف.